تونس – الصباح الاسبوعي: ارتفعت تكلفة الحج في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ مع اختلاف أسباب الارتفاع من موسم لآخر مما جعل الحاج الباحث عن مرضاة الله وغفران الذنوب والخطايا عبر هذه الشعيرة الدينية يكتوي بنار أسعار لا يكاد لهيبها ينطفئ سنة حتى يزداد اشتعالا في السنة الموالية. وضعية جعلت المقبل على هذه الفريضة في حيرة بين واجب حتمه الشرع بشروط على من استطاع اليه سبيلا وواقع يفرض عليه كل موسم تسعيرة جديدة سمتها الارتفاع المتواصل ،ليبقى السؤال هل ترك القائمون على الحج على هذا النحو للحاج سبيل؟ يعرف أهل العلم الشرعي الحج على انه التعبد لله عزّ وجلّ بأعمال مخصوصة في أوقات مخصوصة ، في مكان مخصوص من شخص مخصوص على ما جاء في سنة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهو واجب على كلِّ : مسلم، حر، مُكلَّف، قادر، في عُمره مرَّةً واحدة ولعل وجوب هذه الشعيرة على الشخص فور استطاعته التي قد تبدو اليوم صعبة نوعا ما اذا ما اقترنت بالقدرة المادية لأن التسعيرة المطروحة قد تدفع الرّاغبين في أداء مناسك الحج الى التضييق على حالهم وعلى وضع عائلتهم ماليا عبر الاقتراض من البنوك واللّجوء للسّلفة بما يثقل كاهلهم وهو ما لا يرضاه الشرع فاعتماد أسعار في حدود 7 الاف دينار او 12 الف او 16 الف دينار سيجعل الحج حكرا على طبقة بعينها لعدم قدرة عامة الناس على هذه الشعيرة التي أضحت «أسعارها سياحية.» تخفيض في نسبة الحجيج يقابله ارتفاع الأسعار اختلفت أسباب الزيادة في تسعيرة الحج من موسم الى موسم وتفسر بتطوير الخدمات الإضافية للحاج او تجاوز الطلب لللعرض خاصة على مستوى خدمة السكن وذلك في ظل الأشغال الجارية حاليا بمكة لبناء إقامات جديدة خاصة بالحجيج بعد هدم القديمة. وفي هذه السنة وبطلب من السلطات السعودية فقد وقع التخفيض بنسبة 20 % في عدد الحجيج التونسيين وذلك بسبب أشغال التوسعة في الحرم المكي. حدّدت تسعيرة الحج للسنة الحالية ب7475دينارا (بالنسبة الى حجيج الفرز العادي) مقابل 6749 دينارا سنة 2012 و بنسبة زيادة عن سنة 2011 بلغت 427 دينارا حيث حدّدت ب 500, 6.102 دينار، فيما كانت التسعيرة سنة 2010 في حدود 5623 دينارا وبالتالي فقد ارتفعت التكلفة خلال أربع سنوات ب 1852 دينارا وهي زيادة مرتفعة نوعا ما بالنسبة للحجيج الذين أدوا المناسك عن طريق الفرز العادي. وتبقى تسعيرة هذا الموسم باهضة بعض الشيء نظرا للوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد والذي أثّر سلبا على المقدرة الشرائية للمواطن الذي اختنق بلهيب أسعار المواد الاستهلاكية. كما ان هذه الشعيرة تأتي بعد مصاريف شهر رمضان ثم عيد الفطر وفصل الصيف وأيضا في خضم العودة المدرسية فضلا عن أيام الحج التي تنتهي بالاحتفال بعيد الأضحى. فأين المواطن العادي سواء كان موظفا او صاحب مهنة حرة من كل هذا وهل سيخوّل له الوضع الاقتصادي بكل تجلياته وتاثيراته توفير مستلزمات الحج المرتفعة دون نسيان ما سينفقه في البقاع المقدسة؟ «حج سياحي»..بأسعار غير مميزة أما بخصوص الخدمة الممتازة للحج فقد حددت التسعيرة بالنسبة لحجيج الفرزالذين خيروا غرف ثنائيّة ب 16.000 دينار للحاج الواحد و12.100د لكل غرفة رباعيّة. ويشمل معلوم الحج الإقامة بمكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة وتذكرة السّفر إلى البقاع المقدّسة والنقل البرّي بالبقاع المقدّسة ووجبتيْ فطور الصباح والعشاء بكلّ من مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة. والإقامة بعرفات ومنى مع التمتّع بوجبات مبردة ورحلة إلى المزارات في المدينة المنوّرة. ويذكر انه خصص 680 مكانا بمعدل 600 شخص لتسعيرة 12.100 دينار و80 شخصا الخاضعين لتسعيرة 16.000 دينار . ويتمتع هؤلاء بالإقامة في فنادق من فئة 5 نجوم. وحتى بالنسبة الى الباحثين عن الحج السياحي او ما يسمى بالحج المميز «الحج السياحي» فان مثل هذه التسعيرة بدورها تبقى مرتفعة ان لم نقل مشطة رغم تخصيص هذه الخدمة لحجيج مكفولي التونسيين بالخارج أي الحجيج الذين يسددون ما عليهم بالعملة الصعبة. تعميم الفائدة وللاستفادة من الفنادق من فئة خمس نجوم لأكبر شريحة من حجيج الفرز ( الذين حددت تسعيرة أداء المناسك بالنسبة إليهم ب 7475 دينار ) فانه تم تخصيص التسعيرتين الأخرتين (اي 12 الف و16 الف دينار) الى المحذوفين من القائمات النهائية نتيجة القرار السعودي بتقليص نسبة الحجيج ب20 والمدرجين بقائمات الانتظار العادية قبل صدور قرار التقليص في الحصة التونسية والذين تقدموا بترشحاتهم لاداء المناسك هذه السنة ومن يرغب في القيام بها بنظام مكفولي التونسيين بالخارج. وأمام هذا الوضع أصبح من المفروض على الرّاغبين في الحج والمشتاقين الى زيارة البقاع المقدسة البحث عن أموال إضافية لاداء المناسك والقبول بالتسعيرة المطروحة، فهل يعتبرذلك طريقة للتقليص من عدد الراغبين في الحج استجابة لقرار التخفيض السعودي ؟