العاصمة: بعد تنفيذه لبراكاج وسلبه أموال وأمتعة مواطن...منحرف خطيرة في قبضة الامن    إحالة رجل أعمال في مجال تصنيع القهوة ومسؤول سام على الدائرة الجنائية في قضايا فساد مالي ورفض الإفراج عنهما    غدا.. قطع الكهرباء ب3 ولايات    ورشة عمل دولية حول علوم المياه والبيئة يومي 15 و 16 ماي 2025 بقرطاج    بداية من الاثنين: انطلاق "البكالوريا البيضاء"    دقاش: شجار ينتهي بإزهاق روح شاب ثلاثيني    "البيض غالٍ".. ترامب يدفع الأمريكيين لاستئجار الدجاج    بعد منعهم من صيد السردينة: بحّارة هذه الجهة يحتجّون.. #خبر_عاجل    البنك الوطني الفلاحي: توزيع أرباح بقيمة دينار واحد عن كل سهم بعنوان سنة 2024    الكلاسيكو: الترجي يحذر جماهيره    بداية من الثلاثاء: انقطاع مياه الشرب بهذه الضاحية من العاصمة.. #خبر_عاجل    تنويه واعتذار    تعيين مدير عام جديد على رأس "بي هاش" للتأمين    عاجل/ سرقة منزل المرزوقي: النيابة العمومية تتدخّل..    وزير التربية يؤدي زيارة إلى معرض الكتاب بالكرم    سوسة: القبض على شخص مصنف خطير وحجز مواد مخدرة    الحج والعمرة السعودية تحذّر من التعرُّض المباشر للشمس    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    الحكومة الإيرانية: نخوض المفاوضات مع واشنطن لأننا لا نرغب في نزاع جديد بالمنطقة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ البحر يلفظ جثثا في صفاقس    بطولة الكويت : الدولي التونسي طه ياسين الخنيسي هداف مع فريقه الكويت    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    سعيّد يُسدي تعليماته بإيجاد حلول عاجلة للمنشآت المُهمّشة    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    افتتاح مهرجان ربيع الفنون الدّولي بالقيروان    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    التوقعات الجوية لليوم السبت    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بمشروع مدني بيئي وثقافي    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    تعزيز مخزون السدود وتحسين موسم الحبوب والزيتون في تونس بفضل الأمطار الأخيرة    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    طقس اليوم: أجواء ربيعية دافئة وأمطار رعدية محلية    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسأل الحكام الحاليين إن كانوا مستعدين لقبول مبدإ التداول على السلطة
خاص :المفكر عبد المجيد الشرفي ل«الصباح»
نشر في الصباح يوم 09 - 06 - 2013


سلوك النهضة حتى الآن لا ينبئ يخير
شبابنا حائر ولا يجد في ما ينشر ويذاع غذاءا روحيا يستجيب للمقتضيات المعرفية والوجودية
الحركات الإسلامية لها حنين إلى ماض مشرق ولكنه متوهم
جاهلون بالدين يريدون العودة بالمرأة إلى عصر الحريم
وزير التعليم العالي حركي في النهضة ولم يكتب حرفا في اختصاصه منذ مغادرته السجن ومواقفه تدل على سذاجة وجهل غريب
مشروع الدستور الحالي أفضل مما سبق ولكنه ملغّم
اصلاح المنظومة التعليمية مرتبط بتوفر الإرادة السياسية ولكن بالكفاءة أيضا
جاهلون بالدين يريدون العودة بالمرأة إلى عصر الحريم
حوار اسيا العتروس
رغم أنه ترك الجامعة منذ سنوات فان حنينه اليها جعله على موعد مقدس مع رواد "جامعة 9 أفريل" من طلبة وأساتذة وباحثين إذ اختار المفكر والاكاديمي صاحب القراءات النقدية والدراسات العلمية عبد المجيد الشرفي أن يكون يوم الخميس موعده الأسبوعي في مكتبه المتواضع بالطابق الثاني من ذلك الصرح الجامعي, حيث يعتريك إحساس بأن قول الشاعر "قم للمعلم وفه التبجيلا" لم يتجاوزه الزمن وأن له موقعا لدى الكثير من أبنائه من الأساتذة الجامعيين ممن اشتعل رأسهم شيبا والذين يوقرونه حق قدره ويتوقفون عند مكتبه للحديث اليه. عبد المجيد الشرفي العائد من رحلة أمريكية لا يتوقف عن مفاجأتك بالنظر الى حجم نشاطاته ومشاركاته في الندوات والملتقيات الدولية التي ترتبط بالاجتهاد في الإسلام ففي جامعة كولومبيا كان موضوع محاضرته حول الصلاة في مفهومها الانتروبولجي، وهو يستعد لتصوير برنامج لقناة "ارتي"حول الآيات المتعلقة بالمسيحية في سورة آل عمران كما يفتتح منتصف الشهر ندوة بجامعة 9 افريل حول"الوجه في علاقة بالهوية والتواصل" في اطار ملتقى للفلاسفة .
