في مسعى للالتفاف على الأزمة الحادة التي يعيشها الفلسطينيون في غزّة والضفة الغربية نتيجة التدهور الأمني الخطير وما تلاه من حل حكومة الوحدة الوطنية وتشكيل حكومة طوارىء، أعلنت إسرائيل استعدادها لاستئناف التعاون التام مع الحكومة الجديدة بما في ذلك على الصعيد المالي ويبدو أنّ هذا التوجه سيكون محور الاجتماع المرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الأمريكي في واشنطن مطلع هذا الأسبوع حيث ستكون مستجدّات الأوضاع الفلسطينية محور خيارات مطروحة أمام بوش وأولمرت للبحث بشأنها بما في ذلك سبل دعم الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس. ولئن تتابع كل من تل أبيب وواشنطن ما يجري في الضفة والقطاع من اقتتال بين الفلسطينين في انتظار ماستؤول إليه الأوضاع الأمنية وما قد يترتب عن ذلك سياسيا على الصعيد الفلسطيني، فذلك لم يحجب تنامي بعض المخاوف من حصول انعكاسات إقليمية داخل بعض البلدان المجاورة خصوصا بعد أن أحكمت حركة «حماس» قبضتها على القطاع ورفضت قيادتها القرارات الصادرة عن الرئاسة الفلسطينية بشأنها. ونتيجة لهذه المخاوف المحتملة ستسعى واشنطن بالتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية خلال اجتماع بوش وأولمرت إلى تحريك المفاوضات مع عبّاس على أساس خطة السلام الدولية المصطلح على تسميتها ب«خارطة الطريق» والتي بقيت حبرا على ورق منذ وضعها سنة 2002. ومع إدراك أولمرت أن ما يجري حاليا من عمليات فرز خطيرة داخل الصف الفلسطيني يخدم مصالح إسرائيل الآنية ويعفيها ظرفيا من مسؤولية أخلاقية تجاه الأحداث الجارية، فإنه يعتزم طرح اقتراح يتمثل في نشر قوّة متعددة الجنسيات على طول الحدود بين مصر وغزّة لمزيد إحكام القبضة الحديدية على القطاع بدعوى منع تهريب السلاح، وهذا ما يبرر لقاءه المرتقب خلال زيارته المنتظرة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بالأمين العام للمنتظم الأممي لبحث هذه المبادرة. وبسعيها المحموم إلى إغراق المنطقة بكاملها في فوضى عارمة مجهولة العواقب، فإنّ حكومة أولمرت مدعومة بشكل لافت من الإدارة الأمريكية لم تكتف بالمساهمة في إشعال نار الفتنة بين الفلسطينيين أنفسهم بسبب سياسة الحصار الاقتصادي والاغتيالات وزجّ رموز المقاومة في السجون والمعتقلات، بل تنتهز اليوم هذه الاحداث المأساوية التي يعيشها الشعب الفلسطيني لتعمق جراحه بالمساومة والمزايدات السياسية والتهديدات العسكرية والتلويح مجدّدا بإعادة النظر في قرار انسحابها منذ سنتين من القطاع وبقطع أية صلة بين غزّة والعالم الخارجي بشكل مطلق، وهذا أمر على الفلسطينيين إدراكه جيّدا.