المرسوم 15 أعدته حكومة الغنوشي لا لاستعادة الأموال المنهوبة بل لاحتواء الثورة وتغيير مسارها كشف حامد النقعاوي رئيس جمعية القانون والتطبيق الأسباب والحيثيات التي ادّت الى إصدار المحكمة الأوربية قرارات رفع تجميد اموال كل من سليم شيبوب، وصخر الماطري، وعدد من عائلة الطرابلسية وقال في حوار خص به "الصباح" ان من حق الدولة التونسية الطعن في هذه القرارات، بشرط أن تصلح ما تعيب من إجراءاتها وأن تقدم إلى الهيئة القضائية ملفات مكتملة هناك من يقول ان الفساد في تونس استشرى بعد 7 نوفمبر 1987؟ هل تتفق مع هذا الطرح؟ - المرسوم عدد 13 لسنة 2011 المتعلق بالمصادرة يجيب بنعم، لم يكن في تونس فساد مالي قبل ذلك التاريخ، والعهد البورقيبي لم يشهد فسادا. كيف لا وقد انحصر المال المصادر فيما اكتسب بعد هذا التاريخ. وتكون أيضا عندما ترصد الأموال وتنشأ المؤسسات لما هو في تناقض مع مصلحة الشعب وعندما تكتفي السلطة بالنظر إلى نصوص قانونية عليلة ولا تتحمل عبء مداواتها هل يعلم الشعب التونسي أن المرسوم عدد 15 أعد من قبل حكومة محمد الغنوشي، من قبل ذات الأشخاص الذين كان يعهد لهم بإعداد مشاريع القوانين في العهد البائد؟ ما أحرصهم على استعادة أموال الشعب! لكن الهدف لم يكن استعادة تلك الأموال بل كان الهدف احتواء الثورة وتغيير مسارها لتكون ثورة ضد بن علي ومن معه وليست ثورة على أوضاع نشأت في ظل الحكم البورقيبي ونمت في حكم المخلوع بن علي، وليس غريبا أن ينهض اليوم من يجابه بإنجازات ذلك العهد البورقيبي، ومن يزعم أنه من ضحايا المخلوع أو من ضحايا زوجته والحال أنه يتصرف في تونس كما يتصرف في ملكه الخاص وما هي النتيجة؟ إنها اختلال النص على نحو مخجل، وفراغه من القواعد التي تكفل احترام مقتضيات اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، وغيرها من المواثيق والتطبيقات الدولية تقول المنظمة العالمية للشفافية أن 62 بالمائة من الفساد وراءها سياسيون وسلطات تشريعية وتنفيذية وأحزاب سياسية. وتكون السلطة التشريعية مصدر فساد عندما تسن نصوصا لغايات غير التي في شرح الأسباب، لغايات لا تخدم المواطنين، عندما يصدر النص لنحر ثورة شعب عايش القهر بتجلياته اللامتناهية، تكون عندما يصدر المرسوم عدد 15 لسنة 2011 مقتصرا على استرجاع أموال المخلوع وزوجته وأبنائه وكل من ارتبط بمن ذكر نسبا أو مصاهرة أو قدم لهم مساعدة أو انتفع بتبعات أعمالهم اللامشروعة، ولا يمتد نطاقه إلى ما قبل ذلك التاريخ الثغرات والمصلحة الوطنية +لماذا لم تنبهوا الأطراف المعنية بمتابعة الأموال المنهوبة الى وجود ثغرات قانونية واخطاء اجرائية لتداركها؟ - لقد نادينا ولازلنا ننادي بإصلاح المنظومة التشريعية التي أعقبت الثورة، ولا سيما النصين المار ذكرهما دون مجيب، إلى أن صدرت قرارات محكمة الإتحاد الأروبي بتاريخ 28 ماي 2013 قاضية برفع التجميد عن أموال كل من محمد فهد صخر الماطري تحت عدد 11/200، ومحمد سليم بن محمد حسن شيبوب تحت عدد 11/188 ومحمد والمنصف وسليمة وطارق الطرابلسي وإيناس الآجري تحت عدد 11/187 ما هي الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه القرارات المضرة بالمصلحة الوطنية؟ -أولا: التجميد بسعي من الإتحاد الأروبي: بالإطلاع على القرارات الملمح إليها يتضح أن تجمد أرصدة الأشخاص المذكورين تم بمبادرة من مجلس الإتحاد الأروبي الذي اتخذ بتاريخ 31 جانفي 2011 القرار عدد 72 القاضي بتجميد الأموال الراجعة إلى المخلوع وزوجته دون غيرهما، لمدة سنة قابلة للتمديد، وكان هذا القرار معللا بعبارات مؤثرة إذ أورد المجلس أنه يدعم نضال الشعب التونسي من أجل الديمقراطية ويضع القيود التحفظية على أموال من نهبوا مقدراته وبدّلوا وجهتها بتاريخ 4 فيفري 2011 أصدر المجلس القرار عدد 79 القاضي بوضع الأول موضع التنفيذ مع تعديل قائمة الأشخاص المعنيين بالتجميد لتشمل 48 شخصا طبيعيا، وفي ذات التاريخ أصدر المجلس تحت عدد 101/2011 نصا تنظيميا يتعلق بكافة الجوانب التطبيقية التي تقتضيها عملية التجميد. في 27 جانفي 2012 اتخذ المجلس تحت عدد 50 أول قرار لتمديد فترة التجميد إلى غاية 31 جانفي 2013 تاريخ صدور قرار التمديد الثاني إلى حدود 31 جانفي 2014 ثانيا: الطعن