"حينما نقول أن تونس ليست أرض دعوة.. وليست أرض جهاد فإننا نعني ما نقول"، هذا ما صرّح به سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية أمس خلال ندوة صحفية ردا على "من يتظاهرون بعدم فهم ما قيل من تصريحات" حيث شدّد ديلو على أنّ "كل تصريح يُفهم في إطاره وفي إطار المعجم المصطلحي للجهة المعنية، والقول بأن تونس ليست أرض جهاد لا يعني تحريم الدعوة إلى الله، فليس لنا إشكال مع الدعوة ومع من يمارسونها ولكن الذين يقولون أن تونس أرض دعوة يقصدون دعوة إلى إصلاح العقائد وليس لإصلاح السلوكات فالتونسيون ليسوا كفارا وتونس قد فتحها العبادلة السبعة ولا تحتاج إلى أن يفتحها أحد مجددا" وأضاف ديلو إن "من يسمون من يحكمون اليوم بأنهم طواغيت وأن أعوان الشرطة والحرس والجيش الوطني بأنهم أعوان للطواغيت فإن ذلك يعني فرض الخروج العنيف عليهم سواء صرحوا بذلك أو لم يصرحوا، وفي كل الحالات فإن أجهزة الدولة ليست في حرب ولا في معركة ولا في مواجهة ولا في مجابهة ولا في حملة على أيّ تيار ولا على أيّ طرف فكري أو سياسي أو إيديولوجي فنحن لا نحارب أفكارا وإنما الخارجين عن القانون ونستغرب من التصريحات الإعلامية التي تقول بأن ما يجري في جبل الشعانبي مسرحية سيئة الإخراج". "قانون مكافحة الإرهاب الحالي غير دستوري" وقال ديلو أن "ما تم يوم الأحد ليس تأجيلا لمؤتمر أنصار الشريعة الثالث وإنما هو منع رسمي له" مضيفا أن "الحكومة لم تتفاوض مع أي طرف فليس هناك بيع وشراء في تطبيق القانون، فالحوار آلية ضرورية تقوم بها الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني وإن تطلب الأمر تقوم به الدولة أو ممثلون عنها ولكن دون تنازل عن تطبيق أحكام القانون" مستطردا أنه "بخصوص الكيل بمكيالين أي التشدد مع أنصار الشريعة أو بما يسمى بالتيار السلفي والتساهل مع الذين يقطعون الطرقات ومن يقيمون الخيمات على السكك الحديدية أو يمنعون حرية العمل، فمن المهم التأكيد على أن القبضة الأمنية للدولة ستشتد يوما بعد يوم إلى أن يتطور الانفلات الأمني إلى بسط تدريجي للأمن ولكن في كل الحالات لا يمكن التسوية بين من يرفعون شعارات ومطالب مشروعة ولكنهم يلتمسون طرقا غير قانونية وبين من يرفضون سلطة الدولة فهؤلاء لا مجال للتنازل عن تطبيق القانون معهم ولكن لا يعني ذلك الزهد في الحوار مع كل من يقبل ذلك والسعي إلى إقناع من يلجأ إلى العنف ويحمل السلاح إلى التعامل السلمي وبدون ذلك لا معنى للديمقراطية ولا لمؤسسات الدولة وستتواصل هذه الصرامة ومن يفكر في ليّ ذراع الدولة فسيندم على ذلك عاجلا أم آجلا". نواب "التأسيسي" لم يقدّروا أهمية مشروع وفي سياق آخر أعرب سمير ديلو عن "عدم رضا الوزارة بخصوص تعاطي المجلس الوطني التأسيسي مع مشروع قانون إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب" حيث صرح بأن "هذا المشروع ذو أهمية بالغة غير أن النواب على ما يبدو لم يقدّروها وهو ما تسبب في تعطيل عدد من القروض من قبل الاتحاد الأوروبي" بالرغم من ورود المشروع على المجلس الوطني التأسيسي منذ 22 نوفمبر 2012. غير أن الأهم من ذلك في نظر ديلو "هو الالتزام المبدئي لأنه من مبررات قيام الثورة هو القطع مع المساس بحقوق الإنسان وانتهاكها وعلى رأسها جرائم التعذيب، والآلية الوطنية للوقاية من التعذيب تعتبر من أهمّ الوسائل التي تعالج التعذيب بصورة استباقية قبل وقوعه" وأضاف وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية أنه مرت عدة أشهر على مسار الإعداد لهذه الآلية، تُوّجت بإعداد هذا المشروع بالتوافق والتشاور مع المجتمع المدني وحظي بإجماع العديد من الخبراء والمنظمات الدولية لسلامة صياغته المتضمنة للحدود الدنيا لمجابهة التعذيب". وفي ذات السياق قال ديلو إن مجموعة من الموقوفين في قضية بئر علي بن خليفة قاموا بإضراب عن الطعام دام أسابيع طويلة احتجاجا على عدم تقدم التحقيق بخصوص التعذيب الذي سلط عليهم، وفي هذا الشأن باشرت لجنة تحقيق تحت