بعد تأخير دام نحو الساعة، وبحضور النواب المرابطين بالمجلس الوطني التأسيسي انعقدت أمس بقصر باردو جلسة عامة مخصصة لمناقشة جملة من مشاريع القوانين الأساسية المتصلة باتفاقيات تعاون، ورغم تواصل غياب النواب المنسحبين وقعت المصادقة على الاتفاقيات بأريحية في عدد الأصوات. وفي المقابل وخلافا لما كان منتظرا لم يحضر ممثل عن وزارة المالية للمرّة الثانية على التوالي الجلسة العامة، وهو ما حال دون مناقشة مشروع القانون المتعلق بتنقيح وإتمام مجلة التأمين لذلك تم إرجاء النظر فيه. وصادق النواب خلال هذه الجلسة التي ترأستها محرزية العبيدي النائبة الأولى لرئيس المجلس على مشروع قانون أساسي يتعلق بالمصادقة على قرار مجلس الشراكة التركي صادر بتاريخ 23 جانفي 2012 ومتعلق بتعديل الجدولين أ و ب من البروتوكولII لاتفاقية الشراكة لإقامة منطقة التبادل الحر بين الجمهورية التونسية وجمهورية تركيا. ويهدف القانون إلى توسيع الامتيازات المتبادلة بين الجانب التونسي والجانب التركي في ما يتعلق بالمنتوجات الفلاحية والفلاحية المصنعة ومنتوجات الصيد البحري المضمنة بالبروتوكول الخاص بتلك الامتيازات المتبادلة المنصوص عليه في اتفاقية الشراكة والذي منحت بمقتضاه تركيا تونس اعفاءات من المعاليم الديوانية على حصص المنتوجات الفلاحية المصدرة لها، وفي المقابل استفادت تركيا من تخفيضات من هذه المعاليم على بعض المنتوجات الموردة لتونس ذات المنشأ التركي. وعبّر النائب هشام بن جامع عن الرغبة في تعزيز الصادرات التونسية الفلاحية نحو تركيا خاصة الأسماك الزرقاء، وفي المقابل يرى النائب الجديدي السبوعي أنه لا بد من توفر أرضية للتبادل التجاري بهدف التوفيق بين التصدير والطلبات المحلية لأنه من غير المعقول تصدير الأسماك الزرقاء للخارج وحرمان التونسيين منها أو بيعها لهم بأسعار مرتفعة. وطمأنته ليلى بحرية كاتبة الدولة للخارجية أنه بمقتضى تلك الاتفاقية سيكون بالإمكان تنمية العلاقات التجارية بين البلدين وعدم التقيد بالأسواق التقليدية الأمر الذي سيشجع الاستثمار الفلاحي. وصادق النواب أيضا على مشروع قانون أساسي يتعلق بتبادل رسائل بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة جمهورية ألمانيا الاتحادية يتعلق بفتح مكتب محلي بالبلاد التونسية للمؤسسة الألمانية للقروض من أجل إعادة الإعمار. ووفق ما ذكرته النائبة لبنى الجريبي مقررة لجنة المالية يهدف هذا الاتفاق إلى تدعيم التعاون بين البلدين وما يتيحه من فرص اقتصادية يمكن استغلالها. ونبه النائب عبد الرزاق الخلولي إلى أنه بالإمكان إدخال منقولات وأموال دون التصريح بها لأنها لا تخضع للرقابة وعبر عن خشيته من توظيف الاتفاقية في إدخال المال السياسي الفاسد. البحث العلمي وصادق المجلس الوطني التأسيسي على مشروع قانون أساسي يتعلق باتفاقية تعاون في المجال البحري بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة المملكة المغربية مبرمة في 2 أوت 2007، وهي ترمي إلى تنمية التعاون في مجالات النقل البحري والموانئ والنقل متعدد الوسائط والتنسيق في مجال التشريعات البحرية وتوحيد المواقف، وصادق أيضا على مشروع قانون أساسي يتعلق ببروتوكول إضافي للاتفاقية بين حكومة الجمهورية التونسية والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة مبرم في 18 جويلية 2012 وهو يندرج في إطار دعم التعاون في مجال البحث العلمي الفلاحي ومنح تسهيلات وامتيازات جبائية. ومن مشاريع القوانين الأخرى التي صادق عليها المجلس أمس مشروع قانون أساسي يتعلق باتفاقية تعاون أمني بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة الجمهورية التركية. وهي تهدف خاصة إلى التشاور بين البلدين في مجال مكافحة الارهاب الدولي والحوادث المتصلة بالجريمة المنظمة والاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين وتجارة المخدرات والاسلحة والمتفجرات وتزوير العملة وجوازات السفر. وطالب النائب الطاهر هميلة بإرجاء النظر في الاتفاقية على اعتبار أنه عبر تركيا بالذات مر الشباب التونسي الذي توجه للجهاد بسوريا، وعبرها أيضا مرت مجاهدات النكاح. وبعد نقاش مطوّل ونظرا لتحفظ بعض النواب عليه سياسيا وتخوفهم من تبعاته قرر المجلس إرجاء المصادقة على مشروع قانون أساسي يتعلق باتفاق بين حكومة الجمهورية التونسية واللجنة التحضيرية لمنظمة الحظر الشامل للتجارب النووية بشأن إنشاء محطة رصد سيزمولوجي ومحطة رصد دون صوتي بالبلاد التونسية في إطار تنفيذ أنشطة الرصد الدولي بما فيها الأنشطة اللاحقة للاعتماد. وتقوم هاتان المحطتان بإرسال البيانات المسجلة إلى كل من المركز الدولي للبيانات بفيانا ووحدة تحليل المعطيات التابعة للمركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار عن بعد بالعوينة بالإضافة الى حصول المركز على كل البيانات التي يحتاجها من أي محطة من نظام الرصد الدولي مما يساهم في تنويع مصادر البيانات للحد من الكوارث الطبيعية ومراقبة انتشار النويدات المشعة في الجو ورصد الانفجارات الطبيعية وغير الطبيعية حول العالم.