في عملية التجميد في 30 مارس 2011 قدم المدعو محمد بن منصف الطرابلسي وزوجته إيناس الآجري وأبناؤهما الثلاثة المنصف و سليمة وطارق عريضة طعن في قرارات التجميد، وفي غرة أفريل 2011 تقدم كل من المدعو سليم شيبوب وصخر الماطري بعريضة منفردة في الطعن قيدت الأولى تحت عدد 188 وأسند للثانية عدد 200. قدم مجلس الإتحاد الأروبي جوابه عن الطعن المقدم من المدعو محمد الطرابلسي ومن معه كما قدم جوابا عن طعن المدعو صخر الماطري وتخلف عن الرد بمذكرة كتابية في طعن المدعو سليم شيبوب علما بأنه سجل حضوره في هذه القضية وقدم مؤيداته ورافع شفاهيا واين الدولة التونسية من كل هذا، وكيف تصرف ممثلوها؟ -الدولة التونسية التي كانت متداخلة في كافة القضايا بمعية اللجنة الأروبية كان تصرفها شديد الغرابة: ففي قضية صخر الماطري قدمت الدولة التونسية مذكرة في الرد لكن المحكمة رفضت تسلمها لأنها محررة بلغة غير اللغة المعتمدة لدى هذه الجهة القضائية. وفي قضية محمد الطرابلسي ومن معه لم يتسن للدولة التونسية تقديم جوابها في الأجل المحدد لها طبقا للفصل 116 من القانون الإجرائي المنظم للمحكمة وتخلفت بذلك عن الرد وممارسة حق الدفاع أما في قضية سليم شيبوب فقد تمكنت من الرد في مذكرة كتابية لكن ممثلها لم يحضر ولو بجلسة شفاهية واحدة رغم أهمية هذه الجلسات وشدة تأثيرها على وجهة الفصل في القضية، حيث أن هذه السماعات تمت بمقترح من القاضي المقرر بالدائرة الثالثة المتعهدة بنظر القضية ولم يحضر جلساتها سوى ممثل مجلس الإتحاد الأروبي غياب الدّولة التونسية وأين ممثلو الدولة التونسية. الم تكلف الدولة محاميا ينوبها في القضايا المذكورة؟ -لقد كان محامي الدولة التونسية في القضايا الثلاث هو السيد "بوردون M.W.Bourdon " فهل من الأنسب تسليم كافة الملفات إلى محام واحد؟ وكيف تم اختيار هذا المحامي؟ هل تم إعمال المنافسة؟ وهل سيتم خلاص أجرته لقاء هذا التقصير المجحف بحقوق المجموعة الوطنية لقد كان تغيب الدولة التونسية عن الإجراءات الشفاهية التي أذنت المحكمة بإجرائها أهم سبب وراء صدور قرار إبطال التجميد لفائدة سليم شيبوب، فقرار التجميد يستند إلى قيام المعني بالأمر بالإستيلاء على المال العام عبر تحويل وجهته وذلك في تناسق تام مع المقتضيات القانونية المعتمدة لدى المحكمة الأروبية، في حين أن تعليله انبنى على وجود تتبع جزائي بتونس ضده من أجل جريمة تبييض الأموال، والحال أن هذه الجريمة تختلف عن الجرم المتمثل في تحويل وجهة المال العام، فتبييض الأموال لا يخص المال العام في كافة الأحوال وإنما قد يتعلق بأموال خاصة تأتت من الجريمة وهنا يبرز غياب ممثل الدولة التونسية الذي كان بإمكانه إقامة الدليل على استغلال الطاعن ما كان له من النفوذ لتحويل وجهة المال العام ليتولى إثر ذلك غسله بحيث ينتفي الفرق بين الجريمتين واقعيا في حالة سليم شيبوب، الذي لم يختلف مركزه في هذه القضايا عن بقية الطاعنين الذين أتموا إجراءاتهم بيسر تام بعد أن تبين خلو الملفات المعدة من الدولة التونسية والمقدمة من المجلس الأروبي مما يمكن اعتماده في إدانتهم بما نسب إليهم، فضلا عن تخلف الدولة التونسية عن الجواب كتابيا في هاتين القضيتين لقد كانت نتيجة هذه التجربة القضائية مخيبة للآمال، فلم يقتصر الأمر على إبطال قرارات التجميد جزئيا في حدود الأسماء التي قامت بالطعن وإنما تم أيضا إلزام مجلس الإتحاد الأروبي بجبر الضرر اللاحق بالطاعنين والمتمثل في تكبد نفقات التقاضي، في حين ألزمت الدولة التونسية بتحمل نفقاتها في كافة القضايا لكن الحكومة قالت انها ستعمل على ضمان حقوق تونس وستقوم بالإجراءات اللازمة من ذلك قيامها بحق الطعن في قرارات المحكمة الإدارية؟ - ليست الدول الأجنبية سبب تعثر استرجاع أموال الشعب التونسي ولا يسوغ وصفها بعدم التعاون قبل تهيئة ملفاتنا وإصلاح ما فسد من إجراءاتنا على نحو يحفظ ماء الوجه، ولعله يجدر بنا اليوم أن نراجع ما لدينا من نصوص ومناهج بما يستجيب إلى متطلبات المرحلة الراهنة لا يمكن طلب إعادة التجميد من مجلس الإتحاد الأروبي، وإنما يبقى من حق الدولة التونسية الطعن في هذه القرارات، بشرط أن تصلح ما تعيب من إجراءاتها وأن تقدم إلى الهيئة القضائية ملفات مكتملة