تونس الصباح ما من شك في أن المتابعين لنشاط الساحة الفنية على امتداد الموسم الثقافي المنقضي بما فيه فترة المهرجانات الصيفية والسهرات الرمضانية قد لفت انتباههم غياب الفنانة نبيهة كراولي التي لم يكن لها أي حضور أو نشاط فني خلال هذه الفترة الطويلة نسبيًا خاصة أن هذه الفنانة ليست مدرجة أو مصنفة عادة ضمن قائمة «الكسالى» من الفنانين والفنانات أي أنها ليست من أولئك الذين يعيشون و«يقتاتون» من قديم الإنتاجات الغنائية سواء كان هذا القديم من رصيدهم أو على ملك غيرهم... والفنانة نبيهة كراولي التي برزت كمطربة خلال ثمانينات القرن الماضي ضمن مجموعة عروض موسيقية غنائية نوعية، تنهل من التراث (عرضا «القنطرة» و«النوّارة العاشقة») مع سمير الشيشتي وأنور ابراهم مما جعلها تقتلع لنفسها سريعًا مكانة بارزة ضمن قائمة الفنانات الأكثر شهرة... فمن خلال مجموعة أغانٍ «طريفة» ومبتكرة في كلماتها و«مواضيعها» وحتى على مستوى اللحن وبأسلوب تعبيري في الأداء بل أسلوب مسرحي في أحيان كثيرة، أصبحت الفنانة نبيهة كراولي واحدة من أشهر المطربات التونسيات من بنات جيلها (صوفية صادق، أمينة فاخت، علياء بلعيد...) بل لعله يمكن القول إن نبيهة كراولي تميزت عن بنات جيلها من الفنانات اللاتي ذكرنا أو لم نذكر بأنها لم تكن تشبههن في شيء، فهي وعلى الرغم من ثقافتها الموسيقية العالية قد ظلت حريصة على أن تنطلق من حيث يجب أن تنطلق أي من نقطة البداية المنطقية من التراث الغنائي التونسي فهي لم «تتجرأ» في بدايتها، بل لعلها لم تكن تريد أن تُعرف أصلاً بأنها تجيد أداء أغاني أم كلثوم من القدامى أو ملحم بركات أو غيرهما، بل أصرت منذ أول ظهورها لها على أن تكون متجذرة في الموروث الغنائي والموسيقي التونسي فغنت من التراث أول ما غنت «شفتك مرة متعدية» على سبيل الذكر وذلك قبل أن تنتقل إلى أداء إنتاجها الغنائي الخاص الذي بدا بدوره في مجموعه إنتاجًا غنائيًا أصيلاً وذا هوية.. أغنية «فالولي جاي» أو أغنية «ما عرفتش واش عجبه فيها» على سبيل الذكر لا الحصر نجمة مغاربية! وإذا كانت قد أتت على الفنانة نبيهة كراولي فترة من الزمن وجدت فيها نفسها ولأسباب عائلية مقيمة لفترة طويلة خارج الوطن، فإنها بمجرد أن عادت، عاودت الظهور على الساحة الفنية.. بل إنها حرصت على أن يكون لها حضور في ذات الفترة ضمن بعض التظاهرات الثقافية (مهرجان قرطاج الدولي صيف 2007) فضلاً عن حفلات أخرى عامة أو في إطار حصص ومنوعات تلفزيونية مختلفة على امتداد سنة 2008 اللافت هنا أنه، وفيما كان يُنتظر أن يتواصل حضور هذه الفنانة الموهوبة والمثقفة على الساحة الفنية وأن تتعزز بعد عودتها قائمة إنتاجاتها الغنائية الخاصة بأغانٍ جديدة ونوعية، فإنها «اختفت» مرة أخرى إذ ومنذ ما يقارب السنة لم يعد لها أي نشاط على الساحة.. فقد غابت وغابت بالكامل أخبارها... وإذا كانت بعض الأخبار المستقاة من محيط الدائرة القريبة من نبيهة كراولي تقول إنها مقيمة هذه الأيام بالقاهرة، فإن ما هو مؤكد أكثر أن هذه الفنانة قد كانت لها خلال الأيام القليلة الماضية مشاركة في «مهرجان الموسيقى والأغنية الحضرية» الذي ينتظم سنويًا بمدينة عنابة الجزائرية في الفترة ما بين 1 إلى 9 سبتمبر.. الأصداء عن هذا الحفل تفيد بأن مشاركة نبيهة كراولي كانت ناجحة ومتميزة إذ استحسن جمهور هذه الدورة الرابعة حضورها وصفق وتفاعل مع فقرتها الغنائية التي اشتملت على مجموعة أغانٍ اشتهرت بها نبيهة كراولي ونالت النجاح في تونس مثل «شفتك مرة متعدية» و«فالولي جاي» و«ما عرفتش واش عجبه فيها» و«البرّيمة» فضلاً عن أدائها ضمن ذات الفقرة لأغنيتين من أغاني الفنان الجزائري الكبير رابح درياسة «نجمة قطبية» و«الممرضة». فهل تعود إلينا نبيهة كراولي الغائبة حاليًا عن تونس والمقيمة خارجها الأرجح بالقاهرة هل تعود إلينا من هناك نجمة مغاربية؟ في انتظار أن تكون في يوم من الأيام ولم لا؟ نجمة عربية بأتم معنى الكلمة، وهي القادرة على ذلك...