ان البشر مهما طال به الزمن ومهما تقلّبت به الأحوال، يتوق دوما للرجوع الى الماضي ليتذكّر ويستلهم العبر ويستخلص الدروس من الذكرى... وذاكرة التاريخ تحفظ لنا طبعا من نحتوا اسماءهم بأحرف من ذهب ولن يقدر الدهر على مر السنين على محو تلك الأسماء او الحكم عليها بالاندثار والذوبان والاضمحلال..
في أقول هذا لانه وفي خضم البحث مؤخرا عن مدرب جديد للمنتخب الوطني لكرة القدم عادت بي الذاكرة الى ماض يفيد ولكن كم هو بمجيد، فأخذني الحنين الى سرد وابصار الحقائق والأغراض الاصلية التي دفعت بالمرحوم محمد الزواوي لتكوين جمعية عربية مسلمة هدفها الأسمى النضال والكفاح ضد المستعمر كم تجلت لي صورة المرحوم وفقيد الكرة والرياضة التونسية والأب الروحي للترجي الرياضي التونسي وللجامعة التونسية لكرة القدم الدكتور الشاذلي زويتن رحمة الله عليه، اذ في سنة 1920 تم تعيينه كاتبا عاما للترجي فحصل تغيير كلي وجذري في صلب النادي وذلك بفضل الطريقة المثلى والمحكمة في تسيير شؤون الجمعية مع فرض نظام اخلاقي وتأديبي على الجميع أكسب الفريق الاحترام والاجلال والاكرام وردّ للتونسيين الاعتبار... وحتى الألوان الرسمية للجمعية فقد تغيرت بعدما ورث الدكتور الشاب اقمصة نادي كرة القدم المدرسي اثر حله فجلبها واهداها للترجي الذي كان يدعى الترجي الرياضي لمدة تناهز 24 سنة بالكمال والتمام الى حين مشاركته في سنة 1943 في فعاليات كأس شمال افريقيا للأندية بالجزائر واثر مناداة المشارك التونسي بالترجي الرياضي دون التأكيد وابراز الاصل الأصيل والهوية الصحيحة للفريق بذكر تونس، الأمر الذي اغاض وجرح احساس الدكتور زويتن فهرول تجاه المصدح راجيا من المذيع بان يعيد مناداة الفريق على النحو التالي والأكمل: الترجي الرياضي التونسي ومن تلك اللحظة اصبح وسيظل الى يوم يبعثون الترجي الرياضي التونسي تونسيا لحما ودما.. وغداة الاستقلال تم تعيين الدكتور المربي والمناضل البار الشاذلي زويتن رئيسا لجامعة تونسية لكرة القدم مع رئاسته في ذات الوقت للترجي من سنة 1956 الى 1962 وهي لعمري سابقة اولى وأخيرة وكم هي غنية بالمعاني الراقية والمغازي السامية والمعبرة عن القيم الثابتة والسيرة المثالية التي يتحلى بها فقيد الكرة التونسية كما تؤكد بصائر التضحيات الجسام التي قدمها من أجل الذود عن العلم المفدى والوطن العزيز.. وكانت الساحة الكروية تفتقر آنذاك الى ممرنين تونسيين أكفاء ومع ذلك أبى الا ان يعين مدربا تونسيا على رأس اول منتخب وطني لحما ودما ونال ذلك الشرف العظيم الممرن الهاشمي الشريف الذي لعب في صفوف الترجي وفاز كلاعب بأول كأس ينالها فريق تونسي وكان ذلك في نهائي كأس تونس لسنة 1939 بنتيجة اربعة اهداف لهدف واحد ضد النجم الساحلي.. كما حمل القميص الوطني خلال المباراة. نعم ان وطنية الدكتور الشاذلي زويتن حتمت عليه اختيار مدرب تونسي على رأس المنتخب حتى يسجل التاريخ هذا القرار الشجاع الى أبد الآبدين وحتى يتخذ من يأتي من بعده العبرة.. والعبرة لمن يتعض.. وللحديث بقية ان شاء الله