د عبد المجيد الشرفي وهو أحد أبرز المختصين في دراسة الحضارة العربية الإسلامية والديانات المقارنة والعلوم الإنسانية الذي في رصيده قائمة من الكتابات بينها "الإسلام والحداثة "وتحديث الفكر الإسلامي" والفكر الإسلامي في الرد على النصارى وغيرها من الكتابات التي أثارت ولا تزال تثير حول صاحبها الكثير من الجدل تحدث ل"الصباح" في لقاء خاص حول مختلف تحديات المرحلة في علاقة بالإسلام السياسي وشباب تونس في بحثه عن بوصلة تحدد له طريقه الى المستقبل في ظل الغموض السياسي كل ذلك الى جانب مواقفه النقدية وارائه واقتراحاته أيضا إزاء ما تعيشه البلاد من تحولات متسارعة لا سيما عندما يتعلق الأمر بمجال اختصاصه: البحث والاجتهاد والسعي لاصلاح الجامعة والمنظومة التربوية...وفي ما يلي نص الحديث .
*نلتقي في رحاب هذا الصرح الجامعي الوطني بكل ما يمثله اليوم من تناقضات اجتماعية ولكن أيضا من تطلعات لشباب ممزق بين مظاهر ما كان لها موقع في المشهد القائم مثل ظاهرة فيمن والنضال بصدور عارية والتي نجحت في تحويل الأنظار عن القضايا المصيرية في البلاد الى ظاهرة الطالبات المنقبات وفئة أوسع من الشباب الذي اختار ترك الجامعة الى الجهاد والموت في سوريا بحثا عن هوية تائهة في خضم المناخ الجديد من الحرية بعد الثورة فكيف ينظرالأستاذ الذي قضى أكثر من ثلاثة عقود في التدريس والتعامل مع الشباب إلى هذا الواقع ؟
-أولا أنا لم أعد أدرس وقد غادرت الجامعة منذ فترة ولكني آتي الى مكتبي هذا كل يوم خميس لألتقي بعيدا عن البروتوكولات في مكتبي المتواضع بالزملاء والأساتذة والطلبة ,أما ما نتحدث عنه بشأن كل المظاهرالمتناقضة في أوساط الشباب والطلاب فتلك مسألة على درجة من التعقيد فنحن في فترة ضعف الدولة , وضعف الدولة يتجلى في عديد المظاهر ومنها أن تعليمنا في أزمة كما أن سياستنا العامة غير واضحة , نحن في مرحلة انتقالية ولا نعرف في أي اتجاه تسير المرحلة , هناك تأثير واضح ولايمكن انكاره للمال الوهابي والخليجي الذي يمول الحركات المتطرفة سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة , وهذا مفهوم لأن الأنظمة الخليجية تخاف العدوى وتخاف نجاح التجربة الديموقراطية في تونس أو في أي بلد عربي آخر وشعوبها ستطالبها بالديمقراطية حينئذ.
