علمت "الصباح" أن رئاسة الحكومة اعدت مشروع قانون اساسي يتعلق بحق النفاذ الى المعلومة سيعوض المرسوم عدد 41 لسنة 2011 المؤرخ في 26 ماي 2011 المتعلق بالنفاذ الى الوثائق الادارية للهياكل العمومية.. وحسب ما افاد به فرح بالسرور مدير عام الإصلاح الإداري في تصريح حصري خص به "الصباح" فإن ادارة الإصلاح الإداري برئاسة الحكومة قامت باعداد مشروع القانون سيتم نشره على موقع الواب رئاسة الحكومة من اجل استشارة جميع الأطراف المعنية بحق النفاذ الى المعلومة والاستئناس بآرائها وملاحظاتها لتعديله واجراء التنقيحات اللازمة عليه قبل عرضه على الحكومة لاحقا.. ثم المجلس التأسيسي في مرحلة لاحقة.. وكشف بالسرور ان جميع المصالح الإدارية المعنية بتطبيق المرسوم عدد41 المتعلق بالنفاذ الى المعلومة شرعت في تطبيق الجوانب المتصلة بالإدارة وخصوصا الفصلان4 و5، وتطبيق مقتضيات منشور رئاسة الحكومة المؤرخ في 5 ماي 2012 المتعلق بالنفاذ الى الوثائق الادارية للهياكل العمومية. من ذلك ان جل الإدارات المعنية عينت مكلفين بالنفاذ الى المعلومة من بين اطاراتها الإدارية.. وتسعى الآن الى تطوير بواباتها الالكترونية ونشر الوثائق الإدارية المنصوص عليها صلب المرسوم.. ويعتبر مشروع القانون الأساسي المتعلق بالنفاذ الى المعلومة نسخة مطورة ومعدلة للمرسوم41 في اتجاه تجاوز الثغرات والنقائص التي وردت في هذا الأخير.. ولعل من ابرز الآليات الجديدة التي وردت بمشروع القانون الذي ما يزال طور الدرس والنقاش احداث هيئة عمومية مستقلة تعنى بالنزاعات المتعلقة بحق النفاذ الى المعلومة على غرار هيئة حماية المعطيات الشخصية، من مهامها القيام بدور الوسيط بين طالب المعلومة والإدارة وقد يسند لها صلاحيات تقريرية لتكون بمثابة درجة قضائية اولى، وهو ما سيمكن من تجاوز نقائص اجرائية وقانونية وردت بالفصل19 من المرسوم41 الذي يشوبه بعض الغموض حسب ما اشار اليه القاضي بالمحكمة الادارية عماد الحزقي. كما علمنا انه سيتم تبسيط اجراءات النفاذ الى المعلومة خاصة في ما يهم جانب الإدارة، وتحديد المفاهيم وتوضيحها مثل تحديد ماهية الهيكل العمومي في اتجاه مزيد توسيع الهياكل الإدارية التي تقوم بمرفق عمومي.. كان ذلك خلال ورشة عمل انعقدت امس بالمدرسة الوطنية للإدارة حضرها ممثلون عن عدة وزارات وهياكل ادارية عمومية ونشطاء من المجتمع المدني واشرف عليه ممثل البنك العالمي قوندتر هايندهوف. ويهدف الملتقى الى تحسيس الفاعلين الإداريين باهمية تفعيل المرسوم 41 وبلورة مشروع خارطة طريق واستراتيجية عمل للمرحلة المقبلة. واكد مثل البنك الدولي على أهمية تكريس مبادئ الحوكمة الرشيدة والإصلاح الإداري بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، خاصة ان حق النفاذ الى المعلومة يعتبر مكسبا للتونسيين وهو ما يتطلب وجود ارادة فعلية من قبل الإدارة لتبسيط اجراءات الحصول على الوثائق الإدارية وعلى المعلومة ونشرها مع تحسيس المواطن التونسي بحقه في النفاذ الى