لطفي الرياحي يدعو وزارة التربية توحيد قوائم الأدوات المدرسية وتخفّف على العائلات    قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمعهد عبد العزيز بلخوجة بقليبية    عاجل: تعرف على آخر مواعيد التصريح بالأداءات قبل غرامات التأخير    غرفة التجارة والصناعة لصفاقس تنظم بعثة أعمال متعددة القطاعات إلى السعودية    انتهاء موسم الحصاد بهذه الولاية بتجميع أكثر من 267 ألف قنطار من الحبوب..    حذاري! صور ولادكم في الإنترنت تولّي خطر ما تتصوروش!    عاجل: إجراءات جديدة لحماية صحة اللاعبين بسبب ارتفاع الحرارة    مأساة الملاكمة في اليابان: إصابات قاتلة تنهي حياة اثنين من الملاكمين    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    كلب ''روكي'' يفارق الحياة بعد اعتداء همجي في زاوية سوسة، والنيابة تبدأ تحقيق    مهرجان مدنين الثقافي الدولي: الدورة 45 تحت شعار "مدنين، حكاية أخرى"    تونس: حجز 172 طناً من المواد وحملات رقابية مكثفة تُسفر عن 9 قرارات غلق في النصف الأول من 2025    تعزيز القسم الجامعي للانعاش الطبي بالمستشفى الجهوي بالكاف بوحدة سموميات جديدة    عاجل: النصر السعودي يتعاقد مع نجم برشلونة...التفاصيل    المهاجم التونسي محمد علي بن حمود ينتقل الى شباب بلوزداد الجزائري لمدة ثلاثة مواسم    بطولة أمم إفريقيا للمحليين: تنزانيا تهزم مدغشقر وتتأهل إلى ربع النهائي بالعلامة الكاملة    الهلال السعودي يعلن تعاقده مع نونييس قادما من ليفربول    اختناق 621 شخصا في العراق إثر تسرب غاز الكلور من محطة لتصفية المياه    ولاية كاليفورنيا ترفض طلب ترامب من جامعتها دفع مليار دولار وتعتبره ابتزازا سياسيا    عاجل: التسجيل الإلكتروني لأداء فريضة الحج يبدأ قريبًا    إطلاق الدورة الأولى لمسابقة "Cactus INNOV " لاختيار أفضل الابتكارات في تثمين التين الشوكي    دواء معروف يستعمله الملايين يرفع خطر فشل القلب.. شنوة السر الخطير؟    المرصد الوطني يكشف: 3 من كل 10 سواق يسوقوا وهم فوق النسبة القانونية للكحول!    اليوم: غلق وقتي للطريق نحو باجة بسبب تقدم أشغال توسعة المدخل الجنوبي للعاصمة    اليوم.. 4 لقاءات تتصدرها قمة الاتحاد المنستيري والملعب التونسي    تقصّ شعرك مبلول ولا شايح: شنوّة الأفضل ليك؟    رفع 8000 متر مكعب من الفضلات ب133 شاطئا    شنوّة أعراض فيروس ''تشيكونغونيا'' الخطيرة؟    مجلس الأمن يعقد جلسة عاجلة حول خطة إسرائيل احتلال غزة    نجوى كرم تُشعل قرطاج بعد غياب تسع سنوات: ليلة حنين وأغانٍ خالدة أمام جمهور غصّت به المدارج    مهرجان "أفلام تونسية قصيرة" أيام 3 و4 و5 أكتوبر القادم بدار الثقافة ابن رشيق    عرض المحفل التونسي ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرحان صفاقس الدولي ... حفر في مخزون التراث الغنائي الشعبي التونسي    بلدية مدينة تونس: حجز 37 حاجزا حديديا و3 ثلاجات و27 كرسيا و8 طاولات    المنستير: وزير السياحة يعاين مشاريعا سياحية تقوم بتنفيذها بلدية المنستير    قتلت 10% من سكان غزة".. تقرير عالمي عن تفوق إسرائيل على النازيين في قتل المدنيين    إطلاق نار بالقرب من سجن تحتجز فيه مساعدة جيفري إبستين    غدا.. غلق الطريق في اتجاه باجة أمام القادمين من باب عليوة ولاكانيا    تاريخ الخيانات السياسية (41) .. تسميم الخليفة المعتمد    بين «الشفافية» و«التأثيرات الخفية» من يتحكم في منظومة التوجيه الجامعي...؟    اكتشاف جديد    كيفاش مناشف الحمام تولي بؤرة ميكروبات؟ وشنوة الحل؟    