هناك أيضا أسباب بعيدة فالفكر الإصلاحي الذي كان سائدا في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين قد وصل الى منتهاه ولم يعد قادرا على الاستجابة لمتطلبات الحياة المعاصرة ,لهذا نشأ على يمينه تيار آخر وهو تيار حركات الإسلام السياسي وهذه الحركات ممثلة بالخصوص في حركة الاخوان المسلمين وقد التقت مع الوهابية ونشأ عن ذلك وضع يتسم بالحيرة لدى الشباب لانهم لا يجدون فيما ينشر ويذاع وما هو موجود في القنوات الفضائية غذاءا روحيا ويستجيب لمقتضيات المعرفة أولا ولكن كذلك للمقتضيات الروحية والوجودية , وهذا الفراغ تملأه حركات الإسلام السياسي التي لا يمكن أن نقول عنها انها حركات لها حنين الى ماض مشرق ولكنه متوهم لا صلة له بالتاريخ كما هو ولذلك هذه الظاهرة التي نتحدث عنها اعتبرها ظاهرة عابرة ,ويوم تسترد الدولة عافيتها ويوم أن تمكن الشباب من آفاق واقعية ويمكن تحقيقها أي انها تبعده عن الأوهام هو الآن ضحية لها ,بالطبع هذا الحنين الى ماض متوهم أو متخيل سيبقى ولكنه سيكون هامشيا باعتباره مثل التطرف المعاكس لا يعبر عن أهم ما يعتمل في المجتمع .لابد اذن من التعود على تمكينه من التعبير عن نفسه ولكن في الآن نفسه لا بد من أن يكون القانون هو الفيصل وألا يسمح للحركات المتطرفة أيا كانت بأن تحتل وسط الميدان لانها أي من هذه الحركات اذا ما سمح لها باحتلال وسط الميدان فإنها تلجأ الى وسائل العنف كما نلاحظه هذه الأيام.
*ولكن أصحاب القرارفي البلاد اليوم يعتبرون أن في ذلك عودة لأساليب نظام بن علي وأن هؤلاء الشباب مهما بلغ به التطرف ومهما كانت تصرفاتهم تونسيون ولم يأتوا من المريخ وبالتالي لا مجال للصرامة في التعامل معهم فمناخ الحرية الجديد بعد الثورة يفترض أن لهم الحرية في التعبيرعن خياراتهم بالطريقة التي يريدونها أيضا فما تعليقك على ذلك ؟
-هذه مغالطة كبرى وذلك لسببين أولها أن الحرية لا تعني الفوضى , والحرية لا يمكن ممارستها الا في نطاق القانون الذي ينطبق على كل المواطنين بلا استثناء و السبب الثاني هو أن الحرية لا يمكن فصلها عن القيم الأخرى التي جاءت في الإعلان العالمي لحقوق الانسان و من أهم هذه الحقوق الملازمة للحرية نجد المساواة بين الجنسين و لكن أيضا المساواة في أنه لا أحد يعتبر مكلفا عن غيره بمعنى أن يفرض على غيره ما يراه هو مصلحة عليا ,الذين يكفرون الناس هؤلاء يعتبرون أنفسهم مؤهلين للقيام بهذه العملية و هذا مناف للحرية فأنت لست حرا في أن تكفر الناس وفي الدعوة للعنف و التمييز هذه حدود الحرية لانها لا تنبغي أن تكون الا منسجمة مع الحقوق الأخرى , ولهذا أقول دائما ان النساء اللائي يضعن الخمار منهن من يعتبرن ذلك من باب الامتثال لحكم ديني الاهي هؤلاء لا نقاش معهن الا من حيث أن تأويلهن للآية المعتمدة وبالخصوص سورة النور هوتأويل خاطئ و أن هذا التأويل يدعو النساء فقط الى عدم كشف صدورهن في معنى الآية "وليضربن بخمورهن على جيوبهن ",أما ما يعتبرنه حكما الاهيا فهو تأويلات بشرية اقتضته ظروف مجتمعات قبل الحديثة انتشرت فيها العبودية ولا تشارك المرأة فيها في الفضاء العام ,هذا بالنسبة لمن يدعين وضع الخمار لهذا السبب ,أما اللواتي يدعين أنهن يمارسن حرية وهي قيمة حديثة من قيم حقوق الانسان فهؤلاء لا يحق لهن ذلك لان الحرية بلا مساواة لا معنى لها ,فحين يفرض الخمار مع الرجال ويتساوين في ذلك مع الرجل يكون للحرية معنى ,أما أن يفرض على النساء دون الرجال ففيه تمييز وهو مناف للمساواة.
