لعّل الندوة الفكرية ليوم الخميس الماضي بمعرض تونس الدولي للكتاب تحت عنوان "المثقف شاهدا على المرحلة" تعتبر من أكثر الجلسات والنقاشات المبرمجة في هذه التظاهرة الثقافية ارتباطا بالمستجدات الراهنة على مستوى المشهد السياسي العربي وتحديدا في دول ما يسمى ب"الربيع العربي" أو الثورات وذلك لأهمية دور المثقف ورؤيته الفكرية والفنية لهذه المرحلة الاستثنائية من تاريخ العرب. انطلقت هذه الندوة الفكرية بحضور عدد هام من المثقفين العرب، عايشوا "ثورات الربيع العربي"وبعضهم شارك في تأطيرها، حيث أدار جلستها الأولى الدكتور شكري المبخوت وساهم في مداخلاتها كل من الكاتبة والمفكرة ألفة يوسف والشاعر الفلسطيني مراد السوداني- وهو الأمين العام لاتحاد الأدباء الفلسطينيين- الذي استهل كلمته بالتأكيد على أن المثقف هو محفز الثورات ومفجرها فحين ينسحب الجميع يبقى المفكر صامدا برؤيته وأفكاره ومواقفه ومشاريعه الثقافية، التي تعيدنا الى حلم الثوار في أعماله وبالتالي هو ليس مجرد شاهد على المرحلة بل من أبرز الفاعلين في استمراريتها وتأريخها. الفنان المسرحي عز الدين قنون، كان أحد المتدخلين في الجلسة الأولى لندوة "المثقف شاهدا على المرحلة" والتي أشار خلالها لأهمية البصمة الثقافية في المراحل الثورية للمجتمع فالأشكال التعبيرية الفنية والفكرية تنقل مواقف وآراء أصحابها النابعة من التصاق المثقف بالشارع وانغماسه في هموم شعبه وأضاف صاحب فضاء الحمراء أن الثورة الثقافية في تونس كانت ترتسم من حين لآخر في صور وأشكال ابداعية قبل الثورة وعلى مراحل غير أنها لم تكتمل تفاصيلها بعد وهي مازالت في طور التكون وانتفاضتها قادمة لا محالة. في الجلسة الثانية للندوة والتي أدراها اللبناني عقل العويط وحضرتها مجموعة من الأسماء الإبداعية العربية على غرار سنية الشامخي وسعود السنعوسي وسامي إبراهيم وظافر ناجي والطاهر بن قيزة وعبد اللطيف الحناشي، حيث كشف هذا الأخير أن تأريخ هذه الثورات يحتاج لدقة علمية وتوثيقية لصعوبة الكتابة التاريخية عن الراهن موضحا أن كتاباته الخاصة في هذا المجال كانت لغاية فهم هذا الحدث الاستثنائي"الربيع العربي". من جهته، اعتبر الأستاذ الطاهر قيزة أن تعمق المثقف في واقعه ومحاولة تحليله مع معايشته هو الطريق الأنسب لفهمه والمساهمة ايجابيا في مثل هذه المرحلة التاريخية الهامة فيما اختار الكاتب الكويتي سعود السنعوسي الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر"، نصا شعريا لنقل مشاغله وتطلعاته كمثقف عربي. في الجلسة الثالثة والأخيرة من الندوة الفكرية " المثقف شاهدا على مرحلة" بإدارة الأستاذ منصف عبد الجليل وحضور كل من عباس بيضون والمفكرة الليبية عائشة إدريس والكاتب السوري هادي دانيال والأساتذة: شكري لطيف وحسين العوري وعادل الحاج سالم والطاهر الأمين، اتفق الحاضرون على أن المثقف ليس شاهدا على الثورات بقدر ما هو فاعل ومحفز وأحيانا مفجر لمثل هذه الانتفاضات الثورية ولو على مدى طويل بفضل تراكم المشاريع الفكرية والفنية والإبداعية في حياة الشعوب العربية ورغم روح الأمل في غد أفضل اجتماعيا واقتصاديا وإبداعيا الواضحة في أفكار وتصريحات النخبة العربية إلا أن ذلك لم يمنعهم من التأكيد على انحراف بعض الثورات عن مسارها ومن بين المداخلات في هذا الصدد كلمة الكاتبة الليبية عائشة إدريس إذ أكدت هذه المفكرة أن الثورة الليبية أزاحت الظلم والدكتاتورية عن أبناء بلدها لكنها في الان نفسه أدخلت البلاد في دوامة من عدم الاستقرار لا تعرف نهايتها بعد. تجدر الإشارة إلى أن تعدد ضيوف والمتدخلين في هذه الندوة الفكرية الخاصة بمدى تفاعل المثقف مع الثورات العربية مكن من طرح عديد النقاط المهمة ومنها مسألة توثيق وتأريخ هذه المرحلة من تاريخ العرب فيما كان الحضور متذبذبا بسبب طول ساعات الجلسات وتعدد المداخلات.