بتاريخ الاثنين 14 مارس الجاري وفي احدى القاعات الفخمة لأحد النّزل السّياحيّة بالعاصمة الاماراتيّة «أبو ظبي» ووسط حضور كبير لجمهرة من المفكّرين والنّقّاد والنّاشرين والكتّاب والصّحفيّين العرب والأجانب تمّ الاعلان عن اسم الفائز بالجائزة العالميّة للرّواية العربيّة «البوكر» في دورتها الرّابعة ( 2011 )... الحفل حضرته وجوه أدبيّة وسياسيّة وثقافيّة مرموقة من دول عربيّة وأجنبيّة مختلفة يتقدّمها البريطاني السّير جونثان تايلور رئيس مجلس أمناء الجائزة العالميّة للرّواية العربيّة ومؤسّسة جائزة «بوكر» البريطانيّة ... اثنان من ستّة الرّوائيّ والشّاعر العراقي الكبير فاضل العزّاوي رئيس لجنة تحكيم هذه الدّورة الرّابعة بدا وكأنّه «سعيد» بمفاجأة الحضور من خلال الاعلان عن حصول كلّ من الرّوائي المغربيّ محمّد الأشعري والرّوائيّة السّعوديّة رجاء عالم ( مناصفة ) للجائزة «البوكر» العربيّة في دورة ( 2011 ) ،»الأمر الّذي يعدّ سابقة في عمر هذه الجائزة الأدبيّة العربيّة» - على اعتبار أنّ الرّوايتين - والكلام لفاضل العزّاوي - «رائعتان ومبدعتان وتناقشان يشكل عقلاني ومنطقيّ مسائل وقضايا حسّاسة تخصّ منطقة الشّرق الأوسط» ... وهي مشاكل - يضيف العزّاوي - «شاهدناها مكتوبة على اللاّفتات والشّعارات المرفوعة خلال التّظاهرات الأخيرة الّتي هزّت المنطقة العربيّة بأسرها مطالبة بالتّغيير» علما ، بأنّ هاتين الرّوايتين المتوّجتين بجائزة «البوكر» العربيّة (2011 ) هما من مجموع ستّ روايات اختيرت ضمن قائمة الأعمال الرّوائيّة الستّة ( النّهائيّة ) الّتي احتفي بأصحابها في اطار حفل الاعلان عن الجائزة ... وهي على التّوالي - فضلا عن العملين الفائزين بالجائزة - «رقصة شرقيّة» للمصريّ خالد البرّي «صائد اليرقات» للسّوداني امير تاج السرّ «معذّبتي» للمغربي بنسالم حميش «بروكلين هايتس» للمصريّة ميرال الطّحاوي والرّوائي محمّد الأشعري هو كاتب وشاعر مغربيّ نشر ديوانه الشّعريّ الأوّل سنة 1978 وله في المجموع عشرة دواوين ومجموعة قصصيّة ورواية ... اشتغل بالصّحافة والمجال السّياسي الّذي قاده الى مسؤوليّات حكوميّة لعلّ أهمّها تولّيه لمنصب وزير الثّقافة ... في روايته «القوس والفراشة» يتناول موضوعي التّطرّف الدّيني والارهاب من زاوية جديدة ، ليستكشف تأثيرات الارهاب على الحياة العائليّة ... اذ أنّ حكاية الرّواية تروي قصّة أب يساريّ يتلقّى في احد الأيّام رسالة من تنظيم القاعدة تعلمه بأنّ ابنه الّذي يتابع دراسته في باريس مات شهيدا في أفغانستان... الرّواية تتحسّس وقع هذا الخبر الصّادم على حياة بطلها وبالتّالي على علاقته بزوجته... أمّا الرّوائيّة رجاء عالم فهي كاتبة سعوديّة سبق لها أن تحصلت على جوائز أدبيّة عديدة آخرها جائزة ابداع المرأة العربيّة بمناسبة مرور ستّين عاما على تأسيس اليونسكو سنة (2005) وجائزة النّادي الأدبي اللّبناني بباريس سنة (2008)... في روايتها «طوق الحمامة» تكشف رجاء عالم عمّا تخفيه مدينة مكّة المكرّمة (مسقط رأسها) من عوالم سريّة تنضوي على المظاهر السّلبيّة في حياة البشر ، ترويها بطلة الرّواية... من الرّقيق الأبيض ، الى التّطرّف الدّيني ، الى استغلال العمّال الأجانب ضمن شبكة «مافيا» من متعهّدي البناء يقومون بتدمير معالم المدينة التّاريخيّة... كلّ هذه الموضوعات تتصادم مع جمال وعذوبة رسائل بطلة الرّواية الى عشيقها الألماني... لماذا اثنان؟ الاعلان عن تقاسم جائزة «البوكر» العربيّة لسنة 2011 مناصفة بين كاتبين أثار «لغطا» في أوساط الاعلاميّين والنقّاد الّذين حضروا المؤتمر الصّحفيّ الّذي انتظم عقب الاعلان عن الجائزة وحضره أعضاء أمانة الجائزة العالميّة للرّواية العربيّة والمتوّجان ( محمّد الأشعري) و ( رجاء عالم ) ... وذلك على الرّغم من أنّ السّير جونثان تايلور رئيس أمناء الجائزة العالميّة للرّواية العربيّة ومؤسّسة «البوكر» البريطانيّة كان قد عبّر مباشرة بعد الاعلان عن الجائزة عن «سعادته» بهذه السّابقة في عمر جائزة «البوكر» العربيّة قائلا بالحرف الواحد «هذه فترة مهمّة جدّا في تاريخ الرّواية العربيّة نشهدها اليوم تتبلور من خلال هذا الاعلان المهمّ اذ أنّها المرّة الأولى الّتي تقرّر فيها لجنة التّحكيم أن تمنح الجائزة لروايتين بدلا من واحدة ...» بدورها لم تخف السيّدة سلوى المقدادي رئيس برنامج الثّقافة والفنون في مؤسّسة الامارات للنّفع الاجتماعي عن اقتناعها بهذا «الاختيار» قائلة «انّه لفخر لنا أن نشهد فوز أوّل كاتبة بالجائزة الى جانب كاتب آخر...» وذلك قبل أن تضيف «ونحن في مؤسّسة الامارات للنّفع الاجتماعي نؤكّد على دعمنا المتواصل للجائزة بصفتنا المموّل الأساسي لها ومشدّدين على أنّ مؤسّستنا لا تتدخّل في شؤونها الاداريّة أو اختيارات لجنة التّحكيم أو الأعمال الفائزة ممّا يضمن استقلاليّة الجائزة وشفافيّتها ...» ولكنّ هذا لم يكن أيضا رأي العديد من الصّحفيّين الّذين توجّه أحدهم خلال المؤتمر الصّحفيّ الى الرّوائيّ محمّد الأشعريّ يسأله عن مدى اقتناعه بتقاسم الجائزة مناصفة بينه وبين الرّوائيّة السّعوديّة رجاء عالم وعمّا اذا كان يبدو سعيدا بذلك؟ محمّد الأشعري الّذي لم يكن يبدو - في الظّاهر على الأقلّ - سعيدا «بنصف التّتويج» أجاب عن السّؤال بديبلوماسيّة قائلا بالحرف الواحد: حتّى اذا لم أكن مقتنعا أو سعيدا فلن أقول ذلك... بالمقابل كانت الكاتبة السّعوديّة رجاء عالم تبدو في غاية السّعادة وهي تتقبّل الاعلان عن فوزها بالجائزة مناصفة مع الكاتب المغربيّ محمّد الأشعري...