-تصدير: احترق المسرح واختفى الديكور ولكن بقي الممثلون إعلامنا أعمى لا يرى...كتبت في مقال سابق "يوميات زائرللمنتدى " ولم أكن لأنقطع لولا زحمة الالوان وكثافة الأضواء وتزايد الفعل في فسيفساء كونية عنوانها : "هنا تونس" هنا صوت العالم الحر.لا فضل فيه لتدبير الحكومات... ادركت كنه مثل بدويّ: " شاة الربيع اللي تصيّح يفوتها فمّ " فلا وقت للكتابة وليس من رأى كمن سمع. فضلت الاستمتاع والاندماج وحملت اطفالي وفرحتي . فاطمة الزهراء بنت الحول الخامس وجدت ضالتها وما زالت تستمتع بالحديث عن الوان "البرازيل" وريش القبعات ورقصات الصحراويين... وجدت في الملتقى عوضا لزوجتي التي لم ابلغ بها نزلا يقصدها بعض الناس اثناء العطل الفصلية؛ كيف لا وقد ذهلت عن ابنائها وتخمّرت في رقصات وصيحات شباب يمثل الكتائب الفلسطينية...قاسم وأمين كانا فراشا يرتع يتشهى الوان الرحيق. لم يخفيا اعجابهما بالخيمات البيئية , وشدّتهم البرازيل عطفا على نجوم الكرة . ولعلي لم أفلح في نقل خبر "صخرة سقراط" وقد شغلتني عنهم حرفية الايرانيين وادب المغاربة , وحكايات بورما والتشاد والبحرين ... زدت يقينا ان مقامات المجتمع المدني والتشبيك الجمعوي تتعالى فوق الاحزاب والاديولوجيات مستأثرة بفتوحات الاتصال؛ مستندة الى قرب الوصل وميدانية الفعل بلا هويات هلامية وكراسي خشبية ...استمتعت بشغف اقبال الشباب التونسي على صفوة العالم مجردين من" الهارلم تشايك" ومواء الاحزاب ومن دروشة " الفيراج " وهلوسة المتشعوذين الجدد... عن تونس، سكن الرفاق في صوت شكري بلعيد قدّمه المتربصون بالوطن قربانا لعودتهم" لن يمرّوا...لم يختف أنين من دمّرتهم سجون بورقيبة وبن علي يحلمون بالعفو" لست أدري من يعفو على من ؟ حضرت النساء. حضرت المدن والارياف. حضرت الملل والاطياف والنحل من القارات الست... وكان الحضور شبابا بلا جدال...كان الشارع تونسيا بأصوات العالم يرسل إصرارا على الحياة لا تكون بلا فلسطين ؛لا تكون ما دام المتصهينون... فلسطين تحاصرالعالم الحرّ من كل جهات الضوء؛ تبعث نورا "تقهر الظلام ..." في تونس ندّعي اننا لسنا اقل ايمانا ويقينا بالقضية من صفوة اهلها... نحن أهلها ما دمنا نعرف ان لا صلاح لحالنا ما لم نصل ببيت المقدس... صُبغ منتدى العالم برسالة فلسطين ... وشدّوا الرحال الى الشارع الكبيرفي يوم الارض. هتفوا بكل لغات العالم: " فلسطين حرّة " ولم يبالوا بعراك الصبيان من "التوانسة" "خارج الموضوع "يمتد بين راية الخلافة ورسم لمنجل ومطرقة ... لم ينته الدرس ... عاد العالَمً الحرمن حيث أتى . حمل معه حلمه واصفراره على أن عالما آخرممكن... صحيح انهم كانوا على حالتهم الرسالية تلك قبل أن يحلوا ببيتنا . ولكن صدمة تونس عمقت جذوة الحلم ورسمت في القلب والعقل وشم الامل. حروفه ت-و-ن-س . يعرف الأحرارفي ارجاء العالم "تونس بن علي" وعرَّفهم الاعلام بتونس تحترق ويغرق أهلها بعد ان خطرببالهم يوما ان يعلنوا اشارة انطلاق ثورة... لكنهم ايقنوا ان تونس رسالة كرامة العالم ... تونس اخرى ممكنة فزادوا يقينا بالعالم الآخر. اذا اردت ان تعرف ماذا جرى من نجاح في منتدى تونس عليك ان تعرف ماذا جرى في آخردورة للمنتدى ب"داكار" مثلا ... وعليك ان تتهادى