مسؤولة بمعهد الإحصاء تكشف عن عدد السكان وفق التقديرات الأخيرة    أبطال إفريقيا: تاريخ مواجهات الترجي الرياضي والأهلي المصري في القاهرة    فظيع: غرق شخص ببحيرة جبلية بجهة حمام بورقيبة..    قبلي: الإطاحة بمروج مخدرات وحجز كمية من المواد المخدرة    الكرم الغربي: حاول سرقة محل تجاري تحت طائلة التهديد بأسلحة بيضاء فوقع في قبضة الأمن    الشاعر مبروك السياري والكاتبة الشابة سناء عبد الله يتألقان في مسابقة الدكتور عبد الرحمان العبد الله المشيقح الأدبية    تونس : أنواع و أسعار تقويم الأسنان    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: برنامج الجولة الثالثة و العشرين    هذه تأثيرات الأمطار الأخيرة على المراعي و الموارد المائية.. إتحاد الفلاحة يوضح    قريبا: انخفاض في أسعار الدجاج والبيض    علي باقري وزيرا للخارجية في إيران    تونس تسجيل 2500 عودة طوعية لمهاجرين أفارقة.    فقدان 23 تونسيا في سواحل قربة..وهذه التفاصيل..    ليلى عبد اللطيف توقّعت سقوط طائرة الرئيس الإيراني    التجاري بنك يوقّع اتفاقيّة شراكة إستراتيجية مع الصندوق العالمي للطبيعة بشمال إفريقيا    الأولمبي الباجي أمل جربة ( 2 1) باجة تعبر بعناء    العداء التونسي "محمد أمين الجهيناوي" يلتحق بركب المتأهلين إلى أولمبياد "باريس 2024"    اشادات دولية.. القسّام تتفاعل وإعلام الكيان مصدوم...«دخلة» الترجي حديث العالم    هام/ هذه نسبة امتلاء السدود..    بطولة اسبانيا: برشلونة يحرز المركز الثاني بالفوز على فايكانو    تونس تقدم التعازي في وفاة الرئيس الايراني    فيديو وصور يوثّقان المشاهد الأولى لحطام طائرة الرئيس الإيراني    سمير ماجول : ''القطاع الفلاحي هو مستقبل البلاد''    تونس تتوج ب 26 ميداليّة في المسابقة العالميّة لجودة زيت الزيتون في نيويورك    بداية من اليوم : إنطلاق تحيين السجل الإنتخابي للتونسيين المقيمين بالخارج    يهم التونسيين : اجراءات جديدة قد ترى النور تتعلق البنوك وغلق الحسابات    عصابة الاستيلاء على الأراضي الاشتراكية بقبلي .. تعود من جديد والنيابة العمومية تضرب بقوة    %70 معاملات في السوق الموازية.. قانون جديد لتنظيم التجارة الالكترونية    استدعاء ثلاثة لاعبين لتشكيلة البرازيل في كوبا أمريكا واستبدال إيدرسون المصاب    هذه أول دولة تعلن الحداد لمدة 3 أيام على وفاة الرئيس الايراني..#خبر_عاجل    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    في رحلة "الموت" .. السيراليوني "حاجي" مهاجر كألف وألف في البحر (بورتريه)    التوقعات الجوية لهذا اليوم الاثنين 20 ماي..    مجلس صيانة الدستور في إيران يعلن عن إجراءات جديدة عقب مصرع رئيسي    أريانة : انطلاق بناء قاعتي تدريس ومدرج بمدرسة النصر1 بتمويل من "فاعل خير"    المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد تستعد للموسم الثقافي والصيفي 2024    القصرين : الوحدات العسكرية تشارك أبناء الجهة احتفالاتها بالذكرى ال68 لإنبعاث الجيش الوطني التونسي    المنستير: الدورة الثانية لمهرجان القريدفة، تأصيل للتراث المحلي لبني حسان    البرلمان : يوم دراسي حول انضمام تونس إلى بروتوكول اتفاقية المنظمة العالميّة للتجارة بشأن حقوق الملكيّة الفكرية المتصلة بالتجارة    نهائي "الكاف": حمزة المثلوثي رجل مباراة الزمالك ونهضة بركان    من هو المرشح الأول لخلافة الرئيس الإيراني؟    "دبور الجحيم"..ما مواصفات المروحية التي كانت تقل رئيس إيران؟    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    هام: انخفاض أسعار هذه المنتوجات..    سفيرة الامارات في زيارة لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    القنصل العام للجزائر في زيارة الجناح الجزائري بالصالون المتوسطي للفلاحة والصناعات الغذائية    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الافتاء وأصول الفقه (الضوابط والاختلافات) تأليف: الأستاذ الشيخ محمّد البشير ابن جديدية
كتاب الصباح المتسلسل.. كتاب الصباح المتسلسل..
