عندما كنت أغادر مكتبه صباح أول أمس كان السيد الباجي قائد السبسي يستعد لاستقبال السفير الجزائري في بداية يوم مطول من اللقاءات والاجتماعات والحوارات مع مختلف ممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والنقابات من التحالف الديموقراطي الى الاتحاد الى جبهة الإنقاذ، يوم قد يكون عاديا لمن اختار حديثا اقتحام العمل السياسي ولا يزال يتهيأ وهو في مقتبل العمر لكل المخاطر والتحديات في خضم المشهد السياسي المعقد في البلاد ولكنه قد لا يكون كذلك بالنسبة لمن خبر العمل السياسي طوال اكثر من ستة عقود وعايش مرحلة تاريخية من مراحل استقلال البلاد وبناء الدولة الحديثة قبل الانسحاب والعودة للسباحة في لجج المسرح السياسي بعد الثورة وتهيئة الارضية لأول انتخابات ديموقراطية في تاريخ البلاد فأين يقف قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس من الاحداث المتسارعة وسباق الحوارات الماراطوني بين الفرقاء بعد أن تحول من العدو الأول للحزب الحاكم حركة النهضة التي طالما أصرت على نعته بحزب الازلام الى شريك مطلوب وأساسي في تجاوز أكبر أزمة تشهدها البلاد منذ الثورة وماذا عن احتمالات الانفراج في البلاد بين لقاء الشيخين في باريس وما تلاه من تصريحات ومواقف متضاربة داخل حركة النهضة وهل هي نهاية مبادرة الاتحاد أم أن الساعات القادمة ستحمل الينا مزيد المفاجآت هذه التساؤلات وغيرها كانت محور هذا اللقاء مع السيد الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة الاسبق الذي بدا على درجة من النشاط مفندا ما راج بشأن حالته الصحية ومشددا على أن رحلته الى باريس كانت لاجراء فحوصات عادية فكان الديبلوماسي والشاعر والسياسي في ذات الوقت لا يتوانى في استعراض قدرته البلاغية وقوة ذاكرته في استحضار الآيات القرآنية والاشعار وفيما يلي نص الحوار... * تدخل الازمة الراهنة في البلاد شهرها الثاني مع تراجع الامل بوقوع الانفراج بعد لقاء باريس وتضارب المواقف والتصريحات بشأن مبادرة الاتحاد فهل نشهد سقوطا للمبادرة التي تحظى بشبه اجماع بين الفرقاء؟ -نحن اليوم نعيش ظروفا صعبة للغاية غير مسبوقة والمصلحة الوطنية تمر قبل المصلحة الشخصية والحقيقة أننا نحتاج اليوم نكران الذات لاخراج البلاد مما هي فيه وفي قناعتي اننا قادرون على ذلك بالرجال والعزيمة وحسن النية، مصلحة تونس قبل كل المصالح الشخصية والحزبية.. * بين لقاء باريس وتصريحات راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة وما تلاها من ردود فعل من قيادات في الحركة لا سيما رئيس الحكومة ومبادرة النقاط الأربع التي أطلقها ورفض حل الحكومة والمجلس التأسيسي هل نحن أمام العودة الى المربع الأول واسقاط مبادرة الاتحاد؟ -علينا الاعتراف بأن تونس تمر بأزمة غير مسبوقة سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا لا بد أولا من الاقتناع بهذا وبأنه محكوم علينا أن نتحمل تبعات الازمة ونحاول الخروج من الوضع الراهن، فهل أن كل الحساسيات السياسية مقتنعة يهذا أم لا هذا هو المهم الآن وهل أن هناك استعدادا للحل أم تعطيل للحل؟ أما القول والقول المضاد فاذا كنا نريد الحل فهو ممكن اما اذا أردنا تعطيل الحل فهذا شأن آخر، نحن نرى ما يحدث في مصر ونعتقد أننا لسنا معصومين من ذلك اذا لم نتحرك ولم نفهم أن العالم يتقدم وأنه لا بد من مواكبة التطور، اذا توفر هذا الامر وغابت عقلية الاقصاء يمكن التقدم والنجاح في التوصل للحلول. * ولكن ما سمعناه من زعيم حركة النهضة أنه لا مكان اليوم للاقصاء وأنه سيتم تجاوز مرحلة قانون تحصين الثورة... - طبعا هذا تحول مهم ولكن عقلية الاقصاء سادت طويلا وهذا أمر غير مقبول ونحن اليوم بدورنا نقول أنه لا مجال لاقصاء النهضة هذا ليس من مصلحة تونس وسيزيد تعكير الأجواء. رغم كل ما قاله أعضاء من حركة النهضة وحتى غيرها في شخصي قبل لقائي بالسيد راشد الغنوشي في باريس فقد كنت من بادر بدعوته علنا الى الحوار عبر قناة نسمة وهو من اتصل بي جوابا على ندائي على ذلك وقلت انه غير ممكن لاني كنت في باريس ولكنه تكرم وقال ساتي الى باريس وهذا ما حدث وقد شكرته على مبادرته، ولكن ما يقال الآن من هنا وهناك من السياساويين مجانب للحقيقة وأقول على الملئ أنه لا وجود لصفقات أو غيرها طوال ثلاث وستون عاما من الحياة السياسية من الاستقلال الى بناء الدولة، كما أنه لا وجود لاتفاق كتابي ولا وجود لطاولة أصلا ولا لتدخل أجنبي من أي جهة كانت في اللقاء، هناك مرض عقلي لدى البعض من المشككين في كل شيء. * كيف تم هذا اللقاء اذن وهل صحيح أن رجل الاعمال سليم الرياحي ومدير قناة نسمة نبيل القروي وراء ه وما هي نقاط الاختلاف أو الالتقاء بينكما؟ - لا أعرف من كان وراء اللقاء ولا يهمني ذلك ما أعرفه أن نبيل القروي كان في زيارة لي عندما جاء راشد الغنوشي والوفد المرافق له ولم يشارك منهم أحد في اللقاء بل اجتمعنا لاحقا للتحية فحسب ومن هنا كانت الصورة التي وقع تداولها. سمعني الغنوشي ولكن لم يقبل كل شيء ومن المهم الإشارة الى أنه لم يكن متشنجا ودار بيننا حوار حضاري وهذا أشهد به، وصدر بيان مشترك من أربعة سطور يؤكد "أن الحوار صريح جدا وإيجابي". * هل يريد السيد الباجي قائد السبسي اقناعنا بأنه لا علاقة له بسليم الرياحي ولا يعرفه ؟ - فعلا ليس لي به أي علاقة التقيته مرة في السابق عندما كان يبحث تشكيل حزب سياسي، حضر اللقاء أربعة اشخاص وانصرفوا ولم يشاركوا في الحوار، ولا مجال للحديث عن دور المال والسياسة أنا بورقيبي ولا أعرف ثمن الدينار. * هذا خطير لأن الدينار في أدنى مستوياته ولم يبلغ هذا التدهور من قبل؟ - فعلا ومن هنا تواتر الازمات الاقتصادية والعجز المستمر في الميزانية والذي يستوجب تجاوزه لتجاوز الأخطر. * النفي في لغة الديبلوماسيين وأعراف الديبلوماسية يعني دوما العكس فماذا عن إيجابية اللقاء؟ -قلت انه حوار إيجابي وأنه لا بد من العودة للحوار تحت مظلة الاتحاد لانه يمثل الموقف الوسط ونحن بدورنا منسجمون مع مبادرة الاتحاد، طلبنا كذلك حل الحكومة وهذا باعتقادي يحظى باجماع مختلف الفرقاء في حين أن حل المجلس التأسيسي ليس كذلك فليس هناك اجماع في هذه النقطة. سياسيا أيضا نسجل الاجماع الحاصل مع مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة ونحن متفقون في هذه النقطة وهذا أمر هام جدا ويحصل لأول مرة. المشكلة كانت حول القبول بتشكيل حكومة جديدة تفض كل المشاكل العالقة فتونس اليوم على وشك الإفلاس في جميع المؤشرات وكل الخبراء يقرون بذلك، ولا يمكن بالتالي تجاوز الازمة الحالية بالشعارات والخطب ولهذا نساند توجه الاتحاد ومنظمة الأعراف. * لو نعود الى لقاء باريس بماذا خرجتم من هذا اللقاء؟ -بينت للسيد راشد الغنوشي الإيجابيات والسلبيات في الوضع الراهن وأن حل الحكومة ضرورة ولكنهم في حركة النهضة غير مقتنعين بذلك، يريدون حكومة تعود فيها الرئاسة لحركة النهضة وفي المقابل فان جبهة الإنقاذ والجبهة الشعبية والاتحاد أيضا ونحن من موقفهم لا نقبل بذلك، ونحن من جانبنا مع حل المجلس التأسيسي ولكن اذا كان رأي الاتحاد ومنظمة الأعراف غير هذا فلا بد أن نأخذ هذا الامر بعين الاعتبار. * وماذا عن الانباء بشأن توليكم رئاسة الجمهورية في المرحلة القادمة؟ -ليس محجر علي أن أكون رئيس الجمهورية ولكن ما حدث فعلا أن الامر لم يطرح بالمرة ولم نتطرق الى هذه المسألة وبالنسبة لنا في نداء تونس فان الهياكل المنبثقة عن انتخابات 23 أكتوبر أثبتت عدم نجاعتها وعدم فعاليتها وقد سبق للسيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة السابق الاعتراف بفشلها، والمجلس التأسيسي جزء من المشكل أما الرئاسة فالكل يعرف دورها فالهياكل لم تكن في المستوى واذا حلت لن نندم عليها * ولكن سي الباجي انت في السابعة والثمانين ما شاء الله وهناك من اعتبر سابقا بأن عمرك السياسي انتهى وأنه آن الأوان ليتولى الشباب الأمور؟ -أقول لصاحب هذه النظرية لو وجدت قيادات قادرة على الإمساك بزمام الأمور وقيادة البلاد وتجنيبها كل المخاطر التي نعيشها لكنت اخترت الراحة والانسحاب ولكن من نكد الدنيا أن ذلك لم يحدث لذلك أقول مجددا سأواصل العمل السياسي ولن أتردد في خدمة تونس وتغليب المصلحة الوطنية طالما لزم الامر. * وكيف يمكن قراءة تصريحات رئيس الحكومة المتعارضة كليا مع رئيس حركة النهضة فهل نحن أمام تقاسم الأدوار أم استمرار المناورة؟ -هناك من هم مع التفتح والسير الى الامام وهناك من هم مع الجمود لبقاء الحكومة والتأسيسي، السيد علي العريض قال الكثير من الأشياء في هذا الشأن وفيما يتعلق بدور الحكومة ورئيس الجمهورية والمجلس التأسيسي وهو بذلك يقول لنا ليس بالامكان أفضل مما كان لذلك قلت ومنذ البداية أنه لا بد من الاتفاق على وجود أزمة في البلاد وبكل بساطة فان تصريحات رئيس الحكومة تدفع الى مزيد الإحباط وتخلق الظروف التي من شأنها أن تزيد تعميق الازمة لا التعجيل بالانفراج، ومن هذا المنطلق يصبح السيناريو المصري غير مستبعد لانه لا يجب أن ننسى التعبير الأساسي من جانب الشعب التونسي الذي طالب ويطالب برحيل الحكومة وعلى المسؤولين الا يتجاهلوا خروج نصف مليون تونسي كما رصدتهم الأقمار الصناعة يوم 13 أوت في باردو ولا يمكن لهؤلاء المسؤولين أن يقولوا للتونسيين شكرا لكم عودوا الى بيوتكم. وبصفة عامة فان رئيس الحكومة لا يمكنه أن يتكلم بتلك الطريقة ويطلب الاحتكام الى الشارع كما في خطابه السابق المعارضة بإمكانها القيام بذلك ولكنه رئيس حكومة يفترض أنها يمثل كل التونسيين وليس زعيم معارضة. * كيف تنظرون الى اعلان رئيس الحكومة تصنيف تنظيم أنصار الشريعة بالتنظيم الإرهابي؟ -قرار متأخر، نحن مع حرية الرأي والتعبير والأنشطة السلفية وغير السلفية ولكننا ضد العنف والإرهاب، نبهنا طويلا الى حركات مرتكزة على العنف لديها في نظامها التهيئة البدنية على القتال وقد أكد رئيس الحكومة ذلك وقال انهم يتدربون على الجاهزية القتالية والفنون الجسدية والسؤال لماذا تركوهم للوصول الى هذا الحد، أقول صراحة ان الحكومة تتحمل مسؤولية في ذلك وقد تراخت في التحرك منذ الهجوم على السفارة الامريكية والاعتداء على لطفي نقض وبقية الاعتداءات التي يعرفها الجميع من طرف لجان حماية الثورة ثم وقوع المحظور باغتيال شكري بلعيد وهي فضيحة والقاتل لم يعرف بعد وكذلك من يقف وراء الجريمة ثم كان الاغتيال الذي استهدف النائب محمد البراهمي وما تسرب من أخبار من الداخلية تتناقض مع المعطيات السابقة وكل هذا خلق حالة من الغموض لا بد من توضيحه للرأي العام. * وماذا ترد على المحذرين من الفراغ في حالة حل الحكومة؟ -لا خوف من الفراغ لا في الحكومة ولا في التأسيسي، لدينا طروحاتنا وقوانينا وحلولنا جاهزة، وقناعتنا أن كل حكومة تأتي يجب أن تكون لها المصداقية في الداخل والخارج والكفاءة للتصرف بكيفية أحسن للخروج من الازمة الاقتصادية، وفي المسائل الاقتصادية فان الخارج له دوركبير في عودة الاستثمارات وفيما يخص العلاقات الخارجية. * نفهم أن لديكم تصورا لهذه الحكومة فهل من مجال لكشف مكوناتها؟ -طبعا لدينا تصور ولدينا قائمة من الشخصيات الوطنية التي تتمتع بالكفاءة ولكن عندما أسأل عن هذا الامر يمكن أن أقول رأيي وأقدم اقتراحاتي. ولكن كل ما يمكنني قوله الآن أن تونس تزخر بالكفاءات الوطنية التي يقع تجاهلها وهم قادرون على العمل من أجل تونس وهم كثر ولا بد من الإشارة أنهم نساء ورجال. * ولكن السيد علي العريض يتحدث عن حكومة انتخابات ماذا يعني ذلك بالنسبة لكم؟ -هذه بدعة لم أسمع بذلك من قبل وشخصيا أدعوه الى توضيح الامر وما اذا كان هذا التوجه للتفصي من الدعوات لحل الحكومة الحالية وببساطة فان حكاية حكومة الانتخابات لا "تجدّ" على عاقل. * قيل الكثير عن لقاءات جمعتكم قبل لقاء الغنوشي أو بعده في باريس بوزير الخارجية السعودي الذي صادف وجوده هناك وكذلك الشأن لوزير الخارجية القطري فما مدى صحة ذلك؟ -بكل تواضع وبكل ثقة في النفس أقول الباجي قائد السبسي يعرف رؤساء ووزراء خارجية كل الدول وكلهم على اتصال معي ومستحيل أن يكونوا تدخلوا أو حضروا بكيفية أو بأخرى اللقاء وأنا لا أقبل هذا الأمر كافحت في عهد فرنسا ولدي صداقات في كل العالم ولا أقبل بذلك. * اذا كان الامر كذلك فكيف تنظر الى الديبلوماسية التونسية اليوم وما هو موقعها على الساحة الدولية؟ - للأسف غائبة كليا عن الساحة الدولية، كنت أعرف الديبلوماسية التونسية منذ عهد المنجي سليم والطيب سليم وغيرهما وذلك عندما كانت تونس تتكلم في الأممالمتحدة كانت كل دول العالم الثالث تنسجم معها بل أكثر من ذلك فان دول العالم الثالث كانت تنتظر موقف تونس لتتخذ لها موقفا وتونس كانت قوتها في سياستها الخارجية. * وأين تونس اليوم مما يحدث حولها وكيف تنظرون الى الديبلوماسية التونسية ودورها إزاء طبول الحرب التي تقرع في سوريا؟ -تدخلات تونس في غير محلها القضية متشعبة في التوازنات العالمية وقد دخلت على الخط روسيا والصين والقوى الكبرى ونحن ليست لنا المؤهلات ولكن يبقى علينا لزاما مساندة الشعب السوري في كفاحه من أجل تحقيق كرامته والانعتاق من جميع الضغوط نفهم أن هناك عدة عوامل متداخلة ولا بد من تجنب المواقف التي قد تبدو مواقف بهلوانية. * ما المطلوب الآن وهل بقي من مجال للحديث عن انفراج أو حل لما نحن فيه؟ - خلاصة القول لا خروج من الأزمة بدون حل الحكومة ولا يجب أن يتأخر الأمر أكثر من هذا الوقت لان الازمة ستتعمق والمخاطر ستزيد والحل سيكون أصعب، اذا أردنا الوصول الى التوافق وبالطرق السلمية فان هذا لا يزال ممكنا اليوم وربما لن يكون الامر كذلك في الغد. النقطة الثانية التي أتوقف عندها مجددا أن الحوار الوطني يجب أن يكون تحت مظلة الاتحاد حتى لا نتفرق. * و ماذا عن رئاسة الجمهورية؟ -رئاسة الجمهورية بلا نفوذ وهي بلا صلاحيات أصلا. * ألا تخشون أن يعتبر البعض هذا الكلام بمثابة التهديد؟ - تهديد، أبدا، لا، ولكن كلما طالت الازمة كلما تعقد الوصول الى الحل وربما تكثر المظاهرات والاحتجاجات في ظل تفاقم القضايا الاجتماعية وتزايد الفقر والتهميش والبطالة، مائة الف تلميذ ينقطعون عن التعلم في سن مبكرة وكل هذا سيزيد الامر تدهورا. * رئيس الحكومة جدد قناعته باجراء انتخابات قبل نهاية العام ما هو تعليقكم؟ -مستحيل ان يكون ذلك حسب اعتقادي اللهم اذا كان هناك تزوير للانتخابات ولكن اذا اردنا انتخابات شفافة وفق المعاييرالدولية فان ذلك لن يكون ممكنا قبل شهر مارس أو افريل القادم. * كيف تنظرون اليوم الى واقع الاعلام وما يواجهه من ضغوطات أو تحديات مع الاستعداد لمحاكمة مدير قناة بتهمة التآمر على النظام والتحضير لانقلاب بسبب دعوته للتمرد على السلطة؟ -هناك فعلا ضغوط على الاعلام وهذا مؤشر سلبي لان المكسب الأهم للثورة حتى الآن ارتبط بحرية الاعلام وحرية الرأي والتعبير وذلك رغم قناعتنا بأن الاعلام لايزال يفتقر في جانب كبير منه الى مزيد المهنية ولكن اذا كان في ذلك ضرر فهو أخف الضررين من وجود اعلام تابع قابل للتطويع، أما في قضية الطاهر بلحسين والتهمة الخطيرة الموجهة له فتجعلنا نتساءل هل أن النظام على هذه الدرجة من الهشاشة حتى يسقط بسبب تصريحات أو دعوات للتمرد وهل أن كل من يقول اليوم أن المجلس التأسيسي غير شرعي انقلابي أيضا؟ * قرار اتخذته خلال فترة رئاستك للحكومة وندمت عليه بعد فوات الأوان ؟ - قد يكون هناك قرار أو قرارات ندمت على اتخاذها وشخصيا لست راض تماما على كل شيء قمت به خاصة في مجال التشغيل، ومكافحة الفقر والقضاء على الجوع، المؤسف أننا كنا حددنا مبلغ 200 دينار لمساعدة العاطلين ولكن تم إيقافه لاحقا. أنا بورقيبي التوجه ومثله أعتقد أن " la nécessite fait loi" لم أكن مع المجلس التأسيسي ولكني قبلت به كنت في المقابل مع استفتاء حتى يكون المجلس مضبوطا بمدة معينة ومن أجل هدف معين وهو وضع الدستور. * اليوم في أمريكا يحيون الذكرى الخمسين لخطاب الزعيم مارتن لوثر كينغ لدي حلم "i have a dream" فهل ما زال اليوم لدى شبابنا حلم؟ - لا بد أن يكون لشبابنا حلم وانا أقف هنا عند مقولة لبورقيبة وقد أختلف في هذا مع الشيخ الغنوشي لاذكر بما قاله الزعيم "انه حلم الشباب الذي حققته عندما تم النضج " "c'est un rêve de jeunesse qu'on réalise a l'age mur" ولا بد لكل منا أن يكون له حلم ومن لا حلم له لا مستقبل له. حلمنا كثيرا بعض الاحلام تحققت والبعض لا يزال وهنا استعيد المقولة الشهيرة "ما أضيق العيش لولا فسحة الامل". * رسالة تود نقلها الى التونسيين؟ - التمسك بالامل في بلادهم وفي شعبهم، الشعب يترقب المجتمع المدني ليكون له دوره في هذه المرحلة خاصة المرأة، ثانيا أقول ليس لنا من حل للتقدم والرقي الا بالتضامن نحن قلة ولا بد لنا من التضامن وهنا أستعيد ما قاله السموأل منذ قرون ومن هنا نستمد قوتنا من نوعية التكوين البشري لنكون في مستوى الاحداث والتحديات وأن الدولة في القرن الواحد والعشرين يتعين عليها أن تلتحق بركب الدول المتقدمة ولا تنظر الى الوراء والى القرن السابع وعندما يقود الانسان السيارة لا ينظر الى الجدران بل الى الامام حتى لا يصطدم بما هو أمامه.