رغم الجدول الزمني الذي ضبطته خارطة الطريق والمتمثلة في إنهاء المجلس التأسيسي لمهامه في أجل أقصاه 4 أسابيع من أول جلسة للحوار الوطني، وتقديم الحكومة لاستقالتها وجوبا في ظرف 3 أسابيع من تاريخ الجلسة الأولى للحوار الوطني، إلا أن هناك مخاوف من تمطيط جولات الحوار الوطني وعدم قدرة الفرقاء السياسيين على الإلتزام بالآجال الواردة في مبادرة الرباعي الراعي.. وبالتالي الرجوع إلى نفس الدائرة المفرغة التي سبقت انطلاق الحوار، في ظل غليان شعبي أجّجته الأوضاع الاقتصادية المتردّية. وفي هذا السياق يؤكّد المحلّل السياسي خالد عبيد أن إمكانية تجاوز جولات الحوار الوطني للآجال التي حدّدتها مبادرة الرباعي أمر وارد وشبه متأكد وذلك نتيجة لاختلاف الأطراف السياسية حول القضايا المطروحة وخاصة في كيفية التعاطي مع خارطة الطريق.. وأشار عبيد إلى أن عدم موافقة النهضة على التنفيذ الفوري لما جاء في المبادرة مقابل تمسك المعارضة بتطبيقها بحذافرها من شأنه أن يخفف من سرعة مسار الحوار و بالتالي إطالة عمر المشاورات إلى أجل غير مسمى.. كما أكّد عبيد وجود نية من قبل حركة النهضة لتخطي عتبة 23 أكتوبر تاريخ انتهاء الشرعية الإنتخابية للمرة الثانية، وذلك عبر التمطيط في جولات الحوار من أجل ربح الوقت عندها ستتمّ الدعوة إلى الشرعية التوافقية التي تنادي بها المعارضة منذ اغتيال شكري بلعيد..على حد تعبيره. من جهته أبدى الخبير في القانون الدستوري أمين محفوظ تخوّفه من عدم تقييد المصادقة على مبادرة الرباعي بنص قانوني واضح وصريح وإلزامي.. وهو ما سيجعل عدم الامتثال بالجدول الزمني المقترح لإنهاء المهام التأسيسية و استقالة حكومة أمرا واردا..خاصة وأنه مجرد التزام أخلاقي لا يستمدّ قيمته من نص قانوني.. مشيرا إلى أن الظروف التي رافقت الجلسة الإفتتاحية للحوار الوطني لا تبعث على التفاؤل، على اعتبار أن فرضية الإنقلاب عليها واردة من قبل كل الأطراف.. واعتبر أن حركة النهضة "قد أعربت عن نواياها الإنقلابية على المبادرة بعد القرارات التي اتخذتها في صلب مجلس الشورى والتي تمثل انقلابا على ما صادقت عليه يوم 5 أكتوبر، وهو ما من شأنه أن يعيد الحوار إلى المربع الأول"..على حد قوله كما بيّن الخبير القانوني أن ربط حركة النهضة وشركائها في الحكم للمسار التأسيسي بالمسار الحكومي يعبّر عن "سوء نية واضحة وسعيا لربح الوقت وعدم الالتزام بالآجال التي ضبطتها المبادرة..وهو ما يهدّد بنسف جميع جهود الحوار الوطني في المهد..خاصّة أن الترويكا نجحت منذ اغتيال محمد البراهمي في التحكم في عامل الوقت وعرفت كيف تراوغ..وما وصلنا إليه اليوم هو تجسيد حقيقي لكل ما أراده و خطط له الثلاثي الحاكم"..