بعد أسابيع من المباحثات والمشاورات وبعد حلقات من الإجتماعات الماراطونية "بشرّت" وزارة التجارة بإنطلاق العمل بالتخفيضات المقرّة على عديد المواد الإستهلاكية الأساسية وتجميد بعضها الآخر منذ الأمس 22أفريل. غير أنّ اليوم الأول الموعود سارت فيه رياح تنفيذ الأسعار الجديدة بما لا يشتهي المواطن ولا حتى "التجارة" حيث لازمت الأسعار مستوياتها البغيظة المعتادة وأبت قائمة ال19 (في انتظارالتحاق اللحوم الحمراء بها)مجاراة التخفيضات المعلنة لا سيما بالنسبة للبطاطا والبيض والزيوت النباتية ومصبرات التن وبدرجة أقل المياه المعدنية.. وكانت المعاينة الأولية لمدى احترام الإتفاقات القاضية بالتنزيل في الأسعار سلبية في أول يوم حددته الوزارة للشروع في تطبيقها. فلا أسعار البطاطا تواضعت عن شموخها ونزلت عند رغبة تسعيرة 850 مي المعلنة لتواصل عزفها الجماعي في مستويات لم يقل أدناها عن سقف الدينار الواحد لدى عدد من الخضارة بل المدهش أن إحدى المساحات التجارية الكبرى عرضت هذه المادة أمس الإثنين بسعر1,380د وهو ما يفوق بكثير الأسعار المتداولة لدى متاجر الخضر. ولا أيضا أسعار الزيوت النبانية غير المدعة سايرت "تسعيرات" التجارة في عمومها باستثناء ماركات قليلة للغاية وعلى سبيل المثال زيت الذرة سعة 2لترعرض أمس ب6460مي بدل 5850مي البيض كذلك ضرب عرض الحائط بالسعر المحدد ب640مي "الحارة"ولم ينخفض في نقاط البيع التي زرناهاعن680مي... وبالنسبة للمياه المعدنية كان الوضع متباينا في احترام السعر المحدد بين الفضاءات التجارية الكبرى والعطارة وكانت الأسعار المعروضة في الفضاءات الكبرى أقل من المستوى الأقصى المقرمن التجارة بتفاوت بين الماركات التجارية. توقيت غير مناسب اختيار أول أيام الأسبوع للشروع في تطبيق الإجراءات المعلنة لا سيما بالنسبة للبطاطا كان خطأ فادحا من التجارة باعتبارها أدرى الناس بأن سوق الجملة لا يعمل الإثنين وبالتالي يقل التزود بالخضر. ومع ذلك أكد بلاغها على هذا التاريخ. ثم إن التبرير الأكثر رواجا من الباعة الذين التقيناهم تعلق باضطرارهم بتصريف المخزون القديم المتوفر لديهم وكانوا تحصلوا عليه بأسعار شراء قديمة ولا يعقل حسب قولهم بيعه بالخسارة. وأورد احد الخضارة أنه لا يمانع في احترام تسعيرة البطاطا لكن على التجارة أن تبيعها في مستوى الجملة بالسعر المناسب. "الدفاع عن المستهلك" غير راضية أبدت منظمة الدفاع عن المستهلك عدم رضاها عن الطريقة التي تم بها التعاطي مع ملف الحد من الأسعار خاصة على مستوى تفعيل القرارات ورأت أنه لم يقع التمهيد أو الإعداد الجيد لحمل السوق على التفاعل إيجابيا مع الأسعار المعلنة في غياب خطة اتصالية أكثر وضوحا في تفصيل الأسعار بالنسبة للمواطن وللتجار.ورأت في اكتفاء البلاغ الصادر بتقديم التخفيضات في بعض الأفصال بالنسب المائوية أمرا مبهما وعصيا على الفهم. وعاب محمد زروق نائب رئيس المنظمة المكلف بملف الأسعار على الوزارة مضيها في سياسة صد الآذان عن المقترحات التي لم تنفك الجمعية تطرحها مساهمة منها في حمل الجميع على احترام الأسعار والضرب على يد المحتكرين والمضاربين والمهربين. وذكّر بالدعوة الملحة إلى ضرورة الإسراع بسن النصوص القانونية المجرّمة لهذه التجاوزات.وطالب التجارة بضرورة الكف عن إبرام الصلح مع المخالفين وإحالة محاضر المخالفات مباشرة على القضاء. وأكّد على وجوب حماية أعوان المراقبة وتأمين سلامتهم عند القيام بمهامهم بتجريم الإعتداءات عليهم. داعيا إلى الإسراع بتحقيق مطالبهم المتمثلة في إدراجهم ضمن السلك النشيط وتحفيزهم وتوفير وسائل العمل الأساسية .. وفي علاقة باليوم الأول من تطبيق الأسعار سجل محمد زروق عديد الإخلالات في عدم احترام الأسعار بتعلة تصريف المخزون القديم،معربا عن خشيته من تمادي هذا الصد بسبب غياب إجراءات مرافقة تساعد على فرض احترام القرارات. وأعرب من جهة أخرى عن عدم ارتياح المنظمة للنتائج النهائية التي أسفرت عنها الجهود الرامية إلى الحد من الأسعار. موضحا أن الدفاع عن المستهلك كانت تقدمت بطلب التجميد الكلي للأسعار في حكومة محمد الجبالي ولم يقبل المقترح وعرضت بعدها قائمة ب20 فصلا من المواد الاستهلاكية الموجبة للتخفيض لكن لم يقع التعاطي إلا مع تسع مواد وقد تقلصت الآن إلى ثمان بعد انسحاب ممثلي منتجي اللحوم الحمراء والقصابين الجمعة الماضي من المفاوضات. ودعا إلى مراعاة مصلحة المواطن بالتخفيض في أسعار هذه اللحوم حتى يتصالح المستهلك مع اللحم البقري الذي هجره الكثيرون من زمان حسب تعبيره. لا لضرب ماكينة الإنتاج في جانب آخر من تدخله انتقد نائب رئيس المنظمة عمليات التوريد التي أقدمت عليها الوزارة لا من حيث إعتماد هذه الآلية كمبدإ لتعديل السوق فهذا لا ينكره المتحدث إنما بسبب ما يلاحظ من تأخر في عمليات التوريد وسوء تقدير توقيتها عند التدخل بما يفقدها النجاعة المطلوبة في ضمان توازن الأسواق عند نقص الإنتاج وخلال فترات فجوات بعض المواسم. وطالب بتصويب برامج التوريد في الزمن لتحقق أهدافها ولا تتحول إلى أداة لضرب ماكينة الإنتاج. وكرر دعوة المنظمة الملحة في ضرورة المتابعة المنتظمة لمراكز الخزن والتبريد لتكون الوزارة على بينة من المتوفرات من المواد المخزنة وأن تتحصل على أذون من النيابة العمومية في هذا الشأن لمتابعة مستوى المخزونات بها. وهج الأسعار لم توفق إذن في إطفاء نارها إجراءات التخفيض المقرة في يومها الأول فهل يكون الغد أفضل حال؟