أكد تقرير جديد للبنك الدولي حول "شبكة العلاقات السياسية والتهرب الديواني" نشر الخميس زيادة شاملة للتهرب الديواني في تونس بعد "ثورة الياسمين". وبين التقرير "ان التهرب من دفع المعاليم الديوانية الذي كان يهم قبل الثورة أساسا المؤسسات المرتبطة بالرئيس بن علي وعائلته، قد استشرى بعد ثورة 14 جانفي ليشمل جميع المؤسسات دون استثناء". وخلصت الوثيقة الى "ان الثورة التي نجحت في الحد من الامتيازات المنافية لقواعد المنافسة النزيهة التي تتمتع بها المؤسسات المرتبطة بالرئيس بن علي وعائلته لم تنجح في وضع حد للتهرب الديواني". وتقدر الخسائر التي تكبدتها الدولة جراء التهرب الديواني المتعلق فقط بالتصاريح المغلوطة بالنسبة لأسعار المواد الموردة (التصريح بأسعار اقل من الأسعار الشراء) ب 1.2 مليار دولار خلال الفترة من 2002/2009 حسب ذات التقرير. وقد سجلت هذه الخسائر ارتفاعا بنسبة 5 بالمائة بعد الثورة، حسب الخبير الاقتصادي الاول بالبنك الدولي واحد معدي التقرير غاييل رابالاند. وقال خلال لقاء نظمه البنك الدولي بتونس لتقديم التقرير، "ان هذا الارتفاع قد تم تسجيله رغم تراجع التصاريح المغلوطة المتعلقة بالأسعار". وبينت أستاذة الاقتصاد في المعهد العالي للاعمال بتونس، ليلى البغدادي، ان التقرير قد اعتمد في تقييم التهرب على قائمة المؤسسات التي حددتها اللجنة الوطنية للتصرف في الأملاك المصادرة والبالغ عددها 662 مؤسسة منها 206 موردة. كما اعتمد من جهة اخرى على مقارنة المعطيات حول التوريد المصرح بها في تونس وصادرات البلدان الشريكة نحو تونس وذلك حسب قاعدة بيانات حول التجارة التابعة للامم المتحدة (كومترايد). وذكر معدو التقرير بان المؤسسات المرتبطة سياسيا كانت الأكثر استفادة من التهرب خاصة بالنسبة للمنتوجات ذات الاداءات المرتفعة. وفضلا عن الخسائر المالية التي تكبدتها الدولة جراء تهرب هذه المؤسسات من دفع المعاليم الديوانية، فقد استفادت من تقدم على مستوى التحكم في الكلفة مقارنة بالمؤسسات الأخرى وهو ما خلق فوارق هامة بين المؤسسات التونسية. وقال الاقتصادي بالبنك العالمي واحد معدي التقرير، بوب رايكير "ان الحكومة التونسية قد شرعت في اتخاذ بعض الاصلاحات على مستوى الديوانة التونسية قصد الحد من التهرب الديواني وتحسين شفافية المعلومات". واوضح ان الامر يتطلب "التركيز على تحسين نظام المعلومات والتصرف في المخاطر". واضاف بالقول "لا بد من وضع نظام مراقبة اكثر نجاعة الى جانب ارساء دليل اجراءات من شانه ان يضمن حقوق مختلف الاطراف". وابرز رابالاند من جهته، "ان برنامجا يتعلق بدعم الصادرات التونسية قد وضعه البنك العالمي بكلفة تقدر 50 مليون دينار منها 5 ملايين دينار لتنفيذ اصلاحات في الديوانة التونسية".