الطاهر هميلة: العدالة الانتقالية أكذوبة سياسية.. الحبيب اللوز: وصف الملف بالأكذوبة السياسية.. من باب المزايدات لم يتجه بعد ملف العدالة الانتقالية في الطريق المرجو وكما تأمله مختلف مكونات المجتمع المدني خاصة منها المنظمات والجمعيات ذات الاختصاص التي أقرت في عديد المناسبات بتأخر المسار وتعطله، ليشهد من حين إلى آخر جملة من التجاذبات والانتقادات خاصة منها الموجهة إلى وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وإلى مشروع القانون في حدّ ذاته. فبعد سنة من اطلاق الحوار الوطني الرسمي حول العدالة الانتقالية، وبعد المصادقة عليه من قبل المجلس الوزاري للحكومة يوم 28 ديسمبر 2012 وتسليمه إلى رئيس المجلس الوطني التأسيسي يوم 22 جانفي 2013، لم يحظ هذا الملف، على حدّ قول مناصري العدالة الانتقالية، بالاهتمام المرجو فطرحت العديد من التساؤلات حول الأسباب والنوايا التي بدت ملامحها تتوضح خلال اليوم الدراسي مع أعضاء المجلس الوطني التأسيسي حول مشروع القانون الأساسي الملتأم يوم الإربعاء 17 أفريل الجاري. هذا اليوم الدراسي الذي لم يواكبه إلا عدد قليل من أعضاء المجلس الوطني طبعه التجاذب السياسي والأخذ والرد بين مناصر لهذه القضية وبين متهكم منها من خلال طرحهم لسؤال جوهري "عن أي عدالة انتقالية تتحدثون؟". فوزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية اعتبرها النائب محمد كحيلة "أكبر غلطة وقعت بعد الثورة" وستكون "مسألة العدالة الانتقالية مسرحية لعدة أسباب من بينها وجود عدالة موازية تحاك خيوطها بالمونبليزير". مضيفا أن "مئات المليارات تهدر في هذه المسرحية، في حين أن الأطنان من الأرشيفات تم اتلافها" وهو ما أكده بدوره النائب محمد علوش الذي أضاف "كيف ستقع المحاسبة في غياب قضاء مستقل وإعلام نزيه وحرّ، فالعدالة الانتقالية بدأناها بالمقلوب أي بالمصالحة دون المحاسبة". أكذوبة سياسية في ذات السياق أكد النائب الطاهر هميلة في تصريح ل"الصباح" أن "العدالة الانتقالية أكذوبة سياسية لان العدالة لا تحتمل الأوصاف فإما هناك عدالة أو هناك غير العدالة والظلم"، فالمشروع بالنسبة له "خاطئ من الأساس لأننا نحن نعمل في السياسة وقانون السياسة هو التجاوز وبالتالي يقع تناول الملفات عبر القضاء فمن ثبت عليه أنه قهر الناس لمصلحته او لمصلحة غيره فهذا يحاسب قضائيا وبالتالي لا بدّ من إلغاء مسألة العدالة الانتقالية، فنحن نريد عدالة تبدأ من تأسيس قضاء مستقل ثم نهيّئ ملفات الفاسدين وان وجدت حجج مادية قائمة نحيلهم على القضاء الذي سيقول كلمته. وقال موضحا: "في السياسة التجاوز هو سيّد المواقف ومعنى ذلك ان الإنسان عندما يقوم بعمل لا بدّ له من وقت وجهد ومال وعوضا أن ينفق كل ذلك في هذه المسائل وفي المحاسبة الفارغة عليه أن يبني به شيئا جديدا تراه الناس ويستنفعون به وبالتالي هذا أصل السياسة أما العمل الشعبوي والحسابات الضيقة والفكر الحزبي المقيت هو الذي أدخلنا في هذه المآزق، فالعمل يجب أن يكون على مقاومة الفساد الحاضر الآن في انتظار الوقت لفتح ملفات الفساد القديمة أما فساد اليوم تحت "الترويكا" هو أكثر من فساد بن علي". ينتظر دوره في حين أكد النائب حبيب اللوز فيما يهم تأخر المسار قائلا: "لاشك أن هناك العديد من المشاريع تخدم أهداف الثورة منها تحصين الثورة والعفو العام وبعضها سيمر قريبا وبعضها مازال، ففي خصوص العدالة الانتقالية فإن الجميع يعلم أن المسودة قد تمّ إعدادها من طرف الوزارة وهي جاهزة فقط.. هذا المشروع ينتظر دوره في لجنة التشريعات حسب ترتيب تسجيل هذه القوانين لدى لجنة التشريع العام". وبين اللوز أن "العدالة الانتقالية هي عدالة استثنائية لا تعني إقامة الحق كاملا ولكن الهدف منها التجاوز ومساعدة المجتمع على أن ينتقل إلى حالة فيها مظالم إلى حالة فيها تجاوز وإقامة بعض الحقوق للناس وإن تكن الحقوق كاملة فهي تعتبر عدالة للتجاوز" وعلى هذا الأساس كان هذا الملف مطروحا من كافة "القوى السياسية والمدنية ووصف هذه المسألة بالأكذوبة السياسية يصنف في خانة المزايدات فالقانون فيه الكثير من البنود لإقامة الحق والمحاسبة ولكن بروح الانتقالية والتجاوز وطبعا ضرورة النظر فيه من الأولويات لكن تبقى هذه المسألة رهينة الترتيب المعروض على لجنة التشريع العام". خلط بين المسارات أما النائب جلال بوزيد فقد صرح ل"الصباح" أن "مسألة العدالة الانتقالية يجب أن تطوي مرحلة الاستبداد فالهدف منها هو المصالحة التي لا يمكن أن تنبني إلا بعد المساءلة والمحاسبة، إلا أن اليوم هناك خلطا بين الكثير من المسائل بين من يعتقد أن تحصين الثورة يمكن أن يعوض العدالة الانتقالية وبين من يعتقد أن هذه الأخيرة هي الإطار الصحيح ولا مكان لقانون تحصين الثورة فيها"، مؤكدا أن " كتلة التكتل تعتقد أن العدالة الانتقالية هي الإطار القانوني المحدد لطي صفحة الاستبداد وبناء مرحلة جديدة تنبني على أسس الديمقراطية فتحصين الثورة في قراءة أولى يظهر على أنه مبني على إقصاء طرف معين خاصة في بعض الفصول والجزئيات يحرم الإنسان من حقه في المواطنة".