*ونحن في صدد الحريات كيف تقرأ المسودة الأخيرة للدستور وماذا عن واقع ومستقبل الحريات فيه ؟
-مشروع الدستور في صيغته الحالية أفضل من المسودات الثلاث التي سبقت لكنه مشروع ملغّم لان هذا المشروع يعتبر الإسلام دين الدولة وفي هذا مغالطة كبرى كذلك , لأن الإسلام لا يكون الا دين الافراد وليس المؤسسات ولا معنى لان تكون مؤسسة وهي هيئة اعتبارية مؤسسة إسلامية أو مسيحية أو يهودية فالفرد أي الرجل أو المرأة يمكن أن يكون مسلما وعدا ذلك لا معنى لهذا الكلام..السبب الثاني الذي يجعل هذا المشروع دون طموح التونسيين أنه يمكن رئيس الجمهورية من تنظيم استفتاء يتعلق بالأحوال الشخصية ويفتح الباب على التراجع في عدد من أحكام مجلة الأحوال الشخصية .السبب الثالث أن هذا المشروع في أحكامه الانتقالية سيجعل المشرع في حل من الارتباط بالضوابط الدستورية. ثم ان بعض الاحكام في الدستور هي محل استغراب فما معنى حق التونسيين في الماء ولم لا حقهم في الهواء و الفضاء والسير في الشوارع أيضا , واضح أن محرري الدستور نقلوا عن الدستور المصري الذي يشير إلى الحق في ماء النيل دون أن يحملوا أنفسهم مشقة البحث.
* ولم لا يتم التأكيد على حق التونسيين في الماء بالنظر الى التقارير الدولية التي تؤكد أن المنطقة مقبلة على أزمة مياه إن آجلا او عاجلا وان في ذلك مثلا ضمانا لحق التونسي في حصة من الماء في كل الحالات , ثم بالنسبة لمسألة الإسلام دين الدولة ألا يعد ذلك ضمانة للمؤسسات الدينية و المساجد التي باتت مستباحة اليوم وتحول بعضها الى مخازن للسلاح بعد أن باتت منابرها تحت سيطرة المتشددين الذين يحرضون على العنف والإرهاب فكيف يمكن تجاوز ذلك ؟
-كان بالإمكان في ما يتعلق بالماء الإشارة الى ذلك علنا ولكن ما حدث أنه وقع نقل ما جاء في الدستور المصري وهذه مهزلة , هناك أيضا المسألة المتعلقة بالمحكمة الدستورية بالإضافة الى ما في التوطئة بالخصوص من عبارات فضفاضة ومنها أن السلطة القضائية ليست سلطة كاملة الاستقلال عن السلطتين التنفيذية والتشريعية , وهذه في اعتقادي أهم المآخذ الى جانب طبعا المآخذ المتعلقة بحرية الصحافة والميل الواضح للحد منها , مجمل هذه الملاحظات تجعل الدستور دون المأمول .
* ولكنه استنزف حتى الآن أكثر من 33 مليارا حسب ما يروج . ..
-المسألة ليست مادية.. المشكل وما سبق ان قلته , أغضب الكثرين فهناك في المجلس من النواب والنائبات من هو غير مؤهل للقيام بهذا العمل , تابعت بعض النقاشات وفي اعتقادي فإنه واضح لكل ملاحظ أن هناك مستوى من التفكير والنقاش لم يتوفر في هؤلاء النواب.
* ولكن هذه نتائج صناديق الاقتراع وقد طلبنا الاحتكام للعبة الديموقراطية؟
-هذا أيضا ليس مرتبطا بنتائج الانتخابات فقط بل كذلك بالطريقة التي توخاها المجلس منذ البداية عندما اختارالانطلاق من الورقة البيضاء كان هذا خطأ وكان ينبغي الانطلاق من دستوري تونس 1861 و 1959 للبناء وتقويم ما فيهما في ما يتعلق بالحقوق والحريات و ما لا يستجيب لمقتضيات النظام الديموقراطي ولكن الحقيقة أن الانطلاق من الورقة البيضاء جعل المشروع هجينا وفيه أحكام تدعو للاستغراب كما سبق وأشرت .
