تقع عمادة المساترية شمال مركز ولاية صفاقس وتبعد عنها حوالي 30 كلم فجغرافيا تحدها جنوبا مدينة العامرة وشمالا معتمدية جبنيانة وتعد حوالي خمسة آلاف ساكن وعموما قسمت الذاكرة الشعبية البسيطة لتمييز بين منتسبي المنطقة إلى عروش كعرش الكرايمة والنصايبة والروايسة إلخ.. ويرتكز النشاط الاقتصادي المحدود لسكانها على الزراعة التقليدية معتمدين في ذلك على آلات قديمة عامة كالمحراث الخشبي كما يمتهن عدد لا بأس به التجارة البسيطة تتركز أساسا على المنتوجات الفلاحية. ورغم ما تزخر به المساترية من يد عاملة شبابية خاصة فإنها لم تجد غير الصدّ من طرف السلطات المهتمة بالتنمية فهي لم تطرح من زاوية تعصير الفلاحة وتطويرها ومنح الفلاحين خصوصا الصغار موارد مالية ومائية تسمح لهم باستغلال الأراضي وإعادة إحياء ما دمرته دكتاتوريات بورقيبة وبن علي. بالمساترية نكاد نشهد غيابا كاملا لأجهزة الدولة التنموية والاجتماعية فالمنطقة ليس لها سوى مستوصف يفتقر إلى أبسط مقومات التجهيز الصحي من أدوية ومراقبة لحالات المرضى الخطيرة وعموما يضطر أغلب سكان العمادة للتحول إلى المستشفى الجهوي بجبنيانة، كما ليس للمنطقة سوى مدرستين ابتدائيتين يكابد التلاميذ والمربون المشاق للوصول إلى مراكز التعليم، وهو ما يضطر الكثير من الأولياء إلى ترسيم أبنائهم بأحد مدارس جبنيانة وهو حقيقة ما يمثل معاناة كبيرة للأطفال بسبب بعدهم عن ديارهم وعن المراقبة العائلية ورغم بذل المعلمين جهودا متواصلة في سبيل الإحاطة المعنوية والتربوية بهم إلا أن كثيرا منهم ينقطعون عن الدراسة في عمر الزهور رغم أنه كان بالإمكان أن يصبحوا كوادر مستقبلية للدولة. أما من ناحية البنى التحتية فلا وجود لهذا المصطلح لدى السلطات فأغلبها مسالك فلاحية ترابية وتمثل عائقا للسواق خصوصا في فصل الشتاء حيث تمتلئ بالطين وتعرقل التحول للعمل أو للدراسة أما صيفا فترتفع حالات الإصابات باللدغ بسبب انتشار الزواحف والحشرات السامة وغياب التدخل البيئي للمداواة. أما من ناحية الثقافة والعمل الجمعياتي فلا وجود لها البتة، وتنظيم الندوات الفكرية لا حضور لها بهذه المنطقة ورغم محاولات حزب العمال الشيوعي التونسي المتموقع لدى شباب المساترية إلا أن التشويهات التي روجها أئمة المساجد وحزبي النهضة والتحرير منعته من التواصل معهم لكنه نجح مؤخرا في الاستقطاب. ولا ريب أن ارتفاع نسبة البطالة بين صفوف الشباب وغياب عنصر الوعي الثقافي والسياسي أدى بهؤلاء الشباب إلى منزلقات خطيرة وعدلوا بوصلتهم لتهريب وبيع الخمر والزطلة خلسة ولعل العجيب أن البعض من هؤلاء يروجون لهاته المواد فقط ليصرفوا على أمهاتهم وآبائهم المرضى! بل وحتى لتدريس إخوتهم والتكفل بمصاريفهم الأساسية لكن كثير منهم من تقبض عليه الأجهزة الأمنية ويقضي فترة شبابه في السجون والعذاب، بعد 14 جانفي لم يتغير أي شيء:فعصابات المافيا التي تروج المخدرات والخمر وتوظف في ذلك شبابا ليس له من الحلول للنهوض بحالة البؤس سوى احتراف السرقة وبيع الخمر والزطلة خلسة بإشراف رموز الفساد أضف إليها حالة اليأس التي أصبح عليها الشباب بسبب عدم الإحساس بتغير ملموس على أرض الواقع. إن انتخاب مجلس محلي متكون من كفاءات لبلورة البرنامج والمخططات للنهوض بالمنطقة،أيضا الدعوة إلى إلغاء الديون المسلطة على كاهل الفلاحين الصغار وإجراء إصلاح زراعي هيكلي كذلك تعصير البنية التحتية وتعميم ربط المنازل بالماء الصالح للشراب والتيار الكهربائي والإتصالات من اوكد الضروريات للنهوض بالمنطقة، كما يمكن ايضا تركيز قطب صناعي يقوم بتحويل منتوجاتها الفلاحية. إن كل ذلك ممكن فقط إذا توحدت إرادة فلاحيي ومواطني عمادة المساترية لتحقيق التنمية العادلة وانقاذ الشباب وتوفير العيش الكريم لكافة السكان.