نقف على مسافة واحدة من كل القضايا كنا ولا نزال مع حقوق الشعب السوري وتطلعاته للحرية والديموقراطية حذر الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي أكمل الدين احسان أوغلو من انصراف الاهتمام الاعلامي بما يحدث من جرائم وانتهاكات على الساحة الفلسطينية كاشفا في حديث هاتفي خص به "الصباح" في أعقاب زيارته قبل أيام الى القدسالمحتلة "خطورة وتداعيات الانتهاكات الوحشية الجارية في القدس من منع لأداء الصلاة في الأقصى، وإغلاق كامل لمحيط المدينة، ومزاحمة متواصلة للمستوطنين لأهلنا في القدس، والتي تصل إلى حد مصادرة أراضي الفلسطينيين، والاستيلاء على بيوتهم وآثارهم الإسلامية والمسيحية، وصولا إلى طردهم وتفريع المدينة من ساكنيها الأصليين" وقال أوغلو أن "كل دقيقة تمر ثمة ما تخسره القدس" مشددا على أن انقاذ المدينة المقدسة يستوجب أكثر من المساعدات والمنح .وأشار أوغلو، وهو دكتور في تاريخ العلوم والثقافة في العالم الإسلامي، في هذا السياق إلى أنه "لا بد من اجتذاب كاميرات الاعلام المنشغل بهموم عالمنا العربي والاسلامي الى ما يحدث في القدس وما يتعرض له الشعب الفلسطيني" وعما يحدث من استنزاف للدم في سوريا قال أوغلو ان منظمة التعاون الاسلامي كانت دوما الى جانب حقوق الشعب السوري. كما اعتبر أن معاداة الاسلام والمسلمين مرتبطة في جزء منها بالمتطرفين في عالمنا الاسلامي الذين يعطون المبرر والذريعة للآخرين لاستهداف الاسلام والمسلمين. وفي ما يلي نص الحديث ماذا أثمرت زيارتكم إلى الضفة الغربية وتحديدا رام الله... ألا تخشون أن تفاقم الانقسام الفلسطيني الحاصل بين غزةوالضفة الغربية؟ - لا توجد أية علاقة بين ما أسميته بتفاقم الانقسام الفلسطيني، ومحاولة أي طرف في العالم الإسلامي تسليط الضوء على معاناة المسجد الأقصى المبارك، ولا أعتقد أن زيارة تمت بالتنسيق مع الجانب الفلسطيني، وانحصرت بإيصال رسالة إلى العالم الإسلامي عن تداعيات الانتهاكات الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك والوجود الديموغرافي العربي والمسلم وحتى المسيحي في القدس، قد يساء فهمها من قبل أي طرف فلسطيني نحن نتمنى على الفصائل الفلسطينية المختلفة أن تتجاوز خلافاتها، وقد كانت لنا محاولات يتذكرها الجميع في عام 2006 لرأب الصدع الفلسطيني، كما أن غزة جزء لا يتجزأ من أجندة العمل في منظمة التعاون الإسلامي التي أسست مكتبا لها في العريش لتنسيق دخول المساعدات إلى القطاع، وكان لها ولا يزال دور كبير في مساعي فك الحصار الإسرائيلي عن أهل القطاع وأكرر، لقد جاءت زيارتي إلى القدس في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بأحداث جسام تتفاقم جذوتها في منطقة الشرق الأوسط، وكان لزاما أن نرفع النقاب عن الانتهاكات الوحشية الجارية في القدس من منع لأداء الصلاة في الأقصى، وإغلاق كامل لمحيط المدينة، ومزاحمة متواصلة للمستوطنين لأهلنا في القدس، والتي تصل إلى حد مصادرة أراضي الفلسطينيين، والاستيلاء على بيوتهم وآثارهم الإسلامية والمسيحية، وصولا إلى طردهم وتفريغ المدينة من ساكنيها الأصليين.. أمام كل هذا، كان لابد من اجتذاب كاميرات الإعلام المنشغلة بهموم بعض دولنا الأعضاء، إلى قلب أزماتنا النابض، لمنحه بعض الانتباه، خاصة وأنه في كل دقيقة تمر ثمة ما نخسره في القدس.. وعلى الرغم من أن المنظمة بادرت في جوان الماضي إلى عقد مؤتمر للمانحين لصالح مدينة القدس، إلا أننا نؤمن إيمانا مطلقا بأن هذه المدينة العزيزة على قلوبنا تحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك، وسنظل