حل بيننا في تونس هذه الايام اسم كبير وعلم في مجاله. يتعلق الأمر بالكاتب والناشر المكسيكي "ألبرتو رو سانشاز" الذي استضافه معرض تونس الدولي للكتاب في دورته الثلاثين التي انطلقت منذ 25 أكتوبر وتتواصل إلى 3 نوفمبر. وكان زوّار المعرض قد التقوا مع هذا الكاتب الكبير الذي سبقته إلينا شهرته خلال لقاء انتظم مساء أول امس الثلاثاء وقد أدار اللقاء الكاتب والمترجم وليد سليمان. وأول ما يلفت الإنتباه في هذا اللقاء الحضور الكبير بصالون المعرض وذلك خلافا لأغلب اللقاءات التي انتظمت بالمناسبة ولم يحضرها إلا عدد قليل من المهتمين رغم وجود اسماء لامعة عربية وأجنبية وتونسية بطبيعة الحال. دار اللقاء في أجواء مفعمة بالتلقائية ذلك أن الكاتب المكسيكي كشف عن مهارات كبيرة في الحكي وفي استقطاب المستمع. تحدث بالخصوص عن نقاط التقاطع بين الحضارة العربية والمكسيكية وقال أن هناك العديد من نقاط التلاقي بيننا. ومن بين ما شدد عليه الضيف أن المكسيكيين تأثروا بالحضارة العربية الإسلامية أكثر من الإسبان رغم أن الإسبان الذين غزوا منطقة المكسيك في فترة الإكتشافات الكبرى واكتشاف العالم الجديد (القارة الامريكية) هم من نقلوا هذه الحضارة إلى المكسيك لكنهم عجلوا بمحاولة طمس معالمها بعد خروج المسلمين من الأندلس. وقد كانت استضافة هذا الكاتب والشاعر والناشر فرصة لجمهور القراء لاكتشاف تجربة ابداعية جديدة وقد كشفوا من خلال هذا الحضور عن رغبة في الإكتشاف وعن قدرة على الاستماع لصوت مختلف. والبرتو شانشاز صوت مختلف باجماع النقاد. هذا الشاعر والروائي والباحث الذي ولد بمكسيكو عام 1951 وتلقى تعليمه العالي بباريس وتتلمذ على أسماء فرنسية مثل "رولان بارت "و"جيل ديليز" يتمتع بسمعة جيدة بين المبدعين والنقاد في العالم وترجمت نصوصه إلى عدة لغات. أبرز ما يميّز إبداعه أنه يحذق جيّدا وصف الجانب الحسي في البشر. هو مبدع في التجول حسب أحد النقاد في عالم أوسع من الارض, إنه العالم الحسّي ووسيلته في تحسّس ذلك هي اللّغة. أول رواية كتبها سانشاز تحمل عنوان " للهواء أوجه" حققت نجاحا كبيرا وفتحت أمامه أبواب الشهرة ثم تعددت الإصدارات بين الرواية والشعر والكاتب يشرف على مجلة شهيرة بعنوان " فنون مكسيكو". فيما يتعلق بالجوائز حاز سانشاز على مجموعة هائلة من الجوائز. المئات بين وطنية ودولية في الآداب والفنون. جاءنا إلى تونس محملا بكل هذا التاريخ الحافل بالإصدارات وبالتتويجات وبكم هائل من الثناءات من النقاد على تجربة لاحظوا أنها متفردة وأنها ذات نفس كوني واسع ولكن ابرز ما يلفت في هذا الكاتب والناشر تلك العفوية الكبيرة وذلك التواضع الهائل وتلك الرغبة في الإكتشاف. اكتشاف تونس بثقافتها وعاداتها وناسها.