رئاسة الحكومة ترخص للجمعية التونسية لقرى الأطفال "أس وأ س" جمع التبرعات لفائدة قرى أطفال فلسطين    غدا... يوم وطني لتقييم موسم الحبوب 2025/2024    البنك المركزي: تسجيل زيادة هامة في استخدام "الكمبيالة"..    القيروان : وفاة شيخ يعاني من إعاقة بصرية تناول مبيدا حشريا على وجه الخطأ    غار الدماء: امرأة تُضرم النار في جسدها داخل معهد    ''عاجل: تصعيد اسرائيل يثير غضب بريطانيا... وتطلب ''وقف فوري لإطلاق النار    لأوّل مرة: هند صبري تتحدّث عن والدتها    شنوّا تعمل البنوك بفلوسك؟    عاجل - يهم التوانسة : التمديد في الصولد الصيفي    الحماية المدنية: 528 تدخلا منها 80 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    الرئيس الفنزويلي يتهم واشنطن بالإعداد لعدوان عسكري على البلاد    غزة تتعرض لقصف إسرائيلي عنيف وروبيو يعطي "مهلة قصيرة" لحماس لقبول اتفاق    عاجل/ انفجار يهز غرب باكستان..وهذه حصيلة الضحايا..    لمحبي الرياضة : تعرف على الموعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد ومارسيليا    عاجل: دوري الأبطال يتغيّر.. شنوة التغيير الجديد؟    الاتحاد المنستيري يتعاقد مع اللاعب الجزائري سامي بوعلي    اتحاد بوسالم يتعاقد مع اللاعب حازم كانون    امضاء مذكرة تفاهم بين الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة واللجنة الوطنية للعمرة والزيارة بالمملكة العربية السعودية    عاجل - تحذير للتوانسة : رد بالك من الأقلام المضيئة وهذه النوعية من البراية ...خطر و مرض    هام/ وزارة الأسرة والمرأة تنتدب..    عادة جديدة عند التونسيين: الاقتطاعات البنكية تنمو بشكل لافت    راغب علامة عن زوجته: لم تحسن اختياري    هشاشة الأظافر: مشكلة جمالية أم مؤشر صحي خطير؟    خطر كبير على ذاكرة صغارنا: الوجبات السريعة تدمّر المخ وتسبّب ضعف الذاكرة!    ال'' Vape'' في الكرهبة: خطر كبير على السواق والركاب...علاش؟    الزهروني: يتسلح بسكين ويطعن المارة والامن في الموعد    من 15 إلى 19 أكتوبر: تنظيم النسخة السادسة من الصالون الدولي للسلامة الإلكترونية    تصفيات كأس العالم لكرة القدم فتيات U20 : تونس تستضيف غانا بملعب صفاقس يوم 20 سبتمبر    بوحجلة: وفاة العرّاف "سحتوت" بعد تناوله مبيد حشرات عن طريق الخطأ    حجز 4،7 أطنان من الفرينة المدعمة لدى إحدى المخابز المصنفة بهذه الجهة..    بنزرت: توجيه واعادة ضخ 35.2 طنا من الخضر والغلال والبقول بسوق الجملة بجرزونة    محرز الغنوشي يبشر التونسيين:''جاي الخير وبرشة خير''    علاش تمّ إيقاف العمل بإجراء تمديد عقود الCIVP؟    نيران تلتهم الهشيم بزغوان.. 1000 متر مربع من الغابة تضرروا...شصار؟    وزارة الصحة: ردّ بالك من الماكلة المعلبة... السّر خطير    سحتوت ''العراف'' ...يتوفى بمبيد الحشرات في بوحجلة...شنوا حكايتوا ؟    الكرة الطائرة....خسرنا ضد إيران أما الأمل مازال قدام المصري..كيفاش؟!    