وزير النقل يدعو إلى استكمال أشغال التكييف في مطار تونس قرطاج    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: المنتخب التونسي يضيف ثلاث ميداليات في منافسات الاكابر والكبريات    الكرة الطائرة.. النجم الساحلي يتأهل إلى نهائي كأس الأكابر    الدوري الايطالي.. نابولي ينتصر ويعزز صدارته في الترتيب    بداية من 6 ماي: انقطاع مياه الشرب بهذه المناطق بالعاصمة    الأطباء الشبان يُهدّدون بالإضراب لمدة 5 أيّام    مروج مخدرات بالشريط السياحي بقمرت في قبضة الأمن    خبر سارّ: العشرية الثانية من شهر ماي مُمطرة    الرابطة الأولى: الاتحاد المنستيري يتعادل مع البقلاوة واتحاد بن قردان ينتصر    كلاسيكو اوفى بوعوده والنادي الصفاقسي لم يؤمن بحظوظه    سامي بنواس رئيس مدير عام جديد على رأس بي هاش للتأمين    نابل: رفع 219 مخالفة اقتصادية خلال شهر أفريل المنقضي    القصرين: قافلة صحية متعددة الاختصاصات تحلّ بمدينة القصرين وتسجّل إقبالًا واسعًا من المواطنين    طقس الليلة: الحرارة تصل الى 27 درجة    منوبة: 400 تلميذ وتلميذة يشاركون في الدور النهائي للبطولة الاقليمية لألعاب الرياضيات والمنطق    "براكاج" يُطيح بمنحرف محل 26 منشور تفتيش    إحالة رجل أعمال في مجال تصنيع القهوة ومسؤول سام على الدائرة الجنائية في قضايا فساد مالي ورفض الإفراج عنهما    غدا.. قطع الكهرباء ب3 ولايات    دقاش: شجار ينتهي بإزهاق روح شاب ثلاثيني    بداية من الاثنين: انطلاق "البكالوريا البيضاء"    في اليوم العالمي لحرية الصحافة: نقابة الصحفيين تدعو لتعديل المرسوم 54    الكلاسيكو: الترجي يحذر جماهيره    "البيض غالٍ".. ترامب يدفع الأمريكيين لاستئجار الدجاج    بعد منعهم من صيد السردينة: بحّارة هذه الجهة يحتجّون.. #خبر_عاجل    عاجل/ سرقة منزل المرزوقي: النيابة العمومية تتدخّل..    البنك الوطني الفلاحي: توزيع أرباح بقيمة دينار واحد عن كل سهم بعنوان سنة 2024    وزير التربية يؤدي زيارة إلى معرض الكتاب بالكرم    الحج والعمرة السعودية تحذّر من التعرُّض المباشر للشمس    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    الحكومة الإيرانية: نخوض المفاوضات مع واشنطن لأننا لا نرغب في نزاع جديد بالمنطقة    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    بطولة الكويت : الدولي التونسي طه ياسين الخنيسي هداف مع فريقه الكويت    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    افتتاح مهرجان ربيع الفنون الدّولي بالقيروان    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    سعيّد يُسدي تعليماته بإيجاد حلول عاجلة للمنشآت المُهمّشة    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بمشروع مدني بيئي وثقافي    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حق العودة واستعادة الممتلكات
نشر في الصباح يوم 22 - 04 - 2008

شرع في تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وممتلكاتهم، منذ إعلان قرار تقسيم فلسطين سنة 1947. وبالتنسيق مع القوات البريطانية اتخذت قوات الكيان الصهيوني البدائية إجراءات ميدانية، لتفريغ المناطق المخصصة لليهود من العرب، عبر عمليات ترهيبية متنوعة، أدت إلى هجرة الفلسطينيين، واستمرت
عمليات التهجير إلى مطلع سنة 1949، حيث بلغ عدد المهجرين إلى خارج ديارهم زهاء 850 ألف شخص(1).
يقول جانب هام من الفلسطينيين أن "قضية اللاجئين الفلسطينيين هي قضية أساسية وطنية وليست مجرد قضية إنسانية، وهي ناجمة أساساً عن الاحتلال الصهيوني للارض العربية الفلسطينية، وعن المذابح وحملات التهجير القسري التي ارتكبها هذا الاحتلال ضد الشعب العربي الفلسطيني.
