في الواقع ترفض «إسرائيل» الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين،مع أنها هي المتسبب الرئيس والأساس في عملية اقتلاع شعب من أرضه وتشريده. بيد أن الشعب الفلسطيني حتى وإن أقربقبول تسوية للقضية الفلسطينية، فإنه يرى وجوب أن تفضي هذه التسوية إلى تطبيق قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 194 الذي كان يجري تأكيده سنويا منذ العام 1948، والذي ينص صراحة وبالتحديد على «السماح لمن يرغب من اللاجئين بالعودة إلى ديارهم في أقرب وقت ممكن والعيش بسلام مع جيرانهم». ماذا يبقى لوتم التخلي عن حق العودة؟ في الواقع ستتحول القضية الفلسطينية، الذي يمثل هذا الحق جوهرها، إلى مجرد قضية إنسانية تعنى بها المنظمات غير الحكومية،لا كقضية وطنية لشعب شُرِّدَ من أرضه. يرتكز المنظور الصهيوني والرؤية الصهيونية لمسألة اللاجئين الفلسطينيين طوال أعوام الاحتلال للأرض الفلسطينية حتى الآن على تحميل مسؤولية حل هذه المسألة للأطراف العربية بدليل ما صرح به إسحق رابين قبل توقيع اتفاق القاهرة يوم 4-5-1994 عندما سأله الصحافيون: هل «إسرائيل»مستعدة للسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين؟ أجاب بكل صفاقة ووقاحة «إن مسؤولية اللاجئين يتحملها أولئك الذين شنوا حرباًعام 1948 منذ وجود «إسرائيل»، هناك مشكلة لاجئي اليهود من البلاد العربية والإسلامية حيث استوعبتهم «إسرائيل»، وهم حوالي 600 ألف يهودي تركوا ممتلكاتهم وراءهم وأنه يمكن بحث قضية اللاجئين بعد التوصل إلى حلٍ للصراع العربي - «الإسرائيلي» يقوم على شطب حق العودة المنصوص عليه في قرار 194 الصادر في 11-12-1948». و لا يختلف موقف شمعون بيريس عن موقف رابين. ففي كتاب يحمل عنواناً مثيراً: «ستون عاماً من الصراع في الشرق الاوسط»،صدر هذه السنة(2007) عن «دار الشروق» في القاهرة،وهوعبارة عن حوارات أجراها أندريه فيرساي مع وزير خارجية مصر في عهد السادات، وأمين عام الأممالمتحدة السابق بطرس غالي... ورئيس وزراء «اسرائيل» السابق ورئيس جمهوريتها الحالي شمعون بيريس. وقد حاول منظم الحوار توسيع أفق الجدل السياسي حول القضايا المطروحة كلها منذ حرب 1948 حتى السنة الماضية. ويقدم بيريس وجهة نظره في العديد من القضايا الساخنة مثل قضية القدس ومسألة الحدود ووضع اللاجئين. وبما أن آراءه لا تختلف عن آراء إيهود أولمرت في الشؤون المتعلقة بالمجتمع «الاسرائيلي»، فإن شهادته قد تكون المحور الذي يعتمده زعيم «كاديما» أثناء مقارعته الرئيس الفلسطيني. عن العودة إلى حدود 1967: بيريس: «لأسباب مختلفة بعضها خاص بالأمن، لن نستطيع العودة إلى ترسيم دقيق لحدود حزيران 1967. ومع ذلك فأنا مقتنع بأننا سنتوصل إلى اتفاق خاص بإعادة الضفة الغربية مع بعض التعديلات البسيطة للحدود، والتي يتم تعويضها بتبادل أراض. وذلك سيكون هدف المفاوضات المقبلة. ولكنني أعترف بأن حل جميع المستوطنات ليس أمراً سهلاً». عن مستقبل القدس: بيريس: «إن المناخ الحالي لا يسمح بحوار هادئ حول هذه القضية المشحونة بالمشاعر والمليئة بالرموز. أنا اعتقد أن القدس يجب أن تكون مدينة مفتوحة ومنزوعة السلاح، موحدة سياسياً وإنما منقسمة دينياً. وليتولى كل دين من الأديان مسؤولية الأماكن المقدسة الخاصة به. ولكن ليس من المفيد بحث هذه القضية لأن أياً من الأطراف ليس ناضجاً بما فيه الكفاية من أجل التوصل إلى حلول وسط». ويستنتج من هذا الجواب أن بيريس يتحدث عن قدس موحدةسياسياً كعاصمة نهائية ل«إسرائيل»، وعن قدس الأديان الثلاثة التي