نشر في الصباح يوم 13 - 07 - 2013

ذلك ما ورد عن أنس رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلمّا أُخْبِرُوا كأنّهم تقالُوها (أي وجدوها قليلة ورأوا في أنفسهم أنّهم يؤدّون من الطّاعات أكثر منه)
وقالوا: أين نحن من النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقد غُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر. قال أحدهم :أمّا أنا فأصلّي الليل أبدا، وقال الآخر: وأنا أصوم الدّهر أبدا ولا أفطر، وقال الآخر وأنا أعتزل النّساء فلا أتزّوج أبدا، فجاء رسول الله ( إليهم، فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أَمَا والله إنّي لأخشاكم لله وأتقاكم له لكنّي أصوم وأفطر وأصلّي وأرقد وأتزوّج النّساء فمن رغب عن سنّتي فليس منّي»(1). وغير هذا كثير ممّا يدعو إليه الدّين للسّعي للكسب ليعيل المرء نفسه وزوجه وعياله، كيلا يعيش متواكلا على غيره. قال تعالى :» وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا «(2). فالدّين لا يحبّ المغالاة في التّزهّد والانعزال عن النّاس، «والإنسان الذي يخالط النّاس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط النّاس ولا يصبر على أذاهم»(3). فالدّين ينشد التوسّط والاعتدال حتى في أداء الطّاعات الدّينية؛ وكذا نتبيّن أنّ التّديّن خير عنصر في توجيه النّاس -فردًا أو جماعةً- إلى العمل للدّين و الدّنيا من غير إفراط و لا تفريط.
2) ويتمثّل العنصر الثّاني في التّحمّس للمثل الأخلاقية العليا. فمن النّاس من آتاه الله تعالى قلبا رحيما، وحسّا مرهفا، ومشاعر رقيقة، واندفاعا غير محدود لخدمة الصالح العامّ أو مساعدة أخيه الإنسان لقضاء حاجته عن طواعية ومن غير طمع في شيء، يؤمن بالقيم الأخلاقية المثالية الإنسانية العالية. أغلب المؤمنين على هذا الخلق لأنّ التّديّن يغرس فيهم هذه القيم فيجعلهم حريصين على تجسيم قيم الأخوّة، والرّحمة والتّراحم، والرّفق، والتّآزر، وتلبية نداء النّجدة والإنقاذ في حياتهم العامّة و في علاقتهم ببعض و بالآخر. هؤلاء هم الذين يجسّمون الكمال الإنساني الحضاري، ويسهمون بالفعل في بناء الأمة العزيزة القوية المنيعة. قال ابن عاشور:»إنّ أمّة تنشأ على التّطبّع بالرّأي الصّحيح والتّخلّق بأخلاق الأخوّة، والمساواة، وحبّ الحرّية، وتوفير العدل لَأُمّةٌ خليقة بأن تعرِفَ مزيّة الوحدة، فتكون متّحدة، متوافقة، وتصبح كالجسد الواحد تراه عديد الأعضاء والمشاعر، ولكنّه متّحد الإحساس، متّحد العمل، فإنّ النّاس إذا كانوا سواء متحابّين انتفت عنهم دخايل الفساد بينهم»(4). وذكر أيضا:»فإذا بلغت الأمّة إلى غاية حَلَبَةِ مكارم الأخلاق على جمهورها، وسادت تلك المكارم في معظم تصاريفها زكت نفوسها، وأثمرت غروسها، وزال موحشها، وبدا مَانُوسُهَا، فحينئذ يسود فيها الأمن، وتنصرف عقولها. هؤلاء