حق العودة حق مزدوج جماعي وشخصي، نابعٌ من الحق العربي التاريخي في أرض فلسطين أولاً ومن ثم حرمة الملكية الخاصة وعدم زوالها بالاحتلال أو السيادة، وهي حق شخصي في أصله لا تجوز فيه النيابة أو البيع أو التمثيل أو التنازل عنه لاي سبب في أي اتفاق أو معاهدة.
حق اللاجئين والمهجرين العرب الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم وبيوتهم وأملاكهم حق غير قابل للتصرف ولا يسقط بمرور الزمن.
حق اللاجئين والمهجرين العرب الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم وبيوتهم وأملاكهم حق طبيعي وأساسي من حقوق الانسان أكدته (ولم تخلقه) القوانين والمبادئ والمواثيق والقرارات الدولية".
ومن جهة القانون الدولي، لا مجال للنظر مطولا وبعمق شديد إلى مسألة حق العودة واستعادة الممتلكات إلا من زاوية القرار الاممي ذي العلاقة، قرار الجمعية العامة رقم 194 (الدورة 3) بتاريخ 11 كانون الاول (ديسمبر) 1948، الذي تعلق بإنشاء لجنة توفيق تابعة للامم المتحدة وتقرير وضع القدس في نظام دولي دائم وتقرير حق اللاجئين في العودة الى ديارهم في سبيل تعديل الاوضاع بحيث تؤدي الى تحقيق السلام في فلسطين في المستقبل، وجاء به:
إن الجمعية العامة، وقد بحثت في الحالة في فلسطين من جديد،
1/ تعرب عن عميق تقديرها للتقدم الذي تم بفضل المساعي الحميدة المبذولة من وسيط الامم المتحدة الراحل في سبيل تعزيز تسوية سلمية للحالة المستقبلية في فلسطين، تلك التسوية التي ضحى من أجلها بحياته. وتشكر للوسيط بالوكالة ولموظفيه جهودهم المتواصلة، وتفانيهم للواجب في فلسطين.
2/ تنشئ لجنة توفيق مكونة من ثلاث دول أعضاء في الامم المتحدة، تكون لها المهمات التالية:
القيام بقدر ما ترى أن الظروف القائمة تستلزم، بالمهمات التي أوكلت الى وسيط الامم المتحدة لفلسطين بموجب قرار الجمعية العامة رقم 186 (دأ-2) الصادر في 14 أيار 1948.
تنفيذ المهمات والتوجيهات المحددة التي يصدرها إليها القرار الحالي، وتلك المهمات والتوجيهات الاضافية التي قد تصدرها إليها الجمعية العامة او مجلس الامن.
القيام بناءً على طلب مجلس الامن- بأية مهمة توكلها حالياً قرارات مجلس الامن الى وسيط الامم المتحدة الى فلسطين، او الى لجنة الامم المتحدة للهدنة. وينتهي دور الوسيط بناءً على طلب مجلس الامن من لجنة التوفيق القيام بجميع المهمات المتبقية، التي لا تزال قرارات مجلس الامن توكلها الى وسيط الامم المتحدة الى فلسطين.
3/ تقرر أن تعرض لجنة من الجمعية العامة، مكونة من الصين وفرنسا والاتحاد السوفياتي والمملكة المتحدة وأمريكا، إقتراحاً بأسماء الدول الثلاث التي ستتكون منها لجنة التوفيق على الجمعية العامة لموافقتها قبل نهاية القسم الاول من دورتها الحالية.
4/ تطلب من اللجنة أن تبدأ عملها فوراً حتى تقيم في أقرب وقت علاقات بين الاطراف ذاتها، وبين هذه الاطراف واللجنة.
5/ تدعو الحكومات والسلطات المعنية الى توسيع نطاق المفاوضات المنصوص عليها في قرار مجلس الامن الصادر في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 1948، والى البحث عن اتفاق عن طريق مفاوضات تجري إما مباشرة أو مع لجنة التوفيق، بغية إجراء تسوية لجميع المسائل العالقة بينها.
6/ تصدر تعليماتها الى لجنة التوفيق لاتخاذ التدابير بغية معاونة السلطات والحكومات المعنية، لاحراز تسوية نهائية لجميع المسائل العالقة بيتها.