انخراط 425 مؤسسة في موسم التخفيضات الصيفي    طقس الليلة: ضباب على الساحل وريح شرقية وهكا باش تكون السخانة    عاجل: موسم الحصاد 2025 يتصدر أفضل خمس سنوات في تونس    تونس تدين قرار الكيان الصهيوني إعادة احتلال قطاع غزة    إيقاعات الراي تلهب مسرح الحمامات مع النجم الشاب مامي    عاجل/ مقتل كهل داخل شقته في العوينة: هذا ما تقرّر ضد المشتبه بهم    أبطال إفريقيا: تفاصيل مواجهات الترجي الرياضي والإتحاد المنستيري في الدور التمهيدي الأول    3 وفيات و4 إصابات في انقلاب شاحنة محمّلة بالفحم الحجري بأوتيك    خزندار: الإطاحة بمتحيّل خطير محل 26 منشور تفتيش وأحكام تفوق 100 سنة سجناً    زيلينسكي: لن نترك أراضينا للمحتل.. #خبر_عاجل    تاريخ الخيانات السياسية (40): قتل الخليفة المهتدي    استراحة صيفية    مصيف الكتاب بالقلعة الصغرى.. احتفاء بالإصدار الأدبي «هدير الأمواج» للكاتبة نسرين قلص    مهنة وصيف: بشير برهومي: »مشوي» على ضفاف شط الجريد    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    في سهرة فنية رائقة ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي .. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نواب المعارضة وعدم الانضباط الحزبي
على هامش الجلسة النيابية لمناقشة التعديل الدستوري:
نشر في الصباح يوم 26 - 04 - 2008

تونس الصباح: عكست الجلسة البرلمانية التي انعقدت أول أمس في قراءة أولى لمشروع تعديل الدستور، جملة من الوقائع المتعلقة بأداء الأحزاب السياسية وطريقة تعاطيها مع الشأن البرلماني..
فعلى الرغم من "الخبرة" التي يفترض بالمعارضة البرلمانية أن تكون اكتسبتها خلال السنوات الخمس عشرة الماضية من وجودها بالبرلمان، إلا أن ما حصل في جلسة أمس الأول، أكد عكس ذلك تماما، بحيث بدت أغلب الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، وكأنها في بداية عهدها بالمجلس النيابي وكيفية التعاطي مع إدارة الحوار البرلماني، سواء في علاقة بالحزب الحاكم ( التجمع الدستوري الديمقراطي)، أو في مستوى علاقات الأحزاب فيما بينها..
ولعل أولى الملاحظات التي يمكن الإشارة إليها في هذا السياق، تسجيل ظاهرة لافتة، تتمثل في خروج بعض نواب المعارضة عن السياق الحزبي، من خلال مواقف متضاربة، بل ومتناقضة أحيانا، تترجم عن وجود خلل ما صلب هذه الأحزاب..
فمن المعروف عن الأحزاب السياسية البرلمانية بخاصة، أنها تشكل كتلة بحدّ ذاتها، إما بشكل جماعي أو بصورة منفردة، يظهر من خلالها حدّ أدنى من التماسك الحزبي، يجعل المتابع لمواقف هذه الأحزاب وأسلوب أدائها البرلماني (أو حتى السياسي)، يقف على نوع من التنسيق والانسجام الذي يتطلبه العمل الحزبي، حتى في اللحظات التي تسود الحزب بعض الاختلافات والتباينات، وذلك بغرض الحفاظ على "الجسم الحزبي"، ومحاولة تجنيبه أية أعراض مرضية يمكن أن تصيبه في بعض مفاصله الأساسية، بما يحيله على غرفة الإنعاش، ومن ثم الاندثار، مثلما حصل لأحزاب كثيرة في أنحاء مختلفة من العالم.. غير أن ما لاحظناه في الجلسة البرلمانية ليوم أمس، كشف ثلاثة أمور أساسية على الأقل:
+++ غياب التنسيق فيما بين نواب بعض الأحزاب، إذا ما استثنينا نواب حركة التجديد لأسباب سنأتي عليها لاحقا، وهذا ما ظهر بوضوح في مداخلات نواب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وحزب الوحدة الشعبية، وإلى حدّ ما تدخلات نائبي حركة الديمقراطيين الاشتراكيين.. فقد كانت بعض تدخلات النواب من نفس الحزب، في "حالة نشاز" مع بعضها البعض، إلى الحدّ الذي يذهب في اعتقاد المراقب للجلسة، بأن الأمر يتعلق بنواب لا ينتمون لنفس الحزب، وإنما هم يعبرون عن وجهة نظر مكونات حزبية وحساسيات أخرى من خارج البرلمان..