إشراف وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية ضمت ممثلين عن مختلف الوزارات وعن مكونات المجتمع المدني وخلصت إلى أن هناك "شبهة قوية في استعمال التعذيب ضد هؤلاء مما أدّى إلى فتح تحقيق قضائي تحت عدد 25058 وتمت إجراءات عديدة آخرها استدعاء أطباء السجن ومركز الإيقاف غير أنهم لم يمتثلوا إلى ذلك". "لا زهد في الحوار" وقال ديلو أن "كلّ التشكيات بخصوص التعذيب يقع التعامل معها بنفس الجدية بغض النظر عن التهمة الموجهة لأصحابها فكل المواطنين التونسيين لهم الحق المطلق في احترام حرمتهم الجسدية والمعنوية مهما كانت الجرائم المنسوبة إليهم". في جانب آخر من الندوة وفيما يتعلق بقانون مكافحة الإرهاب ذكر وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية أنه تمّ "تشكيل لجنة عقدت عدة اجتماعات للنظر في القانون عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال" حيث أكد ديلو أن "هذا القانون غير دستوري ولا يكفل المحاكمة العادلة ويجب النظر في كيفية مجابهة هذه النوعية الخاصة من الجرائم لكن مع احترام شروط المحاكمة العادلة طبقا للمواثيق الدولية التي صادقت عليها تونس" وأضاف أن "توجه اللجنة هو الإبقاء على كل ما يخص منع غسل الأموال والتوجه إلى صياغة قانون جديد لمكافحة الإرهاب يحفظ الحرمة الجسدية والمعنوية للموقوفين". وشدّد ديلو أنه "بخصوص وضعية حقوق الإنسان في تونس سيقع إعداد التقارير الخاصة بوضعية السجون ومراكز الاحتفاظ بكل دقة بما يضمن النزاهة والشفافية بعد تسجيل عدة زيارات" مؤكدا على أنه "كطرف حكومي ليس هناك أي رغبة في التغافل عن أي تجاوز مهما كان، فكل من يحترم القانون سيجد من يدافع عنه وغير ذلك فلن يجد إلا القضاء ليحاسبه، فلا يمكن لثورة أن تنجح أو لديمقراطية أو لمكافحة الإرهاب أو انتقال ديمقراطي أن ينجح إلا بالحرص على تطبيق القانون وباحترام حقوق الإنسان بكل صرامة". استرجاع المصاريف.. وضبط القائمة نهائيا وتجدر الإشارة إلى أن الندوة الصحفية تضمنت العديد من الملفات منها ملف شهداء وجرحى الثورة والحوض المنجمي وملف العفو العام إلى جانب المعتقلين بغوانتانمو، وقد تطرق وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية إلى جملة الإجراءات التي اتخذت بشأن هذه الملفات الثلاثة ومن أهمها "إنهاء تحديد الإطار التشريعي المنظم للجنة شهداء الثورة ومصابيها وما يتعلق بتنظيمها" إلى جانب التأكيد على "قرب نهاية ضبط الإطار التشريعي المنظم لعمل اللجنة الفنية لدى وزارة الشؤون الاجتماعية التي ستقوم بتحديد نسبة السقوط حتى يحصل الجرحى على حقوقهم النهائية". وأضاف ديلو أن "اللجنة الأولى ستكون صلب هيئة حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي ستقوم بضبط القائمة النهائية لهؤلاء الجرحى". كما أكد ديلو أن اللجنة الطبية ستشرع بداية من يوم الخميس في دراسة ملفات استرجاع المصاريف الخاصة بجرحى الثورة بعد أن اكتمل النصاب من كل الجهات المعنية، وبخصوص ضحايا الحوض المنجمي تم تسليم "تسبيقات صرفت من حساب المشاركة عدد 2 المفتوح تحت تصرف وزارة حقوق الإنسان والعدالة والانتقالية كما تم تسليم بطاقات التنقل المجاني وأما بخصوص بطاقات العلاج المجانية فهي تحت الطبع في انتظار انتهاء هذه العملية في غضون الأيام القليلة القادمة". أما فيما يتعلق بالمنتفعين بالعفو العام فقد تم تشكيل لجان في كل الوزارات من أجل إعادة بناء المسار المهني في أجل أقصاه 31 ديسمبر 2013، إلى جانب التشغيل المباشر لجرحى الثورة وفرد عن عائلة كل شهيد في موفى جوان 2013. أما بخصوص التونسيين المعتقلين بغوانتنامو، فعددهم 5 وهم: هشام السليتي وعادل الورغي ولطفي بن علي وعادل الحكيمي ورضا اليازيدي وقد تمت زيارتهم في 2 جويلية 2012 غير أن إجراءات استرجاعهم إلى تونس تعطلت لأسباب تهم الوضع الداخلي للولايات المتحدةالأمريكية ذلك أنه كانت هناك عملية ليّ ذراع بين الكونغرس والرئاسة الأمريكية بخصوص سجن غوانتامو.