في الوقت الذي كنّا ننتظر فيه أن يكون حفل افتتاح الدورة التاسعة عشرة لمهرجان الموسيقى التونسية في مستوى الحدث خاصّة وأنّه قارب العشريتين من العمر منذ انتظامه للمرّة الأولى فوجئنا ببساطة حفل الافتتاح شكلا ومضمونا والذي لا يوحي بأنّنا نحتفي بالموسيقى التونسية التي وفرت لعرسها وزارة الثقافة والمحافظة على التراث كلّ ممهدات النجاح. والحقيقة أنّ هذا الأمر يتجاوز مديرة المهرجان الفنانة القديرة والمثقفة سنيا مبارك والتي طالما اجتهدت وبحثت عن التجديد حيث أنّ المشكل يكمن في العقلية ومستوى الثقافة والإدراك لاستشراف مستقبل الموسيقى التونسية عموما وخاصة في مستوى الأغنية. وحتّى نوضّح الأمر أكثر فلا بدّ من الاعتراف بأنّ لغة التواصل بين الأستاذة الفنانة سنيا مبارك وبقية زملائها "المطربين" تشهد بعض الصعوبات والعراقيل وذلك لأنّ رؤيتها المستقبلية للموسيقى التونسية تصعب استساغتها من قبل غيرها من "المطربين" باستثناء أقلية واعية بحتمية التقدّم إلى الأمام خطوات كبيرة للارتقاء بالأغنية التونسية درجات تحقق لها شرعية الانتشار على المستوى العربي والإقليمي ، ولكن من عسى من مطربي المطاعم وسماسرة الأعراس ومقتنصي المداخيل المادية السهلة التي تنهل من إبداعات عمالقة الطرب وتشوّهها وتفرغها من روعتها إلى مستوى الإسفاف والابتذال أن يستوعب فكرا واستقراء أرقى من مستوى تفكيره وإدراكه وسعيه اللامتناهي لإثراء رصيده بالبنك دون غيره؟؟!. لذلك أرى أنّه حانت ساعة المحاسبة والمتابعة لكلّ من تمتع بالدعم المادي وحتّى المعنوي وخاصة من قبل وزارة الثقافة والمحافظة على التراث ومؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسيتان وكلّ الهياكل العمومية المشرفة أو المساهمة في تنظيم الحفلات والمهرجانات. فكيف نبرّر غياب أبرز مطربي تونس في حفل الافتتاح على غرار أمينة فاخت وصوفية صادق وصابر الرباعي ولطيفة العرفاوي وعدنان الشواشي وغيرهم؟؟. أليس للمهرجان ولتونس - نعم لتونس - الحقّ في مساهمتهم في هذا العرس الموسيقي الذي هو احتفاء وطني بالموسيقى التونسية بغضّ النظر على الأسماء المسؤولة على تنظيمه؟؟ أعتقد بأنه لا يوجد ولو مبرر واحد لغياب هذه الأسماء التي لقيت كلّ التشجيع والدعم في تونس وخارجها حتّى تغيب في مثل هذا الحدث الوطني الهامّ..!! ولسائل أن يسأل: أين ذهبت الأموال العمومية المخصصة لدعم الأغنية التونسية؟؟ وأين المطربون الذين يتباكون على أعمدة الصحف وعبر أثير الإذاعات وشاشات القنوات التلفزية من قلة الظهور والإقصاء والتهميش ومنعهم من تقديم إنتاجهم؟؟ أسئلة حائرة ولكنّ الإجابات عنها ومن حسن الحظّ غير مبهمة إلى درجة التعقيد وما على وزارة الإشراف التي تدعّم هذا المجال الفني إلاّ إعادة النظر في شروط التمتع بالدعم المادي سواء على مستوى الإنتاج أو تقديم العروض، والرأي عندي أن لا يتمتع بالأموال العمومية مستقبلا إلاّ من كان في مستوى الإيمان بكلّ القضايا والاهتمامات الوطنية دون استثناء والقادر على تفضيل المصلحة الوطنية على مصالحه الشخصية حتّى يكون غد تونس أكثر إشراقا وأبهج تألقا ويكون حفل افتتاح الدورة العشرين لمهرجان الموسيقى التونسية في الربيع القادم فرصة للمصالحة مع الذات ولبنة نيرة لنجاح فكر الاستشراف والرؤية الحالمة بالتميز والتفرّد والتألق التي أسست لها الفنانة المثقفة سنيا مبارك بكلّ اقتدار في مستوى التخطيط وامتياز في الإنجاز والمُدَعّمة بدورها من قبل كلّ المثقفين بهذا الوطن العزيز المعطاء حتّى تبقى أحسن صورة مشرقة للفنانة التونسية المبدعة والمثقفة والواعية أيضا بصعوبات المراحل القادمة لمعانقة كلّ سبل التألق والنجاح..!! محمّد كمال السخيري في السهرة الختامية للدورة 19 لمهرجان الموسيقى التونسية: إيقاعات مغاربية... وجوائز مستحقّة تونس - الصباح - محسن الزغلامي مساء أمس الاول كان الموعد بفضاء القاعة المغطاة بقصر الرياضة بالمنزه مع السهرة الختامية للدورة 19 لمهرجان الموسيقى التونسية التي أرادها القائمون على هذا المهرجان أن تكون سهرة فنية مغاربية بامتياز تكون الكلمة فيها للألحان والايقاعات المغاربية وذلك من خلال استضافة عدد من نجوم الاغنية المغاربية وهم على التوالي الفنان الشيخ حسن العريبي من ليبيا والفنان