اليوم نسمح لانفسنا باقتباس كلمات الشاعرالخالد أبو القاسم الشابي عنوانا نتلمس عبره الطريق للخروج من النفق المسدود في مواجهة كل مخاطر الإرهاب الذي يزحف على البلاد و يهدد الامن القومي و معه كل المحاولات اليائسة للمساس بجيشنا الوطني الابي و مهمته الأساسية في حماية الوطن . فالمصاب الجلل والفاجعة التي حلت بكل التونسيين دون استثناء وهم يودعون ثمانية من الشهداء البررة الذين امتدت اليهم يد الإرهاب الاثمة وهم يؤدون الواجب في جبل الشعانبي بولاية القصرين لا يجب بأي حال من الأحوال أن تدفع بنا الى الإحباط أوالاستسلام للخوف والرعب من الإرهابيين و من لف لفهم من أعداء تونس من متطرفين ومحرضين على العنف و ناشري الفتن و دعاة للخراب والموت .طبعا ما حدث مساء أول أمس و نحن نستقبل الأيام العشرة الأخيرة من شهر الصيام والتقوى سيظل عالقا في كل الاذهان ليذكرنا بالدم التونسي الذي استبيح في هذا الشهر بدءا بجريمة اغتيال الشهيد محمد البراهمي أمام بيته وصولا الى مجزرة الشعانبي و ما كشفته حتى الان من بشاعة وهمجية وعدم ادمية مقترفي تلك المجازرالتي فاقتكل التصورات. سيكون من الغباء أن نتوقع أن مخططات الارهابيين ستتوقف عند هذا الحد فالارجح أن تلك العصابة التي أقدمت على تصفية جنودنا و التنكيل بجثثهم بتلك الطريقة الفظيعة بعد أن سلبتهم أزياءهم و أسلحتهم قد تكون بصدد الاعداد لمجازر أكثر دموية فلا أحد يمكن أن يعتقد ولو للحظة أن الارهابيين المسعورين ولا نخالهم الا يتلذذون بتلك المشاهد الفظيعة استحوذوا على البدل العسكرية و الأسلحة لمجرد الذكرى لان من عميت أبصارهم و تجمدت قلوبهم لن يترددوا في إراقة المزيد من الدماء من أجل مزيد اليتامى و الثكالى و الارامل .المؤسف اليوم أنه وفي الوقت الذي تواجه فيه البلاد هذا الخطرالارهابي المتفاقم فان القيادات السياسية تواصل الهروب الانتحاري الى الامام مصرة على المكابرة والعناد و رفض الاعتراف بخياراتها الفاشلة وانعكاساتها على أمن واستقرار البلاد فيما تغرق النخب في صراعتها المعلنة والخفية على السلطة ويزداد الشارع التونسي انقساما وتزداد معاناة السواد الأعظم من أبناء هذا البلد مع الخوف و الشعور بعدم الأمان من الحاضر و المستقبل في ظل استشراء الفقر و البطالة و الفساد و غياب العدالة الاجتماعية. بل الادهى من كل ذلك أنه في الوقت الذي كانت كل الفضائيات والأضواء مسلطة على رئيس الحكومة وهو يتوعد باللجوء الى الشارع لتثبيت الشرعية المهتزة كانت الجماعات الارهابية المسلحة ترتع في جبال الشعانبي و تستبيح دماء الجنود المغدورين و تزيد الجرح عمقا والنفوس ألما لتكشف المزيد من الهنات والفشل المسجل في الكشف عن الشبكات الارهابية التي نجحت في اختراق حدودنا و تهريب السلاح و تكديسه في المساجد و البيوت والاحياء الشعبية تحسبا لتنفيذ مخططاتها التي خبر العالم نتائجها في الصومال والعراق والجزائر وافغاستان وسوريا . عزاء التونسيين اليوم في هذا المصاب الجلل لن يأتي من قيادات أثبتت فشلها ولا من نخبة تائهة إزاء هول المشهد , عزاء التونسيين اليوم سيكون في التمسك بوصية الشهيد بل كل شهداء الثورة المخضبة بالدم بأن تونس تاج على رؤوس الجميع وهي أكبر من كل الأحزاب و من كل الأسماء و من كل القيادات و الزعامات , و في تونس اليوم شعب لا يركع للارهاب والإرهابيين , شعب ما انفك يردد أن إرادة الشعوب لا تقهر وهو الذي أدرك بالأمس و ليس اليوم أن في وحدته و ارادته و انتصاره للوطن و للحرية و للقيم الإنسانية حصانته و حصانة أبنائه حاضرا و مستقبلا من كل أنواع الخراب و الدمار ... رغم الألم والحزن و الحداد الذي يعصف بنفوسنا سنقف اليوم في توديع قوافل شهداء الوطن الافذاذ لنردد "اذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر" ...