الذين يقدّرون أهمية العمل بالقيم الإنسانية الذين يشدّون بعملهم وثاق المجتمع، وتحفّز أعمالهم الأفراد على العمل وطلب العلم والتّنافس في الأعمال الخيرية، وينشئون الأجيال الهادئة المطمئنّة التي تساهم معهم في بناء حضارة الأمة المدنية. بهذه الأعمال تزدهر الحياة وتثمر وتنتفي مظاهر الفقر والحرمان، وتُطهّر القلوب من الأحقاد والحسد، وتختفي في المجتمع مظاهر الانحراف من سلب أونهب، ويسود فيه الأمن والأمان
«والأمم التي تهتمّ بالقيم الرّوحية وتقدّر المعاني والمثل هي الأمم الأصيلة التي تبقى لأنّها تقوم على أساس قويم سليم، ومهما أصابها من مِحَنٍ أو مرّ بها من أخطاء فإنّها لا تلبث أن تعود لنفسها ومُثُلِهَا من غير أن ينالها الضّعف أو الخذلان لأنّ لها من أساسها الرّوحي ما يقوّم أخطاءها ويهديها إلى الطّريق المستقيم، وتبقى لأنّها تحمل من ورائها تقاليدها وتراثها الباقي وروحها المعنوية، وهذا بخلاف الأمم التي تعتمد على المادّية، ولا تأبه للمعاني والقيم الرّوحية، فإنّ مادّيتها الغاشمة تنزع بها إلى الأهواء والشّهوات التي يجرّ بعضها بعضا، حتّى إذا طغت المادّة والأهواء على الأفراد والمجتمع أصابها المرض واعتورتها العلل الخلقية والاجتماعية وانتهى بها الحال إلى الفناء الذاتي، وتذهب من غير أن يبقى لها أثر أو غناء. وتاريخ الأمم -قديما وحديثا- شاهد على مدى أثر القيم الروحية -وجودا وعدما- في تماسكها ونهضتها أو انحلالها وركودها»(5)
ولاشكّ أنّ الدّافع لهذه الأعمال الخيرية المثمرة والمزدهرة والنّافعة التي ترفّ ظلالها على جميع أفراد المجتمع حين يكون مصدره العمل بتعاليم الدّين وبما حضّ عليه من أعمال البرّ والإحسان أنّه يضيف إلى هذه المزايا مزايا أخرى نفسية ذاتية، إذ يملأ نفوس العاملين سعادة وبِشْرًا بما يأملون من الحصول عليه ممّا عند ربّهم من الفضل والإحسان وما يرجونه، ويجعلهم قدوة، ويجري على ألسنة النّاس ذكرهم بما يرفع من شأنهم -من غير مِرَاءٍ- في حياتهم وبعد مماتهم
أمثال هؤلاء الذين يمتدّ خيرهم لغيرهم، وينتفع بأعمالهم العباد والبلاد -هم حقّا- الأجدر بكلّ إطراء وثناء وتمجيد، وهؤلاء -هم حقّا- صفوة الأمة. هؤلاء هم المفلحون المبشّرون بكلّ فضل وبأعلى درجة من درجات النّعيم في الآخرة لأنّهم نزّلوا القيم التي حضّ عليها الإسلام في القرآن الكريم وعلى لسان الرّسول محمد صلى الله عليه وسلم منزلة العمل والتطبيق: آمنوا وعملوا وأحسنوا و هذا من بعض مزايا التّديّن
(يتبع)
1متفق عليه، حديث 143 في رياض الصّالحين
2القصص، الآية 77
3هذا من نص الحديث، رواه ابن ماجه والترمذي
4أصول النّظام الاجتماعي في الإسلام، ص 133
5مجلّة منبر الإسلام- ع 3 س 30-1392 ه ص 126- أثر القيم الرّوحية في المجتمع المعاصر للدّكتور علي حسن عبد القادر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.