7/ تقرر وجوب حماية الاماكن المقدسة -بما فيها مدينة الناصرة- والمواقع والابنية الدينية في فلسطين. وتأمين حرية الوصول إليها وفقاً للحقوق القائمة، والعرف التاريخي، ووجوب إخضاع الترتيبات المعمولة لهذه الغاية لاشراف الامم المتحدة الفعلي. وعلى لجنة التوفيق التابعة للامم المتحدة، لدى تقديمها الى الجمعية العامة في دورتها العادية الرابعة اقتراحاتها المفصلة بشأن نظام دولي دائم لمنطقة القدس، أن تتضمن توصيات بشأن الاماكن المقدسة الموجودة في هذه المنطقة، ووجوب طلب اللجنة من السلطات السياسية في المناطق المعينة تقديم ضمانات رسمية ملائمة فيما يتعلق بحماية الاماكن المقدسة في باقي فلسطين، والوصول الى هذه الاماكن وعرض هذه التعهدات على الجمعية العامة للموافقة.
8/ تقرر أنه نظراً الى ارتباط منطقة القدس بديانات عالمية ثلاث، فإن هذه المنطقة، بما في ذلك بلدية القدس الحالية، يضاف إليها المقرى والمراكز المجاورة التي أبعدها شرقاً أبو ديس، وأبعدها جنوباً بيت لحم، وأبعدها غرباً عين كارم (بما فيها المنطقة المبنية في موتسا) وأبعدها شمالاً شعفاط، يجب أن تتمتع بمعاملة خاصة منفصلة عن معاملة باقي مناطق فلسطين الاخرى، ويجب أن توضع تحت مراقبة الامم المتحدة الفعلية.
تطلب من مجلس الامن إتخاذ تدابير جديدة بغية تأمين نزع السلاح في مدينة القدس في أقرب وقت ممكن.
تصدر تعليماتها الى لجنة التوفيق لتقدم الى الجمعية العامة، في دورتها العادية الرابعة، إقتراحاً مفصلاً بشأن نظام دولي دائم لمنطقة القدس، يؤمن لكلا الفئتين المتميزتين الحد الاقصى من الحكم الذاتي المحلي المتوافق مع النظام الدولي الخاص لمنطقة القدس.
إن لجنة التوفيق مخولة صلاحية تعيين ممثل للامم المتحدة، يتعاون مع السلطات المحلية فيما يتعلق بالادارة المؤقتة لمنطقة القدس.
9/ تقرر وجوب منح سكان فلسطين، جميعهم، أقصى حرية ممكنة للوصول الى مدينة القدس بطريق البر والسكك الحديدية وبطريق الجو، وذلك الى أن تتفق الحكومات والسلطات المعنية على ترتيبات أكثر تفصيلاً.
تصدر تعليماتها الى لجنة التوفيق بأن تعلم مجلس الامن فوراً، بأية محاولة لعرقلة الوصول الى المدينة من قبل أي من الاطراف، وذلك كي يتخذ المجلس التدابير اللازمة.
10/ تصدر تعليماتها الى لجنة التوفيق بالعمل لايجاد ترتيبات بين الحكومات والسلطات المعنية، من شأنها تسهيل نمو المنطقة الاقتصادي، بما في ذلك عقد اتفاقيات بشأن الوصول الى المرافئ والمطارات واستعمال وسائل النقل والمواصلات.
11/ تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة الى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة الى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب، وفقاً لمبادئ القانون الدولي والانصاف، أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة.
وتصدر تعليماتها الى لجنة التوفيق بتسهيل عودة اللاجئين، وتوطينهم من جديد، وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك دفع التعويضات، وبالمحافظة على الاتصال والوثيق بمدير إغاثة الامم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، ومن خلاله بالهيئات والوكالات المتخصصة المناسبة في منظمة الامم المتحدة.
12/ تفوض لجنة التوفيق صلاحية تعيين الهيئات الفرعية واستخدام الخبراء الفنيين العاملين تحت إمرتها، ما ترى بأنها بحاجة إليه لتؤدي، بصورة مجدية، وظائفها والتزاماتها الواقعة على عاتقها بموجب نص القرار الحالي. ويكون مقر لجنة التوفيق الرسمي في القدس، ويكون على السلطات المسؤولة عن حفظ النظام في القدس اتخاذ جميع التدابير اللازمة للتأمين سلامة اللجنة، ويقدم الامين العام عدداً محدداً من الحراس لحماية موظفي اللجنة ودورها.
