تونس - الصباح الأسبوعي: يحتل مسرح الجريمة في العلوم الجنائية المكانة الأبرز، ويكون عادة السبب الرئيسي في إماطة اللثام عن الفعل الاجرامي وكشف سيناريوهات الموضوعية المحتملة، وتتضاعف أهمية مسرح الجريمة في الجرائم السياسية وفي عمليات الاغتيال الى حدّ أن توصف بكونها من أعقد الجرائم بالنظر لخطورتها وكذلك لأن عناصر تنفيذه تكون مختارة بدقة متناهية بما في ذلك مكان اقترافها وذلك لخصوصية الجريمة وحرص الجناة على النجاة والتنصّل من المسؤولية الجنائية والسياسية لذلك يصعب دائما الكشف عن ملابسات عمليات الاغتيال والتي يستمر البحث والتحقيق فيها لسنوات دون كشف الحقائق المتعلّقة.. الشهيد محمّد البراهمي الذي استشهد يوم الخميس الماضي على الساعة الثانية العشرة و11 دقيقة أمام منزله وداخل سيارته (بنفس طريقة استشهاد بلعيد) لم تحترم أيضا الإجراءات الأمنية المعتادة في التعامل مع مسرح الجريمة. العبث بمسرح الجريمة.. الخبير الأمني والنفسي يسري الدالي وكاتب عام معهد الدراسات الإستراتيجية للأمن والأزمات أكّد لنا أن مسرح جريمة الاغتيال لم يقع تأمينه بطريقة مهنية وحرفية، ويقول الدالي «لقد عاينت المكان عن قرب.. وكان من المفروض حتى ولو كانت جريمة عادية أن تعطى تعليمات حينية تعتمد على مخطّط ما يسمّى «حصن وحصيّن» حيث تغلق المنافذ المؤدية لمواقع الجريمة، ولا بدّ من هذا الإجراء ليس لإبراز النوايا الطيبة بل لإبراز النوايا الحرفية والمهنية لأعوان الجهاز الأمني خاصّة في جريمة اغتيال بهذا الحجم والمستهدف منها هو سياسي ونائب بالمجلس التأسيسي.. عاينت وشاهدت بعد وقت وقصير من عملية الاغتيال أن مداخل ومخارج مدينة أريانة لم تكن مؤمنة بدوريات أمنية.. شيء يندى له الجبين عندما ترى أجهزة لا تتعامل بحرفية مع قضية من هذا الحجم.. حضر الأعوان بعد 20 دقيقة تقريبا من العملية ورفعوا بعض الأشياء من مسرح الجريمة دون أن تكون هناك عملية تطويق بطريقة حرفية.. تصريحات مثبطة للعزائم.. ويضيف الدالي «أهمل مسرح الجريمة وكان كلام وزير الداخلية مثبط للعزائم لأن ما اعتبروه انتصارا في كشف الجناة هو في الحقيقة ورطهم في إخفاق أكبر.. فكيف لوزير الداخلية الذي هو كذلك قاضي تحقيق أن يتكلّم بتلك الطريقة ويسرد على مسامعنا تلك الحقائق الواهية.. ولماذا لا يكون كل مديري وزارة الداخلية حاضرين ليدلوا بمعلوماتهم حول الجريمة كمدير المصالح المختصة والمصالح الفنية ومدير الأمن الوطني الذي من المفروض أن يكون مطلعا على كل الملابسات التي حفت بالجريمة احتراما لحق المواطن في الحصول على المعلومة.. لكن ما حصلنا عليه هو معلومات ضبابية وبها قدر من المراوغة.. فكيف تتم مهاجمة منزل مشتبه به رئيسي ويلوذ بالفرار دون أن يفتح تحقيق داخلي في تسرّب المعلومة؟» واستنكر د.يسري الدالي أن تعهد الابحاث الى الشرطة العدلية التي تبحث في جرائم الدم، للتحقيق في جريمة سياسية من المفروض أن تقوم بالتحقيق فيها سواء ادارة أمن الدولة التي وقع حلّها في عهد فرحات الراجحي أو على الأقل فرقة مقاومة الإرهاب لأن الباحث الابتدائي في مثل هذه القضايا يجب أن يكون على دراية كاملة بالخلفيات والمرجعيات السياسية والتجاذبات الحزبية ودور الاستخبارات الأجنبية وكل ما له علاقة بالأمن القومي..». منية العرفاوي
