أجمع خبراء ومختصون في مجال الضمان الاجتماعي على أن تفاقم عجز الصناديق الاجتماعية هو نتيجة لاختلال التوازنات المالية في بلادنا، معتبرين ان الحكومات المتعاقبة بما فيها الحكومة الحالية عجزت على حل الازمة المالية التي تراكمت في مؤسسات الضمان الاجتماعي.. كما أخفقت الحكومة الحالية في التخفيف من وطأة التخوفات التي تحوم حول مصير منظومة الضمان الاجتماعي وإمكانية دخولها في منعرج خطير خلال قادم السنوات، خاصة أنها تلعب دورا هاما في تحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي باعتبار ان قرابة 80 % من التونسيين يتمتعون بخدمات هذه الصناديق كل هذه المؤشرات السلبية التي تشهد تطورا من سنة الى اخرى قد تهدد ديمومة مؤسسات الضمان الاجتماعي، وتعجّل بافلاسها في حال عدم القيام باصلاحات جذرية واعادة هيكلتها بما يتماشى مع حاجيات المواطن ويتناسب مع مصالح الدولة.. وفي هذا السياق أكد سيد بلال الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية في تصريح اذاعي مؤخرا ان الصندوق الوطني للتّقاعد والحيطة الإجتماعيّة يشهد صعوبات ماليّة خانقة مما أدّى إلى تسجيل عجز ب213 مليون دينار سنة 2012 وتقديرات أولية بتسجيل عجز ب166 مليون دينار خلال 2013 مشيرا الى ضرورة توفير أكثر من 260 مليون دينار خلال السنة الحالية خلل في خيارات الدولة وذكر ان سبب الخلل الحاصل في الصناديق الإجتماعية يعود الى خيارات الدولة في الثمانينات القرن الماضي بتجميد الإنتدابات في المؤسسات العمومية ماعدا القطاعات الحساسة كوزارة الدفاع والداخلية والصحة وذلك نتاج النظام التوزيعي الذي أسس آنذاك والذي يرتبط بالمؤشر الديمغرافي مشيرا الى أن تجميد الإنتدابات العمومية شكل نقصا فادحا في المداخيل وفي نفس السياق قال حافظ العموري الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ان الصندوق قادر على الإيفاء بالتزاماته المالية إزاء المتقاعدين إلى غاية 2016 رغم اختلال التوازنات المالية التى شهدها الصندوق بعد تسجيل عجز ب69 مليون دينار ويرى الخبراء والمختصون في مجال الضمان الاجتماعي ان أزمة الصناديق الاجتماعية لاتتعلق فقط بالاشكاليات المالية سواء على مستوى اختلال التوازنات في موارد الصناديق او نفقاتها بل يتعدى ذلك الى صعوبات هيكلية من خلال الاعتماد على الحلول "الترقيعية" والعاجلة التى تساهم بطريقة او بأخرى في تفاقم العجز المالي وتنعكس سلبا على ديمومة الصناديق الاجتماعية إرساء منوال تنموي ومجتمعي من جهته اعتبر عبد الرحمان اللاحقة الخبير الاقتصادي والأستاذ بالمعهد العالي للتصرف بتونس أن وضعية الصناديق الاجتماعية تزداد سوءا وان الوضعية الحالية متدهورة ولا تبشر بخير اذا ما استمر الوضع على حاله دون اجراء اصلاحات مؤكدا ان الصناديق تعيش في وضع مالي صعب فcnrps مثلا يعيش على التسبقة من طرف الدولة وcnss يعاني صعوبات في السيولة المالية كذلك ومازال له من المدخرات ما يكفي لمدة عامين او 3 سنوات على أقصى تقدير. واضاف ان اعتماد الدولة على الخيارات والحلول الترقيعية مع غياب الارادة السياسية بخصوص إصلاح قطاع الضمان الاجتماعي واعادة هيكلة الصناديق الاجتماعية عجّل حسب رأيه في تدني