هناك أيضا المسألة المتعلقة بأن الإسلام دين الدولة و للتوضيح فان هذا مفهوم حديث ولا وجود له في نصوص التراث الإسلامي على امتداد 14 قرنا حتى جاء الاخوان وزعيمهم البنا وهو معلم بسيط جاء بهذا الشعارأن الإسلام دين ودولة ومصحف وسيف ولكن الإسلام ليس دولة ولا سيفا وهذا الشعارالذي تبنته حركات الإسلام السياسي والمقصود منه تطبيق أحكام الفقهاء خصوصا فقهاء عصور الانحطاط أعود مثلا للحديث عن الصلاة والمواقف من امامة المرأة للصلاة نساء أو رجالا وكأن هذا أمرا قائما وموجودا في القديم وتحدث ابن عربي على ذلك صراحة وكذلك فعل فقهاء قبل حتى ابن عربي لكن هذا الموقف اصبح مغمورا تماما في عصورالانحطاط وأصبحت المرأة ممنوعة من الامامة في المذاهب الفقهية السائدة وهناك من يجيز امامتها للنساء دون الرجال او في النوافل ودون الفروض, وهؤلاء اليوم يجهلون مكانتها في التراث الإسلامي ويريدون العودة بالمرأة الى عصر الحريم ولهذا فان القضية قضية جهل بالدين , والذين يتكلمون باسم الإسلام اليوم في أغلب الأحيان ثقافتهم الدينية تقتصرعلى ما تلقوه في المدارس الابتدائية أو المعاهد أو الادبيات الاسلاموية لكنهم يجهلون التراث التفسيري والفقهي في تنوعاته وثرائه وفي ما لا يمكن تحنيطه على الطريقة التي نشاهدها الآن, وهذا يعود الى قاعدة عامة انهم يكررون ما حفظوه وفي كل عملية تكرار هناك تدن وتراجع عما أعيد انتاجه في السابق سواء في المعرفة الدينية أوغيرها من المعارف وهذا يحيلنا بدوره الى تحديد مفهوم العلم ومكانة العالم في عصرنا ,فالعلم ليس ترديد ما قاله السلف أو بعضه فقط العلم اليوم و قبل كل شيء وعي بأن من تصله معلومة ما انما يعيد انتاجها اما بطريقة أمينة أو أن يعيد انتاجها ولكن بالتقليص من مدلولها وهذا واضح في كتب أصول الفقه أو أنه يفهم هذه المعلومة ويضعها في سياقها التاريخي ويقيمها بما يتلاءم وقيم العصر, مفهوم العلم مسؤول عن هذه التوجهات والتي يكثر فيها ترديد القول قال تعالى قال الرسول ,التعليم التونسي في بداية الاستقلال توجه نحو مفهوم حديث للعلم و لكنه انحدر شيئا فشيئا الى المفهوم التقليدي و كان ذلك منذ أواسط السبعينات حين انتشر مفهوم الآصالة والتصدي للغزو الثقافي الاجنبي وغير ذلك من الشعارات الجوفاء .
*وماذا عن مسألة العلاقة بين الدين والدولة والانفلات الحاصل في عديد المساجد وما يستوجبه من تدخل الدولة؟
-هذا أيضا من علامات ضعف الدولة , الدولة القوية ليست بالضرورة الدولة المستبدة بل هي قوية بتطبيق القانون على كل من يدعو للعنف في حلقة دعوية أو في خيمة أوغيرها من المنابر وعندما لا يطبق القانون يحدث ما يحدث من ظواهر يذهب ضحيتها شبان يغرربهم ويجهلون ما وراء الرهانات على تلك الخطابات التي لها صلة بالمصالح الجيوستراتيجية وحتى الشخصية , هؤلاء الدعاة يكتسبون نوعا من الهيبة لمجرد إطالة اللحية ووضع العمامة والقميص هذه المكانة الاجتماعية أيضا مصلحة يدافع عنها الدعاة لان المصالح ليست مادية فحسب ,وما تسمح به الدولة الآن في المساجد لا شك أنه لا يمكن أن يستمرلانه مخالف لابسط القواعد لا القانونية فقط و لكن لمقتضيات المواطنة ولا ننسى أن الشباب لا يمكن أن يساهم في هذه المواطنة الا اذا كان مستقل الشخصية وغير واقع تحت سلطة خارجية سواء كانت سلطة السياسي والمفتي أو الداعية وشبابنا لم يهيئ ليكون مستقل الشخصية ومن هناك فان تطبيق القانون واستقلالية الشخصية ركيزتان للديموقراطية .ومن ناحية أخرى فان هؤلاء الذين الذين استولوا على المساجد وأطردوا الأيمة الذين كانوا يؤمون الناس بالقوة وهم لم يفعلوا ذلك لوجه الله وانما هناك قوى اقتصادية تمولهم في الداخل و الخارج و من هنا فان دولة تحترم نفسها ويدين سكانها بالإسلام يفترض أن المشرفين على المساجد موظفون لديها فلا يجوز لهم أن يدعوا الى ما يخالف قوانينها .المشكل اليوم وخلافا لما حصل في أوروبا ان الإسلام كان موظفا لخدمة الحكام لاضفاء مشروعية على استبدادهم و لذلك هو يبحث اليوم عن الاستقلال عن الحاكم بينما في أوروبا كان الدين يتحكم في أجهزة الحكم التي سعت الى التخلص من هيمنة الدين ولكن الذين يسعون الى تحرير الدين من تسلط الحكام ليس لهم أنموذج ينسجون عليه و لذلك فان خطابهم خطاب فوضوي أكثر مما هو معقلن وله أهداف عملية واضحة.