تسمح إدارتها السياسية بزيارة المعابد والأماكن المقدسة. عن حق العودة للفلسطينيين وتطبيق القرار 194 الذي صوتت عليه الأممالمتحدة في 1 كانون الاول 1948: بيريس: «قبل التعرض لجوهر هذه القضية أريد أن أذكر بأن الدول العربية طردت منذ عام 1948 عدداً كبيراً من اليهود، وهذا العدد يوازي تقريباً عدد الفلسطينيين الذين (غادروا( فلسطين، علماً بأن اليهود المطرودين لم يحصلوا على حق العودة إلى بلدانهم العربية الأصلية، يدهشني أن العرب يرفضون بطريقة منهجية، الاعتراف بطردهم لليهود. الفرق بين سياستنا وسياسة العرب في مسألة اللاجئين،هو أن «إسرائيل» استقبلت كل اللاجئين اليهود في العالم العربي وقامت بدمجهم في المجتمع، في حين مارست الدول العربية سياسة قاسية للحفاظ على المنفيين في وضع اللاجئين كي يصنعوا منهم «قنبلة ذرية ديموغرافية».وفي تصورآخرسجله في كتابه «الشرق الاوسط الجديد» يقول شمعون بيريس عن حق العودة: «لن نسمح مطلقاً للاجئين الفلسطينيين بالعودة في أفواج كبيرة إلى «إسرائيل»، بغض النظرعما يثيره الآخرون في هذا الشأن. إن ذلك سيدمر الشخصية القومية ل«إسرائيل»، ويجعل الغالبية اليهودية أقلية. أما الخطوة الأولى للتوصل إلى حل مشترك فتكون بدراسة المشكلة بعمق وإقامة بنك معلومات للمساعدة على تحديد من هو اللاجئ». تتسم مواقف شمعون بيريس من القضايا الثلاث الرئيسة بتزوير الحقائق التاريخية ، لجهة خدمة مصالح الكيان الصهيوني.ويقول الكاتب اللبناني سليم نصار في معرض نقده لمواقف شمعون بيريس المضلله، ما يلي: «وبدلاً من استخدام كلمة «الطرد» في وصف حال الهرب الجماعي عام 1948 استخدم كلمة «مغادرة» كأن السكان خرجوا طواعية من منازلهم في القدس وحيفا ويافا.أما بالنسبة إلى موضوع مقايضة اللجوء الفلسطيني باللجوء اليهودي، فإن بيريس ارتكب خطأ تزوير التاريخ بطريقة ابتزازية مضللة. ذلك أن اليهود العرب تعرضوا للاغتيال والتدمير من قبل فرق خاصة أنشأها ديفيد بن غوريون. ففي مصر واجهت الجالية اليهودية حملة تصفيات عرفت ب«قضية لافون» التي اكتشفتها الاستخبارات المصرية في عهد عبد الناصر. وكانت مهمتها تنحصر في افتعال أحداث من أجل حمل النظام على اعتقال اليهود بغرض حض رفاقهم على مغادرة مصر إلى أميركا، ومن ثم إلى «إسرائيل». وهذا ما حدث في العراق، بدليل أن مفتعلي الحرائق كتبوا يعترفون بأدوارهم السرية الرامية إلى تحريض الجالية اليهودية على الهرب في طائرات تشارتر. ومثل هذه الحملات الأمنية الهادفة إلى ترويع اليهود في العالم العربي، لم يكتب لها النجاح كثيراً في المغرب وتونس وليبيا واليمن. والمؤكد أن بيريس يسعى إلى تبني مبدأ المقايضة الذي «اخترعه» شارون، بحجة أن «العربي» لا يعتبر «لاجئاً» في أي بلد عربي آخر.وهذا صحيح من حيث المبدأ»(1) . وتتلخص الرؤية الصهيونية لحل قضية اللاجئين من خلال رفض عودة اللاجئين إلا بأعداد بسيطة،وخلال لم الشمل ،وعبر تعويض اللاجئين بمبالغ ضئيلة ويمول هذا المشروع من قبل الدول الغربية ودول النفط العربي. ولكن يظل جوهر الموقف الصهيوني من حق العودة يقوم على توطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان العربية. وهنا من المفيد أن نستعرض أهم مشاريع التوطين التي طرحت منذ قيام الكيان الصهيوني و لغاية الآن . 1-مشروع قديم يتمثل بقبول الأردن توطين اللاجئين بحدود 300 ألف لاجئ شرط أن تلتزم «إسرائيل» بقرار التقسيم 181. مع العلم أن السكان الفلسطينيين الذين تم ترحيلهم كانوا 600 ألف لاجئ. وهناك أيضا بعض مشاريع تحت مسمى مشاريع الضمان الاجتماعي والمقصود بها إنهاء المخيمات الموجودة في الأردن ككيان سياسي واجتماعي واقتصادي. ووضعهم في مساكن جديدة في المناطق القريبة من العراق. 