في آخر سهرات الدورة 51 لمهرجان قرطاج الدولي التي انطلقت يوم 11 جويلية المنقضي، تعالت أضواء الشماريخ، مساء أمس بين أسوار المسرح الأثري بقرطاج معلنة سهرة ختام أحدأكبر وأعرق المهرجانات في تونس التي كان مسكها تونسيا خالصا وسط أجواء إحتفالية وطربية أمنها الفنان لطفي بوشناق. وعلى عادة الطلة العربية الأصيلة التي عود بها بوشناق جمهوره في تونس، إعتلى الفنان الركح بزي تقليدي تونسيوفرش الركح بالمرقوم التونسي إحالة على التأصل والتمسك بالهوية التونسية، وجاءت التقاسيم والكلمات التي ترنم بها بوشناق في الحفل كرسالة فنية تدعو إلى لحمة التونسيين والحب والسلام ونبذ الكراهية والتطرف بمختلف أشكاله. لطفي بوشناق لم يقدم أغان بكلمات وألحان مجردة فهو فنان أعلن انخراطه في معالجة قضايا وطنه والقضايا الإنسانيةمن خلال ما تحمله إنتاجاته الغنائية من تشخيص لوضع المواطن البسيط ومرارة الواقع المعيش، وجاءت أغنيتهالأخيرة التي لاقت نجاحا لافتا "خذوا المناصب والمكاسب بس خلولي الوطن" محملة بشحنات من الأوجاع والآلام لتحرك سواكن الجمهور الذي حضر بأعداد كبيرة. ورغم تغيبه على ركح مسرح قرطاج لمدة خمس سنوات حيث كان آخر ظهور له سنة 2009، إلا أن جمهور بوشناق كان متلهفا لضرب موعد جديد مع "النساية" و"إنت شمسي" و"العين إلي ما تشوفكشي" إلى جانب إنتاجات أخرى القديمة منها والجديدة التي نثر بها بوشناق عبق البهجة والفرحة بين الجمهور وتقاسم معه بعطائه وإحاسسه الفني المعهود لحظات إنتشاء وإشباع فني لا يوفره إلا من عاش النجومية الحقيقية والمعنى الراقي للفن. ولئن لاقت الدورة51 لمهرجان قرطاج الدولي انتقادات لاذعة من عدد من الإعلاميين والفنانين التونسيين والنقاد منذالإعلان عن برمجة عروضها، إلا أن السهرات كانت متنوعة ومنفتحة على ضروب موسيقية عالمية حيث راهنت إدارةالمهرجان على التنويعات الموسيقية في مختلف تجلياتها التاريخية والفلكلورية والكلاسيكية والشرقية والشبابية، بعيدا عن الأسماءالكبرى. ويعود ذلك إلى ضعف الإمكانيات المادية من جهة حسبما بينته سنية مبارك مديرة المهرجان في عدد من المناسبات،إلى جانب ما خلفه الإعتداء الإرهابي بمدينة سوسة في شهر جوان الماضي، من تداعيات دفعت عددا من الفرق والفنانين إلى عدم الحضور إلى تونس وإلغاء مشاركتهم في المهرجان.(وات)