قال اليوم الجمعة علية العلاني الخبير في الجماعات الإسلامية ان اغتيال محمد البراهمي يحمل أربع دلالات. وأضاف في حوار مع "الصباح نيوز" أنّ الدلالة الأولى لعملية الاغتيال تتمثل في فشل الحكومة في محاربة الإرهاب لأن التصدي للإرهاب لا يكون بالوسائل الأمنية فحسب بل وكذلك بالوسائل السياسية، مضيفا : "فهذه الحكومة لم تتعض من حادثة اغتيال الشهيد شكري بلعيد ولم تسعى لتنقية المناخ السياسي".
فشل في الحفاظ على قيم الجمهورية أمّا عن الدلالة الثانية للاغتيال، فقال : "لقد سجل فشل في الحفاظ على قيم الجمهورية فالرجل اغتيل يوم ذكرى اعلان الجمهورية، وقيم هذه الجمهورية قامت على عدة مبادئ من أهمها أمن التونسيين ورفاهيتهم ووحدتهم...فما نلاحظه أن أمن التونسيين تحت حكم التيار الإسلام السياسي هش والرفاهية أصبح من الصعب تحقيقها ووحدة الشعب التونسي ضربت بتقسيمه إلى إسلاميين وعلمانيين عوض تركيز مفهوم المواطنة في المجتمع".
خطورة تيار السلفية الجهادية وبيّن أنّ الدلالة الثالثة لعملية الاغتيال تؤشر إلى خطورة تيار السلفية الجهادية في تونس وتمكنه من تحقيق أهدافه الوطنية دون خوف، وهو ما يطرح تساؤلا حول هل أنّ أجهزة البلاد الأمنية مخترقة أم ضعيفة أم وقع إضعافها، قائلا : "من المؤسف أن نسمع اليوم بعض الأصوات تطالب بانتصاب شركات خاصة للحراسة الأمنية للأفراد وهو ما يطرح أكثر من تساؤل عن فاعلية الخطة الأمنية الحالية.. وأعيد وأكرّر أن الخطة الأمنية أو الاستراتيجية الأمنية ليست معزولة عن الواقع السياسي والتجاذبات السياسية التي تتحمل الترويكا الحاكمة المسؤولية الأساسية فيها". التحولات الإقليمية ألقت بظلالها على تونس وبالنسبة للدلالة الرابعة لعملية اغتيال الشهيد محمد البراهمي، فأشار إلى أنّ التحولات الإقليمية ألقت بظلالها على تونس في حين أن الحكومة تنفي باستمرار بأنّ ما حصل في مصر لا يؤثر في تونس رغم وجود نقاط مشتركة بين مصر وتونس باعتبار أن الحزبان الحاكمان ينتميان إلى نفس المدرسة الإخوانية مع فارق واحد أنّ لكلّ بلد أسلوبه في الضغط على الحكومة. وقال إنّ التونسيين يفضلون إسقاط الحكومة عن طريق صندوق الاقتراع والضغط الشعبي عن طريق المسيرات السلمية.
ما المطلوب حاليا للخروج من الأزمة؟ وفي سياق آخر، تحدّث علية العلاني لل"الصباح نيوز" عن ما هو مطلوب حاليا للخروج من الأزمة، قائلا : "ينتظر ملايين التونسيين حلولا عملية للخروج من الأزمة ويريدون هذه المرة لا خطابا تطمينيا فضفاضا وإنما إجراءات تتدرّج بالمجتمع نحو الخروج من النفق.. فالتونسيون اكتشفوا أنهم في نفق مظلم عندما علموا من وزير الداخلية في الندوة الصحفية التي عقدها اليوم أن المسؤولين عن اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي ينتمون للسلفية الجهادية وفيهم عناصر خطيرة مطلوبة دوليا..كما اكتشفوا أنهم في نفق مظلم عندما تحدث الجنرال رشيد عمار المستقيل في تصريح سابق حول أن تونس كادت تصل إلى مرحلة الصوملة".
مطلب أغلب التونسيين رحيل هذه الحكومة وهنا أشار إلى أنّ مطلب أغلب التونسيين أصبح واضحا بعد حادثة اغتيال البراهمي وهو رحيل هذه الحكومة واستبدالها بحكومة إنقاذ وطني لا تشارك فيها الألوان الحزبية وانما شخصيات مستقلة مشهود لها بالكفاءة، ولا تتجاوز مدة بقاءها 6 أشهر يتم إثرها إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية شفافة. وقال : "من المحبذ كذلك وفي غياب هيئة للانتخابات لم تستكمل بعد تركيبتها أن يتم اللجوء إلى الهيئة السابقة التي ترأسها كمال الجندوبي والمشهود لها بالكفاءة والحياد حتى تشرف على العملية الانتخابية المقبلة".
على الكتل النيابية قبول مقترحات لجنة الخبراء حول الدستور وبالنسبة للمجلس الوطني التأسيسي، أكّد العلاني أنه إذا أراد النواب الحفاظ على ما تبقى لهم من مصداقية فيجب أن تتفق أغلب الكتل النيابية على قبول مقترحات لجنة الخبراء حول الدستور باعتبار أن المشروع الحالي للدستور 80 بالمائة منه جيد، مضيفا : "بقبول كل ملاحظات لجنة الخبراء يصبح الدستور جيدا ونمرّ عندها إلى انتخابات بأقل التجاذبات وبذلك يستحسن عدم حل المجلس التأسيسي...أما إذا عادت التجاذبات بقوة بين الكتل حول الدستور فحينها يصبح مطلب حل التأسيسي مبررا ونرجو أن تدرك الكتل أن تعاملها مع مسألة الدستور سيحدد مستقبلها الانتخابي في الانتخابات المقبلة".
مؤسسة الرئاسة لا تتمتع بصلاحيات حقيقية وبخصوص الدعوة إلى إقالة المنصف المرزوقي، قال علية العلاني : "لا أرى في ذلك فائدة لأن مؤسسة الرئاسة لا تتمتع بصلاحيات حقيقية في فرض الإصلاحات السياسية ولذلك فمساوئ حلّ هذه المؤسسة أكثر من محاسنها". واضاف : "لقد أصبح متأكدا أن بقاء الحكومة الحالية إلى غاية الانتخابات سيؤدي إلى انتخابات مشكوك في نزاهتها حسب عديد الملاحظين لأن هذه الحكومة قامت بتسمية مئات الكوادر التابعة لها في المناصب الحساسة في الإدارة من ولاة ومعتمدين ومديرين...في فترة انتقالية كان من المفروض أن تكون فيها الإدارة محايدة".
الحكومة الجديدة مطالبة بالنظر في التسميات وبيّن أن المطلوب من الحكومة الجديدة إذا ما تم الاتفاق حولها أن تعيد النظر في التسميات حتى يطمئن المواطن على سلامة العملية الانتخابية وعلى تساوي حظوظ التونسيين في كل نشاط سياسي وإداري.
أمام النهضة فرصة تاريخية للخروج من عنق الزجاجة وفي نهاية حديثه معنا، قال علية العلاني : "أعتقد أن أمام حركة النهضة فرصة تاريخية وتكاد تكون وحيدة للخروج من عنق الزجاجة ولتفادي السيناريو المصري.. وهو أن تقبل بمغادرة الحكومة والبقاء بالمجلس التأسيسي وعدم عرقلة الإصلاحات حول الدستور حتى تحفظ ما تبقى لها من مصداقية في الانتخابات.