بالامس القريب «يوم 20 مارس 1956 تحديدا» عاشت تونس يوما عظيما يوما جاء حاملا معه بشرى تارخية انتظرتها اجيال واجيال واستشهد من اجلها الاف المواطنين الابرياء وسجن وتعذب اخرون انها بشرى الاستقلال وحرية الوطن وعودة الاراضي والمكاسب لاصحابها بعد احتلال دام 75 سنة كاملة ذاق فيها الشعب التونسي الويلات واعدم من اعدم ونفي من نفي وسجن من سجن وتعذب من تعذب ظلما وقهرا من اجل الدفاع عن استقلال الوطن وحريته والعيش الكريم لشعب مسالم لا يحب الحروب والصدامات والفتن انه شعب يكافح منذ عقود طويلة من اجل العمل الصالح والعيش الكريم. ونبدأ من البداية: ففي سنة 1881 دخلت فرنسا متسللة الى تونس من اجل التغلغل والاغتصاب والتغلغل في المدن والقرى واغتصاب الاراضي الفلاحية لنهب خيراتها المتنوعة التي جاد بها المولى عليها واحتلال المراكز الاستراتيجية والحساسة مثل مدينة بنزرت وغيرها واعماق الجنوب الثري وايضا للاستحواذ على خيرات المناجم المتعددة وشرع في تنفيذ ذلك ضمن مخطط مرسوم وبدعم من باي تونس في ذلك العهد «معاهدة باردو»، وما هي الا فترة وجيزة حتى استفاق الشعب لما يجري في البلاد ولمخطط المحتل وشرع في المقاومة ودحر المستعمر الذي كان مدججا بالاسلحة المتنوعة فارضا القوة والجبروت ولم تكن نيته التفكير في الخروج مهما كان الثمن فلقد قرر البقاء بتونس الى الابد راميا عرض الحائط مطالبة الشعب للمستعمر بالخروج من وطنه حتى ينعم بخيراته ويدير شؤون بلاده لوحده، ومع مر السنوات تضاعفت المقاومة ضد المحتل واصبحت مطالب الشعب جدية وملحة لخروج المحتل ونيل الاستقلال التام في المقابل زاد تعنت المحتل ولم يرضخ لاي مطلب مهما كان نوعه. المقاومة كبرت بعد تنظيم صفوفها في ظل رجال غيورين على الوطن واصبحت تقوم بعمليات عديدة ومتنوعة في المدن والقرى والجبال وفي كل شبر من الوطن العزيز. وتمر السنوات حبلى بالمقاومة وبالضربات الموجعة للمحتل الذي تفنن في اساليب الظلم والغدر والاعتداء على المواطنين الابرياء والمقاومين الاكفاء وحتى النساء والاطفال لم تسلم من فتك المحتل الغاشم. بزوغ شمس الحرية: وبعد 75 سنة من الاستعمار رضخ المحتل رغم قوته الكبيرة وجيوشه المعتدية لارادة شعب كافح وناضل وامن بشرعية حقوقه وبالاستقلال حتى ينعم بالامن والامان، وجاء شهر مارس 1956 تحديدا يوم 20 مارس 1956 حيث بزغت شمس الحرية والاستقلال والانعتاق معلنة عن انتصار شعب صغير بفضل ايمانه وتنظيم صفوفه على قوة جبارة احتلت العديد من بلدان العالم وتفننت في تعذيب شعوبها من اجل استغلال اراضيها والانتفاع بخيراتها. ففي هذا اليوم السعيد خرج الشعب التونسي بطم طميمه معربا عن فرحته الكبرى بالاستقلال واعلان الحرية. بدأت الدولة الحديثة برئاسة الزعيم الحبيب بورقيبة ترسم الخيوط العريضة لسياسة دولة حديثة وكان الزعيم حكيما عرف كيف يضع مسيرة شعب كامل في طريق صحيح ولم شمل الجميع في صف واحد وبناء دولة عصرية دينها الاسلام ونظامها جمهوري شعارها الحرية والنظام والعدالة تتعامل مع الجميع معاملة الند للند وتكونت سريعا علاقات ممتازة مع دول العالم وخاصة منها المجاورة والشقيقة ورغم حداثة الدولة التونسية وقفت الى جانب شقيقتها الجزائر في محنتها ضد نفس المحتل حتى نالت استقلالها يوم 5 جويلية 1962 وبدأت مسيرة التنمية بكل ثبات في مختلف مناطق الوطن العزيز دون نسيان جلاء ما تبقى من قوات المحتل بكل من بنزرت والجنوب التونسي. وفي كل مرة يطالب الزعيم الحبيب بورقيبة ومن خلاله الشعب التونسي المستعمر بالجلاء عن بقية الاراضي التونسية ليكتمل الاستقلال وتتضاعف الحرية الا ويكون الرد سلبيا وكان في نية المحتل البقاء ابد الدهر في بنزرت وفي الجنوب وكأنهما مقاطعتان من فرنسا ولكن ارادة الشعب ورئيسه كانت اكبر بكثير من نية المحتل الذي تصدى للثورة الشعبية ذات يوم من شهر جويلية 1961 «يوم 19 جويلية 1961» التي خرجت الى ساحة الوغى وكان الطوفان الشعبي الذي قدم من مختلف مناطق الجمهورية الى مدينة بنزرت للتصدي للمحتل ولاجباره على الجلاء والعودة الى فرنسا. وكانت المواجهة الشرسة والرد العنيف من طرفه بأوامر ديقول الذي امر بالقضاء على المتظاهرين المطالبين بالجلاء ولكنه لم يصمد امام قوة الشعب وتوحد صفوفه وارادته القوية، واخيرا ألقى سلاحه واذعن ورام الجلاء وكان ذلك يوم 15 اكتوبر 1963 يوم رحل فيه اخر جندي محتل عن ارض بنزرت الخالدة وعن كامل تراب الوطن الطاهر وتلاه جلاء اخر في شهر ماي 1964 وهو جلاء ما يسمى «بالمعمرين» الذين استغلوا الاراضي الفلاحية ونهبوا خيراتها واكتملت الفرحة فرحة الشعب الابي الذي اصبح حرا في اراضيه وفي حياته وفي تقرير مصيره واصبحت تونس دولة عصرية تحظى باحترام الجميع وكلمتها مسموعة لدى كافة الشعوب وقبلة للملايين كل سنة ومنذ فجر التحول المبارك في 7 نوفمبر 1987 تضاعف ذلك مرات ومرات بفضل السياسة الحكيمة لسيادة الرئيس الذي أرسى بتونس وبشعبها على شاطئ الامان وعمل ومازال يعمل على السير بها نحو مزيد التقدم والرقي والحياة الافضل للجميع في كنف الامن والامان، فتونس اليوم اصبحت في مصاف الدول المتقدمة والجميع يشهد بذلك بعدما كانت منذ بضع سنوات دولة نامية فرئيسها حكيم وسياستها رشيدة محترمة من قبل الجميع حتى من كان بالامس عدوا لها، وبمناسبة احتفالات الشعب التونسي بالذكرى الثانية والخمسين لعيد الاستقلال «20 مارس 2008» نطالب فرنسا بأمرين ضروريين الاول يتمثل في كلمة اعتذار للشعب التونسي عما صدر منها خلال 75 سنة كاملة من ظلم واعتداء والثاني يتمثل في الافراج عن ملف اغتيال الشهيد فرحات حشاد الذي قتل غدرا من قبل اليد الحمراء.