طقس الثلاثاء: سحب قليلة وحرارة مرتفعة تتراوح بين 30 و39 درجة    أعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين    ترامب يطلب تعويضا خياليا عن "كذب" بحقه    إيران تعلن عن ملاحظاتها على بيان قمة الدوحة أمس    حماس.. تصريحات ترامب هي تجسيد صارخ لازدواجية المعايير وانحياز سافر للدعاية الصهيونية    همسات من قوافي الوطن...إصدار جديد للمربي توفيق الجباري    الكوتش وليد زليلة يكتب...حتى تكون العودة المدرسية رحلة آمنة لا صدمة صامتة؟    خواطر من وحى العودة المدرسية .. تخفيف البرامج والمواد واللوازم المدرسية وملاءمة الزمن المدرسي مع المحيط والبيئة    انطلاق المخطط الوطني للتكوين حول الجلطة الدماغية    طقس الليلة    وداع المدرسة: كيفاش نخليوا أولادنا يبداو نهارهم دون خوف؟    إنتخاب "معز الناصري" رئيسا للجنة الإستئناف التابعة للإتحاد العربي لكرة القدم    الرابطة الأولى: البرنامج الجديد لمواجهات الجولة السادسة ذهابا    "غراء عظمي".. ابتكار جديد لعلاج الكسور في 3 دقائق..    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    اختتام الأسبوع الأول من مهرجان سينما جات بطبرقة    من قياس الأثر إلى صنع القرار: ورشة عمل حول تنفيذ مؤشرات الثقافة 2030 لليونسكو    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الافتاء وأصول الفقه (الضوابط والاختلافات)
كتاب الصباح المتسلسل..
نشر في الصباح يوم 14 - 07 - 2013


تأليف: الأستاذ الشيخ محمّد البشير ابن جديدية
5 الأبعاد الحضارية والفكرية للقيم الروحية
ويتمثّل العنصر الثّالث في التّمسّك بقيم روحية ذات بعدٍ فلسفي وحضاري وبعدٍ فكري، وهذه قيم لا تخصّ الفرد ذاته، وإنّما هي قيم اجتماعية جماعية، وهي قيم في ذاتها مجرّدة إلاّ أنّها تُجَسَّمُ في تقنين القوانين المنظّمة للسّلطة الحاكمة، وتنظيم تراتيب عملها، وإنشاء هياكل المراقبة والمحاسبة لضمان حسن سيرها، وللحدّ من سلطانها النّافذ حتّى لا تنحرف بِمسارها إلى سلطة استبدادية، وتتجسّم في برامج عملها بما يكفل لكلّ فرد الحقّ في التّعلّم وحفظ صحّته وتوفير العمل له، وضمان حرّيته، واحترام هويته وعقيدته وأمكنة عبادته، وبما يوفّر له الأمن وأسباب الرّخاء ورغد العيش وما إلى ذلك من الواجبات المنوطة بعهدة الدولة أو السلطة. من هذه القيم: قيمة الحرية، واحترام حقّ الإنسان في حفظ كرامته، وحقّه في الحياة وفي العمل، ومنها تحقيق المساواة والعدالة، والعنوان الأكبر لهذه القيم : الديمقراطية، وهذا اللفظ معرّب من لفظ يوناني يراد به حكم الأمّة نفسها بنفسها، وهذه القيمة تستوجب قيام مؤسّسات لذلك، وتستوجب إنشاء دستور ومجلس للشّورى، وتنظيم الانتخابات، وإنشاء الأحزاب، ومنظّمات أو جمعيات للمجتمع المدني. إذا ديست هذه القيم كان النّظام سلطويا استبداديا دكتاتوريا ظالما فاسدا لأنّه ينتهك كلّ القيم المنظّمة لحياة الفرد والمجتمع والأمّة، وتحوّلت تلكم القيم العليا لخدمة الفرد الحاكم الجائر المستبدّ، وصارت المجموعة في خدمة الفرد في حين أنّ هذه القيم تجعل من الدّولة في خدمة الشّعب وصالح المواطنين جميعهم. بانتهاك هذه القيم تنقلب المعادلة.
