55 قضية إرهابية في حق تونسيين منشورة في الخارج منها 30 قضية في سوريا أي دور للقضاء في مواجهة الإرهاب؟ هل القضاء التونسي في وضعه الحالي قادر على لعب دور في مواجهة خطر الإرهاب؟ كيف يمكن للقضاة المحافظة على الخيط الرفيع الفاصل بين الإنخراط في المجهود العام والوطنى لمكافحة خطر الإرهاب الذي يهدد الأمن القومي وبين عدم الانصهار في سياق توجهات داخلية ودولية أحيانا في مواجهة تيارات دينية بعينها تحت غطاء خطر الإرهاب؟ ما هي الآليات والضمانات للقاضى للحكم في قضايا الإرهاب مع محافظته على كل مقومات المحاكمة العادلة بما فيها من ضمان حق الدفاع واحترام حقوق الانسان وصولا إلى المعاملة الانسانية داخل السجون للمتهمين في قضايا الإرهاب حتى لا تتكرر السيناريوهات المفزعة التى مارسها النظام السابق في مقاومته للإرهاب دون أدنى ضوابط لا قانونية ولا قضائية ولا أخلاقية ولا حتى انسانية؟ كيف يكون للقاضى دور في مقاومة الإرهاب وهو يتعرض بدوره إلى الإرهاب والتهديدات؟..
كل هذه الأسئلة والمحاور كانت حاضرة أمس صلب الندوة التى نظمها المرصد التونسي لاستقلال القضاء وحضرها ثلة من القضاة والمتدخلين في الشأن القضائي والقانوني والحقوقي في تونس..
الإرهاب وحقوق الأنسان
وفي طرحه لموضوع اللقاء الذي تمحور حول سؤال محوري مفاده أي دور للقضاء في مجابهة الإرهاب بين أحمد الرحمونى رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أن الإرهاب اليوم هو ظاهرة تزرع الرهبة في النفوس وقد تستعمل هذه الرهبة لأسباب سياسية. والإرهاب أيضا إرهاب فردي يقف وراءه الفوضويون وقد يكون كذلك إرهاب مجموعات بوازع الدفاع عن إيديولوجيات. وقد يحمل إرهاب إجرامي عقائدي ويمارس ضد الدولة..
وأشار الرحمونى إلى أنه يتعين اليوم تحديد مفهوم دقيق للإرهاب ودراسة كل وجوهه الأمنية والإحصائية. وبين أنه لا يوجد سوى طريقان لمواجهة الإرهاب إما أن نعتبره كما اعتبرته أمريكا "حربا"وبالتالى فالإرهاب عدو يمكن القضاء عليه بكل الطرق وهنا يصبح القانون وحقوق الإنسان عقبة أمام تلك الحرب، مما يفتح الباب على مصرعيه على التجاوزات ويبرر التحرر من كل المعاهدات وقيم الديمقراطية.. أو أن نعتبر الإرهابيين مجرمون ونقاومهم بالخيارات الأمنية.. نعم.. لكن استنادا إلى المجلة الجنائية ومجلة الإجراءات الجزائية وبعيدا عن القوانين الإستثنائية المتعلقة بالإرهاب التي لا تعير أهمية لحقوق الإنسان.
وهنا يعتبر رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أن الحرب لا تكون إلا على دول وفيما يتعلق بمقاومة الإرهاب يجب أن يتم احترام حقوق الإنسان كشرط أساسي وضروري للديمقراطية التى توازن بين الحق في الأمن وأيضا احترام شروط المحاكمة العادلة والحق في الدفاع.
إرهاب القضاة
من جهتها تساءلت كلثوم كنو رئيسة جمعية القضاة التونسيين عن أي قضاء نريده لمواجهة الإرهاب اليوم؟ لأن القضاء التابع والضعيف لا يمكنه القيام بهذا الدور على حد تعبيرها.
وتضيف كنو أن القضاء التونسي اليوم، وفي ظل ارتهان النيابة العمومية للسلطة التنفيذية، لن يكون فاعلا في مجابهة الإرهاب ولا حتى الجريمة..
في المقابل عرجت كنو عن الإرهاب الذي طال القضاة أنفسهم مشيرة إلى أن التظاهر أمام مكاتب القضاة أثناء آداء مهامهم ورفع شعارات من أي نوع يعد ارهابا يمارس على القضاة شأنه في ذلك شأن التهديدات الإرهابية بالقتل التى تصل القضاة وعائلاتهم..
قانون الإرهاب
يواجه كذلك القضاء تحديا كبيرا اليوم في تعاطيه مع مسألة الإرهاب وتتصل بالآليات والضمانات القانونية ويطرح في هذا السياق موضوع مراجعة قانون 2003 لمكافحة الإرهاب المعروض حاليا للنقاش صلب لجنة داخل وزارة حقوق الأنسان والعدالة الانتقالية حيث يعارض البعض فكرة إيجاد قانون خاص بالإرهاب لأن ذلك يفتح الباب للتجاوزات في مجال حقوق الإنسان.
من جهتهم يطالب القضاة بضرورة توفر التعريفات الدقيقة صلب القانون مع توفير التكوين الضروري للقضاة المباشرين لقضايا الإرهاب وبحث جميع المسائل القانونية المتصلة بذلك بما فيها صيغ تطبيق الانابات القضائية الدولية الصادرة في حق الإرهابيين.. وتعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب لا سيما في ظل وجود 55 قضية إرهابية في حق تونسيين منشورة في الخارج منها 30 قضية في سوريا.. ويوجد حوالي 40 شابا تونسيا مورطون في هذه القضايا.
في حين تتعهد المحاكم التونسية اليوم في مختلف مناطق الجمهورية بحوالي 150 قضية متصلة بالإرهاب .