إذا لم نتنبّه لخطورة التناقضات، ونحسن معالجتها بدقة علمية وحكمة دينية، ورؤية فكرية، ومعاملة إنسانية، وآلية سليمة متلائمة مع واقع الحياة، تتجمّع كلها في حوار هادئ، وجدال بالتي هي أحسن، كما أرشدنا خالقنا في قوله تعالى "ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلكم بالتي هي أحسن" (النحل آية 125) والحذر كل الحذر من الجهلة وجدلهم بغير علم، أولئك الذين وصفهم الله تعالى في قوله "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد" (الحج آية 3) وأفادنا تعالى أن الشيطان ألد أعداء الإنسان، وأيضا لربّه كفور، في قوله تعالى "إن الشيطان لكم عدوّ فاتخذوه عدوّا" (فاطر آية 6) وقوله عزّ وجلّ "وكان الشيطان لربّه كفورا" (الاسراء آية 27) وبيّن لنا علام الغيوب طريق الرشد مؤكدا سبحانه ذلك "قد تبيّن الرّشد من الغيّ" (البقرة آية 256) فنصحنا في تنزيله الحكيم "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم" (فصلت آية 34)، وإذا انحرفنا عن صراط الله المستقيم فسوف يحدث الإعصار المدمّر، الذي لا يبقي ولا يذر، والإنسان وخاصة الشباب منه إذا فقد الثقة، يزيغ عن صراط الرّشد، ويميل إلى صراط الغيّ، فتتبدد طاقاته في فراغ وتتبعثر وتضيع في الصراعات المهلكة، وتسهل على الأعداء احتلال نفسه، وعقله وروحه وأرضه فيفقد الانضباط بالمثل النبيلة والقيم الأخلاقية الكريمة، التي كان يؤمن بها، وينقلب إلى شرّ محض يدمّر نفسه وأمته، ويتحوّل من إنسان كان على خلق عظيم إلى شيطان مريد مارد أي خبيث متمرّد شرّير، قال ابن الأعرابي "المرد: التطاول بالكبر والمعاصي، ويغري بمغريات ساحرة، تدفعه باسم الصّراع التسلط على حياة الناس، وأعراضهم، وممتلكاتهم، وتزيغ قلبه فتثير في نفسه الأحقاد التي توصّل فيه نزعة الانتقام والتشفي بمبررات غريبة عن إنسانية الإنسان، فكيف ننتصر على هذه التناقضات التي تجرّ إلى التطرف؟ وكيف نرجع هذا الإنسان المتطرّف إلى مؤمن يألف ويؤلف كما وصفه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس" روي عن جابر؟ وكيف تكون أخلاق المسلم والمؤمن رغم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أفادنا أن "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم"، روي عن أبي هريرة.؟ من حقي أن أجاهر بأعوذ بالله من منكرات الأخلاق، والأعمال، والأهواء، ومن شرّ فتن الليل والنهار، ومن علم لا ينفع، ونفس لا تشبع، وقلب لا يخشع، وشرّ كل ذي شرّ لا أطيق شرّه، وأعوذ بالله من الخيانة فإنها بئست البطانة استدفع الشرّ بلا حول ولا قوّة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل، "أعوذ بعزّة الله وقدرته من شرّ ما أجد" يا لها من نصيحة ذات شأن عظيم توجّهت بها جمانة بنت قيس بن زهير لجدّها الربيع بن زياد " "الرّأي الصحيح تبعثه العناية، وتجلى عن محضه النصيحة" مضيفة "الحرب متلفة للعباد، ذهّابة بالطارف والتلاد، والسلم أرخى للبال وأبقى لأنفسم الرجال" وأين وصيّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات الأخلاق الرفيعة "جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم" والتي بين فيها مخاطر طاعة الهوى "من أطاع هواه باع دينه بدنياه"، وهل فهم بنو وطني قول خالقهم تعالى "فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين" (الزمر آية 21) وقوله عزّ وجلّ "أليس الله بكاف عبده ويخوّفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام" (الزمر آية 35) وأخيرا صدق الله العظيم في قوله تعالى " ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض" (المؤمنون آية 71) اعتصمت بربّي وربّ كل شيء، وتوكلت على الحيّ الذي لا يموت، وأدعوه أن ينعم على شهداء الوطن، بجنّة نعيم، وأهل طيبين، في أعلى عليّين وإنّا لله وإنّا إليه راجعون