2-مشروع حسني الزعيم: إن حسني الزعيم حين قام بانقلابه في سوريا أعلن قبوله بتوطين «300» ألف لاجئ في منطقة الجزيرة في شمال سوريا لكسب ود الأميركيين والبريطانيين وقد لاقى هذا الطرح صدى في الدوائر الاستعمارية الأميركية والبريطانية لأنه ينم أولاً عن التخلص من كم ديمغرافي ومنظورحل اقتصادي سياسي للاجئين. وتم رفض هذا المشروع من قبل بن غوريون لأن حسني الزعيم طلب تعويض اللاجئين وتقديم مساعدة له، أما «إسرائيل» فتريد حلاًّتوطينياًفي البلاد العربية من دون تقديم أي ثمن يذكر. 3-مشروع توطين اللاجئين في سيناء: وقد تم القبول ببحث هذا المشروع تحت ضغوط دولية تعرضت لها مصرعام 1953 لتلافي وقوع حرب مع «إسرائيل» ليست مستعدة لها، ولتلافي العمليات الانتقامية التي كانت تقوم بها «إسرائيل» ضد قطاع غزة ولكن قوة تحرك الشارع من خلال المظاهرات الشعبية في القطاع أسقطت هذا المشروع. 4-الأونروا وتوطين اللاجئين: تأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا بموجب القراررقم (302) الصادرعن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 9/12/1949 من أجل تقديم الإغاثة المباشرة وإقامة برامج تشغيلية للاجئين الفلسطينيين.وفي البدايات حاولت الأونروا الخروج عن هذه المهام حيث بدأت بحرمان اللاجئين الذين هم خارج مناطق عملها من أي خدمات وبالتالي حقوقهم كلاجئين.وهذا يتساوى مع مخططات الكيان الصهيوني،وقامت الأونروا من خلال تقديم القروض بمحاولة دمج اللاجئين في أماكن وجودهم من خلال إيجاد أعمال تغنيهم عن الأونروا.وهذا يتضمن تجاوز حق العودة بالتشغيل الذي يؤدي إلى التوطين. وحين فشل ذلك عمدت إلى تحسين حياة اللاجئين من خلال إعطائهم قطع أرض وقروض بهدف توطينهم تحت بند الخطة السحرية سنة 1959 التي كان هدفها توطين (60%) من اللاجئين في الأردن وسوريا ولبنان. وحين فشلت استمرت في إعطاء القروض وظلت في هذا الاتجاه حتى أن الغرب ظل مستمراً في تقديم المساعدات للأونروا حتى إيجاد طرق كفيلة في برامج توطين منظمة. 5-مشروع توطين اللاجئين في الصومال وليبيا: عام 1950 اقترح على وزارة الخارجية «الإسرائيلية» تهجير الفلسطينيين إلى ليبيا والصومال.إذ قام المشرف العام على المنظمات العالمية في وزارة الخارجية «الإسرائيلية» «يجزفيل جوردن» بإرسال مذكرة إلى المديرالعام لوزارة الخارجية بشأن توطين اللاجئين العرب في ليبيا والصومال حيث أن ممثل إيطاليا في مجلس الأمن قال إن سياسة حكومته تقوم على تشجيع مهاجرين عرب أو مزارعين عرب إلى الصومال.ولقد عمل الكثير من الصهاينة حتى عام 1958 على إيصال خطة التوطين إلى مرحلة الإنجاز، حيث أن الصهيوني دانين قال إن اتفاقاً سرياً تم التوصل إليه مع وزراء في الحكومة الليبية يقضي بأن يتم توطين عامل فلسطيني مع عائلته في كل مكان فيه خمسة عمال ليبيين.وقال دانين إن هناك اتفاقاً مع السلطات الأردنية بأن يهاجرالفلسطينيون الراغبون عبرسوريا وكذلك كان هناك اتفاق مع السلطات اللبنانية للسماح للفلسطينيين بالمرورعبرلبنان والإبحارمن موانئه الى ليبيا. 