خدمات الضمان الاجتماعي من جهة وفي سوء تصرف في موارد الصناديق الاجتماعية وقال الخبير الاقتصادي ان الحكومة لم تقدم مقترحات عملية أو حلولا جذرية في ما يتعلق بمنظومة الضمان الاجتماعي واقتصر تدخل الدولة المحدود على الحلول "الترقيعية" مؤكدا ان الترفيع في نسبة المساهمات المحمولة على المشغّل والأجير بنسبة 1% و2% قد تثقل كاهل المؤجر والأجير وتخلق مشاكل أخرى وتزيد في نسب البطالة اضافة الى الاسباب التى تم ذكرها ارجع الخبير الاقتصادي ازمة الصناديق الاجتماعية الى سوء التصرف في الموارد و ضعف مصادر التمويل مبينا ان من بين الحلول للخروج من الازمة الراهنة تحسين نسبة الانخراطات وتصرف الصناديق في مواردها. وفي نفس السياق أكد عبد الرحمان اللاحقة ان منظومة الضمان الاجتماعي تعتبر نقطة أساسية من النقاط المدرجة في العقد الاجتماعي باعتبار ان العقد الاجتماعي عامل لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي مضيفا ان الحلول تكمن في تفعيل ما توصلت اليه الاطراف الحكومية والاطراف الاجتماعية في اطار العقد الاجتماعي للمحافظة على التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية والعمل على تنويع مصادر التمويل واقرار جملة من الاصلاحات مع المحافظة على مستوى قاعدي أدنى وفقا للنظام التوزيعي وارساء منوال تنموي ومجتمعي في اطار اصلاح منظومة الضمان الاجتماعي وإعادة هيكلة الصناديق الاجتماعية تطور نسق العجز المالي مفزع؟! ودعا فتحي العياري المختص في الضمان الاجتماعي الى تفعيل التضامن الاجتماعي لخدمة الضمان الاجتماعي وحفاظا على ديمومة مؤسسات الضمان الاجتماعي مؤكدا على ضرورة توفر ارادة سياسية صادقة لاصلاح منظومة الضمان الاجتماعي وتجاوز الازمة التى قد تضرب الصناديق الاجتماعية قريبا في صورة عدم الاسراع في ايجاد حلول جذرية لاختلال التوازنات المالية للصناديق الثلاثة واشار الى ان الخيارات الاستراتيجية والاختيارات التى اعتمدتها الدولة في الثمانيات وبرنامج الاصلاح الهيكلي وخصخصة المؤسسات العمومية وخروج العديد من المنخرطين الى التقاعد المبكر ساهمت جميعها بطريقة مباشرة او غير مباشرة في الوضعية الحالية و"الحرجة" التى تشهدها الصناديق رغم الاختلاف النسبي بين كل واحد منها على حد تعبيره. وقال ان العجز المالي يختلف نسبيا بين cnrps و cnss على اعتبار ان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بامكانه صرف الجريات لمنخرطيه لمدة تصل الى عامين او 3 سنوات بفضل توفر مخزون احتياطي يكفي لهذه المدة المحددة ومن جهة اخرى بيّن ان حجم العجز المالي لصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية بلغ خلال سنة 2011 قرابة 114.5 مليون دينار ليصل هذا الرقم الى 166 مليون دينار والمتوقع ان يرتفع في نهاية 2013 الى حدود 300 مليون دينار. وعن ارتفاع نسق العجز المالي اوضح ان تطور نسق العجز من خلال المرور من 144.5 الى 166 مليون دينار اي مايقارب 30 % الى حدود 300 مليون دينار اي بنسبة 100% يعد نسقا مفزعا ومخيفا وإذا ما تواصل ذلك على مدى 5 سنوات قد نشهد انهيارا كليا لانظمة الضمان الاجتماعي في بلادنا ضبابية وغموض..