المطرب عبد الهادي بلخياط من المغرب والفنان إيدير من الجزائر والفنانة معلومة بنت الميداح من موريطانيا والفنانة نبيهة كراولي من تونس. طرب... وتنويع الحفل انطلق في حدود الساعة السادسة مساء بمعزوفة موسيقية من التراث الغنائي التونسي الاصيل (موسيقى أغنية في الغربة فناني) للمطربة صليحة التي أعاد توزيعها موسيقيا الموسيقار وناس خليجان... هذا المدخل الموسيقي الذي أمنته فرقة موسيقية يقودها بحرفية واقتدار المايسترو كمال الفرجاني عقبته وصلة غنائية أولى اقترحها على الجمهور الحاضر الفنان الليبي الشيخ حسن العريبي الذي يعد أحد رواد الأغنية في ليبيا... الفنان حسن العريبي اختار أن يشنّف أسماع الحاضرين بوصلات من المالوف والموشحات وكأنه بذلك يريد أن يوجه الموسيقيين والفنانين الشبان الذين شاركوا في الدورة 19 لمهرجان الموسيقى التونسية إلى ضرورة النهل من هذا المعين الموسيقي الاصيل والراقي المتمثل في المالوف والموشحات... الفنان الشيخ حسن العريبي أدى من بين ما أدى قصيد «المنفرجة» لأبي الفضل يوسف بن محمد بن يوسف التوزري المعروف بابن النحوي وقد أبان من خلال أدائه الجيد له عن سعة تمكنه وقدرته على التعاطي موسيقيا مع القطع الشعرية والغنائية ذات الواقع البلاغي واللغوي... فضلا عن قدراته الصوتية الهائلة التي نرجو من الله أن يحفظها عليه وأن يديم عليه نعمة الصحة والعافية ليواصل أداء مهامه الفنية النبيلة بوصفه مرجعا موسيقيا مغاربيا نفيسا وأصيلا... عبد الهادي بلخياط... ذلك العملاق الوصلة الغنائية الثانية في حفل اختتام الدورة 19 لمهرجان الموسيقى التونسية كانت بإمضاء المطرب المغربي الكبير عبد الهادي بلخياط الذي يحظى بشعبية كبيرة لدى الجمهور التونسي نظرا لتميز - لا فقط - أغانيه ذات الطابع المغربي الأصيل ولكن أيضا لجمال صوته الرجالي وتفاوته... المطرب عبد الهادي بلخياط غنى من بين ما غنى أغنية «يا بنت الناس أنا فقير» الشهيرة فكان أن تفاعل معه الحضور أيها تفاعل... نبيهة كراولي... التونسية الاغنية التونسية في هذا الحفل الفني المغاربي كانت ممثلة في الفنانة التونسية الاصيلة والمثقفة نبيهة كراولي صاحبة الاداء الغنائي والحضور الركحي المتميز... نبيهة اختارت أن تقترح على الجمهور الحاضر باقة من أغانيها القديمة نسبيا... فكان أن غنت - من بين ما غنت - «محلاها كحلة الأنظار» وأغنية و«آش عجبه فيها» إلى جانب مختارات من التراث الغنائي التونسية «هزّ عيونك»... الفنانة نبيهة كراولي أكدت - مرة أخرى - أنها صوت غنائي تونسي له خصوصياته وأنها فنانة تونسيةأصيلة ومتميزة لا تشبه أحدا ولا يشبهها أحد من الفنانين والفنانات... معلومة بنت الميداح... وإيدير أما الفنانة الموريطانية معلومة بنت الميداح والفنان الجزائري إيدير فقد قدما مقترحاتهما الغنائية كل في القالب والشكل الذي اشتهر به... ففيما غنت معلومة بنت الميداح مثلا - من بين ما غنت - أغنيتها الشهيرة «حبيبي حبيتو» قدم إيدير مختارات من أغانيه باللغة الامازيغية... وقد وجدا القبول الحسن من طرف الجمهور الحاضر - عموما -... جوائز مستحقة عملية الإعلان عن نتائج مختلف مسابقات الدورة 19 لمهرجان الموسيقى التونسية لم تمثل كما هي العادة في سابق الدورات «لحظة احتجاج جماهيري»... وذلك لأنها - من ناحية - جاءت «متقطعة» في الزمن ولأن النتائج والجوائز المعلنة - من ناحية أخرى - بدت منطقية ومستحقة (بفتح الحاء). نتائج المسابقات I أغنية 2007: * الجائزة الأولى: - أنا لا أنام (المنصف المزغني - فوزي بن علية - غزوة إبراهيم) * الجائزة الثانية: - أول حب (علي الورتاني - أمين القلسي - مروى قريعة) II الأغاني المنتجة خصيصا للمهرجان * الجائزة الأولى: - يالايمين (المولدي حسين - خالد سلامة - رحاب الصغير) * الجائزة الثانية: - لايمة (الجليدي العويني - سمير شعير - إيمان الشريف). III جائزة أفضل أداء: - حسين الدهماني IV جائزة أفضل كلمات: - محمد الغزي V جائزة أفضل لحن: - حجبت VI المجموعات الموسيقية الشابة: * الجائزة الأولى: مجموعة قاربيز * الجائزة الثانية: حجبت VII المعزوفات الموسيقية: * الجائزة الأولى (مناصفة) - لقاء الاطلس (عطيل معاوي) - أخي (نوفل بن عيسى) * الجائزة الثانية (مناصفة) - الضهار (أنيس القليبي)