-لا يمكنني أن أستوعب ما استمعت إليه بداية هذا الأسبوع من خطابات ازدراء بمشروع رئيس الجمهورية اصداركتاب جديد ومواصلة مسيرته ككاتب ومفكرفي قضايا البلاد والمنطقة. بل وصل الأمر حد ّ دعوات لمقاطعة كتابه الذي سيصدرقريبا بحجّة أنه صدرفي الخارج وكتب بلغة أجنبية. هذه الخطابات تعكس الموقع المتأخرجدا للثقافة والإبداع في وعي المواطن التونسي ولا أهميتها لدى غالبية الافراد وحتى لدى البعض من نخبته السياسية؛ فكأني بالسنوات التي مرّت تحت الاستبداد قد تركت أثرها على المواطنين باستهجان الثقافة والكتابة وأيّ جهد إبداعي وفكري يقدّمه تونسي. فهم يقبلون رئيسا لا يعرف غير لغة العصا الغليظة وعاجزعن ابداع اي كلمة ولو باللغة الدارجة، ويرفضون ويستهزئون برئيس يبدع في قراءة الواقع والتاريخ وصناعة الافكار، رغم أن ذلك يمثل شرفا للناس والبلد أن يكون رئيسهم مثقفا وقادرا على تفهمهم ومقاسمتهم آمالهم وآلامهم، بل إنه مجلبة للاحترام والتقدير من قبل الخارج دولا وأفرادا. ما يقوم به السيد المنصف المرزوقي مهمّ جدّا لأنه بكتبه وافكاره هو بصدد إثراء المشهد الفكري والإبداعي وهو يلعب دوره كأحد افراد النخبة المنتجة والتي تقدم الإضافة النوعية. مثل هذه الكتب تساهم في تطوير الوعي بالذات، بالواقع، بالمشاكل التي نواجهها، بالحلول الممكنة وبالمسؤولية الملقاة على عاتق الفرد لإنجاح المسارالديمقراطي وبناء الدولة والمجتمع. قد يكون هناك ما يناقش في ما يكتب وما يقدم من آراء، لكن ذلك ثانويّ وله مجاله لأن الحقيقة نسبية وجميعنا يجتهد لإدراكها. السيد المنصف المرزوقي ليس كغالبية افراد نخبتنا السياسية التي لا تحسن إلا الصراخ على البلاتوهات وأمام وسائل الإعلام وترديد ما قاله آخرون دون إضافة اومراجعة أو نقد ودون ترك البصمة الفردية في ذلك. عندما أستعرض أمامي رموز هذه النخبة لا أجد إلا القليل والقليل جدّا الذين يمارسون الكتابة، ينتجون الافكار ويساهمون في طرح القضايا الفكرية للنقاش والحوار بهدوء. نحن في حاجة إلى أن تتسع دائرة هؤلاء بالنظر إلى الأثر الإيجابي على المجتمع حتى وإن كان على المدى المتوسط، لذلك لابدّ من دعم وتحية أي عمل في هذا الاتجاه بينها ما يقوم به السيد منصف المرزوقي، فهو بصدد تقديم نموذج محترم جدّا لرئيس مثقف وكاتب وداعم للثقافة. كاتب