بودربالة يلتقي ممثّلين عن أعوان الإعتمادات المفوضة بوزارة الداخلية    عاجل/ هذا الملف يمثّل 61% من الحالات التي عالجتها لجنة التحاليل المالية    عاجل/ خبير بيئي يؤكّد: بحر قابس سيسترد عافيته خلال سنة في هذه الحالة..    غرق مركبهم قبالة سواحل سلقطة: إنقاذ 30 "حارقا" إفريقيّا وانتشال 40 جثة بينهم أطفال ونساء    نحو حفر 10 آبار جديدة لإنتاج النفط والغاز.. #خبر_عاجل    مدرب المنتخب الوطني للأصاغر: ثقتنا تامة في المجموعة المتوفرة للذهاب الى اقصى حد في المونديال    الجولة العاشرة لبطولة النخبة: الترجي والافريقي يحافظان على الصدارة    الليلة: أمطار رعدية وغزيرة بهذه المناطق..    عاجل/ القبض على شاب بحوزته 100 كيس "كوكايين"    سيدي بوعلي: سقوط تلميذ من فجوة باب حافلة مهترئة    تدخّل طبي نوعي لمعالجة تعفّن حاد في المرارة بهذا المستشفى الجهوي    دراسة تكشف أمراضا خطيرة وغير متوقعة تسبّبها أدوية الاكتئاب    الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة تُطلق طلب عروض لإعداد خطة استراتيجية للاستخدام الرشيد للطاقة في أفق 2035    طقس الليلة..كيفاش باش يكون؟    بن عروس : 25 عرضا ضمن برنامج المهرجان الاقليمي لنوادي المسرح ببن عروس    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    عاجل: زلزال بقوة 4.5 درجات يضرب هذه الجزيرة    بورصة تونس تنهي حصّة الإربعاء على منحى إيجابي    لكل تونسي: صغيرك مش مركّز وطاقة استيعابه ضعيفة؟ هذه أهمّ الأسباب    فحوصات العين تكشف مخاطر القلب قبل ظهور الأعراض!    إتحاد الفلاحة يقترح دعم زيت الزيتون عوض الزيوت النباتية.. #خبر_عاجل    عاجل/ الى جانب المنتخب الوطني: 3 تونسيين مرشّحين لجوائز ال"كاف" 2025    عروض سينمائية وموسيقية فرجوية متنوعة في الدورة الثانية من المهرجان الدولي للسينما في الصحراء    إلغاء مباراة برشلونة و الريال في ميامي...علاش ؟    عاجل: حالات اختناق جديدة بتلاميذ شط السلام في قابس بسبب غازات كيمياوية    الأشقاء يبقون أشقاءً: هكذا علّق قيس سعيد على الجدل بين تونس والمغرب حول التمور    عاجل : الإعلان عن القائمات النهائية لرخص التاكسي الفردي لولاية تونس    تونس تصنع الحدث.. ضمن أفضل 25 وجهة عالمية في 2026    سليانة: 100 تلميذ وتلميذة سجلوا بالمعهد الجهوي للموسيقي و الرقص خلال السنة الدراسية الجارية (مدير المعهد)    مدنين: تنظيم الدورة الثامنة لمهرجان "الغربوز" ببني خداش من 27 الى 31 اكتوبر    وزارة العدل: انتداب 196 عدل إشهاد و222 خطة للتناظر بين كتبة وكتبة مساعدين للمحاكم    قضية عبير موسي: هيئة الدفاع تكشف عن تطورات جديدة..#خبر_عاجل    عاجل: دعوة لدعم زيت الزيتون للتونسيين    عاجل-التفاصيل الكاملة لجريمة بنغازي: 7 أطفال ووالدهم ضحايا القتل    عاجل: وزارة الداخلية تعلن عن مناظرة خارجية ..هذه تفاصيلها    مدنين على إيقاع مسرح التجريب    جريمة قتل مروّعة بالمرسى: منحرفون يهشمون رأس عامل يومي بعد سلبه    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة الملعب التونسي    تونس ضمن أفضل 25 وجهة سياحية في العالم لسنة 2026    بعد خسارة نوبل.. ترامب ينال جائزة "مهندس السلام"    عاجل/ اصطدام عربتي المترو 5 و3: الكشف عن أسباب الحادث..    عاجل: واتساب ومسنجر يطلقو أدوات جديدة تحميك من التحيل الإلكتروني!    