الوثائق وكيفية ممارسة هذا الحق. وقال مدير عام الاصلاح الإداري ان على الإدارة تشخيص الأطراف المتعامل معها ورصد حاجيات واولويات طالبي المعلومة وهو ما يتطلب تغييرا في الذهنية والعقلية لدى الفاعلين الاداريين حسب رايه. وقال ان حق النفاذ الى المعلومة لم يصبح بعد واقعا ملموسا وذلك لعدة اسباب من بينها نقائص جوهرية وهيكلية علما ان طلبات النفاذ الى الملعومة ضعيفة جدا مشيرا الى ان حق النفاذ الى المعلومة مسؤولية جماعية. تجارب دولية واوضح ان 90 دولة في العالم نظمت حق النفاذ الى المعلومة معظمها كان نتيجة لضغط المجتمع المدني خصوصا بالدول الديمقراطية.. كما تم اعتماده من قبل دول أوريا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وادرج حق النفاذ في مسار العدالة الانتقالية، كما اعتمدته دول امريكا اللاتينية دائما في اطار العدالة الانتقالية لكن اساسا بضغط من المجتمع المدني.. مشيرا الى ان معدل تطبيق القانون حدد في اغلب الدول بسنتين في ظروف سياسية عادية، واكثر من ذلك في دول شهدت انتقالا ديمقراطيا.. وشدد على اهمية ضغط المجتمع المدني والإعلام على الحكومات من أجل تفعيل حق النقاذ وتطبيقه، لكنه اكد على أن تطبيق القانون وتنظيمه لا يكون ناجعا الا في نظام ديمقراطي، لكن مع ذلك تبقى الفاعلية مرتبطة ايضا بفاعلية القاعدة القانونية المتصلة بالنفاذ الى المعلومة. وكان القاضي في المحكمة الادارية عماد الحزقي قد اشار في مداخلة قانونية بشان المرسوم 41 الى وجود عدة نقائص على مستوى التطبيق وضمانات ممارسة حق النفاذ وتفعيله وردت بالمرسوم مما يؤثر سلبا على فاعليته وجدواه. توسيع الهياكل المعنية وتوضيح المفاهيم واكد الحزقي على ضرورة توضيح مفهومي الهيكل العمومي، والوثيقة الإدارية، وذلك في اتجاه توسيع الهياكل المشمولة بالمرسوم والتنصيص عليها صراحة مثل الهيئات المهنية (هيئة المحامين، عمادة الأطباء، هيئة المحاسبين،..) لأنها تنتج وثائق ادرية وتمارس خدمات ذات مصلحة عامة، فضلا عن المؤسسات شبه العمومية والجامعات الرياضية، والهيئات التعديلية (الهيئة العامة للتأمين، هيئة الاتصال السمعي البصري..) ولاحظ الحزقي ان الضمانات القضائية الواردة بالفصل19 من المرسوم41 غير قادرة -حسب رايه- على تفعيل حماية فعلية لحق النفاذ لأن اللجوء الى المحكمة الإدارية للتظلم في نزاعات اصلية عبر القضاء الاستعجالي لا يجوز لأن القضاء الاستعجالي لا ينظر في الأصل.. وعامل الوقت له تأثير والوثيقة قد تفقد قيمتها ان لم يتم الحصول عليها في الوقت المناسب. مقترحا اعادة النظر في اجراءات التقاضي واحداث هيكل اداري في شكل هيئة عمومية مستقلة للبت في النزاعات والتوسط بين طالب الوثيقة والهيكل الاداري تبت فيها وفق اجراءات مختصرة يمكن تحديدها مسبقا.. وقال انه يمكن تطوير التجربة الفرنسية في هذا المجال (احدثت هيئة ادارية استشارية) بإعطاء صلاحيات تقريرية للهيئة مع صلاحيات قضائية درجة اولى على الأقل، من اجل تحقيق الفاعلية المرجوة.