*هل من مجال اليوم للحديث عن دورالمثقف والنخبة في هذه المرحلة التاريخية الحساسة التي تعيشها تونس؟
-لا بد من النظر الى هذا الموضوع بكل واقعية سواء تعلق الأمر بتونس أو بأي بلد أخرلا يمكن للمثقف أو للنخبة بصفة عامة أن تؤدي الدور الذي كانت تؤديه قبل انتشار وسائل الاتصال الحديثة , وهذا يجعلنا نعيش فترة مخاض ولابد أن يحصل في هذا المجال كما في المجالات الأخرى نوع من التوازن بين الآراء الشائعة و بين الآراء التي تستحق الانتشار والتي تفرض نفسها مع مرور الزمن على أوسع الفئات الاجتماعية , هذه الظاهرة هي ظاهرة مدروسة ومعروفة في علوم الحياة ولكنها تنطبق على المجتمعات كنوع من التعديل الذاتي وهذا يحصل اثر كل تحول ولا ينبغي بالتالي النظر الى الواقع بمنظار الماضي ولا يمكن فهم حقيقة الوضع الذي نعيشه أوتعيشه المجتمعات الأخرى إذ أن كمية المعلومات التي تصل المواطن كل يوم يمكن أن نضيع بينها ولذلك نحتاج هذا التعديل الذاتي .
* كيف يمكن تفسير الميزانية المخصصة لوزارة التعليم العالي وبين ما يخصص لوزارة الشؤون الدينية ؟
-المشكلة في التعليم العالي ليست الميزانية فالوزير الحالي همه الوحيد الدفاع عن النقاب أما المشاكل الحقيقية التي تعيشها الجامعة فأبعد من أن يكون مؤهلا لفضها , وهو رجل حركي في النهضة ومختص في الرياضيات ولكن منذ خروجه من السجن لم يكتب حرفا واحدا في اختصاصه ومواقفه تدل على سذاجة بل جهل غريب ولذلك لا يمكن أن ننتظر منه أي اصلاح مهما كانت الميزانية المخصصة لوزارة التعليم العالي الذي يحتاج الى اصلاح جذري كي يتعافى وهذا الإصلاح يجب أن يشمل المنظومة التعليمية كلها ويحتاج بالخصوص الى إرادة سياسية في إحلال مجتمع المعرفة , واذا كانت هذه الإرادة متوفرة فان الجامعة ستكون مؤهلة قبل غيرها لتصل الى هذا النوع من المجتمع .المسألة الثانية وتتعلق بالمستوى الذي بات عليه الطلبة والذي لا يؤهلهم الى تعليم جامعي بأتم معنى الكلمة كما أن نسبة التأطير في الجامعات التونسية من أضعف النسب في العالم ونصف الذين يدرسون في الجامعة لا ينتمون الى أي صنف من أساتذة الجامعة وهم اما متعاقدون أو ملحقون أو منتدبون وهذا حسب الاحصائيات الرسمية .والسؤال هل أن السيد الوزير قادر على القيام بعملية الإصلاح ؟ هذا يستوجب إرادة سياسية نعتبر أنها غير متوفرة في الوقت الراهن وهذا قلته عديد المرات , وعندما نتحدث عن مشكلة البطالة فان الخريجين العاطلين عن العمل ليسوا مكونين تكوينا متينا ولو كانوا كذلك لما ظلوا عاطلين , المشكلة لا تتوقف عند عدد حاملي الشهادات الجامعية فقط ولكن في نوعية ومستوى التكوين ,ليس سرا أن لدينا اليوم من أصحاب الشهادات الجامعية من هو عاجز عن كتابة صفحة بأي لغة من اللغات بدون أخطاء والقضية أيضا ليست في الجامعة فقط بل في المنظومة التعليمية كلها والدراسات التي نشرت في العقد الأخير وتقارير"بيزا" التي صدرت في 2003 و 2006 و 2008 والتي تهم مستوى التلاميذ في سن 15 من ستين دولة تضع تونس في آخر القائمة في التقارير الثلاثة وبالتالي فان المسألة ليست مسألة إمكانيات فقط فهناك دول أخرى تنفق أقل مما تنفقه تونس ونتائجها أفضل ويوم تتوفرالإرادة السياسية والكفاءة يمكن أن نأمل في انقاذ المنظومة التعليمية.
