اختتمت امس زيارة الدولة التي أداها الرئيس الفرنسي ساركوزي رفقة مئات من رجال الاعمال والاعلاميين والسياسيين والجامعيين الفرنسيين كان بينهم عدد من المغاربيين المتجنسين.. لا سيما نخبة من الكفاءات الفرنسية التونسية الاصل بعضهم بدرجة رئيس جامعة ( مثل الدكتورالعروسي الوسلاتي رئيس جامعة جنوب طولون).. فضلا عن عدد من الناشطين والناشطات في منظمات المجتمع المدني الفرنسي والاورمتوسطي.. وبصرف النظرعن الجوانب الاقتصادية المهمة جدا للزيارة.. ومن بينها صفقة ال19 طائرة ارباص (16 مؤكدة و3 اختيارية) ومشروع مولد الطاقة النووية بغنوش من ولاية قابس.. فقد كانت الزيارة مهمة جدا سياسيا حسب تأكيدات مصدر فرنسي رفيع المستوى ل"الصباح". الكلمات التي ألقاها الرئيس الفرنسي في العشاء الرسمي الذي نظمه على شرفه رئيس الدولة زين العابدين بن علي وفي مقربلدية تونس وامام الجالية ثم أمام عشرات الجامعيين والطلبة في المؤسسسة الجامعية " انسات " تناولت عديد الملفات السياسية.. بدءا من مشروع الاتحاد المتوسطي (أو الاتحاد من أجل المتوسط).. الذي ينتظرأن يهم 39 دولة بينها 12 دولة من جنوب البحر الابيض المتوسط و27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي.. مسار السلام؟ وحسب مصادر الصباح فان المباحثات التونسية الفرنسية شملت تفعيل جهود التسوية السياسية في فلسطينالمحتلة وبين اسرائيل وسوريا ولبنان.. باعتبار فرنسا ستتولى في جويلية القادم رئاسة الاتحاد الأوروبي لمدة 6 أشهر.. وهو ما سوف يمكنها من أن تصبح عضوا في اللجنة الرباعية الدولية المكلفة من قبل الاممالمتحدة بملف الصراع العربي الاسرائيلي . وبحكم انشغال واشنطن باجواء ما قبل الانتخابات الرئاسية والنصفية للكنغرس فان دور الاتحاد الأوروبي وفرنسا قد يتضاعف خلال النصف الثاني من العام الجاري والنصف الاول من العام القادم.. وفي هذا السياق سيؤدي ساركوزي زيارة الى رام الله والقدس المحتلة في الاسبوع الاخيرمن شهر جوان ليبحث مع القيادتين الاسرائيلية والفلسطينية فرص تفعيل السلام.. وتجسيم توصيات مؤتمر نابلوليس ومنتدى باريس للدول المانحة.. والمؤتمرالذي سينظم في جوان ببرلين لدعم السلطة الفلسطينية لا سيما في المجال الامني. وقد استمع الرئيس الفرنسي والوفد المرافق له من الجانب التونسي الى وجهة نظر عربية تربطها علاقات مميزة بالسلطة الوطنية الفلسطينية بزعامة الرئيس محمود عباس وبقيادات منظمة التحرير الفلسطينية. امتيازات خاصة للمسافرين التونسييين ومن بين أهم الملفات السياسية التي نجحت ديبلوماسية البلدين في حسمها ملف الهجرة.. فقد تم ابرام اتفاق ثنائي لتنظيم حركة المسافرين بغرض السياحة والعمل.. وهو اتفاق منح تونس حقوقا اضافية لا يمنحها القانون الفرنسي للهجرة لبقية الدول. وبفضل هذا القانون سيرتفع عدد الذين سيحصلون على تاشيرات تنقل حر في فضاء شينغن لمدة تتراوح بين عام و5 أعوام .كما فتحت أبواب السفر الى فرنسا قصد العمل بشروط ميسرة واقل تعقيدا.. بالنسبة ل80 قطاعا مهنيا.. وهو ما سوف يوفر لحوالي 9 الاف تونسي من الهجرة المنظمة قصد العمل في فرنسا.. واذا كانت فرنسا تشكومن وجود نحو مليون و200 الف عاطل عن العمل فان نحو نصف مليون وظيفة لا تزال شاغرة فيها بما في ذلك قطاعات البناء والسياحة والمطاعم والاعلامية.. حقوق الانسان.. والاصلاح السياسي وقد مكنت الزيارة من اثارة ملفات حقوق الانسان والاصلاح السياسي عدة مرات في كلمات الرئيس ساركوزي واعضاده.. وخلال المحادثات التي اجراها عدد من اعضاء الوفد الفرنسي مع ممثلين عن المجتمع المدني التونسي كان من بينهم نشطاء في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وفي الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات. وشملت المقابلات أعضاء من الهيئة المديرة لجمعية النساء الديموقراطيات دون رئيستها بسبب تصريح صحفي ادلت به عشية زيارة ساركوزي اعتبره الوفد الحكومي الفرنسي غيرملزم له.. وانتقد توقيته.. ووصفه أحد كبار أعضاء الوفد الرسمي المرافق لساركوزي في لقاء صحفي ب" المحرج جدا للوفد الفرنسي الذي يرفض اقحامه في الخلافات الداخلية التونسية التونسية رغم دعمه القوي لخيار الاصلاح السياسي وتحسين اوضاع الحريات وحقوق الانسان". وبالنسبة لملفات رابطة حقوق الانسان ومؤتمرها المؤجل أعرب الجانب الرسمي الفرنسي بعد لقاء ممثلين عن الهيئة المديرة والطاعنين في شرعيتها أي من "الجانبين المتنازعين" عن حرصه على " عدم اقحام باريس في الخلافات الداخلية للرابطة والخلافات التونسية التونسية " مع مساندتها لخيارالتعجيل بعقد المؤتمر الوطني للرابطة لانتخاب قيادة جديدة تمكنها من لعب دورها كاملا ضمن قوى المجتمع المدني التونسية". وقد قدمت تصريحات ساركوزي وأعضاده تقييما ايجابيا جدا لمسار الاصلاحات السياسية التي ادخلت في تونس خلال الاعوام الماضية.. ومن بينها تلك التي تهم حرية التعبير وحقوق المراة والاطفال.. وتعليق تنفيذ عقوبة الاعدام.. كما رحبت بما جاء في الحديثين اللذين ادلى بهما الرئيس بن علي للصحافة التونسية والفرنسية بمناسبة القمة التونسية الفرنسية والتي اوردت ان انجازات كثيرة تحققت في تونس في مجالي الحريا ت والاصلاح ولا يزال مطلوبا القيام بالكثير.. واجمالا فقد قدم الجانب الفرنسي خلال هذه القمة التي تواصلت 3 ايام كاملة دعما سياسيا قويا للنظام التونسي ولرموزه.. رغم بعض الملاحظات الثانوية.. التي خفف المسؤولون الفرنسيون من حدتها مرارا لا سيما عند اقرارهم بكون الدول الأوروبية ذاتها وعلى راسها فرنسا في حاجة الى اصلاحات سياسية عديدة وتحسين اوضاع حقوق الانسان.. لا سيما بالنسبة لادماج ملف المهاجرين القانونيين.