وجدت الفريق يعاني من النقص البدني والنضج التكتيكي لم أمض أيّ عقد، إنّما أنا مرتبط معنويّا مع النادي الصفاقسي حتى نهاية الموسم في صورة مواجهة الترجي سيكتشف الجمهور كيف سيكون تصرّفي من يقول خالد بن يحيى يقول ذلك الرجل الأنيق في أدائه، في تصرفاته لما كان لاعبا بالترجي الرياضي التونسي، كان الجميع يعشقون أداءه سواء من قبل أحباء الترجي أو من غيرهم، ولقد كنا شاهدين على تلك الفترة الجميلة، بعدها انتقل إلى مرحلة أخرى من حياته الكروية، كانت مهنية بالأساس عاش فيها الحلو والمر كما يقال، نضجت خلالها تجربته تدريجيا على امتداد سنوات عديدة، صحيح أنّ هناك بعض النقائص وبعض الهنات على مستوى التدريب باعتبار أنّ الإنسان لا يولد عارفا بأسرار الأمور ومتمكنا من مهنته ولكن هذه المسيرة شهدت بعض فترات القوة، وها هو بعد ثماني سنوات يعود إلى تدريب النادي الصفاقسي، اتصلنا به وأجرينا معه هذا الحوا ر الشامل خلال جلسة ممتعة جدا وهذا ما دار بيننا من حديث دون تلميع أو تزويق. س: بعد تجربة أولى مع النادي الصفاقسي خلال موسم 1990 2000 عدت إليه هذا الموسم، ولكنك ركبت القطار وهو يسير، وقبلت تدريبه في فترة حرجة جدا، ألا ترى أنّ في ذلك مجازفة كبرى وخطرا على مستقبلك المهني؟ ج: تجربتي الأولى في النادي الصفاقسي فكانت ممتازة على جميع الأصعدة، قد يكون البعض يذكر أنّنا قد حققنا نتائج جدّ ممتازة إذ تحصلنا على المرتبة الثالثة فكانت مرتبة مشرفة جدا، آنذاك كان الترجي هو الأول والنجم الثاني والنادي الصفاقسي الثالث، وترشحنا إلى الدور النهائي من كأس الرابطة وخسرنا المباراة بنتيجة (01)ضد الملعب التونسي وتركنا الفريق مترشحا إلى الكأس العربية التي رفعها فيما بعد، خلال شهر سبتمبر، بالإضافة إلى ترشحه إلى الدور نصف النهائي لكأس تونس، الحمد لله لقد حققنا كلّ أهدافنا، وأخذ قرار عودة خالد بن يحيى إلى تدريب النادي الصفاقسي ليس أمرا سهلا، أدرك جيّدا أنّ المسؤولين في الجمعية وعلى رأسهم صلاح الدين الزحاف جميعهم متشددون بخصوص القرار المتعلق باختيار الفني الذي سيشرف على حظوظ الفريق، لذلك أعتقد أنّ مروري الأول بالنادي كان له تأثير عند اتّخاذ هذا القرار، وأرجو أن أحقق المطلوب وأفي بالوعود وأرضي جمهور ومسؤولي النادي الصفاقسي. س: كأنّك حدت عن تقديم الإجابة المطلوبة، ما ننتظره منك هو بماذا تبرر قبولك الإقدام على تدريب الفريق وهو في وضع حرج بل سيّئ جدا؟ ج: أحيانا في خضمّ الظروف والأزمات والمراحل الصعبة، ينسى الواحد منّا ذلك باعتبار أنّه سيعمل في فريق اسمه النادي الصفاقسي، فهو ناد عريق ومدرسة كروية مشهود لها بالتميّز وشرف كبير لي ولغيري العمل فيه، في قرارة نفسي كنت متأكّدا من أنّني سأعود يوما إلى تدريب النادي الصفاقسي وذلك بنسبة مائة في المائة، وذاك إحساس مني، والحمد لله ها أنني عدت إليه. س: منذ أشرافك على الفريق وبكل صدق كيف وجدت مستواه فنيا، والحالة النفسية للاعبين، وذلك لا يمس من مصداقية الممرن السابق ميشال دي كاستال المشهود له بالكفاءة؟ ج: نحن نكنّ لدي كاستال كل الاحترام، ولكن لا أدري كيف كان يشتغل، نحن نحترمه لعمله وأخلاقه العالية وللنتائج التي حققها سواء في الترجي الرياضي التونسي أو النادي الصفاقسي، ولكن لكل مدرب فلسفته وطريقة عمله، بالنسبة إلي ونظريتي في العمل والطريقة التي أعتمدها وجدت الفريق يعاني من النقص في الاندفاع البدني والانضباط التكتيكي. س: هل يمكن لك خلال فترة وجيزة جدا أن تجعل الفريق يقف على قدميه كما ينبغي؟ ج: بقيت لدي بعض الشكوك الصغيرة، حاليا ما زلت في مرحلة تقييم اللاعبين، أعتقد أنّ الفريق قادر على الخروج من وضعه الحرج، يمكن أن يكون لنا فريق قادر على المنافسة، ثمّة بوادر خير وبوادر نجاح، أنا متأكّد من ذلك بنسبة 75 في المائة، ينبغي أن يكون الفريق بأسره على ذمّتي على الأقلّ أسبوعين أو ثلاثة، لديّ إحساس بالنجاح لأنّ جميع اللاعبين حريصون على التحسّن وشاعرون بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم وذلك في حدّ ذاته دفع معنوي كبير من شأنه أن يحفّزاللآعبين ويحفّزني أنا وكذلك المسؤولين لكي يتحسّن مستوى الفريق وتتحسّن نتائجه، فإذا مرّ النادي بسلام من المقابلتين القادمتين سيحرز تقدّما كبيرا... س: تقصد مباراة العودة في إطار كأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ضدّ نادي بجاية الجزائري، ثمّ ضد النادي البنزرتي في إطار البطولة الوطنية... ج: إذا ما تمكنّا من تحقيق نتائج إيجابية خلال هاتين المبارتين سنسلك الطريق المثلى، وسنواصل المسيرة بنجاح... س: القيمة الفنية بين هذا اللاعب وذاك تختلف، هل ثمّة رصيد بشري يمكن الاطمئنان له والارتياح له والتعويل عليه...؟ ج: ثمّة قاعدة عامة لا يجب الحياد عنها، فلا ينبغي لنا تغطية قرص الشمس بغربال، وتتمثّل هذه القاعدة في أنّ كلّ لاعب يحمل زيّ النادي لابدّ أن تكون لديه إمكانيات، على عشرين لاعبا يمكن أن نجد ثلاثة أو أربعة ليست لديهم إمكانيات لأنّهم لم يعملوا و لم يتحسّنوا لأسباب معيّنة، فذلك يندرج في إطار مهامّي، وهو الأمر الذي تكفّلت بتحقيقه، فكلّ لاعب ينبغي له أن يتفطّن إلى نقطة الضعف فيه، هل تكمن في الناحية التكتيكية، الذهنية، البدنية أو البدنية؟ وذلك ما تكفّلت بإنجازه. س: جمهور النادي الذي كان غاضبا على فريقه استقبلك بحفاوة، الأكيد أنّه قد تملّكك شعور خاص، فكيف يمكن أن تصف ذلك؟ ج: أحمل ذكريات جميلة عن صفاقس، وأدرك جيّدا أنّ السنة التي قضيتها في هذه المدينة والمقابلات التي خضتها فيها كانت محترمة والأجواء وقتها كانت ممتازة والجمهور كان يقبل على مواكبة المباريات بكثافة وكانت النتائج إيجابية، والحفاوة التي استقبلني بها مؤخرا كانت كبيرة وهو مشكور على ذلك، وأرجو أن أردّ له هذا الجميل وكرم الضيافة، وذلك لم يأت اعتباطا وإنّما كان مبنيا على أسباب فذاكرته لم تخنه فهو ما زال يذكر أنّني قمت وقتها بعمل كبير ويدرك جيدا أنني جئت إلى النادي لكي أعمل وهو متأكد من ذلك ومن أنّني سأفرحه، وأدرك ما يريده الجمهور من هذا الفريق وهو عرق اللاعبين وحبّ العمل والمثابرة في التمارين والمقابلات و يدرك هذا الجمهور أيضا أنّ ذلك يمكن تحقيقه مع خالد بن يحيى. س: كنت حريصا على الانضباط فهل ستبقى وفيا لهذا التمشّي..؟ ج: أنا وفيّ للنجاح، وذلك له أسبابه ومن جملة هذه الأسباب الانضباط، أرجو أن نقول مستقبلا الاحترام، فعندما يحترم المسؤول اللاعب وهذا الأخير يحترم الميدان والجمهور وجمعيته، واللاعبون أصبحوا في السنوات الأخيرة محترفين أي أجراء لذلك عليهم أن يقوموا بواجبهم مثل أي عامل في أيّ في ميدان ليتقاضوا أجورهم ويحصلوا على مختلف مستحقاتهم مقابل العمل واحترام الناس والوقت ومبادئ الجمعية، لذلك فأنا أطلب منهم احترام الجمعية والمسؤولين والجمهور والمهنة التي يتعاطونها. س: هل أمضيت عقدا مع النادي الصفاقسي..؟ ج: لم أمض أيّ عقد، وإنّما اتفقنا شفويا على العمل لمدّة أربعة أشهر أي إلى نهاية الموسم... س: هل هناك إمكانية تمديد هذا العقد الشفوي وتحويله إلى عقد مكتوب للإشراف على حظوظ الفريق في الموسم المقبل إذا ما بقيت الهيئة الحالية في سدّة التسيير؟ ج: إذا أعجب الواحد منا الآخر... س: حتّى نكون صريحين هل كلّ ذلك مرتبط بالنتائج... ج: الدنيا بأسرها مرتبطة بذلك، لكن هذه المرّة المسألة ليست مرتبطة بالنتائج فحسب، وإنّما وفق الظروف، بعد نهاية الموسم يصبح الواحد منا حرّا من أيّ ارتباط معنوي، والمسالة تصبح فيما بعد قضية أخرى... س: فيما تبقى من الموسم، النادي مطالب بتحسين وضعه في البطولة، والدفاع عن حظوظه في سباق الكأس والترشح إلى الدّور القادم من كأس الاتحاد، فكيف ترى الوضعيات الثلاث؟ ج: أرجو المعذرة، عندما أتحدّث عن الأندية الكبرى لا يعدّ تقليلا من قيمة الأندية الأخرى، فالنادي الصفاقسي والترجي الرياضي التونسي والنجم الساحلي والنادي الإفريقي لا خيار لها، فلا المدرب ولا المسؤول ولا اللاعب لهم خيارات في جمعيات تنفق خمسة أو ستة مليارات سنويا، جمعيات كبرى بتاريخها بجمهورها غير اللّعب من أجل الألقاب، فمن يأتي إلى النادي الصفاقسي يدرك ما ينتظره من أدوار، وعليه أن يكون مراهنا كبيرا على كل الألقاب، وبخصوص الواجهات الثلاث، ينبغي لنا قبل كل شيء الخروج من الوضعية الحرجة التي لا يستحقها الفريق بصدق، والتي تسبّبنا فيها لأنفسنا وذلك يتطلب منا الكثير من الجهد والتعب والعرق ذهنيا وبدنيا، ونحن قادرون على الخروج من هذه الوضعية، بعدها تأتي كأس «الكاف» وكأس تونس، وذلك لن يأتي إلاّ بالعمل، وكل شيء يأتي في حينه، ولكن هناك أولويات. س: لا أشاطر الرأي من يعتقد أنّ فريق بجاية فريق متواضع الإمكانيات، وأنت ماهو رأيك...؟ ج: على ضوء مباراة واحدة، لا وجود لفريق متواضع الإمكانيات، لأنّ كل شيء يمكن أن يوجد، علينا في مقابلتنا المنتظرة معه أن نعرف كيف نستثمر نتيجة هدف مقابل صفر لصالحنا، بإمكاننا أن نحسّن هذه النتيجة، كما يمكن أن يحصل العكس لا قدّر الله، علينا أن نعرف كيف نرّد الفعل وكيف نتعامل مع اللقاء ولدينا القدرات والإمكانيات لذلك، واعتبار المنافس ضعيفا أو قويا فذلك أمر ثانوي. س: لو افتراضنا أنّ النادي الصفاقسي والترجي سيترشّحان إلى الدور المقبل في سباق الكأس وتضعهما القرعة وجها لوجه، فهل سيقول وقتها خالد بن يحيى: لا لن أقف من مقعد الاحتياطيين وأواجه فريقي الأمّ؟ ج: لهم الحقّ في الاطّلاع على الإجابة... عندما تحصل هذه المواجهة الكروية سوف يكتشفون كيف سيتصرف خالد بن يحيى. س: أنت لم تجبني عن سؤالي... هل تغيّر خالد بن يحيى في هذا السياق أم لا...؟ ج: لا بدّ أن يتميّز حديثنا هذا بشيء من التشويق، سوف يكتشف وقتها جمهور النادي الصفاقسي هل تغيّر خالد بن يحيى وقام بواجبه أم لم يقم بواجبه. س : ألم تغضب من طرح هذا السؤال...؟ ج: لا، أبدا، بالعكس لقد استحسنت طرح هذا السؤال، ولقد سعدت بذلك. س: خالد بن يحيي يدرّب حاليا النادي الصفاقسي، ومعه الممرن رياض الشرفي المعروف بشهاداته العليا، فهل هذا يعقّدك أنت أم يعقّده هو...؟ ج: لا يعقدّني أنا، ولا يعقّده هو ،سي رياض مدرّب ممتاز ومعروف في كامل أنحاء البلاد بكفاءته، التقيت به مرّة واحدة، وأنا أكنّ له كلّ الاحترام والتقدير، والآن زاد احترامي له وكبر تقديري له، صدقني لا أعامله بصفتي مدرّبا أول وهو مدرب مساعد أو العكس بالعكس، وإنّما نعامل بعضنا البعض معاملة كلّها احترام وتقدير ومحبّة. س: أنت كرياضي في تونس لديك خبرة واسعة وزاد ثري في كرة القدم كلاعب في الترجي أو في المنتخب أو كممرن، كيف ترى مستقبل النادي الصفاقسي؟ ج: عندما يكون الإنسان مسؤولا، هناك أمور يمكن الإعلان عنها وهناك أمور أخرى لا يمكن البوح بها، ولكنني أقول إنّ صلاح الدين الزحاف ومساعديه يدركون أنّ النادي أصبح متأخّرا في بعض النواحي مقارنة بالنجم والترجي، لذا ينبغي له تدارك هذا التأخير للحاق بهما، ولا تسألني أسئلة أخرى في نفس السياق لأنّني لن أكون دقيقا في إجاباتي، ويبقى النادي الصفاقسي جمعية كبيرة. س: هل أنت مطمئن عل مستحقاتك المالية؟ (... صمت)، هل فاجأك السؤال؟ ج: فاجأني السؤال لأنّني لم أكن أفكّر في ذلك، أنا في «جمعية كبيرة ودار كبيرة»، وأنا اشتغلت سنة كاملة في النادي الصفاقسي من قبل ولدي التجربة والحنكة، وكما يقول المثل العامّي: «عندما تقصد دار كبيرة إذا ما عشّوكشي تبات في الدفاء». س: لكن حسب ما علمنا، لقد غادرت قوافل قفصة ليس من أجل الحصول على مرتبك ولكن من أجل مستحقّات اللآعبين... ج: هو سبب من جملة الأسباب، وبالمناسبة لقد قضّيت ثلاثة أشهر ممتازة في قفصة حقّقنا خلالها نتائج باهرة، وكان كلّ شيء على أحسن ما يرام، وأنتهز الفرصة لأشكر متساكني هذه المدينة، أريد التأكيد مرّة أخري على أنّ الأمور ستسير على أحسن ما يرام في النادي الصفاقسي، فالرّئيس والمسؤولون يبذلون قصارى جهدهم لتحسين ظروف اللآعبين وصرف مستحقاتهم و مستحقات الإطار الفني. س: نأتي الآن إلى قضية كلّ التونسيّين، وهي قضية المنتخب الوطني، فكيف ترى وضعه حاليا بعد النتائج غير المرضية في كأس إفريقيا للأمم وبعد أن توّجنا بالكأس الإفريقية سنة 2004 خاصّة أنّه لم نعد نسمح لأنفسنا بالتقهقر؟ ج: بالعكس، بالنظر إلى العمل الذي قام به تعتبر النتائج التي حققها مرضية جدا وذلك وفق إمكانياتنا ووفق ظروفنا، هي نتائج محترمة، فمن الضروري التقويم والمقارنة مع المنتخبات الأخرى والنّظر مع من نتبارى، وكيف ينبغي لنا أن نعمل وقتها نعرف كيف نقيّم و نكلّف أناسا يقيّمون مردود المنتخب ونتائجه ولا نأتي بأشخاص يسعون إلى «الدمغجة»، فلا ينبغي لنا أن نكلّف أناسا لم يتعاطوا قطّ كرة قدم بتقييم المنتخب، أعتقد من الضروري الاعتماد على أهل الذكر لا الاعتماد على شخص فاشل لتقييم الكرة التونسية، هناك أناس نجحوا في تونس من أصحاب المهنة لكفاءتهم على غرار فوزي البنزرتي وميشال دي كاستال وتوفيق بن عثمان ومختار التليلي، يمكن استشارتهم نظرا لما حققوه من نجاح، فهل يعقل أنّ مسؤولا في الجامعة ورئيس جمعية لم يتعاطيا قط كرة القدم ويسمحون لأنفسهم بإطلاق الأحكام، هل شكلنا لجنة للتقييم ونظمنا مائدة مستديرة للحوار يشارك فيها أصحاب الكفاءات بعد كأس العالم الأخيرة؟ فها أنّنا نعيش على الهامش وما حققناه يعود إلى ذكاء التونسي. أجرى الحديث: محمد القبي