كانت حصيلة مؤتمر الحوار الوطني حول مستقبل اقتصاد تونس صورا رمزية بالجملة.. من بينها مشاهد العناق وتبادل القبلات بين الرؤساء الثلاثة وممثلي الحكومة " الانتقالية " وزعامات منظمات اتحاد الشغل والصناعيين والتجار والفلاحين .. لكن أكثر الصور إثارة كانت تلك جمعت السادة الباجي قائد السبسي وكمال مرجان وراشد الغنوشي ..جنبا إلى جنب في الصف الأول ..بعد أيام قليلة من ندوة صحفية عقدها زعيم حركة النهضة وأوحى فيها بإمكانية "تأجيل" البت في الخلافات حول مشروع " تحصين الثورة " ..أو " الإقصاء السياسي " لكل من تحمل مسؤوليات عليا في الدولة قبل 14 جانفي.. الحدث في مؤتمر الحوار الاقتصادي الاجتماعي الذي دعت له قيادة اتحاد الصناعة والتجارة " لم يكن حزبيا ولا سياسيا " بدرجة أولى ..لكن حصيلته كانت توجيه رسائل سياسية بالجملة للرأي العام ولكل متتبعي تطور الاوضاع في تونس ..لعل أهم تلك الرسائل ثلاثا : + الرسالة الأولى فحواها : طي مرحلة محاولات قيادات " الترويكا " إقصاء كل رجالات الدّولة ومسؤولي الحزب الحاكم السابق .." إلا من أدانه القضاء".. +الرسالة الثانية تهم أنصار عشرات الأحزاب العلمانية واليسارية والدستورية التي خرجت من رحم التجمع المنحل ..وتوحي بإمكانية العودة إلى مسار طالب به كثير من العقلاء مباشرة بعد 14 جانفي ..محوره حاجة تونس إلى البناء وليس إلى الهدم ..إلى سيادة القانون والعدل وليس الى الانتقام ..إلى إنصاف المظلومين والمصالحة..على غرار ما جرى في اسبانيا والبرتغال و دول أوربا الشرقية وإفريقيا الجنوبية واندونيسيا وأمريكا اللاتينية .. + الرسالة الثالثة " داخلية " بالنسبة لأنصار مشروع " حزب توافق وطني جديد يتزعّمه السيد حمادي الجبالي وللمؤمنين ب" تيار الإسلام السياسي الجديد".. فقد شكل حضور السيد حمادي الجبالي بابتسامته مؤتمر الحوار ثم كامل أشغال مجلس الشورى لحركة النهضة " مصالحة داخلية " مع رفاق الأمس والقوى التي أجهضت المشروع السياسي الذي دافع عنه بقوة في فيفري الماضي ..وحوّله من زعيم حزبي الى زعيم وطني يحظى بدعم تيار من الليبيراليين والعلمانيين واليسار المعتدل .. عصافير عديدة بحجر واحد .. وماذا بعد ؟ والسؤال الكبير: هل جاءت هذه التطورات بعد ضغوطات دولية على زعامات " الترويكا " وخصومها أم لا؟