حريّ بنا اليوم ان نقف عند أهمّ المحطات التي عرفتها البلاد في ظل سنتيْن من حكم "الترويكا"، خاصّة ونحن على مشارف السنة الثالثة من انتخابات الثالث والعشرين من شهر أكتوبر. وبالنظر الى الإحصائيات والمؤشرات الاقتصادية التي تُنشر في كلّ مرّة، نتبيّن جليّا الوضع المتازم الذي آلت اليه البلاد والذي طال كلّ مكوّناتها؛ الأمنيّة والسّياسيّة والاجتماعيّة وخاصّة فيما يتعلق بالملفّ الاقتصادي باعتباره العمود الفقريّ لهيكل الدّولة. مديونية تجاوزت 50 % تُدخل البلاد المنطقة الحمراء 34 قرضا بقيمة تقارب 12.95 مليارد ينار في ظرف سنتين من حكم "الترويكا" تركزت السياسة الاقتصادية على التداين والاقتراض الخارجي في ظل الوضع الصعب وكذلك شبه الشلل الاقتصادي نتيجة الاضرابات والاعتصامات المتعددة. سياسة التداين هذه والقروض المتعدّدة التي طلبتها تونس وحصلت عليها تحوّلت الى عبء على ميزانية الدولة أمام عدم استغلال هذه الديون كاستثمارات أمام الظرف الصعب الذي تعيشه البلاد، وتحويلها الى الاستهلاك عبر صرف جزء من هذه الديون لتغطية نفقات الزيادات في الأجور ولتمويل ميزانية الدّعم وبالتالي لم تخلق هذه القروض قيمة مضافة يمكن استغلالها لتسديد الديون على عكس الاستثمارات. وقد تجاوزت المديونية والتداين الخارجي عتبة ال50 بالمائة بعد أن كانت في حدود 44 بالمائة في أواخر سنة 2012 لتدخل تونس بذلك في المنطقة الحمراء منطقة الخطر. وقد حصلت تونس في ظل حكومة "الترويكا" وبالتحديد منذ 1 جوان 2012 (تاريخ التوقيع على قرضين من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي: الاول بقيمة اثنين وأربعين مليون (42.000.000) دينار كويتي والثاني بقيمة خمسة عشر مليون (15.000.000) دينار كويتي) الى حدّ آخر قرض وهو الذي أعلنت عنه وزارة التعاون الدولي يوم الجمعة 18 أكتوبر والممنوح من قبل بنك الاستثمار الاوروبي وهو بقيمة 500 مليون دينارمن حوالي 34 قرضا بقيمة تقارب 12.95 مليار دينار. المشكل ان سياسة التداين هذه و"توريث الديون إلى الأجيال القادمة" تمثل "خطورة " كبرى وستدخل البلاد في دوّامة يصعب الخروج منها لسنوات طويلة.