ما شاب مؤتمر مناهضة العنف والإرهاب من احتقان وعنف وانسحابات وعدم رضاء.. أدت الى عدم تحقيقه للنتائج المرجوة من تنظيمه وهي إمضاء مختلف الحساسيات السياسية والمدنية على وثيقة معاهدة مناهضة العنف، امرا كان متوقعا.. وتأكيد المنظمين على»نجاح ورشاته» و»نجاح المؤتمر رغم محاولات إفشاله» لا يمثل الا مكابرة من مثقفين وشخصيات وطنية تأكدت من عدم قدرتها على جمع الفرقاء السياسيين حول نفس مائدة الحوار لتقاسم خلافاتها قبل أن تنوه بتوافقاتها.. فهل يعني ذلك أن الظرف غير ملائم لعقد مؤتمر لمناهضة العنف والارهاب ؟ أم ان القوى السياسية والمدنية، من في السلطة كانت أو من في المعارضة، لا تملك الوعي الكافي وقوة المبادرة لتقبل من يختلف معها في الراي أو في الطرح؟ أوضح سمير بوعزيز عضو التنسيقية الوطنية لمؤتمر مناهضة العنف والارهاب أن «تسجيل انسحابات لا يعني فشل المؤتمر.. كما لا يعني قطع الحوار مع المنسحبين..» والجهات المنظمة تعلم جيدا ان حركة النهضة تمثل مركز الحكم وتوافقات خارج هذا الحزب ستكون توافقات منقوصة..» وذكر بوعزيز أن الحوار سيشهد جولات جديدة تبني على ما تم تحقيقه واكد أن التنسيقية تقف دائما على نفس المسافة من جميع القوى السياسية وليس لها أية نية لتغليب طرف على اخر..» كما أشار الى انه «من غير الممكن تحميل المسؤوليات بطريقة اطلاقية بل بالبحث في اسباب العنف ومظاهره والياته التصدي له وهذا لا يمكن أن يكون خارج توافق وطني شامل..» من جانبه راى طارق بالحاج محمد المحلل السياسي واستاذ علم الاجتماع أن الفشل أمرا «مكتوب» على مؤتمر مناهضة العنف والإرهاب «مادام من يمارسه ويعتمده كاداة حكم لا ينخرط فيه ويسعى بكل الطرق للخروج منه او إفشاله..» وبين «أن العنف، اليوم، ليس ظاهرة معزولة بل هو طريقة حكم واداة من ادوات الهيمنة السياسية والاجتماعية وبالتالي فلن يتخلى عنه ممارسوه والمنظرون له بل سيستميتون في توفير الغطاء السياسي له سواء عبر تبريره او عبر إفشال كل مبادرات إدانته..» واعتبر بلحاج محمد أن «الفاعلين من الطبقة السياسية لم يمتلكوا الجرأة السياسية ليحاسبوا المسؤول الحقيقي على العنف.. ولذلك كان مؤتمر مناهضة العنف محاولة يائسة من طبقة سياسية مهادنة..» وكان من الاجدر حسب رايه أن «يقع دعوة حركة النهضة باعتبارها طرف اساسي في العنف..» ..وأضاف «نبذ العنف هو ميثاق يمضي عليه من يؤمن به ومن لا يؤمن لا يمضي». وأوضح بلحاج محمد:» اليوم حركة النهضة في الحكم تمارس العنف الشرعي(عن طريق الامن ومؤسسات الدولة) كما تمارس العنف عبر المليشيات أو بتوفير الغطاء السياسي لمن يؤمن بالعنف.» والمطلوب اليوم وفقا لطارق بلحاج محمد هو «مواجهة حركة النهضة حتى تكف عن المناورة والتهرب» وذلك بالقول: «ان العنف لم يصبح بهذا الشكل وتحول من العنف اللفظي والجسدي الى السحل والاغتيال الا مع حكومة النهضة..» «كما أن تونس في احلك فتراتها لم تشهد مثل هذا المنسوب من العنف وهذه الثقافة العنيفة المروجة للكراهية والتقاتل الامر الذي يبين ان العنف عرض جانبي من اعراض حكم حركة النهضة وعليها أن تتحمل مسؤولياتها وتصلح ما افسدته..»