في زحمة حشد متعدّد الأعراق والنوايا والقضايا والثقافات حطّ الرحال بارض" الكمبيس "أرادوا لها ان تكون بلا زرع... غمرالعالم بالحلم الأرض والجدران والفضاء بلا حدود ولا قيود... ستعرف ان تونس عالم آخر ممكن... وانت تتجول في اصوات العالم الواحد متعددة ... الوان تنشد خلاص الانسان تحاول ان تعصف بالهوان؛ ترتقي بالهذيان الى مراتب حكمة الشجعان ... تدرك يقينا ان تونس تكبر وان الإعلام يصغرويظلّ يصغرالى ان يندثر...تخلفه الحياة. لقد كانت تونس بلا "مكياج " ؛ بلا "رتوش" 'بلا عسس؛ بلا حملات نظافة مناسبتية بلا زمرالانتهازيين تطالهم غنائم نجاح الحدث فينالون به الترقيات والرتب . لقد كانت تونس ترابا خالصا بلا كيمياويات بلا تكلف اواستعداد.. كماهي. جال الزوارفي شوارعها.... تنقلوا بين مختلف مواقعها... اكلوا في مطاعم الأحياء الشعبية... سمعوا الناس وتثبتوا في الازقة والشوارع .. حدّقوا في عيوننا . لم يجدوا ذعرا ولا إرهابا ولا حربا أهلية . قالوا لنا: الآن عرفنا لماذا يقبّحون صورتكم ويخوّفون الكون من ثورتكم ؟ ربّ ضارة نافعة... لقد غاب الإعلام عن العالم في تونس ؛ وحسنا فعل . فمعلوم ومفهوم ان المنتدى العالمي الاجتماعي يتصدى للرأسمالية ولا أحد يستطيع ان ينكرارتهان آلة الإعلام لهيمنة محتكري الربح الفاحش . وبما ان الإعلام تدحرج منذ قديم الزمان من منزلة تغطية الأحداث كما هي الى صناعتها؛ فان المنتدى الاجتماعي العالمي قد حافظ على عذريته وعلا شأنه وتحققت كونيته ( بغض الطرف عن ما بأمره من علل ) ... العالم يتعافى اكثربلا اعلام . الشيخ غوغل Google ، مثلا ، لم يتفطن الى عالمية ما حدث في تونس وكذا شأن عديد الواجهات الاعلامية الكبرى التي أغمضت عيونها عن عيون العالم ... ولعلنا نلتمس عذرا لإعلام " أمّنا الحنون فرنسا وفراخها " باعتبارفارق التوقيت لزمن "معجزة صانع التغيير" وباعتبار فارق اللغة بما ان لغة المنتدى لم تقتصرعلى الفرنسية فقد جمعت لغات العالم من اسبانية وفارسية وبرتغالية وانجليزية وهندية ...الخ واتسعت للهجات الصحراويين والافارقة والامازيغ ...حذارأن يدرك التونسيون ان الفركوفونية بعيدة عن مستقبل العالم بكل المقاييس .أَلا دامت عين الحاسد عوراء... لم نشهد نقلا حيّا مباشرا ولا متابعات محترفة "ولا مقاربات في حجم الحدث. "ألم يكن هذا الكنزمتاحا لإجراء مقابلات وحوارات مع مفكرين وخبراء وأجناس وأصوات بيننا وبينهم مسافات وحدود .ألم تكن تكن تلك الفسيفساء المفتوحة برج إبداع إعلامي"يعرف حق قدره المحترف والمطلع والقارئ والمتشبع بدلالات النضال والثقافة ومواطن الجدل الفعال"... يراه بصيرا يميزالثرى عن الثريات ... اختم بشيء ما يشبه ما يروج بالتلفاز: سأل سائل من اهل الإعلام ( بلا مجاملة ) بعد ان مال وجال بحثا عن تقصيرالحكومة في منتدى ليس فيه للحكومات مكان. تأسف على قلة الاعلام بالحدث والحال أنه يكاد لم يبق بالكون من لم يسمع بموعده وبإمكان التسجيل فيه بلا قيود . سأل: الم يكن حال هذا الملتقى افضل من حيث الإعداد والتنظيم والعناية بالضيوف أفضل لو كان في عهد بن علي ؟ ...اذا لم تستح فافعل ما شئت... سيظل المنتدى مفتوحا بيننا. "هنا تونس" ألقوا حجارتكم بعيدا وادخلوا بلا قيود...