هكذا كان الحال بالنسبة لمداخلات النائبين مصطفى اليحياوي وعبد الملك العبيدي من الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، وهي مداخلات تختلف بشكل جذري عن مداخلات خلان لهم في الحزب، مثل أحمد الغندور وعمار الزغلامي، بل ورئيس الحزب ذاته، النائب أحمد الإينوبلي.. وبدا الأمر كذلك بالنسبة لمداخلة النائب مصطفى بوعواجة، قياسا بأقرانه من حزب الوحدة الشعبية، ونذكر هنا تحديدا، النائبين سهيل البحري وسميرة الشواشي..
+++ أوضحت المداولات الخاصة بجلسة أول أمس، وجود "حسابات" مختلفة بين هذا النائب وذاك من نفس الحزب، فالمقاربات متباعدة إلى حدّ التناقض، بل حتى أسلوب الحوار ونوعية التعبيرات المستخدمة، كانت مختلفة من تدخل إلى آخر، وهذا معناه بالأساس، أن الأمر لا يتعلق بغياب التنسيق فحسب، وإنما أيضا باختلافات في مستوى المواقف والمقاربات، لم تقدر فضاءات الأحزاب على استيعابها فكان مجلس النواب، الإطار الذي جاء البعض "ليصفي فيه حساباته" مع أكثر من طرف، بدءا بقيادة الحزب ومواقفها، وانتهاء بالحزب الحاكم، الذي وصفه النائب مصطفى اليحياوي ب "المهيمن على المشهد السياسي"..
+++ شعور بعض النواب من المعارضة، بنوع من "وخز الضمير" إزاء أدائهم خلال السنوات الماضية، فاتخذوا من هذه الجلسة البرلمانية التي يفترض أنها الأهم في المدة النيابية الحالية، على الأقل إلى حدّ الوقت الراهن، مناسبة لكي يعبروا عما لم يكن بوسعهم التعبير عنه في غضون الأعوام الأربعة المنقضية، لسبب أو لآخر..
خطاب خشبي غير مجد..
والحقيقة، أن هذا "الشعور بالذنب" (رغم أن الفعل السياسي لا وجود فيه لمثل هذه المشاعر)، قد أراده البعض من نواب المعارضة البرلمانية، في شكل موقف سياسي يتم التعبير عنه في أهم منبر دستوري على وجه الإطلاق، وهو مجلس النواب، مع اختيار التوقيت (مناقشة مشروع تعديل الدستور)، والظرفية السياسية (النقاش الدائر في الأوساط السياسية والبرلمانية والإعلامية في الداخل والخارج بخصوص الاستحقاقات الرئاسية المقررة لخريف العام القادم)، حتى تكون لهذه المواقف تأثيرها ووقعها الإعلامي والسياسي اللازم..
واللافت للنظر في هذا السياق، أن هذه المداخلات التي وصفت ب "المشاكسة"، بدت وكأنها مفاجئة لبعض أعضاء الأحزاب المذكورة، ما دفع البعض الآخر، إلى محاولة "التخفيف" من وقعها عبر تدخلات "تعديلية" ربما زادت "الطين بلّة" كما يقال، لأن إصلاح "الخطإ" (على فرض اعتبار تلك المواقف من باب الخطا)، لا يمكن أن يحصل بخطاب خشبي ودعائي لم يفعل أصحابه سوى أنهم أكدوا صحة تلك المقاربات والمواقف النقدية، من حيث لم يشعروا..
على أن المداولات البرلمانية التي تابعناها أول أمس، كشفت من ناحية أخرى، مسألة كنا من منبر "الصباح" نبهنا إليها في مرات سابقة، وهي أن البعض من نواب المعارضة، يظهرون مواقف في هذا التوقيت بالذات من عمر المدة النيابية، ربما لا صلة لها بحقيقة مواقفهم من بعض المسائل المطروحة.. وبشكل أكثر وضوحا، تبدو أعين البعض من النواب، متطلعة لفترة نيابية أخرى، لذلك يبدون الكثير من التماهي مع الحكومة بل حتى مع مواقف التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، في محاولة ل "ضمان مقعد" مرة أخرى طالما أن المواقع رهن بالمواقف في بعض الحالات والوقائع.. وهو ما يمكن أن نجد له تفسيرا لبعض المداخلات التي قد تكون كفت نواب التجمع مؤونة التحدث أو التدخل..
لا يشك اثنان في أن شيئا ما يحدث صلب الأحزاب، وربما كانت الاستحقاقات القادمة، مناسبة لكشف بعض الأمور في سياق فرز يأمل المرء أن يعكس توازنات حقيقية وليست مغشوشة أو مفبركة في أحزابنا..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.