في حقيقة الأمرلا يمكن أن نقول إنّ النّواب في جميع أنحاء العالم يمثّلون شعوبهم بالشّكل المطلوب، فهذا مستحيل تحقيقه؛ فالانتخابات مهما كانت نزيهة لا يمكنها أن تفرزنوّابا يمثّلون شعوبهم تمثيلا حقيقيّا، وفي بعض الدّول التي هي عريقة في الديمقراطية تحوّلت الحكاية عندهم إلى لعبة أموال وإعلام وقوّة لوبيّات ونفوذ لرجال المال والأعمال ويمكن القول إنّ عددا كبيرا من نوّاب المجلس التّأسيسي لا يمثّلون إلاّ أنفسهم فالانتخابات تمّت بأحزاب حديثة التكوين والإنشاء وغيرفاعلة وقد شارك فيها "زعيط ومعيط ونقّاز الحيط" وقد أفرزت لنا الغثّ والقليل من السّمين والبعض وربّما عددا غيرقليل من الذين فازوا في الانتخابات ودخلوا المجلس هم من "المتردّية والعرجاء والنطيحة" إذا ما استثنينا من يبنهم من ناضل في سنين الجمر لكن لا خيارلنا وهذا هوالموجود بعد أكثرمن نصف قرن من التصحّر السّياسي، وتكمن الفائدة الوحيدة والأساسيّة في انتخابات المجلس التّأسيسي في أنّها أخرجتنا من حالة انعدام الشّرعيّة إلى الشّرعية، ورغم ذلك فالبعض من الخاسرين لم يعترفوا بالشرعية الجديدة التي أفرزتها الانتخابات، وإن دلّ هذا على شيء فهو يدلّ على أنّهم ليسوا ديمقراطيّين كما يزعمون فالدّيمقراطية تقتضي احترام النّتائج والقبول بها واحترام الأغلبيّة التي تفرزها الانتخابات الحرّة والنّزيهة وإن لم تكن في صالح البعض ولا ترضي البعض الآخر ولعلم الجميع أنّه من بين الشّروط الأساسيّة التي تمكّننا من إجراء انتخابات مقبولة بعض الشّيء، هو ضرورة وجود أحزاب عريقة وفاعلة في المشهد السياسي، وبعد ذلك على تلك الأحزاب أن تغربل أعضاءها وتفرزلنا نخبا على أعلى مستوى من حيث الكفاءة والجدارة والنّزاهة وحسن السلوك والأخلاق، وبعد ذلك يختارالشّعب بالانتخابات النّخبة من بين هؤلاء الأشخاص الممتازين الذين أفرزتهم الأحزاب السّياسيّة، لكن هذا الأمرلم يكن متوفّرا ولم يحصل في انتخابات المجلس التّأسيسي ، وبالتّالي أكرّروأقول إن هذا المجلس لا يمكن أن نقول فيه أنّه يمثّل الشّعب تمثيلا فعليا وحقيقيّا، ذلك ان عددا كبيرا من أعضائه لا يمثّلون إلاّ أنفسهم والبعض منهم ليسوا أهلا للثّقة التي وضعها فيهم النّاخبون، فقد رأينا العديد من التّجاوزات من الغياب إلى تزييف التّصويت والمشاركة في التحريض على الفوضى والتّلاعب والتّضليل الإعلامي، وبالتّالي هذا المجلس فيه العديد من الأشخاص ليسوا أهلا أن نقول فيهم أنّهم نخب منتخبة تمثّل الشّعب تمثيلا حقيقيّا بل هم أشخاص عاديّون لم يكن لهم أي نشاط أو خبرة وتجربة سياسيّة قبل الثّورة، ... شاركوا فلعب معهم الحظّ و فازوا في الانتخابات التي هي أقرب ما يكون للعبة "دليلك ملك" التي كانت تعرض على "قناة سبعة" زمن "بن علي" وكانت تعتمد بالأساس على الحظ لا غير، فالكثيرمن النوّاب لا يمكنهم أن يقدّموا الإضافة أو يساهموا في إيجاد حلول للمشاكل التي يتخبّط فيها الشعب والوطن بل هم من صنّاع الفتن والأزمات والكوارث والدّمار