يرزح التأسيسي هذه الفترة تحت وطأة الاستقالات فبعد أن استقال النائب احمد خصخوصي فقد بات هذا القرار يخامر بعض نواب التأسيسي على غرار منجي الرحوي الذي لوح بدوره بالاستقالة كما النائب احمد السافي. ولعل الأسئلة التي تطرح بشدة: أي وزن للاستقالات المرتقبة؟ وماذا لو لم يقع تعويض المستقلين. وفي قراءة قانونية لهذه الاستقالات ذكر أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ في تصريح ل"الصباح" انه "قانونيا كل مجلس منتخب هو عرضة للشغورات والشغور قد يكون بالوفاة أو بالاستقالة او بالاعفاء الوجوبي." واضاف:" في مثل هذه الحالات وكما في الديمقراطيات العريقة فانه يجب العودة إلى صاحب السيادة الشعب الذي اختار أشخاصا بعينهم ليمثلونه." ويتم في هذا السياق إجراء انتخابات جزئية لسد حالات الشغور وهو ما حدث إذ تم إجراء انتخابات جزئية والعودة إلى الشعب التونسي وذلك في 26 أوت 1956 عندما حصل شغور في المجلس القومي التأسيسي. وأضاف محفوظ أن المجلس الوطني التأسيسي "تعامل مع حالات الشغور بمنطق غير ديمقراطي إذ صادر إرادة صاحب السيادة الشعب وذلك بمنع الشعب التونسي من التدخل مباشرة لسد الشغور عن طريق إجراء انتخابات جزئية"، مشيرا إلى أن الغريب في الأمر من الناحية القانونية أن هذه المصادرة لم تتم بمقتضى نص قانوني إذ نجد عملية سد الشغور تعود إلى النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي. وفسر محفوظ في هذا السياق أن الفصل 123 ينص على: ان "تنتهي العضوية في المجلس الوطني التأسيسي قبل نهاية المدة التأسيسية في حالة الوفاة أو الاستقالة أو الإعفاء. ويتم التعويض بالمترشح الموالي في الترتيب من نص القائمة طبقا للمرسوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي2011 المتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي". كما أن النظام الداخلي هو الذي ينظم عمل وسير المجلس وخاصة في علاقته مع السلطة التنفيذية مشيرا إلى أن النظام الداخلي ليس الإطار الطبيعي لسد الشغور وأن الشعب التونسي لا دخل له في النظام الداخلي الذي يهم تنظيم وسير المجلس لا غير. وقال في هذا الشأن:"من حسن حظ المجلس التأسيسي انه لا توجد محكمة دستورية لتقوم بتسليط العقاب على هذه الخروقات". من جهة أخرى ذكر محفوظ أن هذه الاستقالات قد تطرح إشكالا في حال أن المترشح الموالي لم يلتحق وتستنفذ القائمة وبالتالي يصبح المجلس التأسيسي دون مقعد خاصة أن النص تحدث عن نفس القائمة. وبالتالي فان المسالة ترتبط بمدى انضباط المترشح الموالي لحزبه. وخلص محفوظ إلى القول:"هنالك احتمال وارد بان يتحول المجلس التأسيسي إلى مجلس مبتور جراء فقدان المقاعد وحرمان الشعب التونسي من إجراء انتخابات نزيهة".