وفقا للروزنامة الزمنية التي حددها منشور ميزانية 2014 الصادر عن وزارة المالية فإن الشهرين الجاري والمقبل من المقرر أن يشهدا مناقشة مشاريع الميزانيات والمشاريع السنوية للقدرة على الآداء. ثم المرور إلى إقتراح الأحكام لإدراجها في مشروع قانون المالية ومن ثمة ضبط الموارد والتوازنات العامة لمشروع ميزانية الدولة للسنة المقبلة وذلك خلال شهر سبتمبر المقبل. ومع بداية شهر أكتوبر القادم تعرض الميزانية على أنظار مجلس الوزراء ويحال خلال ال25 من الشهر ذاته مشروع قانون المالية والمشاريع السنوية للقدرة على الآداء وميزانية الدولة على أنظار المجلس التأسيسي. ميزانية خلف الأبواب الموصدة لكن الملاحظ أنه رغم أهمية موضوع إعداد وضبط الميزانية فلا أحد اليوم من الأحزاب والنواب ولا حتى الإعلام والمجتمع المدني والمختصين والخبراء يولون الإهتمام اللازم للمسألة ويسلطون عليها الأضواء الكافية. وككل مرة تمرر مسألة إعداد الميزانية خلف الأبواب الموصدة ولا تطفو على السطح مواضيع الميزانية وقانون المالية وما تثيره من اشكاليات ونقائص في الإعداد إلا مع قرب عرضها على المجلس التأسيسي. وعادة ما تكون إثارة الملاحظات والانتقادات لقانون المالية ومشروع الميزانية وتم تسجيل ذلك خلال السنتين الماضيتين- فقط من أجل المزايدات السياسية والحزبية دون أن يكون لها تأثير عملي في تغيير الأحكام أو مناقشتها بترو، بحكم ضغط الوقت وضرورة تمرير مشروع الميزانية والمصادقة عليه قبل انتهاء السنة. وتثار حول مشروع ميزانية السنة المقبلة الكثير من نقاط الاستفهام يبدو أنها لا تجد الصدى لدى نواب التأسيسي ولا لدى الأحزاب، في ظل سيطرة الحسابات الحزبية والانتخابية على الوضع العام داخل التأسيسي وخارجه. وأصبحت كل المواضيع ذات العلاقة بحياة المواطن وقوته وبالوضع الإقتصادي والتنمية والتشغيل هامشية أمام الصراعات الحزبية والإديولوجية. اشكاليات ويعتبر المختصون في المجال الإقتصادي أن ميزانية السنة المقبلة تتطلب الإجابة وتوفير معطيات حول نسب النمو التي سيتم العمل وفقها وكذلك توضيح مسألة موارد الميزانية وتقسيمها بين نفقات التصرف والتنمية في ظل الوضع الراهن الصعب الذي يمر به الإقتصاد التونسي وعديد القطاعات الحيوية كالسياحة والفسفاط.. وأيضا في ظل الظروف الإقليمية والوضع الإقتصادي العالمي وخاصة في منطقة اليورو. يتطلب أيضا إعداد الميزانية المقبلة تقديم توضيحات حول حلول الدولة المقترحة والمتوفرة لتأمين موارد للتنمية الجهوية وسط توقعات تشير إلى أن الوضع الإقتصادي سيكون أصعب السنة المقبلة ولن يكون هناك تطور كبير في نسب النمو وهو ما أكده مؤخرا تقرير البنك الدولي الذي أكد أن عودة النمو الإقتصادي في تونس إلى نسقه المعتاد لن يكون قبل سنة 2015. ويشير البعض إلى أن اعتماد سياسة الحلول المؤجلة لموضوع التنمية الجهوية والتوجه مرة أخرى على غرار السنة الفارطة إلى التقليص من هذه الموارد لحساب نفقات التصرف سيغذى حالة الاحتقان والمطلبية ووتيرة الإحتجاجات.. يتعين أيضا بحث مسألة تعطل المشاريع المبرمجة وتدنى نسب انجاز المشاريع المبرمجة خلال السنتين الماضيتين ضمن مشروع الميزانية حتى لا تتكرر برمجة مشاريع ضمن الميزانية المقبلة تظل حبرا على ورق وتدرج في خانة الوعود التى لا تتحقق في عين المواطن. وبالنظر إلى الضغط المسلط على رزنامة المجلس التأسيسي المطالب بالإسراع في حسم مسألة الدستور والقانون الانتخابي ومشاريع القوانين المعروضة عليه.. تبدو حظوظ الإهتمام بموضوع ميزانية السنة المقبلة ضعيفة، رغم الإشكاليات التى تطرحها.