وحلول عقيمة ومن جهته أوضح رضا بوزريبية أمين عام مساعد سابق لاتحاد الشغل ومختص في التغطية الاجتماعية والسلامة المهنية ان وضعية الصناديق الاجتماعية تزداد تأزما يوم بعد يوم مؤكدا ان اختلال التوزانات المالية كان وراء ارتفاع قيمة العجز في الصناديق الاجتماعية وأضاف ان الوضعية المالية الصعبة التى تعيشها الصناديق الاجتماعية نتج عنها تخوفات منخرطي الصناديق من استمرار وتأزم الوضعية المالية في غياب مصادر تمويل اضافية وقرب نفاذ المخزون الاحتياطي الذي قد يؤدي الى افلاسها في صورة عدم تدخل الدولة من خلال تقديم حلول عميقة وايجاد مصادر تمويل جديدة و اصلاح منظومة التقاعد في الصناديق الاجتماعية واقر بوزريبية بوجود علاقة عضوية بين منوال التنمية والحلول الجذرية المقترحة لاصلاح الصناديق الاجتماعية موضحا ان الاجراءات التى تم اقرارها لم تعط نتائجها على اعتبار ان التمديد في سن التقاعد قد ينعكس سلبا على التشغيل اضافة الى ان الزيادة في نسب الانخراطات او المساهمات له انعكاس كذلك على الاجير و المؤجر موضحا عدم جدوى الحلول الظرفية الترقيعية وان اصلاح الصناديق الاجتماعية يمر عبر ارساء منوال تنمية فعال على المدى الطويل وليس عبر اجراءات او حلول ظرفية تزيد في مشاكل الصناديق الاجتماعية وبخصوص غياب الارادة السياسية للاصلاح أشار بوزريبية الى غياب ارادة سياسية لاصلاح و اعادة هيكلة الصناديق الاجتماعية بما يساهم في ديمومتها،مؤكدا ان الوضع الراهن لا يشجع على اصلاحات على اعتبار ان المرحلة الحالية تشهد ضبابية ونوعا من الغموض وبالتالي فعملية الاصلاح تكون عبر تهيئة الاجواء السياسية والاجتماعية ومبنية على الشفافية و المصداقية وأضاف انه على الحكومة الحالية أو القادمة الاستئناس بالدراسات والبحوث المجراة في هذا السياق الى جانب الاعتماد على الكفاءات واعتماد الإستراتيجية بناءا على المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية في اصلاح منظومة الضمان الاجتماعي واعتبر العيد الماجري كاتب عام نقابة صناديق الضمان الاجتماعي ان الحكومة المؤقتة لم تقدم حلولا جذرية لمعضلة الصناديق الاجتماعية بل ارتكزت جل تدخلاتها على حلول ظرفية وعن الوضعية المالية الآنية للصناديق الاجتماعية أشار محدثنا الى ان مؤسسات الضمان الاجتماعي الثلاث تشكو اختلالا في التوازنات المالية سببه اختلال التوازن بين المداخيل والمصاريف موضحا ان الحل الوحيد يتمثل في التشغيل او ايجاد مصادر تمويل اخرى من خلال اقتطاع نسبة من الجباية لفائدة الصناديق الاجتماعية على ان تكون محل تفاوض بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة يتم الاتفاق بين الطرفين على نسبة محددة يتم بمقتضاها ضخّ أموال للصناديق الثلاثة فضلا عن الترفيع في بعض المواد على غرار المواد والمشروبات الكحولية واقتطاع نسب هامة منها لفائدة الصناديق أما في ما يتعلق بالحلول المقترحة فقد اعتبر ان الترفيع في سن التقاعد أو المساهمات لمنخرطي الصناديق الاجتماعية لسيت حلولا وقد تزيد من اثقال كاهل المؤجر والاجير مؤكدا ان الوضعية الحالية للصناديق تتطلب اعادة نظر في كيفية التصرف في مواردها بالاضافة الى تنويع مصادر التمويل وهيكلة انظمة الضمان الاجتماعي في بلادنا