6-مشروع بن غورين لتوطين اللاجئين: إن العقل الصهيوني دائما يحلم ألا يكون هناك فلسطينيون في مخيمات قريبة من الأرض الفلسطينية لأنه يعرف في قرارة نفسه أن وجود فلسطينيين في أي مخيم قريب لفلسطين معناه أن الفلسطينيين دائماً يتذكرون الأرض، وهم دائماً قادرون على إيجاد الطرق الكفيلة بعودتهم لأن الفلسطيني لا ينسى حقه، فهو ملتصق في أرضه ولذلك يعمل «الإسرائيليون» بشتى الطرق على أساس إبعاد الفلسطينيين إلى أماكن بعيدة وتذويبهم. وقد تم طرح مشروع بن غوريون من خلال التحضير للعدوان الثلاثي على مصر حيث أن الغرب و«الإسرائيليين» ظنوا أن الحرب على مصرستفتح آفاقاًجديدةً في المنطقة أو إجراء ترتيبات شاملة تتعلق بقضايا الشرق الأوسط حيث طرح على «جي موليه » رئيس وزارة فرنسا أن الأردن لا يملك مقومات الدولة المستقلة ولذلك يقتضي تقسيمه. فالمناطق الشرقية من نهر الأردن تُضَم إلى العراق على أن يتعهد العراق باستقبال اللاجئين الفلسطينيين وتوطينهم في وسط البلاد والقسم الغربي لنهر الأردن يلحق ب«إسرائيل». أما لبنان فيجب التخلص من الأقضية ذات الأغلبية السنية لكي يضمن استقرارًا مبنيًا على المناطق المسيحية، ومن خلال هذا التغيير تستطيع بريطانيا ممارسة نفوذها على العراق وشرق الأردن والجزء الجنوبي من الخليج العربي. أما المجال الفرنسي فينحصر بلبنان وربما سوريا مع علاقات وطيدة مع «إسرائيل»، وكذلك وضع ضمانات دولية لقناة السويس ويصبح مضيق تيران تحت الوصاية «الإسرائيلية». وهكذا نرى أن مشروع بن غوريون يريد توظيف النصر العسكري الذي يحققه العدوان الثلاثي لإعادة ترتيب المنطقة من جديد بذهنية استعمارية استيطانية.وكان يريد من هذا المشروع إبعاد اللاجئين الفلسطينيين من لبنان والأردن وسوريا إلى بلد عربي غير ملاصق لحدود فلسطين. 7-مشروع أيزنهاور: ويتلخص مشروع أيزنهاور بإعادة جزء من اللاجئين (100) ألف لاجئ وذلك يعتبر بمنزلة الحل (العادل) للمشكلة وإقامة السلام في المنطقة. وارتكزهذا المشروع على دراسة بحثية وضعها الباحثان ريتشاردكرافت وجاك هيمر من دائرة الشرق الأدنى في الخارجية الأميركيةوملخصه: مجموع اللاجئين مليون ونصف المليون يشكلون (150) الف أسرة، تعيش في مخيمات في الأردن، ولبنان، وسوريا، وغزة والضفة. إعادة (100) ألف لاجئ في المرحلة الأولى عام 56-57 وعودة (100) الف عام 59-60. أماأصحاب الأملاك الذين لا يرغبون بالعودة يأخذون تعويضًا عن أملاكهم. وتوطين (160) ألفاً في سوريا و(125) ألفاً في الأردن.و يتم إنشاء صندوق بإشراف الامم المتحدة لتوطين اللاجئين في مستوطنات ويخصص لكل أسرة منزل مع قطعة أرض زراعية. 8-مشروع جونسون: إن هذا المشروع جاء لتمرير محاولات التوطين للاجئين في أماكن وجودهم.وكانت بداية هذا المشروع حين قدم جونسون عن لجنة التوفيق لقضية فلسطين، وكان يرافقه سرودرمو ضابط الارتباط بين وكالة الغوث (الأونروا) والأممالمتحدة في نيويورك حيث تم طرح هذا المشروع على وزير خارجية لبنان فيليب تقلا بحضور أمين عام الوزارة فؤاد عمون بتاريخ 9-9-1961. وأشار جونسون إلى توصية الجمعية العامة في 11-12-1948 أي قرارالشرعية الدولية (194) الذي ينص على حق العودة والتعويض فردَّ عليه فيليب تقلا: إذا كنا نريد النقاش يجب مناقشة القضية برمتها وليس موضوع اللاجئين فقط. وإن القرار ينص على العودة.لكن إجابة جونسون بلغة المنتقد المصحح إن جاز التعبير،أن القرارينص على العودة أو التعويض أوالاستيطان في البلاد التي يوجدون فيها استناداً إلى كلمةResettlement الواردة في النص، فاعترضه فيليب لأن القرار يؤكد حق العودة إلى أرضهم وممتلكاتهم مع العلم أن «إسرائيل» تبني مستوطنات لاستيعاب اليهود المهاجرين إليها. ولقد طرح جونسون من خلال لقائه صائب سلام رئيس وزراء لبنان آنذاك ثلاثة مقترحات: منح الخيار لمن يريدون العودة سواء إلى منازلهم أو إلى أي قطاع في «إسرائيل». تعويض من لا يقبل الرجوع والعيش في ظل الحكم «الإسرائيلي». توطين من يرفض العودة في البلدان العربية.