ب"لا" أجابت القيادة السياسية الفلسطينية على الخطة التي اقترحها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على الرئيس محمود عباس لاستئناف محادثات السلام المجمدة مع إسرائيل.. وهو جواب لا بدّ من القول أنه يستحق التثمين لكونه يشكل الرد المناسب -في نظرنا وفي نظر كل المؤيدين للقضية الفلسطينية العادلة- على ما بدا واضحا أنه استمرار للانحياز للظلم ضد الحق والعدل من جانب القوة الأكبر في العالم، رغم كل التنازلات التي قدمها الشعب الفلسطيني إلى يومنا هذا، والتي وصلت حدّ التفريط في بعض حقوقه المشهود بها دوليا، في سبيل تأكيد رغبته وإرادته في تحقيق السلام فمنذ وصوله إلى المنطقة كانت الرسالة التي حملها رئيس الديبلوماسية الأمريكية واضحة لا تحتاج إلى تأويل وهي أنه لا ينبغي للفلسطينيين الافراط في التفاؤل بخصوص سقف التوقعات لما يمكن أن تقدمه إدارة الرئيس باراك أوباما الثانية لهم ولحقوقهم المشروعة، وأن عليهم -تماما كما في ظل إدارته الأولى- عدم توقع إقدام واشنطن على المخاطرة بممارسة ضغوطات على تل أبيب والدخول في أيّ نوع من أنواع الصدام معها لإجبارها على الاستجابة لشروط التسوية السلمية العادلة ولهذا تعمدت الخطة الأمريكية التي حملها الوزير كيري هذه المرة أيضا تسليط كل الضغوط على الفلسطينيين لتقديم المزيد من التنازلات المؤلمة، التي تمس جوهر التسوية السياسية المطلوبة، من دون إلزام واضح وصريح للطرف المقابل، ونعني به الطرف الاسرائيلي، بشرط تجميد النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية، وبأن تستند المفاوضات الجديدة على حدود 1967، ما يجعل منها مفاوضات عبثية بلا آفاق حل واضحة، ولا تقيدها أية شرعية ربما تعتقد إدارة الرئيس أوباما أن تركيز الضغوط على الطرف الفلسطيني لا بدّ أن يؤتي ثماره باعتباره الطرف الأضعف، وهي مخطئة في اعتقادنا لأن الفلسطينيين -قيادات وشعبا- لم يعد لديهم ما يخشون خسارته بعد كل الذي خسروه على امتداد ثلاثة عقود من المفاوضات العقيمة والتغول الاستيطاني الصهيوني في أراضيهم عليها أن تدرك اليوم أن تسويق أوهام التسويات لم يعد ممكنا وأن الفلسطينيين لم يعودوا مستعدين لمزيد الرضوخ وتقديم التنازلات، وأن استمرار حمايتها للاحتلال الصهيوني وتواطأها معه في خروجه عن الشرعية الدولية هما السبب في زيادة حدة التوتر وانعدام الأمن والاستقرار في كامل الشرق الأوسط