13/ تصدر تعليماتها الى لجنة التوفيق بأن تقدم إلى الامين العام، بصورة دورية، تقارير عن تطور الحالة كي يقدمها الى مجلس الامن والى أعضاء منظمة الامم المتحدة.
14/ تدعو الحكومات والسلطات المعنية جميعاً، الى التعاون مع لجنة التوفيق، والى اتخاذ جميع التدابير الممكنة للمساعدة على تنفيذ القرار الحالي.
15/ ترجو من الامين العام تقديم ما يلزم من موظفين وتسهيلات، واتخاذ الترتيبات المناسبة ولتوفير الاموال اللازمة لتنفيذ أحكام القرار الحلي(2).
لقد جاء هذا القرار في مسعى من الجمعية العامة للامم المتحدة لانصاف اللاجئين الفلسطينيين وإعادة حقوقهم السليبة، ولابد من الاشارة إلى انه جاء أيضا بناء على توصية من وسيط الامم المتحدة "الكونت فولك برنادوت" الذي توفي في مدينة القدس والراجح أنه اغتيل على يد عصابات «الهاغانا» لقاء ما ورد في تقريره بتاريخ 28/6/1948 من أنه "ليس هناك من حل عادل وشامل إذا لم يراع حق اللاجئين العرب في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها، واستطرد في توصيته قائلا انه من التطاول والاستهانة بجميع مبادئ العدالة الانسانية إذا حرم هؤلاء الابرياء ضحايا الصراع من حقهم في العودة الى منازلهم بينما يواصل اليهود التوافد من مختلف دول العالم".
ومع هذا القرار الاممي نجد مراجع وأسانيد قانونية أخرى لحق المهجرين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وأهاليهم وممتلكاتهم، من الصلابة والاقناع، حيث نصت الفقرة 2 من المادة 13 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان على أنه: "لكل فرد الحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، والعودة إلى بلده"(3).وجاء بالفقرة 4 من المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على الاتي: "لا يجوز حرمان أي فرد بصورة تعسفية من حقه في دخول بلده".
لكن إطلاق القول على هذا النحو قد يخف مساوئ القرار 194 وما بين أسطره من الاحكام المؤسسة لوضع دائم، مناف لمبادئ القانون العمومية.
فهذا القرار لئن أشار إلى "اللاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم"، و"العيش بسلام مع جيرانهم". فإنه لم يقتض تلازم حق العودة مع التعويض، مكتفيا "بوجوب دفع التعويض عن أملاك الذين يختارون عدم العودة، وعن كل مفقود أو مصاب بضرر عندما يكون من الواجب، وفقاً لمبادئ القانون الدولي والانصاف، أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة. فماذا عن التعويض لمن يعودون ويتعرضون "لخسارة في الاملاك أو أي ضرر لحق بها"، أو لمن يعودون فلا يجدون أملاكهم؟ لقد سكت النص عن ذلك، بل إنه اعتمد بشأن المفقودين عبارة فضفاضة تحتمل الجدل والاجتهاد في التفسير، وهي "عندما يكون من الواجب، وفقاً لمبادئ القانون الدولي والانصاف، أن يعوض عنها من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة"؟
لقد أحدث القرار 194 لجنة توفيق تتابع مهام مندوب الامم المتحدة الذي اغتيل في القدس، ولكن اللجنة لم تنجز شيئاً من عملها ولم تتابع الهيئة الاممية أعمالها. وقد أشير إليها في موضع متدني الاهمية، في القرار رقم 302 (الدورة 4) بتاريخ 8 ديسمبر 1949 المتعلق بتأسيس وكالة الامم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الادنى. وعقب ذلك أشار القرار 242 تاريخ 22 ت2 1967 إلى مشكلة اللاجئين داعيا إلى إيجاد حل لها، وجاءت الاشارة في الفقرة «ب» من النص كما يلي: "إيجاد حل عادل لمشكلة اللاجئين".