وأكد صائب سلام إن كلمة Resettlement الواردة في القرار تعني حق العودة إلى الأرض،وإن أميركا بطرحها هذا المشروع المبكر في ظل الموازين الدولية القائمة في ذلك الوقت لا تستطيع الالتفاف على قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية بدءاً من القرار 194 وقرارات الحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف الخاص بالشعب الفلسطيني لكن في ظروف القطب الواحد وموازين القوى المائلة لمصلحتها وهيمنتها فإنها تحاول الانفكاك من هذه القرارات. فحذار حذار يا شعبنا. 9-مشروع فانس عام 1969: وينص على إنشاء صندوق دولي برأسمال قدره ثلاثة مليارات دولار لتوطين (700) ألف في الأردن وخمسمائة الف في سوريا وتفريغ لبنان من اللاجئين الفلسطينيين كما تدفع تعويضات لأصحاب الأملاك وفق الجداول التي وضعتها لجنة التقديرات عام ،1950 وتسهم في هذا الصندوق الولاياتالمتحدة وأوروبا.وفي عام 73 أدخل كيسنجر وزير خارجية إدارة نيكسون حيث يتم توطين ثلثي اللاجئين في الأردن والثلث الباقي في سوريا مع دفع التعويضات لأصحاب الأملاك. وفي عام 1987 وضعت إدارة ريغان مشروعاً لحل قضية اللاجئين لإنشاء صندوق دولي لتوطين اللاجئين في الأردن وسوريا حيث تقام لهم مستوطنات حديثة تدفع تكاليفها من الصندوق الدولي بإشراف لجنة من الأممالمتحدة أما أصحاب الأملاك فتدفع لهم تعويضات عن أملاكهم تحدد قيمتها لجنة دولية من الخبراء. 10-مشروع بوش في 14 ابريل/ نيسان 2004 :ويؤكد على توطين اللاجئين وبقاء الكتل الاستيطانية، وتأييد بقاء أراض من عام 67 بيد «الإسرائيليين». 11-مشروع الوطن البديل: إن هذا المشروع هو مشروع بن غوريون لكنه تبلور في عقل شارون الاستيطاني الاحتلالي الذي يؤكد أن الأردن هو فلسطين. إن مكامن العقلية الصهيونية التوراتية تؤكد البقاء العرقي وتعمل جاهدة بعقلية التطهير العرقي والتي تنادي بعملية ترانسفير قهرية تطهيرية ضد الشعب الفلسطيني بهدف السيطرة على الضفة الغربية واستكمال تهويدها وكان هذا الإعلان من خلال محاضرة ألقاها شارون عام 1974 أمام أكاديميين أمريكيين وقال إن أمام «إسرائيل »خطرين أن تنشأ دولة فلسطينية معادية في الأردن أو أن تبقى بلا حل. من أهداف حرب 1982 على لبنان ومحاولة تصفية المقاومة الفلسطينية تنفيذ خطة «الوطن البديل»، إذ من الاطلاع على كتابات الصهيونية وخاصة «كتاب «إسرائيل» وتجربة لبنان» الصادر عن معهد الدراسات الاستراتيجية في تل أبيب يقول الباحثان ش.فيلدمان وه.ريشنتز أن الأهداف الصريحة لحرب لبنان والأهداف الضمنية هي إضعاف منظمة التحرير الفلسطينية وتأثيرها في الأرض المحتلة حيث يساعد ذلك على إقامة حكم ذاتي على المناطق. وإيجاد مسار لإسقاط الملك حسين وإلى تأسيس دولة فلسطين في الأردن. في المفاوضات المتعددة الأطراف المنبثقة عن مؤتمر مدريد للسلام، تم تشكيل لجنة اللاجئين ،إذكانت كندا تقود هذه المفاوضات، وهي التي حددت آلية الحوار، باجتماعات تنسيقية شاركت فيها أربعون دولة. وكانت آلية الحوار تسير على محورين: تطوير البنية الاجتماعية والاقتصادية لتجمعات اللاجئين بالتعاون مع الدول المضيفة،ودعم عمل سلمي عبر توفير مقومات التأهيل والتوطين حيثما يتفق عليه. إن المفاوضات المتعددة كانت فاقدة للمرجعية (القانونية والشرعية والدولية) وأيضاً أسست أرضية سياسية (منهاجية وعلمية) للانتقاص من حق العودة واحتوائه.