نائب رئيس الغرفة الوطنية للقصابين ل"الصباح" تراجع في استهلاك اللحوم الحمراء ب30 بالمائة في رمضان الحالي تجري رغبات وشهوات الصائم بما لا يشتهي جيبه، خلال شهر رمضان، خاصة وأن اللحوم الحمراء التي تُعدّ ضرورية في أغلب الأطباق الرئيسية لكن بات الحصول عليها أمرا غير هيّن لمعظم العائلات التونسية بسبب الظروف المعيشية الصعبة. اليوم وعند تجولنا أو تسوّقنا، نجد طوابير تنتظر في المحلات التجارية والدكاكين، وأيضا في أروقة المواد الغذائية والخضر في المساحات التجارية الكبرى والأسواق المركزية، لدرجة الاكتظاظ، وقد يبقى المواطن لساعة أو أكثر في انتظار دوره، في المُقابل لدى "القصابين" قد نجد بعض الأشخاص فقط، يُعدّون على أصابع اليد الواحدة، فلا ازدحام ولا صفوف تنتظر خارج المحلّ. فكيف لعائلة تتكوّن من 5 أفراد أن يتناول فرد من أفرادها اللحوم دون البقية، وهو ما جعل رب العائلة يُفضّل عدم اقتنائها. وفي هذا الصدد، قال يحيى نصر نائب رئيس الغرفة الوطنية للقصابين في تصريح ل"الصباح" أن سعر الكيلوغرام من لحم الضأن يتراوح بين 25 و28 دينارا، ولحم العجل العظم من 20 الى 24 دينارا، والهبرة من 25 الى 28. ولاحظ نصر أن التونسي لم يعد يُقبل على شراء اللحوم بنفس الكميات المُعتادة وأرجع ذلك الى تكلفتها العالية مقارنة بالمقدرة الشرائية للمواطن، وتابع بالقول "الأسعار في المتناول لكن دخل التونسي هو الضعيف، وليس بمقدور الأغلبية اقتناؤها". وأوضح أنه بين 2014 و2016 كان 70 بالمائة من التونسيين يستهلكون اللحوم الحمراء خاصة في شهر رمضان والمُناسبات، بينما الاقبال أقلّ من 50 بالمائة في الثلاث سنوات الأخيرة 2019و 2020 و2021، مشيرا الى أن هناك عوامل ساهمت في ذلك وتُوضع في الحُسبان على غرار الوضع الوبائي الذي تجاوز السنة وامتدّ إلى السنة الثانية، ومواطنين فقدوا مواطن شغلهم. وأكد نصر أن فارق التراجع من حيث الاستهلاك بين رمضان الفائت ورمضان الحالي في حدود 30 بالمائة، مُشيرا الى أنه لم يتم توريد لحوم مُبرّدة رمضان هذا العالم لأن العرض يفوق الطلب لتوفر الإنتاج الحيواني. وذكر نائب رئيس الغرفة الوطنية للقصابين أنهم مُتفهّمون لتغير ظروف عيش التونسي، وأن العديد من الحرفاء يأتون لشراء قليلا من اللحم مثلا بقيمة 5 دنانير من "اللحم مفروم"، مؤكدا أن حرفاءه تقريبا هم نفسهم لكن الاستهلاك هو الذي تراجع من ناحية الكمية، مُبيّنا أن عدد القصابين يبلغ 8 آلاف في مختلف أنحاء الجمهورية. من جهته، أقرّ رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك سليم سعد الله ل"الصباح" أن الشراءات من اللحوم الحمراء تراجعت نظرا لارتفاع أسعارها، فمُرتّب التونسي اجمالا بات لا يكفي لذلك، ولفت الى أنه من المُفارقات أن اللحوم الحمراء في فرنسا تباع الكيلوغرام ب 7.5 أورو، بينما في تونس وصل ثمن الكيلوغرام إلى 30 دينارا، رغم أن الأجر الأدنى المضمون في تونس 357 دينار فقط وفي فرنسا 1200 أورو أي تقريبا في حدود 4 آلاف دينار تونسي. لحم الضأن وصل إلى 30 دينارا وكأنه لا يكفي غلاء أسعار اللحوم الحمراء، حتى تزيد أثمانها عما هو مُرخّص له اذ أكد رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك أن هناك من القصابين من يبيع الكيلوغرام الواحد ب30 دينارا وهو أمر مخالف للتراتيب المعمول بها وتجاوز لاحظته المنظمة في بعض المناطق من بينها في العاصمة باردو وأريانة والمنازه. التونسي عوّض بروتين اللحوم بالبيض واعتبر محدثنا أن "تفويح الطنجرة" مهم ولو بالقليل، وأن البروتين ضروري للجسم لكن التونسي عوض اللحم بالبيض، رغم أنه حتى سعر "حارة" البيض أصبح غير منخفض مقارنة بالسابق. وشدّد على ضرورة تدخل الدولة مع المنتجين والفلاحين لأن المشكل هو العلف الذي جعل أسعار اللحوم الحمراء لا تشهد تراجعا، خاصة أنه توجد آلاف الهكتارات من الأراضي التي يُمكن زرعها ومنحها للفلاحين. العين بصيرة واليد قصيرة ولفت سعد الله الى أنه في اليوم الأول والثاني من رمضان نشط قطاع القصّابين قليلا، لكنه سجل بعد ذلك ركودا واضحا، مضيفا "ليس هناك عائلة لا تريد استهلاك اللحوم الحمراء، لكن هناك ظروف تغيّرت وجعلتها تعزف عنها، فالعين بصيرة واليد قصيرة". وذكر محدثنا أن من يتراوح أجره الشهري بين 300 و800 لا يُمكنه شراء اللحوم الحمراء، ومن ألف دينار يمكنه الاقتناء مرّة في الشهر، وبالنسبة لمن باستطاعته استهلاك اللحوم مرّتين أو ثلاث في الأسبوع فهم من يتجاوز مُرتّبهم الشهري 2.5 ألف دينار. وشدّد على أن المستهلك والفلاح هما أكثر الأطراف المتضرّرة بخصوص مسألة اللحوم الحمراء. وسبق أن صرّح الرئيس المدير العام لشركة اللحوم طارق بن جازية أن استهلاك التونسي من اللحوم الحمراء قد تراجع، اذ بلغ حاليا مُعدّل 9 كلغ سنويا بينما كان 11 كلغ سنويا قبل 2011.