نلح على حاجتها للمساعدة والدعم، وأعتقد أن جزءا من دورنا في الأمانة العامة هو طرح الأزمات بصورة واضحة على الدول الأعضاء كي يتسنى لها تقديم الحلول. وأنا إذ أقف على مشارف نهاية مشواري في منصبي كأمين عام للمنظمة، أرى أنه كان من واجبي أن أخصص وقفة لصالح القدس، والأقصى، ليدرك العالم الإسلامي حجم المشكلة التي تنتظره في هذا الجزء الغالي، ويرى بأم العين فداحة الانتهاكات والعدوان، واحتياجات أهل المدينة للمساندة ماذا يمكن للمنظمة اليوم تقديمه للقضية الفلسطينية لوقف زحف الاستيطان ودفع مسار المفاوضات في ظل حالة العجز والضعف الحالية للعرب والمسلمين؟ - أوجه الدعم التي نقدمها لفلسطين كثيرة، وربما يكون أبرزها الاستفادة من القاعدة التصويتية للمنظمة في كل من الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، حيث تشكل الدول الأعضاء بالمنظمة مساحة داعمة قوية وقد أدركت القيادة الفلسطينية ذلك، ونحن بصدد التنسيق الدائم لدعم أي قرار فلسطيني يصل إلى المنابر الدولية.. هذا النوع من المساعدة سيشكل من دون شك ورقة ضغط على إسرائيل التي لن تنظر بعد الآن إلى الفلسطينيين على أنهم وحدهم في المواجهة معها، وسوف تدرك أيضا أن هناك العشرات من الدول الإسلامية المستعدة لمد يد العون في أي مشروع قرار يسعى الفلسطينيون إليه، وأن موقف 56 دولة مسلمة سوف يشجع كذلك الدول الصديقة في الجمعية العامة ومنظمات الأممالمتحدة على تأييد قراراتها.. وقد أثبتت الخطوات التي اتخذها الفلسطينيون، ولاقت دعما من المنظمة ودولها أنها إحدى الوسائل المهمة لاسترداد الحقوق الفلسطينية المشروعة هذا جزء من دعمنا للفلسطينيين، وفي زيارتي الأخيرة إلى رام الله، اتفقت مع صديقي رياض المالكي، وزير الخارجية الفلسطيني على جملة من الإجراءات والتدابير العملية التي من خلالها نستطيع أن نوفر حماية حقوق الشعب الفلسطيني، ولنبتكر أدوات للضغط على إسرائيل، لوقف استباحتها للأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الاستيطان وحركة مصادرة الأراضي في الضفة الغربيةوالقدس الشريف. وكنت ولا أزال أحرص في كل قراراتي أن تتخذ جانبا عمليا وتطبيقيا بعيدا عن الشعارات والأسقف العالية التي تجعلها حبيسة البيانات الختامية أين تقف المنظمة مما تعيشه الدول العربية والإسلامية اليوم من نزيف دموي امتد من مصر إلى العراق و سوريا و لبنان؟ - المنظمة تقف على مسافة واحدة من كل قضاياها، ووفق المبادئ والسياسات المتفق عليها بين الدول الأعضاء، والأسس الواضحة التي وضعتها إزاء كل دولة ذكرتها في السؤال، بدءا بمصر ومرورا بالعراق وسوريا ولبنان.. ولكل دولة قضيتها وأبعاد مختلفة تحتاج إلى معالجة مستقلة، لكننا متفقون على الدوام وفق مبادئ يتبناها الميثاق الجديد على الديمقراطية والحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان، وصون حياة الشعوب الإسلامية، وعيشها الكريم والمنظمة بناء على هذه المعطيات كلها، تتداخل وتتفاعل مع محيطها بما لديها من إمكانيات، وتفويض من دولها الأعضاء يمكّنها من القيام بدورها بصورة مرضية للشارع المسلم، وطموحات وتطلعات الأمة الإسلامية. هل من مجال لدور مرتقب للمنظمة للمساعدة على إنهاء الحرب المدمرة في سوريا؟ - دائما وأبدا كانت المنظمة مع حقوق الشعب السوري، وفي كل اجتماعاتها التي عقدت على مدى سنوات الأزمة السورية، بدءا بالقمتين اللتين عقدتا في الأشهر الماضية، إحداهما القمة الاستثنائية الإسلامية الرابعة في مكةالمكرمة في أوت 2012، والقمة العادية الثانية عشرة التي عقدت في القاهرة في فيفري 2013، بالإضافة إلى اجتماعين طارئين حول هذه المسألة عقدا على مستوى وزراء الخارجية. ومن خلال كل تلك الاجتماعات العادية والطارئة، واللقاءات التي عقدتها مع العديد من المسؤولين، والزيارات والجولات على العديد من الدول، والمشاركة في كل الاجتماعات التي عقدت لبحث تداعيات هذه الأزمة، تبنت المنظمة مواقف مؤيدة للشعب السوري، وتطلعاته نحو الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان، وصون دمه وترابه ووحدة أراضيه.. من هذا المنطلق، ستبقي المنظمة على تواجدها لرفد كل الجهود التي تكفل حماية الشعب السوري من القتل والتشريد، وتضمن وحدة بلاده والحيلولة دون تقسيمه. وكما عرضنا في بواكير الأزمة دورنا لحل الأزمة، فإننا لا نزال نعرض كل مقدرات المنظمة، وإمكاناتها من أجل إيجاد حل مشترك مع كافة الأطراف للخروج من الأزمة بأقل الخسائر، ووقف نزيف الدم، وكبح التدهور في سوريا نحو الانهيار الكامل هل من مجال كذلك لدور من أجل إنهاء الأزمة في مصر؟ - لقد كانت المنظمة من أوائل المنظمات الدولية التي سارعت لعرض خدماتها من أجل تجاوز الأزمة في مصر، وفي ضوء التطورات الأخيرة أعتقد أن قدرة المصريين على حل مشاكلهم وفق الآليات الديمقراطية التي أتاحتها ثورة" 25 يناير" كفيلة لهم بالخروج بحلول تنهي هذه الأزمة التي تعتري دولة عُرفت بصمود حضارتها وتماسكها على مدى 7 آلاف سنة. أما التباينات في الداخل المصري، فأنظر إليها باعتبارها تطور طبيعي لبلورة موقف شعبي واضح من النقطة المفصلية التي مرت بها مصر في ثورة يناير، تتجاوز الأزمة الحالية وترسخ دولة القانون وإقرار الدستور وبناء نظام ديمقراطي يتم فيه تداول السلطة بالطرق المشروعة، والأمر هنا متروك للشعب المصري ليتخذ قراراته بشأن مستقبله ومصيره عقدت منظمة التعاون الإسلامي ندوة في تركيا الشهر الجاري حول الاسلاموفوبيا، فما هي الأهداف من وراء ذلك، وماذا عن دور الحركات الإسلامية المتطرفة وما تسببه من عداء للإسلام والمسلمين؟ - المؤتمر الذي عقد مؤخرا في اسطنبول جاء بمبادرة من المنظمة بالتعاون مع الحكومة التركية، وكان يهدف إلى معالجة ظاهرة الخوف من الإسلام عبر أطر إعلامية وقانونية، وللحقيقة هذه هي المرة الأولى التي نناقش فيها سبل العلاج من منظور إعلامي وفق مؤتمر دولي بهذا الحجم ونحن في المنظمة لا يمكننا أن نذهب في معالجة لحظية للظاهرة من حيث مواجهة كل حدث على حدة، فالأصل في طريقة المنظمة هي معالجة الأزمة من جذورها ومؤتمر اسطنبول يعد حلقة من جهود كاملة في مواجهة جذور الأزمة وتداعياتها، عبر مواءمة قانونية تسبر أعماق المسببات القانونية لاستمرار الحملات الإعلامية في الغرب ضد الرموز الدينية، وتأخذ في الاعتبار الموازنة بين ضمان حرية التعبير مقابل عدم استغلالها لتأجيج الكراهية ضد فئة بعينها، وهو أمر حدث بالفعل وهدد وجود المجتمعات المسلمة في الغرب بالملاحقة والتقييد، واعتبارهم فئات مجتمعية غير قادرة على الاندماج وبالنسبة للشق الثاني من السؤال، ففي معالجتنا للظاهرة كنا دائما نضع نصب أعيننا التطرف على الجانبين في العالمين الإسلامي والغربي، فالتطرف من دون شك يعد سببا أساسيا في استنهاض هذه الظاهرة وتأجيجها والمتطرفون في عالمنا الإسلامي يعطون المبرر والذريعة للآخرين في تنميط الصورة السلبية التي يطلقونها ضد ديننا الإسلامي ورموزه، لهذا يتم استغلال العنف والعمليات الإرهابية في الكثير من المناسبات باعتبارها تمثل ذهنية ترفض الحوار والعقل، وهذا بعيد كل البعد عن سماحة الإسلام، وقدرته على استيعاب الآخر