وهناك مثل على ذلك، اعتراض «إسرائيل» على رئيس الوفد الفلسطيني إلياس صنبر في أول اجتماع للجنة لأنه من فلسطين الشتات ولكن تم إدراج القرار 194 ضمن المبادئ العامة لمحضر الاجتماع، لأن «إسرائيل» كانت متغيبة. ولكن في اللقاء الثاني تم إبعاد إلياس صنبر وإبداله بمحمد حلاج الذي أنكر عدم وجوده في المجلس الوطني الفلسطيني بناء على ضغط من «إسرائيل».وفي هذه الجلسة رفضت «إسرائيل»اعتماد القرار 194 كمرجعية للبحث وقدم المفاوض الفلسطيني تنازلاً حول هذا الموضوع حيث أن معظم المفاوضات المتعددة الأطراف وخاصة لجنة اللاجئين ركزت بالتحديد على الجانب الإنساني(2). وثيقة بيلين أنجزت هذه الوثيقة وهي تتضمن مبادئ أساسية للحل النهائي سنة ،1995 في نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول. حيث أن رابين كان ينوي الإعلان عنها قبل موعد الانتخابات«الإسرائيلية» لتكون أساسا لبرنامجه الانتخابي في يونيو/ حزيران 1996 ولكن تم اغتياله بعد إنجازها باثني عشر يوماً حيث بقي ملفها السري مغلقاً. ولكن يوسي بيلين أعلن عنها في 31-7 و29-11 -1996 على أنها ستكون مرجعاً مهماً للمفاوضين السياسيين حول مرحلة الحل الدائم.لقد ورد في البند الرابع من هذه الوثيقة حول اللاجئين: 1 -أن تحل هيئة دولية جديدة محل وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) لتعمل على إعادة تأهيل وتأمين استيعاب اللاجئين في دول وأماكن إقامتهم، والعمل على تطوير الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية وتذويبهم في الحياة اليومية للمجتمعات التي يعيشون في محيطها. وتتكفل حكومة حزب العمل التعامل ثنائيا مع الدول المعنية والأطراف الدولية الراعية، من دون صخب أو ضجيج إعلامي حتى لا يشكل ذلك إحراجا للسلطة، وممارسة الضغوط الكفيلة بانتزاع المواقف الدولية الداعمة لهذا الهدف بالتعاون مع الدول المضيفة لضمان إغلاق الملف نهائيا. ويكون للسلطة منح تصاريح الزيارة لهم وذويهم وعدم منح هؤلاء المواطنة في حدود أرض السلطة والعمل أيضا على منحهم زيارة مؤقتة كرعايا الدول الأجنبية،على أن يكون ل«إسرائيل» حق المساءلة في أي حالة يشتبه بها من دون تحفظات. كامب ديفيد وطابا إن مفاوضات كامب ديفيد الثانية كانت تدور تحت سقف لاءات باراك التي تتحدث عن نفسها: عدم عودة «إسرائيل» إلى حدود 1967 وتجميع المستوطنات في كتل كبيرة. عدم السماح بعودة اللاجئين. عدم السماح بفرض سيادة على القدسالشرقية خلاف السيادة «الإسرائيلية». في محادثات كامب ديفيد لم يتم التوقيع على تسوية قضايا الوضع النهائي. ولكن تم لقاء آخر في طابا في مصر مطلع عام 2001 حيث تمت صياغة بيان يرفع عن كاهل «إسرائيل»المسؤولية القانونية والأخلاقية والسلوكية في عمليات الإبادة الجماعية والتدمير والتطهير العرقي من خلال الجرائم التي شنتها ضد الشعب الفلسطيني في إمعان سياسة القتل والتشريد «بالتعبير عن الأسف» بدل تحميلها كامل المسؤولية عن عملية التشريد والقتل والإبادة الجماعية حيث إن اتفاق طابا شرعن وقنن قضية اللاجئين بالأسف، على أن يتم تشكيل هيئة دولية لمتابعة هذه القضية لتعرض على اللاجئ خمسة خيارات منها: التوطين في مكان إقامته الحالي.الحصول على جنسية الدولة الموجود فيها. استيعابه في الدولة الفلسطينية العتيدة.