بوعلي المباركي (ابن خالة الشهيد) :الجريمة يكتنفها الغموض الكبير تونس- الصباح الأسبوعي: أفاد بوعلي المباركي الأمين العام المساعد باتحاد الشغل وابن خالة الشهيد محمد البراهمي ان الخوف كل الخوف الدخول في مرحلة اللادولة نتيجة الاحتقان الشديد الذي تعرفه البلاد. وحول ما اذا كانت العائلة قد توصلت الى معطيات جديدة حول عملية الاغتيال وتصريحات وزير الداخلية بخصوص المورطين في القضية قال بوعلي المباركي :»مايزال جميعنا تحت وقع الصدمة سواء كانت عائلته أو العائلة التقدمية والقومية وباستثناء المعطيات التي قدمتها الاجهزة الرسمية لم نسمع الجديد ولو أن كلام وزير الداخلية غريب ولا يمكن ان يكون كلاما صادرا عن مسؤول لانه يزيدنا غموضا فالبراهمي اغتيل في منتصف النهار وتلقى 14 رصاصة بينما قبلها بيومين تتحدث الحكومة عن تحسن الوضع الأمني.. اضافة الى ذلك الجميع يعرف ما حدث لسيارة الأمن في حلق الوادي وما يقع في عدة ولايات».. عبد الوهاب
زهير حمدي (الرجل الثاني في التيار الشعبي) :لا نثق في التحقيقات... وسنمر للقضاء الدولي اغتيال البراهمي ليس قرارا تونسيا.. هناك لعبة دولية والأمن مخترق من الداخل والخارج تونس- الصباح الأسبوعي: لم يخف زهير حمدي الرجل الثاني في التيار الشعبي الذي اسسه الشهيد محمد البراهمي ان مؤشرات الاغتيال كانت واضحة حيث سجلت تحركات غير عادية حول منزل الشهيد منذ فترة كما تلقى تهديدات حيث يقول محدثنا:» الاختيار على شكري بلعيد ومحمد البراهمي مركز ومن يقف وراء الاغتيال يدرك ماذا يمكن ان يفعل هذان المناضلان ولهذا لا أرى ان المشكل في أن سلفيا قد نفذ الاغتيال بل هناك لعبة دولية والقرار لم يكن تونسيا ولهذا السبب نحن متأكدون بأن الملف سيكون نسخة طبق الأصل من ملف شكري بلعيد». وعن تصريح وزير الداخلية حول هوية القتلة قال زهير حمدي:» ندرك جيدا ان الندوة الصحافية لوزير الداخلية كان الهدف منها امتصاص الغضب الشعبي ولهذا ما حدث مع ملف شكري بلعيد لن يتكرر هذه المرة في اغتيال البراهمي لذا دعونا الى حل المجلس التأسيسي واسقاط الحكومة والعصيان المدني السلمي». وللتيار الشعبي والجبهة الشعبية موقف من التحقيقات في الاغتيال السياسي الذي حدث في وضح النهار داخل حي سكني حيث يقول زهير حمدي:» نعرف ان جهاز الامن مخترق داخليا وخارجيا وكتيار شعبي وجبهة قررنا اللجوء للقضاء الدولي وجرجرة الجميع امامه.. محمد البراهمي تلقى تهديدات ولم يطلب الحماية لانه متأكد من عدم حمايته حيث قال لي لا توجد دولة وعلى هذا الاساس نحن لا نثق في التحقيقات ولا ايضا في القضاء واخترنا المرور للقضاء الدولي. فالاسماء المورطة التي تحدث عنها وزير الداخلية منها من مات في سوريا»..