اللوفر في باريس يعيد فتح أبوابه بعد سرقة قياسية بقيمة 88 مليون يورو    دورة التحدي بريست بفرنسا للتنس: التوسي معز الشرقي يغادر من الدور السادس عشر    عاجل/ بلاغ هام للترجي الرياضي التونسي..    فتيات تونس يتألقن في أربيل... تتويج المنتخب للجودو بلقب البطولة العربية!    هل تريد يومًا منتجًا؟ لا تفعل هذه الأشياء الخمس عند الاستيقاظ    سقوط عشرات الضحايا في تصادم بين حافلتين في أوغندا    العدل الدولية تُصدر اليوم حكماً في قانونية منع إدخال المساعدات للقطاع    الكونغرس يلاحق بيل كلينتون في قضية إبستين المثيرة!    قيس سعيد: بلاغ استثناء المغرب من تصدير التمور غير مسؤول يقتضي الواجب مساءلة صاحبه    يوم الخميس مفتتح شهر جمادى الأولى 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    عاجل: مفتي الجمهورية: الخميس 23 أكتوبر أول أيام شهر جمادى الأولى 1447 ه    مصر.. اكتشاف تمثال ونفق يقرب العلماء من مقبرة الملكة كليوباترا    الدورة 28 للمهرجان الوطني لمسرح التجريب بمدنين مهداة لروح مؤسسها الفقيد أنور الشعافي    تأمينات البنك الوطني الفلاحي: رقم الأعمال يزيد ب9،8 بالمائة ويبلغ 136 مليون دينار موفى سبتمبر 2025    مواطنة من أمريكا تعلن إسلامها اليوم بمكتب مفتي الجمهورية!    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسباب والتداعيات
الاضطرابات في تركيا
نشر في الصباح يوم 16 - 06 - 2013

ما حدث في تركيا هو غيرالذي حدث في البلدان العربية كتونس ومصروليبيا وسوريا واليمن...
بمعنى ان السياقات والظروف التي قادت إلى هذه التظاهرات الواسعة هي غيرظروف البلدان العربية المذكورة على جميع المستويات؛ كما لا تبدوالمطالب هي نفسها ..فتركيا دولة ديمقراطية أسّست نظامها هذا بعد نضالات ومعاناة كبيرة جدا وتمكن شعبها من ترسيخ مؤسّسات دستورية وسياسية صُلبة . وتركيا دولة إقليمية كبيرة الحجم وكثيرة السكان ويتميّزمجتمعها بتعدّد الأعراق والديانات والمذاهب وبعراقة الدولة والمؤسسات والمجتمع المدني..
وموقع تركيا الجغرا سياسي متعدّد الأبعاد (جورجيا (252 كم)، أرمينيا (268 كم) ، إيران (499 كم)، أذربيجان (9 كم)، سوريا (822 كم)، العراق (352 كم)، اليونان (206 كم)، بلغاريا (240 كم). يدفعها بأن تكون لاعبا رئيسيّا في منطقة الشرق الأوسط ...لذلك فهي شديدة التأثربمتغيّرات محيطها الجغرافي وهي شديدة الارتباط باستراتيجيات الولايات المتحدة الأمريكية وباسرائيل سياسيا واقتصاديا وتقنيا وعسكريا(الصناعة والسياحة)..
في حكومة أوردغان الثانية، حددت تركيا لنفسها مشروعا واسعا مهّد له وزيرالخارجية الجديد البروفوسيرداوود أوغلوالذي كتب ،قبل تعيينه، كتابا حدّد فيه ملامح وأسس السياسة الخارجية التركيّة التي ترتكزعلى "نظرية صفرمشاكل" بمعنى سعي تركيا إلى بناء علاقات متميزة بدون مشاكل مع جيرانها وعلى هذا الأساس عملت تركيا على إقامة علاقات متميزة مع كل جيرانها (وخاصة العرب وإيران وأرمينيا برغم العداوة التاريخية) وحتّى البعيدين عنها خاصة من العالم العربي في حين أسّست لعلاقات استراتيجية مع سوريا وفتحت هذه الأخيرة البلاد للأتراك بشرا ومالا واستثمارا تماما كما فعلت ليبيا..فلتركيا طموحات اقتصادية وثقافية كبيرة في ظل حكومة "حزب العدالة والتنمية" الذي حقق نجاحات عديدة على المستوى الاقتصادي والسياسي إذ أصبحت تُدرج ضمن ما يطلق عليهم ب"الدول الصاعدة".