الهجرة إلى خارج المنطقة،أ و العودة إلى داخل «إسرائيل» من خلال قضايا لم الشمل. الهيئة الدولية معنية بجمع الأموال وإعطاء التعويضات مقابل الأملاك والأملاك غير المنقولة الشخصية التي اغتصبت من اللاجئين أما الأموال العامة والتعويضات مقابل الأملاك غير المنقولة الشخصية مثل العتاد، أمتعة سيارات سيكون ل«إسرائيل» دور في جمع الأموال. «إسرائيل» طالبت بوضع سقف عام للتعويضات ليتحول الى تسوية دائمة، أي أن يتحدد التعويض بشكل فردي من دون سقف لخلق مشكلة ما بين اللاجئين والجهاز الإداري الذي سيسعى الى خفض قيمة أملاكهم. هناك موضوعات مهمة من الناحية القانونية واللغوية والسياسية، حيث اعتبرت «حق اللاجئين» بالعودة مشكلة قابلة للمساومة والتفاوض حول حق العودة وإسقاط هذا الحق، ما يعني إسقاطا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بحق العودة، وحق تقرير المصير والحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف(3) الخاتمة: الأميركيون والصهاينة يعرفون السلام أنه تسوية تنهي المطالبة العربية بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني في استرداد أرضه السليبة، و لاسيما حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم.و يعتبراللاجؤون الفلسطينيون اليوم أكبر وأقدم مجموعة سكانية لاجئة في العالم، إذ يشكلون ثلث عدد اللاجئين في العالم، وقد نشأت حول محنتهم مجموعة معقدة من القواعد والظروف، التي أهمها، أن لهم حقاً في العودة الى وطنهم، لا يمكن إنكاره،وهو متضمن في القانون الدولي، ولاسيما في قرارالأممالمتحدة رقم 194. ومن بين عشرات الجماعات السكانية الكبيرة المشردة في العالم، التي تنتظر أن تمارس حقوق العودة، لا تملك جماعة ما يملكه ملايين اللاجئين الفلسطينيين من حقائق ووثائق، وأدلة، وأساس قانوني، تدعم حق إسكانهم في ديارهم وإعادة ممتلكاتهم إليهم. وتتوفر للعالم جميع سجلات الأراضي، وسندات الملكية، والوثائق التاريخية، والصور الفوتوغرافية _ بل حتى مفاتيح المنازل _ اللازمة لجعل استعادة الملكية المنصفة والعادلة حقيقة واقعة لكل الفلسطينيين المشردين. إن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين هوالأساس الجوهري للقضية الفلسطينية، بيد أن هذا الحق لا تريد الامبراطورية الأميركية التي تمتلك الثروة الهائلة والقوة العسكرية الجبارة ، وتنفق على «إسرائيل» بسخاء قل نظيره للحفاظ على الاحتلال الصهيوني في فلسطين ،أن تمارس أية ضغوطات على الكيان الصهيوني لكي يطبق القرارالدولي الخاص باللاجئين الفلسطينيين. لاشك أن مصير «إسرائيل» سيعتمد على الاضطرابات التي تنتظر النظام العالمي، والثورات في العالم العربي التي لا يمكن التكهن بمضمونها بدقة، ولكن قدومها قد عجّله التهوّر والغباء المطبق، اللذان يتسم بهما نظام بوش _ تشيني، وشريكته الصغيرة _ «اسرائيل» .فما يهم الإدارة الأميركية في الوقت الحاضر هو إقامة محور على مستوى منطقة الشرق الأوسط تكون «إسرائيل» مركزه، يقف في وجه إيران وسورية و«حزب الله» وحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي». إضافة إلى هذا الإنكار التاريخي لحق العودة للاجئين الفلسطينيين، فإن رؤية «إسرائيل» للدولة الفلسطينية التي يكثر الحديث عنها في هذه المرحلة التاريخية، تختلف كلياً عن الرؤية الفلسطينية لها، ف«إسرائيل» ترى: * أن أي كيان فلسطيني يجب أن لا يسمح له بالسيطرة على الحدود مع أي دولة أخرى، وأن تكون المعابر الحدودية تحت سيطرة إسرائيلية. وأن يكون الكيان الفلسطيني محاطا بترتيبات دائمة يشرف عليها الجيش الإسرائيلي. * أن لا تكون أراضي الدولة الفلسطينية متصلة مع بعضها البعض، بل عبارة عن كانتونات مقطعة الأوصال وغير متواصلة جغرافياً. * أن