من بين الظواهر المستنكرة (بفتح الكاف) التي طفت على سطح «المشهد السياسي» في تونس ما بعد الثورة ظاهرة التوظيف الحزبي الضيق للأعياد الوطنية ومحاولة اتخاذها مناسبات لتعميق واقع التجاذبات السياسية والمزايدة على الخصوم الإيديولوجيين.. أجل،،، هذه ظاهرة باتت للأسف لا فقط معلومة بل هي آخذة على ما يبدو في الرسوخ والانتشار من احتفالية إلى أخرى ومن عيد وطني إلى آخر منذ يومين مثلا وفي الذكرى 13 لوفاة الزعيم بورقيبة حرصت بعض الأطراف السياسية على أن تتصدر «المشهد» إعلاميا وأن تقدم نفسها على أنها الطرف الأحرص على الوفاء لبورقيبة ولمنجزه الوطني ولتوجهاته الإصلاحية والتنويرية.. قبلها بأيام أيضا وفي الذكرى السابعة والخمسين للاستقلال كانت نفس «الظاهرة» موجودة من خلال توزع المظاهر الاحتفالية بهذه الذكرى بين غياب وحضور وتسويق إعلامي واسع من قبل المعارضة لما اعتبرته إهمال رسمي مفترض حال دون إعطاء الاحتفال بعده الوطني الذي يستحق.. لا نريد أن نسترسل في ذكر الأمثلة لأنها عديدة ومتنوعة ولكن نريد فقط ونحن نحتفل اليوم بذكرى عيد الشهداء أن ننبه إلى ضرورة القطع مع هذه «الصيغة» المرذولة وغير المعهودة تونسيا في التعاطي مع أعيادنا الوطنية وذكرياتنا التاريخية فأعيادنا الوطنية سواء منها القديمة أو الجديدة مثل الاحتفال بذكرى ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي 2011 التاريخية يجب أن تظل دائما بمثابة «المشترك الوطني» الذي يساعد سنويا على رتق ما قد يكون تفتق من نسيج وحدتنا الوطنية بفعل الاختلافات والتجاذبات السياسية الضيقة وليس العكس إن الاحتفال بذكرى حوادث 9 أفريل 1938 التي مثلت منعرجا حاسما في مسيرة الكفاح الوطني يجب أن يكون مناسبة لاستلهام المعاني والدلالات العميقة للحدث في ذاته من حيث أنه مثل لحظة تاريخية جامعة توحدت فيما الجهود الوطنية من أجل الدفع بالعمل النضالي الوطني نحو محطات متقدمة على درب التحرير.. أيضا لابد من أن نستحضر ونحن نحتفل بذكرى عيد الشهداء أن مظاهرات 9 أفريل 1938 التاريخية تمثل تاريخ أول خروج للمرأة التونسية للتظاهر منادية بالحرية ومطالبة مع أخيها الرجل ببرلمان تونسي..