وضع كارثي وخطيريتهدّد الصندوقيْن الاجتماعيّيْن في ظل توقعات بالعجزعن الإيفاء بالتعهّدات تجاه منظوريهما. ففي السنوات القليلة القادمة يمكن ألاّ تتجاوزالثلاث سنوات في ظل صعوبات مالية تميّزالموازنة العامة للصندوقين . هذا الوضع الصّعب جعل رئاسة الحكومة تسارع بالإعلان عن إطلاق حواروطني حول وضعيّة الصناديق الاجتماعية مع نهاية شهر جوان الجاري وهوحوار سيشمل جميع الأطراف الاجتماعية والوطنية المعنية بملف الصناديق الاجتماعية. والمطلوب على جميع هذه الاطراف إنجاح هذا الحواروتغليب المصلحة العليا والسعي نحومراجعة نظام التقاعد والصناديق الاجتماعية لتفادي العجزوالأزمة المنتظرة اذا تواصل الحال على ما هوعليه خاصة أننا نعيش اليوم تواجد (2.8 ناشطا) على كل متقاعد واحد؛ في حين كان هذا العدد سنة 1990 (5 ناشطين)على كل متقاعد والأصل في عمل الصناديق الاجتماعية هو (4 ناشطين) على كل متقاعد. التطوّرات تؤدي حتما إلى بروزضغوطات على مستوى التوازن المالي لأنظمة التقاعد سواء منها في القطاع العمومي أو في القطاع الخاص، لاسيما إذا تطوّرت النفقات والمصاريف بنسق أسرع مقارنة بتطوّرالموارد والمداخيل. ومن المتوقع ومن المؤكد أن يتواصل ارتفاع نسق النفقات نظرا لارتفاع عدد المتقاعدين وصرف الجرايات لفائدتهم لمدة أطول. ويبدوان الحكومة ستسيرنحوالترفيع من نسب المساهمة بالنسبة للأجراء وكذلك المؤجّرين على مراحل. وسيتم اقتراح هذا الإجراء في مشروع ميزانية 2014 سواء بالنسبة لمنخرطى القطاع العام التابعين لصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية او منخرطي القطاع الخاص المنضوين تحت الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. هذا إضافة الى إمكانية التوافق حول إجراءات أخرى منها التمديد في سنّ التقاعد على مرحلتين (من 60 الى 62 سنة الى حدود سنة 2016 ثم الى 65 سنة )، والزيادة في نسبة المساهمات المالية للأجراء والمؤجرين في القطاعين العام والخاص على ثلاث سنوات وذلك بواقع زيادة بنسبة تقترب اوتصل الى 5 بالمائة بين مساهمة المؤجر والأجير. ولا بدّ من التأكيد مجدّدا على ضرورة الوصول الى اتفاقات وحلول ناجعة تضمن التوازنات المالية للصندوقيْن خاصة ان السنوات القادمة ستكون الأصعب في ظل ارتفاع مؤمّل الحياة (حاليا 74 سنة وينتظر ان يكون في حدود 78 سنة عام 2030 السنة المرجع بالنسبة لأغلب الدّراسات المتعلقة بإصلاح أنظمة التقاعد ) وارتفاع عدد المنتفعين بجرايات التقاعد في القطاع العمومي أكثرمن مرّتين ونصف سنة 2030 و حوالي 3 مرّات ونصف في القطاع الخاص.. ومن الضروري التعجيل بالتفاوض والحوارحول تمويل الضمان الاجتماعي في تونس نظرا للوضعيّة الحرجة التي تمرّ بها مختلف الأنظمة وإدراج ذلك في نطاق المراجعة الشاملة والاستراتيجية على ضوء مختلف المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية في تونس. الوضع في الصناديق الاجتماعية يستوجب اليوم الإصلاح ولكن يجب أن يكون هذا الإصلاح على قاعدة المحافظة على النظام التوزيعي والتضامني الذي أثبت صحّته ومن الضّروري التمسّك بهذا الخيار. ◗ سفيان رجب