صلاحيات أي دولة فلسطينية يجب أن تبقى صلاحيات وظيفية وليس سياسية. * أن تكون الدولة منزوعة السلاح وناقصة السيادة. * أن لا تسيطر على الأرض ولا على المياه والموارد الطبيعية. * أن لا توافق الدولة الفلسطينية على دخول قوات أجنبية وبخاصة عربية إليها. إن تأجيل البحث في تلك القضايا إلى المرحلة النهائية التي كان من المفترض أن تنتهي المرحلة الثالثة، التي يتم فيها الاتفاق على الوضع الدائم وإنهاء الصراع «الإسرائيلي» - الفلسطيني، وتنتهي هذه المرحلة في عام 2005 ويتم خلالها: 1- عقد مؤتمر دولي ثان في بداية عام 2004 بهدف إنشاء دولة فلسطينية بحدود نهائية مع بداية عام 2005، ويكون جدول أعمال المؤتمر قضايا القدس واللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات. 2- استمرار الأجندة الإصلاحية التي وضعها فريق العمل، استعدادا لاتفاق الوضع النهائي. 3- استمرار التعاون الأمني الذي وضع في المرحلة الأولى. 4- تتم في نهاية المرحلة تسوية النزاع الفلسطيني - «الإسرائيلي»، وتقيم الدول العربية علاقات طبيعية مع إسرائيل، في إطار سلام عربي - «إسرائيلي» شامل. ويظهر أن خريطة الطريق سوف تكون أسوأ على الفلسطينيين من اتفاق أوسلو. فقد نص اتفاق أوسلوعلى خروج جيش الاحتلال «الإسرائيلي» من 90 في المئة من الأراضي الفلسطينية بحلول عام 1999، مقابل تأجيل قضايا القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات، ولكن «إسرائيل» لم تكن قد انسحبت في عام 2000 سوى من 18 في المئة من الأراضي الفلسطينية، علماً أن مساحة جميع أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة حسب حدود الرابع من حزيران 1967 تبلغ 22 في المئة من فلسطين التاريخية، بينما مساحة الدولة الفلسطينية حسب خريطة الطريق لن تتجاوز 9 في المئة من فلسطين، وفي الوقت عينه تطالب بتأجيل بحث تلك القضايا إلى المرحلة النهائية، التي لم تبدأ بعد(4). هكذا، تضاف نتائج مؤتمر أنابوليس ، التي لم تحمل جديداً، إلى مبادرات السلام الأخرى الضائعة في الشرق الأوسط. كما أن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» أولمرت يحاول استغلال الخلاف المستحكم بين «فتح» و«حماس» كي يلعب ورقة الخصومة الفلسطينية الداخلية ليمرر مشروعه مدعوماً من إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش التي تحاول دفع العرب المعتدلين إلى الوقوف في معسكر واحد مع «إسرائيل»لمواجهة إيران . ما ينبغي على الفلسطينيين أن يدركوه جيداً أن الدولة العبرية لن تمنحهم حالياً وفي ظل الضعف والوهن الذي يعانون منه بفعل خلافاتهم الداخلية، ما لم تمنحه لهم في أوقات كثيرة سابقة كانوا فيها في وضع أفضل. فالمعروف عن اليهود شغفهم بالمماطلة والتسويف، ولن يجدوا أفضل من الحال الفلسطينية الراهنة للتملص من استحقاقات التسوية السياسية، أو على الأقل، العمل على تقديم الفتات في سبيل تصفية القضية الفلسطينية، والتخلص من «الصداع المزمن» الذي تعاني منه،ولاسيما إذا نجحت في إنهاء القضية الأكثر خطورة من قضايا الحل النهائي متمثلة في حق العودة للاجئين الفلسطينيين. ------------------------ (1) - سليم نصار، فشل محادثات عباس أولمرت يمهد لإجهاض مؤتمر نيويورك ، صحيفة الحياة اللندنية تاريخ 1سبتمبر 2007. (2) - زياد الشولي- باحث في قضايا اللاجئين- مشاريع التوطين وحق العودةالمصدر: باحث للدراسات 10/8/2007 (3) - المصدر السابق عينه. (4) --أحمد سعيد نوفل ،خريطة الطريق أسوأ فلسطينياً من اتفاقات أوسلو، صحيفة الحياة 05/05/2007