ثم جاء اتفاق كامب ديفيد مستندا إلى القرار 242 المار ذكره ليضع حق العودة موضع الحق الملتبس، الحق المتنازع حول وجوده، أو حول نطاقه، أو تاريخ قيامه، أو حلول أجل الوفاء به إن كان حقا شخصيا مطهرا من صبغته العينية، وقد ورد بهذا القرار في علاقة بحق العودة ما يلي: وبالنسبة لمفاوضات الوضع النهائي فقد نصت الوثيقة على البدء في تلك المرحلة بعد انقضاء ما لا يزيد عن ثلاث سنوات والتي تهدف بحث القضايا العالقة مثل: القدس، والمستوطنات، واللاجئين، والترتيبات الامنية، والحدود، إضافة إلى التعاون مع الجيران وما يجده الطرفان من قضايا أخرى ذات اهتمام مشترك، كل ذلك سيتم بحثه استناداً إلى قراري مجلس الامن الدولي 242 و338. ومن بعده جاءت خارطة الطريق وفقا لما عنّ إلى الادارة الامريكية من خلال رئيسها الذي ألقى خطاب الاعلان عنها في 24 جوان 2002، وهي عبارة عن خطة سلام في الشرق الاوسط تدعو إلى البدء في محادثات للتوصل لتسوية سلمية ونهائية، على ثلاث مراحل، من خلال إقامة دولة فلسطينية بحلول عام 2005.
وتضع خارطة الطريق تصورا لاقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة بنهاية العام 2004، وبعد الالتزام باتفاق لوقف إطلاق النار، سيتعين على الفلسطينيين العمل من أجل قمع المتشددين. أما إسرائيل فسيتعين عليها الانسحاب من المدن الفلسطينية وتجميد بناء المستوطنات اليهودية في الاراضي المحتلة(4).
وتظل الهيئات المختصة المعنية بحماية حقوق الانسان داخل نطاق منظمة الامم المتحدة تعترف بحق الفلسطينيين في العودة. ففي مارس 1998 نظرت لجنة القضاء على التمييز العنصري في تقرير قدمته إسرائيل. ولاحظت على إثره، بحزم وصراحة أن "حق العديد من الفلسطينيين في العودة وحيازة ممتلكاتهم في إسرائيل يُنكَر عليهم حالياً. وعلى الدولة الطرف أن تعطي أولوية قصوى لتصحيح هذا الوضع. فالذين لا يستطيعون حيازة منازلهم من جديد يجب أن يقدم لهم تعويضاً".
أما الجمعية العامة للامم المتحدة فقد أكدت في قرارها عدد A/RES/51/129 الصادر في ديسمبر 1996 أن "اللاجئين العرب الفلسطينيين يستحقون ممتلكاتهم والدخل المحقق منها، بما يتماشى مع مبادئ العدالة والحق". وطلبت من الامين العام "اتخاذ كافة الخطوات المناسبة لحماية ممتلكات العرب وأصولهم وحقوق الملكية الخاصة بهم في إسرائيل والحفاظ على السجلات الحالية وتحديثها". وفيما يتعلق بالفلسطينيين الموجودين في المنفى منذ حرب العام 1967، قررت الجمعية العامة تحت عدد A/RES/52/59 بتاريخ ديسمبر1997 أنها: "تعيد تأكيد حق جميع الاشخاص المهجرين نتيجة حرب جوان 1967 والعمليات العسكرية التي أعقبتها في العودة إلى ديارهم أو أماكن سكنهم السابقة في الاراضي التي احتلتها إسرائيل منذ العام 1967".
إن هذه النصوص القانونية ذات القوة الملزمة المتفاوتة والقيمة الاخلاقية والانسانية الاكيدة، تضع لا محالة اتفاقات التسوية الجزئية الفلسطينية الاسرائيلية موضع التساؤل والريبة. فكيف يمكن لطرفي هذه الاتفاقات ترك تلك القرارات المقرة بحقوق الشعب الفلسطيني، وحمل التزامات مالية على الطرف الاسرائيلي عند ثبوت هلاك أو زوال موضوع الحق العيني، وهل من مصلحة لمنظمة التحرير في هذا الترك أو تأجيل السماح بعودة المهجرين إلى ممتلكاتهم؟
لقد تقدمت الاشارة إلى الاكراه المعنوي الذي شاب رضاء الطرف الفلسطيني في اتفاقات التسوية المذكورة، هذا الاكراه الذي إن ثبتت أركانه، يبرر قانونا المطالبة بإبطال تلك الاتفاقات. ولماذا الابطال إذا كانت تلك الاتفاقات لا تمضي على حقوق الملكية الخاصة للفلسطينيين، نعم فالملكية حق فردي بالاساس، ليس للدولة أو غيرها من الهيئات الحكومية أن تتصرف فيه بالنيابة عن المستحقين إلا إذا كان هناك تفويض بذلك، ولم يسند الفلسطينيون إلى منظمة التحرير توكيلا للتنازل عن ممتلكاتهم العقارية أو المنقولة، أو هبتها أو معاوضتها أو التفاوض بشأنها تحت أي مسمى.
