تعتبر بلدية باجة من أقدم البلديات في البلاد التونسية إذ يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1887 م بنيت من حجر محلي خالص قدت منه مدارجها الجميلة وساحتها وأرصفة شوارعها ورصفت منها ممراتها وأزقتها داخل سور المدينة وظلت المدينة تجمع بين سمتين بارزتين المعمار العربي الإسلامي والعمارة المدنية الحديثة كما ظلت البلدية ترافق المشهد العام وتنظم الأسواق وتراقب التطور العمراني عن كثب متوسلة في ذلك بإخلاص أهلها وانضباط منتسبيها. ولكن مشهد اليوم لم يعد ينبئ بشيء من تلك الصورة الجميلة ولم تشفع لها هذه العراقة في شيء إذ تآكلت بنايتها وطمست حجارتها بل نقل بعضها لتبليط بعض الساحات بمناطق أخرى من الوطن وردم الباقي تحت طبقات الاسفلت بملايين الدينارات.. مبنى البلدية ينتصب شامخا منذ قرن وربع القرن وهو اليوم حزين لم تطله يد الدهان منذ أمد بعيد ولم تلق نوافذه وجدرانه أبسط أسباب الصيانة والجميع يتفرجون بل ما أصبح يلفت الانتباه مع تفشي موجة تكدس الأوساخ بكل الأماكن أن بعض أركان البلدية نفسها وفي جزء من حديقتها الخلفية تتكدس فيه الأوساخ أحيانا لأيام وأيام قبل أن يتواضع أحد العملة ويرفعها بالتقسيط أما المشهد المحير فعلا والذي أصبح يثير تقزز المارة من أهل المدينة ومن الضيوف تلك الحفرة أو الخندق المفتوح منذ أشهر تماما أمام البلدية وعلى بعد أمتار من الإدارة الجهوية للتطهير خندق خطر على مستعملي الرصيف من ناحية ومثير للاشمئزاز من ناحية أخرى لما يتسرب منه من روائح كريهة أصبحت تملأ الفضاءات المجاورة وتثير القلق في نفوس الناس ولا قرار إلى حد الآن. أما المشهد العام للمدينة فهو أشبه بما يدور بأسواق أدغال إفريقيا مضلات وأكياس ملونة وأكداس لكل أصناف البضاعة على الأرصفة وأمام المساجد والمغازات والمدارس والمنازل خضر وغلال وأثاث دواب وحبوب وملابس وبنزين... الجميع في حالة بيع قصوى بل في مشهد من أسوأ ما يمكن أن ترى العين وتسمع الأذن وكأن الجميع يتنزه في الشارع العام كراس ومجالس ومشروبات و... على قارعة الطريق والكل يتعلل ب"الخبزة" وينسى الجميع أن النظام والنظافة والتنظم هي من محسنات كسب الرزق عند الإنسان. الأكشاك وسط المدينة لم تجد لها النيابة الخصوصية طريقا للتنفيذ بعد إصدار أكثر من 200 قرار هدم نفذت منها 4 أو أقل من ذلك ليظل القلب ثائرا والمشهد حائرا. هدية تركية وشراكة دانماركية.. في نطاق انفتاح الدولة على الشريك الخارجي كان نصيب بلدية باجة من المساعدة التركية الموجهة للبلديات بالبلاد التونسية آلتين (شاحنة كنس آلي للشوارع وشاحنة نقل بحمولة 12 طنا) كما كان للمجلس البلدي يوم الخميس 11 أفريل الجاري جلسة عمل مع وفد دانماركي تناولت دراسة أهم روابط تمويل بعض المشاريع التنموية ذات العلاقة بالبيئة الفلاحية المحلية وبعد مناقشة عدد من المشاريع التي تقدم بها عدد من شباب الجهة تم الاتفاق على تبني مشروع أحد الشبان لتمويله بمبلغ 125 ألف د وسيقام على مساحة هكتارين توفرهما البلدية ليعنى بإنتاج نباتات الزينة والحدائق العمومية ومشاتل الأشجار المثمرة بطاقة تشغيلية مبدئية لا تقل عن 08 بين مهندس وعملة منهم 4 على الأقل قارين.. لكن هل تكفي البروتوكولات والقرارات وحسن النوايا لتخطي باقة التناقضات التي تعيشها بلدية باجة ؟ تاريخ عريق وإمكانيات محترمة ولكن المدينة تتراجع إلى مواصفات القرى في بعض البلدان الأخرى فماذا تفيد شاحنة كنس آلية " مع تقديرنا لحجم الهدية " ونحن لا نملك شارعا وحيدا يمكن أن تمر به هذه الآلة لتعود سالمة إلى مستودعها.