نظمت مؤسّسة كمال لزعر يوم أمس بالمتحف الوطني بباردو بالعاصمة اللقاء الثاني لمغرب الفنون وهي تظاهرة ثقافية دعت لها ناشطين في الحقل الثقافي ومؤرخين وحاضنين للفن ومشتغلين على مستقبل الفنون المعاصرة بالبلدان المغاربية.. وانتظم اللقاء في شكل ورشات عمل بمشاركة باحثين ومسؤولين على جمعيات ومؤسسات ومنظمات المجتمع المدني المختصة في دعم النشاط الثقافي وخاصة منها الفنون وكان كمال لزعر رئيس المؤسّسة قد تولى تقديم التظاهرة التي أعطت إشارة انطلاقها سميّة غرس الله مديرة المتحف الوطني باردو وتوقف بالخصوص عند أهمية انخراط المجتمع المدني والقطاع الخاص والمؤسسات الإقتصادية في الحركة الثقافية معلنا أنه مازال متشبثا بمشروعه في بعث فضاء للفن المعاصر في تونس متعهدا بأن يكون -في صورة تنفيذ المشروع- أجمل فضاء مهدى للفن المعاصر في بلادنا وكانت سمية غرس الله مديرة متحف باردو قد بشرت قبل ذلك بتحول المتحف إلى فضاء ثقافي شامل وإلى أحد أبرز المساهمين في تنشيط الحياة الثقافية والفكرية في تونس خاصة وأن المتحف شهد أشغال توسيع وترميم وأعيد فتحه أمام العموم. وكان لقاء مغرب الفنون ليوم أمس قد اقيم في قاعة محاضرات عصرية في الجناح المخصص للأنشطة الثقافية بالمتحف انتظمت بالمناسبة مجموعة من ورشات العمل اهتمت الورشة الأولى منها بحاضني العمل الثقافي المعروف باللغة الفرنسية بالميسينا Mecénat. تتلخص العملية في تولي مؤسسة اقتصادية أو مالية أو أشخاص أثرياء احتضان عمل فني أو ثقافي أو مبدع تخصص له الأرصدة المطلوبة والدعم من عدة زوايا وبفضلها يكتب لعدد من المشاريع الثقافية خاصة لدى الشباب أن تبصر النور. وقد كانت الفرصة سانحة يوم أمس للإطلاع على عدد من التجارب في المجال من تونس والمغرب والخارج. ترأست الورشة الأولى رشيدة التريكي أستاذة الجماليات بالجامعة التونسية وشارك فيها كل من أوساما الرفاعي مدير الصندوق العربي للفن والثقافة ببيروت بلبنان وغيتا تريكي المسؤولة عن مؤسسة التجاري وفاء بنك عن قطب الفن والثقافة بالمغرب. شاركت في الورشة الاولى كذلك وفاء قابسي ناقدة فنية ومختصة في تاريخ الفن المعاصر بالمغرب العربي. وقد استوقفت الورشة المهتمين والحضور لسبب واضح أن العلاقة بين اصحاب الملكات الإبداعية وبين أصحاب الأموال مازالت علاقة باهتة ومازالت المسافة بعيدة بينهما رغم اتفاق الجميع على أن انخراط القطاع الخاص في الحراك الثقافي ضروري وحياتي حضور نوعي الحضور يوم أمس كان نوعيا جدا ذلك أنه وبالإضافة إلى الباحثين وأغلبهم من أصحاب التجارب الواسعة حضر مسئولون عن مؤسسات داعمة مهمة سواء من خلال تجاربها أو من خلال حجم تدخلها أو اشعاعها ثلاث ورشات أخرى بالإضافة إلى الورشة الأولى المذكورة بالأعلى انتظمت بالمناسبة وقد اهتمت على التوالي بإعادة النظر في علاقة المتاحف بحاضني الثقافة وترأستها منيرة منيف المسئولة عن المتاحف بوزارة الثقافة وبأروقة الفنون ومراكز الفنون وبوضع سوق الفن بتونس وترأستها لينا لزعر جميل الخبيرة في الفن لدى المؤسسة العالمية المعروفة" SOTHEBY'S" وباشكالية النهوض بطريقة عصرية بالخلق في مجال الفني في مجال الثراث. الفسيفساء نموذجا وترأسها الطاهر غالية المؤرخ والمحافظ السابق للمتحف الوطني بباردو وكان أغلب المشاركين في مختلف الورشات من المسؤولين أو أصحاب الاروقة والمراكز الفنية بتونس ولندن ودبي وهم كذلك من المؤرخين للفن ومن الجامعيين من تونس والمغرب وفرنسا إلخ... وقد سمحت الفرصة بتقديم فكرة عن التجارب في مجال احتضان الفنون والثقافة عموما وقدّمت "غيتا تريكي" المتحدّثة المغربيّة مثلا فكرة موسّعة عن تدخّل التجاري بنك في الساحة الثقافية وخاصة دعمه للفنانين التشكيليين ومقتنياته من الأعمال الفنية ودعمه للمبدعين الشبان الشيء الذي استفز عددا من الحضور التونسيين الذين تدخلوا للتساؤل لماذا توقفت بعض البنوك التونسية او المنتصبة في تونس عن دعمها للعمل ثقافي بعد أن كانت سباقة في ذلك وتم ذكر الإتحاد الدولي للبنوك( UIB ) والبنك العربي الدولي لتونس (BIAT) وغيرهما. هناك من لاحظ ساخرا بعض الشيء لماذا نسير في بلادنا إلى الوراء في إشارة إلى توقف بعض المبادرات الإيجابية في هذا السياق كانت الورشات مرتبطة عضويا ببعضها البعض لأن الهدف في نهاية الأمر الوصول إلى أفكار من شأنها أن تساعد في خلق الآليات التي تمكن من تطوير العمل الثقافي كما وكيفا بدون الحاجة إلى الرجوع دوما إلى الدولة او حين تتراجع الدولة عن دورها أو تخل بمسؤوليتها في دعم الفنون والحياة الثقافية لمجتمعاتنا وللعلم فإن مؤسسة كمال لزعر التي تحمل اسم مؤسسها وهو رجل الأعمال التونسي الذي له استثمارات مهمة في المجال البنكي بتونس والمنطقة العربية وبالخارج وخاصة بسويسرا هي حاضنة للعمل الثقافي وهي منخرطة في مشروع دعم حضور المجتمع المدني وخاصة الجمعيات والمؤسسات الثقافية على الساحة بالبلدان المغاربية التي تعيش تحولات اجتماعية وسياسية مهمة والمساعدة في خلق الآليات التي تمكن لا فقط من الحفاظ على المكاسب في مجال حرية الخلق والإبداع والتعبير وإنما ايضا من أجل تثمين الإبداع والفن المعاصر بالخصوص وتأكيد قيمته على المستوى الثقافي ومردوديته ونجاعته على المستوى الإقتصادي