ومع كل ذلك فقد يبقى هذا النقاش نظريا وقد لا يبرح موقع التصور والجدل، لان فرص تجسيمه واقعا تتضاءل يوما بعد يوم، ذلك أن أملاك المهجرين أخضعت إلى قانون أملاك الغائبين الصادر سنة 1950 والذي شكل أساسا متينا لاستيلاء الدولة الاسرائيلية بصورة قانونية شكلية على مساحات شاسعة كانت بيدها، وقد سبق الاستيلاء عليها ماديا بمقتضى قانون حالة الطوارئ الموروث عن حكومة الانتداب. فبهذا القانون أخرج الفلسطينيون من ديارهم وأراضيهم التي أعلنت مناطق محظورة، فاعتبر المخرجون بعد ذلك غائبين، ووضعت مكاسبهم بيد مؤسسة المقيم على أموال الغائبين.
أما عن نظام أملاك الغائبين فقد كان بسيط جدا، حيث تنتقل ملكية العقارات الراجعة في الاصل إلى غائبين إلى المقيم على هذا الصنف من الاملاك طبقا للفصل الرابع من قانون أملاك الغائبين، ويحق لهذا المقيم حسب الفصل 19 من ذات القانون بيع تلك الاملاك أو التبرع بها إلى "سلطة تطوير" إن وجدت.
لكن الادارة الاسرائيلية قامت ببيع تلك الاملاك إلى الاسرائيليين من غير العرب وإذا ما استمر الحال على ذلك، فإن أراضي اللاجئين (الغائبين) ستنتقل ملكيتها بالتدريج من القيم على (أملاك الغائبين) إلى عدد كبير من الافراد والجهات اليهودية في إسرائيل والخارج، وهذا يجعل تحديد هويتهم ومكانهم ووضعهم القانوني في غاية الصعوبة، وتتخذ إسرائيل هذه الحجة لمنع عودة اللاجئين باعتبار أن هذه العودة ستخلق موجة معاكسة من اللاجئين اليهود، وباعتبار أن أملاك المهجرين قد تعلقت بها حقوق أفراد من الاسرائيليين مرسمة بأسمائهم "عن حسن نية" وحسن النية يتيح للمالك الجديد حماية في مواجهة المالك الاصلي حتى وإن استظهر هذا الاخير بوثيقة تسجيل الطابو.
هوامش:
(1) لم يأت تنفيذ مخطط الترحيل فجأة، بل إنه اعتمد على جملة مخططات سابقة تمتد عملياً إلى ما قبل انعقاد المؤتمر الصهيوني الاول في بازل 1897، وترمي تلك المخططات جميعها إلى استقدام يهود العالم إلى فلسطين، والاستيلاء على الاراضي الفلسطينية كافة، وترحيل سكانها، ذلك في نظر القادة الصهاينة جميعاً، بدءاً من بنسكر إلى بن غوريون وصولاً إلى زعامات معاصرة، هم بداوة وطريق ليس إلا. ولعل جوهر فلسفة الترانسفير، ومحاولة ترحيل ما تبقى من الفلسطينيين عن ديارهم، مثّل مكنونات تلك الرؤية وأبعادها الحقيقية. تراجع حول هذا الموضوع دراسة الاستاذ سميح شبيب بعنوان حق العودة: الحلم، الواقع، وصراع الارادات، مجلة رؤية، مجلة شهرية متخصصة تصدر عن الهيئة العامة للاستعلامات بالسلطة الوطنية الفلسطينية.
(2) تبنت الجمعية العامة هذا القرار، في جلستها رقم 186، ب35 صوتاً مقابل 15 وامتناع 8
(3) قرار الجمعية العامة رقم 217 ألفاً (الدورة 3)، 10 كانون الاول/ديسمبر 1948
(4) وهذه عبارات من خطاب الرئيس جورج بوش في 24 يونيو 2002 "رؤياي لدولتين تعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمن. وليست هناك طريقة لتحقيق ذلك السلام إلى أن تحارب جميع الاطراف الارهاب".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.