تردّدت تركيا في مساندة الثورة في تونس وفي مصروخاصة في ليبيا إلا بعد أن حصلت على ضمانات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية نظرا لضخامة استثماراتها هناك ..وانقلبت على الحكومة السورية بنحو180 درجة وساندت الحركة الديمقراطية السّورية في البداية ثم فتحت حدودها للمجموعات الدينيّة المتشدّدة وقدّمت لها ولل"جيش الحرّ" كل الإمكانيات المادية واللوجستية وحتى السلاح وتبنّت جزءا هاما من المعارضة وأصبحت الى جانب" قطر " لاعبا أساسيا في توجيه المعارضة المسلحة السورية بكل توجهاتها...
وبعد سنتين ونصف من القتال الشرس تغيرت الكثيرمن المعطيات في الواقع السّوري والدولي من ذلك عدم قدرة المعارضة والتحالف الدولي إسقاط نظام بشارالأسد، إضافة إلى تضرّرالاقتصاد التركي نتيجة غلق الممرالتجاري البرّي(الحدود السورية) الذي تصل البضائع التركية عبره (الصناعية والزراعية والخدماتية) الى الأردن ولبنان وخاصة الى دول الخليج العربي..
كما تضرّرت تركيا من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها دول الاتحاد الأوروبي(جارتها اليونان) ..كذلك أدّى انخراطها غيرالمحدود للإطاحة بالنظام السوري الى تململ سكان الحدود التركية السورية سواء نتيجة تضررمصالحهم او نتيجة المشاكل التي برزت بوجود اللاجئين والمسلحين... كل هذه المظاهروالعوامل أربكت الاقتصاد التركي وحتى السياسة التركية إجمالا التي تخلت عن نظرية وزيرخارجيتها "صفرمشاكل"وأصبحت تمثل طرفا في الصّراعات الإقليمية بل إنها تطمع لأن تلعب دور"الدولة السنّية"الحاضنة نتيجة الفراغ الحاصل في المنطقة في مواجهة تصاعد الدّورالإيراني وإزعاجاته الكبيرة وخاصة بالنسبة لدول الخليج إسرائيل....غيرأن المستجدات الدوليّة الأخيرة ،كما يبدو، قد أسقطت الكثيرمن الحسابات التركية ومن أهم تلك المستجدات التفاهمات الرّوسية الأمريكية حول مستقبل النظام السوري أولا ثم احتمال قبول طهران بتسوية محدّدة حول ملفها النووي بعد الانتخابات القادمة مقابل إدامة النظام السّوري.
والأهم من كل ذلك قناعة أمريكا بضرورة التخلي عن المكون الأساسي للمجموعات المسلحة ونقصد بذلك "جبهة النصرة" واعتبارها كمنظمة ارهابية وبالتالي يجب رفع الغطاء عنها بل مقاومتها بكل الطرق والوسائل.....
ومن الطبيعي ان تنعكس كل هذه المتغيرات/التسويات على تركيا(التي لم تكن طرفا فيها) وعلى سياستها الخارجية وعلى وضعها الداخلي أيضا....
ويظهرأن المعارضة التركية وكذا المجتمع المدني قد التقط هذه الاحراجات وانعكاساتها المختلفة القائمة والمحتملة، واستغل قرار أوردغان حول قضية تغيير"ميدان تقسيم" بما يتضمّن من رمزية تاريخية وحضارية ليتحرك ويتظاهر..
ولا شك ان اندلاع التظاهرات خارج العاصمة وفي بعض المدن الرئيسية في تركيا يحمل أكثرمن دلالة ويشير إلى الاحتقان الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي تعيشه تركيا الآن.....
بطبيعة الحال لن تؤدي هذه الاحتجاجات إلى سقوط اوردغان أو حزبه او النظام؛ هذا أمرغير وارد. وأقصى ما قد يحدث هو إجراء تغييرات واسعة على الحكومة، ولكن من شأن هذه الأحداث إن تطوّرت أن تدفع اوردغان وحزبه لمراجعة بعض الاختيارات الداخلية والخارجية أيضا في محاولة لامتصاص "النقمة "الشعبية ورتق تراجع شعبية حزب "العدالة والتنمية" تمهيدا للانتخابات القادمة...
اما التأثيرات الخارجية لهذه الأحداث فهي معلومة وعبّرعنها رئيس الحكومة التركية نفسه حين قال: ان "هذه الأحداث قد تشوّه صورة تركيا في العالم" واعتقد انه يقصد أساسا العالم العربي وخاصة دول"الربيع العربي"التي جعلت من النموذج التركي نموجا يُقتدى به....
أستاذ التاريخ المعاصر والراهن بجامعة منوبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.