قد ينجح السّلطان المستبدّ الظّالم ردحا من الزّمن في بسط نفوذه بقوة الحديد والنّار، وقد يفلح زمنا في التّحكّم في رقاب العباد وتسخيرهم لخدمته بالبطش، وقد يصبر الناس المحكومون على أذاه وفساده وبطشه وجبروته وجوره عقودا لكنّهم لن يصبروا على الدّوام إذا طالت بهم السّنون العجاف، وضاقوا به وبحكمه وفساده ذرعا. إنّهم عند انطلاق أوّل شرارة ثائرة يثورون جميعا صفّا واحدا، وينزلون كالسّيل الجارف في كلّ طريق ومسلك في هيجان هادر ويُرَى منهم قوة أقوى من ثورة البركان المدمدم الذي يرمي بشرر ملتهب يحرق كلّ ما يمرّ عليه فيزلزل الأرض من تحت عرش السلطان فيدمّره تدميرا لا يبقي فيه ولا يذر. وينتصر الثّائرون للمبادئ التي سرقت منهم وانتهبت ثمّ انتُهكت ويفرضونها بقوّة الثّورة وهيجانها.
وفي التّاريخ - قديما وحديثا - أكثر من دليل على أنّ الظّلم لا بدّ أن ينجلي، ولا بدّ للقيد أن ينكسر. وآخر هذه الأدلّة ما حدث في بلادنا من ثورة جامحة تنادي بالحرية والكرامة(1). ومن طبع النّظام الاستبدادي أنّه لا يعتبر بالتّاريخ، ويحكمه جاهلون أمّيون عادة. ولو أنّهم كانوا من أهل النّباهة لَمَا كانوا فاسدين ولا ظالمين لأنّ مسؤولياتهم تدعوهم أساسا لنصرة الحقّ والعدل، وخدمة الصالح العام، ولكنّهم قوم يجهلون؛ ولو أنّهم كانوا بحقّ قوما مؤمنين متديّنين لعلموا أنّ الدّين، وكلّ شرع لا يرتضي من الحاكم سلوكا من سلوكياتهم المنحرفة الضّالة. وههنا تظهر مزية التّديّن عند وليّ الأمر أو السّلطان الحاكم، فإنّ تديّنه يردعه عن الظّلم.
قال ابن عاشور في موضوع عنوانه «صفة الحكومة الإسلامية ونزعتها»: وقد تقرّر ممّا تقدّم أيضا أنّ العدل، والمساواة، والحريّة، وتغيير المنكر، والنّصح للأيّمة المسلمين، والشّورى أصول أقامها الإسلام وزكّاها. ومن ذلك يتّضح أنّ حكومة الإسلام يجب أن تتحلّى بتلك الأصول وتلازمها في جميع تصرّفاتها لتكون نفوس الأمّة مطمئنّة بحكومتها. قال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ»(2). وقال النّبيّ «إنّ النّاس سواسية كأسنان المشط» (تمثيل للتّساوي). وقال العلماء: «الشّارع مُتَشَوِّفٌ للحرّية». وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدّين النّصيحة لله ولرسوله ولأيمّة المسلمين وعامّتهم»(3) وقال تعالى: «وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ»(4) وقال تعالى: «وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ»(5). قال الشّيخ ابن عطية في تفسيره: «الشورى واجبة على وليّ الأمر».
ومن أصول الشّريعة أنّ وليّ الأمر يستطلع آراء من يسوسهم فيما يمسّ مصالحهم، وأنّه يتوصّل إلى ذلك بمراجعة عرفائهم وأمنائهم وذوي محلّ ثقتهم... فطريقة انتخاب النّاس نوابا عنهم للدّفاع عن مصالحهم وإبلاغ طلباتهم إلى ولاة الأمور أفضل الطّرق وأضمنها للتّعبير عن إرادة الأمّة.
«فأمّا ولي أمر المسلمين من خليفة أو سلطان فهو كلّ من يكون كفؤا لولاية الأمور الإسلامية» ثمّ انتهى إلى القول: «فلا ريب في أنّ حكومة الإسلام حكومة ديمقراطية على حسب القواعد الدّينية الإسلامية المنتزعة من أصول القرآن ومن بيان السّنّة النّبوية وممّا استنبطه فقهاء الإسلام في مختلف العصور»...(6)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.