* بالنظرالى الوضع الراهن هل تعتقد أن حالة المخاض التي أشرت اليها ستستمر طويلا ؟
-لا أستطيع التنبؤ بذلك ,كل الاحتمالات واردة ولكني متفائل على المدى المتوسط ولكن أخشى أن تتفاقم الصعوبات التي تعيشها تونس منذ الثورة وبالخصوص في جانبها الاقتصادي لانه لاعودة للإنتاج بدون استثمار ولا استثمار بدون وضوح السياسة , ومنذ الثورة ليس هناك سياسة واضحة للدولة في كل المجالات حتى الآن. الامر يتعلق بسؤال رئيسي هل أن الحكام الحاليين مستعدون لقبول مبدإ التدوال على الحكم وسيبقى السؤال مطروحا لانه لا سابقة لنظام يريد لنفسه أن يكون إسلاميا وتخلى عن الحكم بعد انتخابات حرة ونزيهة. ولكن هذا لا يعني أنه محكوم علينا بأن لا يتوفر هذا الانتقال السلمي للسلطة لكن المخاطر موجودة و بالتالي ينبغي الحيطة والحذر وسلوك النهضة حتى الان لا ينبئ بخير.وهذا السلوك ويتمثل بالخصوص في تقديم الولاء على الكفاءة في حين أن الدولة العصرية تقوم على الكفاءة قبل كل شيء والأمثلة عديدة في هذا المجال .لكن من ناحية أخرى برهن المجتمع المدني في تونس على قدرته على التصدي لكل الظواهر السلبية في سلوك النهضة وهذا أمر يبعث على الامل ولكنه لا يكفي مادامت القوى الديموقراطية مشتتة وغير متفقة على برنامج أدنى ليس بالضرورة أن يكون محل اجماع ولكن على الأقل واضح المعالم وتتبناه شرائح عريضة من المجتمع.
* أود العودة من حيث انطلقنا ماذا يعني ان تحاضرفي جامعة كولومبيا الامريكية حول الصلاة وهل الامر مرتبط بالاسلاموفوبيا وبالقضايا المرتبطة بالاقليات المسلمة في أمريكا ؟
-اطلاقا , الندوة تتعلق بقراءة أنتروبولوجية للصلاة في كل الأديان وتهدف الى التعمق في فهم الصلاة كظاهرة مشتركة في الأديان بمدلولاتها المختلفة وهي من الأمور الموجودة في تراثنا في احياء علوم الدين المتعلقة بأسرار الصلاة كما في الفتوحات العربية لابن عربي الامر الذي لا نجده في الكتب الفقهية التي تحتوي أحكام الصلاة ,وهوما يعني أنه ليس هناك مواضيع محرمة أو تابوهات أو ممنوعات في البحث وانه في الجامعة تطرح كل المواضيع في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية أو العلوم الصحيحة والمسلمون في أمريكا من الأقليات التي تتمتع بكل حقوقها ولا صلة لها بالظواهرالسياسية الخاصة بأمريكا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.